بسم الله الرحمن الرحيم
يوحنا 7 : 8 – مشكلة العيد
صراع القراءات وتضارب التفاسير !
بقلم العبد الفقير إلى الله أبو المنتصر شاهين الملقب بـ التاعب
الحمد لله نحمده , ونستعين به ونستغفره , ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مُضِل له , ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , وصفيه من خلقه وخليله , بلَّغ الرسالة , وأدى الأمانة , ونصح الأمة , فكشف الله به الغمة , ومحى الظلمة , وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين , وأشهد أن عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله , وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه .
ثم أما بعد ؛
« اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِى لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ »(صحيح مسلم-1847).
۞ مُقدمة:
مشكلة أثارت حولها الكثير من الجدل, البعض يجد في تبعيات هذه المشكلة هدماً وتدميراً للعقيدة المسيحية, والبعض الآخر يعتقد أن المشكلة كلها مُجَرَّد زوبعة في فنجان, ولا ننسى أبداً فريق المسيحيين الذين لا يهمهم الكتاب من قريب أو بعيد ! لقد كتبت في ما مضى مقالة حول هذه المشكلة بعنوان (يسوع كذاب في أصل الكتاب) ولاقى إستحساناً لدى الأصدقاء المسيحيين لدرجة أنني وجدت الكثيرين قد قاموا بإدلاء آرائهم ازاء ما قمت بكتابته. لعل بعضهم اعتقد أن ما وضعته في المقالة الأولى هو كل ما أعرفه حول المشكلة ! ولكن الحقيقة هي أنني كنت مُقيَّداً بعدد صفحات مُعيَّنة, لذلك لم أستطع سرد تفاصيل المشكلة وعرض أقوال العلماء بإستفاضة. أما الآن فليس عليّ قيد, وسأقوم بسرد تفاصيل هذه المشكلة الرائعة بالإضافة إلى مناقشة آراء بعض المسيحيين, أما أولائك الذين لم يريدوا أن يلتزموا آداب الحوار فسأغض الطرف عنهم, وسأبحث جاهداً في وسط كتاباتهم على أي مادة علمية تستحق رداً وتفنيداً.
العدد الذي سنقوم بدراسته موجود ضمن قصة “يسوع في عيد المظال” والتي نجدها في الإصحاح السابع من إنجيل يوحنا. وقدم قدم لنا كاسبر جريجوري موجزاً جميلاً عن المشكلة[1]: يوجد بعض الحالات في العهد الجديد – كما نرى على سبيل المثال في يوحنا 7 : 8 – أجريت فيها تغييرات لسبب مُحدد يمكننا أن نسمّيه لاهوتي أو حتى دفاعي. في النص المذكور يقول يسوع: “أنا لا أصعد إلى هذا العيد”, باستخدام الكلمة التي عُبرَ عنها في اليونانية بـ (ουκ αναβαινω), أحد المسيحيين الخيرين في العصور المبكرة بقرائته لهذا النص وجد بعد نصين أن يسوع في الواقع صعد إلى العيد, فقال لنفسه على ما يبدو: “لا يمكن أن يكون ذلك, يسوع لا يمكن أن يكون قد قال أنه لن يصعد إلى العيد, هو بالتأكيد قال أنه في تلك اللحظة لا ينوي الصعود إلى العيد. هو لا شك قد ترك المجال مفتوحا لصعوده إلى أورشليم فيما بعد”, لهذا كتب هذا المسيحي فوق الكلمة (ουκ) أو بجانبها كلمة (ουπω) “ليس بعد”, مما جعل يسوع يقول: “أنا لست أصعد بعد إلى العيد”.
في هذا المُختصر المفيد والغير مُخِّل وجدنا الآتي:
- هناك تغيير مُتعمد في النص لغرض لاهوتي أو دفاعي.
- التغيير تم في العصور المبكرة على أحد المسيحيين الخيرين.
- التغيير يؤثر على فهمنا لمجريات القصة وأيضاً على نظرتنا لشخصية يسوع.
هذه هي نقاط النقاش الرئيسية والتي منها جائت أهمية دراسة هذه المشكلة, حيث أن التغيير في النص لم يأتي جراء سهو أو إهمال, وإنما التغيير كان عن عمد مع سبق الإصرار والترصد, كان لسبب ويجب علينا دراسة السبب جيداً. علينا أيضاً أن نلفت الأنظار إلى التغييرات التي حدثت في النص في زمن مبكر, وعلى المسيحي أن يدرك أنه ليس أحدٌ غَيَّر وبدل في الكتاب إلا الذي كان يقوم بنسخ الكتاب وهو المسيحي صاحب الكتاب. وفي النهاية هذا التغيير في النص أدى بالتبعية إلى تغيير مفوهمنا للقصة ونظرتنا لشخصية يسوع, وهذا جوهر الموضوع وأهم ما فيه, فنحن آمنا وعرفنا أن في العهد الجديد مواضع كثيرة حدث فيها التبديل والتغيير والإضافة والحذف, ولكننا نريد تلميع المواضع التي حدث فيها تغيير وهذا التغيير أثر على نظرتنا للمسيحية.
۞ القراءات المختلفة:
هذا هو النص محل البحث من النص المستلم اليوناني, وترجمة الفاندايك:
Joh 7:8 ὑμεῖς ἀνάβητε εἰς τὴν ἑορτήν ταύτην· ἐγὼ οὔπω ἀναβαίνω εἰς τὴν ἑορτὴν ταύτην, ὅτι ὁ καιρὸς ὁ ἐμὸς οὔπω πεπλήρωται.
Joh 7:8 اصعدوا أنتم إلى هذا العيد. أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد لأن وقتي لم يكمل بعد».
الكلمة اليونانية (οὔπω) تعني: ليس … بعد[2], أي عندما تريد أن تقول أنك ستفعل شيئاً ما فيما بعد, أو أنك لن تفعله الآن ولكن في وقت آخر, تضع كلمة (οὔπω) قبل الفعل الذي ستقوم به في وقت آخر. هناك ترجمات عربية أخرى تحمل نفس معنى ترجمة الفاندايك:
[العربية المبسطة] اذهبوا أنتم إلى العيد، أما أنا فلن أذهب إلى هذا العيد الآن؛ لأن وقتي لم يَحِنْ بعدُ.
[الإنجيل الشريف] اذهبوا أنتم إلى العيد، أنا لا أذهب الآن إلى هذا العيد؛ لأن وقتي لم يأتِ بَعْدُ.
[ترجمة الحياة] اصعدوا أنتم إلى العيد، أما أنا فلن أصعد الآن إلى هذا العيد؛ لأن وقتي ما جاء بَعْدُ.
هناك أيضاً ترجمات أخرى عربية تحمل معنى آخر مختلف عن الفاندايك:
[الترجمة اليسوعية] اصعدوا أنتم إلى العيد، فأنا لا أَصْعَدُ إلى هذا العيد؛لأن وقتي لم يَحِنْ بَعْدُ.
[العربية المشتركة] اصعدوا أنتم إلى العيد، فأنا لا أصعد إلى هذا العيد؛لأن وقتي ما جاء بعد.
[البولسية] اصعدوا أنتم إلى العيد, وأما أنا فلستُ بصاعدٍ إلى هذا العيد؛لأن وقتي لم يتِمَّ بعدُ.
[الاخبار السارة] اصعدوا أنتم إلى العيد، فأنا لا أصعد إلى هذا العيد؛لأن وقتي ما جاء بَعْدُ.
هذه الترجمات مأخوذة من النص النقدي اليوناني مثل نسخة نستل آلاند:
Joh 7:8 ὑμεῖς ἀνάβητε εἰς τὴν ἑορτήν· ἐγὼ οὐκ ἀναβαίνω εἰς τὴν ἑορτὴν ταύτην, ὅτι ὁ ἐμὸς καιρὸς οὔπω πεπλήρωται.
في هذه النسخة اليونانية نجد كلمة (οὐκ) والتي تفيد النفي المطلق, أي عندما تريد أن تقول أنك لن تفعل شيئاً ما, فعليك أن تضع قبل هذا الفعل كلمة (οὐκ) والتي تترجم إلى لا أو لن[3]. هناك من ادع4ى أن كلمة (οὐκ) لا تترجم إلى لن, وقال أيضاً أن يسوع لم يقل حرفياً: لن أصعد, ولكن إذا نظرنا إلى النص اليوناني سنجد (εγω ουκ αναβαινω) وكلمة (οὐκ) تُرجمت بالفعل إلى “لن” في الترجمات العربية كما في النصوص التالية:
Mat 10:26 فلا تخافوهم. لأن ليس مكتوم لن يستعلن ولا خفي لن يعرف.(فاندايك)
Mat 10:26 Μὴ οὖν φοβηθῆτε αὐτούς· οὐδὲν γάρ ἐστιν κεκαλυμμένον ὃ οὐκ ἀποκαλυφθήσεται, καὶ κρυπτὸν ὃ οὐ γνωσθήσεται.
Mar 14:29 ولكن بطرس قال له: ولو شك الجميع، فأنا لن أشك. (الحياة)
Mar 14:29 ὁ δὲ Πέτρος ἔφη αὐτῷ, Εἰ καὶ πάντες σκανδαλισθήσονται, ἀλλ’ οὐκ ἐγώ.
Joh 14:18 لن أترككم يتامى، بل سأعود إليكم. (الحياة)
Joh 14:18 Οὐκ ἀφήσω ὑμᾶς ὀρφανούς, ἔρχομαι πρὸς ὑμᾶς.
Act 2:27 لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فسادا. (فاندايك)
Act 2:27 ὅτι οὐκ ἐγκαταλείψεις τὴν ψυχήν μου εἰς ᾅδην, οὐδὲ δώσεις τὸν ὅσιόν σου ἰδεῖν διαφθοράν.
Heb 1:12 وكرداء تطويها فتتغير. ولكن أنت أنت، وسنوك لن تفنى». (فاندايك)
Heb 1:12 καὶ ὡσεὶ περιβόλαιον ἑλίξεις αὐτούς, ὡς ἱμάτιον καὶ ἀλλαγήσονται· σὺ δὲ ὁ αὐτὸς εἶ καὶ τὰ ἔτη σου οὐκ ἐκλείψουσιν.
إذن عبارة (εγω ουκ αναβαινω) قد تترجم إلى (أنا لن أصعد) أو (أنا لا أصعد) فالقضية ترجمية بحتة, المهم أنه يريد أن يخبرنا أنه لن يقوم بفعل الصعود, ونحن على يقين أن كلمة (οὐκ) تُرجمت من قبل إلى “لن” واللفظة اليونانية واضحة وصريحة, فهو ينفي الفعل (αναβαινω) بأداة النفي المطلق (οὐκ). القمص مرقس عزيز يقول[4]: (قول السيد المسيح “بعد” يشير إلى رفضه الصعود معهم في تلك اللحظات, وليس الرفض النهائي للصعود للعيد), ولكن للأسف القراءة الثانية تنفي فعل الصعود نفياً مطلقاً. وفي النهاية لا يجوز أن نتمسك بترجمة عربية ما دام الأصل اليوناني لا خلاف على معناه.
إذن في النهاية, المشكلة النصية تتمثل في الاختيار بين قراءتين[5]:
القراءة الأولى: οὔπω ليس بعد
القراءة الثانية: οὐκ لا
هناك قراءة ثالثة[6] ولكننا لا نجدها في أي ترجمة لأنها موجودة فقط في عدد قليل جداً من المخطوطات اليونانية (33 القرن التاسع, 565 القرن التاسع, 579 القرن الثالث عشر)[7], هذه القراءة هي حذف للعبارة كاملة (أنا – لا | ليس بعد – أصعد إلى هذا العيد). يخبرنا فيلند فيلكر أن هذه القراءة جاءت بسبب خطأ بصري (homoioteleuton) أي بسبب تشابه نهاية عبارتين متتابعتين, فيقفز الناسخ من نهاية العبارة الأولى إلى نهاية العبارة الثانية ويكمل الكتابة من بعدها وبذلك يسقط ما بينهما:
ὑμεῖς ἀνάβητε εἰς τὴν ἑορτήν ταύτην (يقوم الناسخ بالكتابة إلى هذا الحد)
ἐγὼ (οὔπω | οὐκ) ἀναβαίνω εἰς τὴν ἑορτὴν ταύτην (يقفز الناسخ بعينه إلى هنا)
ὅτι ὁ καιρὸς ὁ ἐμὸς οὔπω πεπλήρωται (يكمل الناسخ عمله دون أن يشعر بالخطأ)
إذن فنتيجة هذا الخطأ الغير مقصود يكون لدينا نصاً قصيراً لا يحتوي على العبارة التي في الوسط, ولأن هذا الخطأ غير مقصود, نجد أن هذه القراءة موجودة في عدد محدود جداً من المخطوطات, الظريف أننا نجد هذه القراءة في مخطوطة دير سانت كاترين للأناجيل الأربعة والتي ترجع أيضاً إلى القرن التاسع[8]:
الآن, بعد أن عرفنا عدد القراءات الموجودة في النص, علينا – باستخدام قواعد النقد النصي[9] – الوصول إلى القراءة التي استخدمها كاتب الإنجيل الرابع في النص, وبعد تحديد القراءة الأصلية سنقوم بالذهاب إلى الشق التفسيري, ودراسة تأثير القراءتين المختلفتين على فهمنا لمجريات قصة “يسوع في عيد المظال”.
۞ الأدلة الخارجية:
القراءة الثالثة خارج لعبة ترجيح القراءات, فالصراع كله دائر بين القراءة الأولى والقراءة الثانية. الآن علينا أن نعرف ما هي المخطوطات التي تشهد لكل قراءة, وهل الرجوع للمخطوطات سيحسم الأمر أم لا ؟
القراءة الأولى (οὔπω ليس بعد) مُدعمة من العديد من المخطوطات اليونانية: البردية 66 (200م), البردية 75 (القرن الثالث), الفاتيكانية (القرن الرابع), واشنجطون (القرن الخامس), ومخطوطات النص البيزنطي, بالإضافة إلى (L T Δ Θ Ψ 070 0105 0141 0250 ƒ1 ƒ13 28 33 157 180 205 597 700 892 1006 1010 1243 1292 1342 1424 1505), ومن الترجمات القديمة نجد مخطوطتين من اللاتينية القديمة (f القرن السادس, q القرن السابع), وهناك بعض مخطوطات قليلة متأخرة من نسخة الفولجاتا,ونسخ سريانية (البشيطا من القرن الخامس, الفلسطينية من القرن السادس, الهيراكلينية من القرن السابع), ونسخ قبطية (الصعيدية من القرن الرابع, البروتو بحيرية من القرن الرابع, الأخميمية من القرن الرابع), وهناك أغلبية مخطوطات القراءات الكنسية.
البردية 66 (200م)
الفاتيكانية (القرن الرابع)
القراءة الثانية (οὐκ لا) أيضاً مُدعمة من مخطوطات يونانية مهمة: السينائية (القرن الرابع), بيزا (القرن الخامس), ثلاث مخطوطات أحرف كبيرة من القرن التاسع[10] (K 017, M 021, Π 041), بالإضافة إلى 1071 و 1241 من القرن الثاني عشر, ومن الترجمات القديمة نجد دعم شديد من اللاتينية القديمة (a القرن الرابع, b القرن الخامس, d القرن الخامس, e القرن الخامس, ff_2 القرن الخامس, aur القرن السابع, c القرن الثاني عشر), نسخة الفولجاتا (القرن الخامس), نسختين سريانيتين (الكوريتونية من القرن الرابع, السينائية من القرن الرابع), القبطية البحيرية (القرن التاسع), الأرمينية (القرن الخامس), الجورجية (القرن الخامس), الأثيوبية (القرن السادس), السلافينية (القرن التاسع). بالإضافة إلى مخطوطات قراءات كنسية (l 672 القرن التاسع, l 813 القرن الحادي عشر, l 950 القرن الثاني عشر, l 673 القرن الثاني عشر, l 1223 القرن الثالث عشر).
أما الدليل الآبائي لكلا القراءتين فسنقوم بمناقشته فيما بعد.
السينائية (القرن الرابع)
بيزا (القرن الخامس)
الجدير بالذكر أن نص القس شنودة إسحاق القبطي لإنجيل يوحنا يؤيد القراءة الثانية: (فاصعدوا أنتم إلى العيد أما أنا فلست أصعد إلى هذا العيد لأن وقتي لم يكمل بعد)[11]. أيضاً نجد في نسخة العالم هورنر ويليام للقبطية البحيرية ترجمة إنجليزية للنص القبطي[12] المؤيد للقراءة الثانية:
And go ye up to (the) feast : and I will not come up to the feast, because my time is not yet fulfilled.
تعليقاً على شواهد القراءتين: نجد أن القراءة الأولى (οὔπω ليس بعد) مُدعمة من أقدم الشواهد اليونانية (البردية66 من 200م والبردية75 من القرن الثالث) بالإضافة إلى انتشار القراءة في أغلبية مخطوطات العهد الجديد, ولكن أحب أن أتذكر دائماً كلمات بارت إيرمان عن قراءة الأغلبية لمخطوطات العهد الجديد[13]:
كما رأينا سابقاً, لا نكون مطمئنين تماماً عندما نقول أن الغالبية العظمى من المخطوطات التي التحتوي على قراءة ومجموعة أخرى قليلة تحتوي على قراءة أخرى, أن القراءة الموجودة في الأغلبية هي الصحيحة. في بعض الأحيان يتضح لنا أن بعض المخطوطات هي التي تحتوي على القراءة الصحيحة حتى إن خالفت جميع المخطوطات الأخرى. هذا بسبب أن أغلبية المخطوطات تم إنتاجها بعد الأصل بمئات السنين, وهذه المخطوطات نفسها منسوخة ليست من الأصل بل من نسخ أخرى متأخرة عن الأصل. عندما يجد التغيير طريقه إلى التقليد النصي للمخطوطات, يمكن أن تثبت في التقليد حتى يكون أكثر إنتشاراً حتى من الكلمات الأصلية.
على الجانب الآخر نجد أن القراءة الثانية (οὐκ لا) لها شواهد يونانية مُهمة لها ثقلها (السينائية من القرن الرابع, بيزا من القرن الخامس), وهذه قاعدة مُهمة يجب الإنتباه لها: ينبغي أن نقدر المخطوطات لا أن نحصيها[14], هذا بالإضافة إلى دعم رائع جداً من الترجمات القديمة للعهد الجديد (اللاتينية القديمة, الفولجاتا, السريانية, القبطية, الأرمينية, الجورجية, الأثيوبية, السلافينية). أقدم وأغلب مخطوطات الترجمة اللاتينية القديمة والتي ترجع نظرياً إلى القرن الثاني الميلادي[15] تدعم هذه القراءة. أيضاً يجب لفت الإنتباه إلى أن أقدم نسخ الترجمة السريانية (الكوريتونية والسينائية) تدعم هذه القراءة.
هناك نقطه أخرى في غاية الأهمية لصالح القراءة الثانية (οὐκ لا), هذه القراءة منتشرة جغرافياً بشكل كبير جداً في جميع أنواع نصوص العهد الجديد, فنجد شواهد من: النص السكندري (السينائية والقبطية البحيرية), النص البيزنطي (K 017, M 021, Π 041, 1071, 1241), النص الغربي (بيزا والفولجاتا والمخطوطات اللاتينية القديمة), النص القيصري (الترجمة الأرمينية والجورجية), بالإضافة إلى الشواهد الأخرى التي كانت منتشرة في بقاع الأرض المختلفة (السريانية السينائية والكوريتونية, الترجمة الأثيوبية والسلافينية), هذا التوزيع الجغرافي الممتاز يعطي توثيقاً رائعاً للقراءة.
أما بخصوص الشهادة الآبائية, أشهر النسخ النقدية[16] UBS4 تعطينا شهادة واحدة لقراءة (οὔπω ليس بعد) وهي للآب باسيليوس الكبير (379م), أما قراءة (οὐκ لا) فلها شهادة سبعة آباء وهم: دياتسرون تاتيان (القرن الثاني), بورفريه الوثني نقلاً عن القديس جيروم (301م), أبيفانوس (403م), يوحنا ذهبي الفم (407م), كيرلس السكندري (444م), أمبروسيستر (384م), أغسطينوس (430م). تستطيع معرفة زمن الأب من مقدمة النسخة[17].
دياتسرون تاتيان يعتبر شهاد قديم جداً لصالح قراءة (οὐκ لا), فالكتاب يرجع نظرياً للقرن الثاني, أي بين 100م إلى 199م, وهذا يضاهي في القِدَم شهادة البردية 66 (200م) والتي تشهد لصالح قراءة (οὔπω ليس بعد), ولكن هناك بعض المسيحيين يعتقدون بأن: تاتيان في الدياتسرون شهد لقراءة ليس بعد وللرد نقول: الدياتسرون يشهد لقراءة لا أصعد, وهذا ما نجده في نُسخ الدياتسرون النقدية المُترجمة إلى اللغة الإنجليزية[18]:
I testify of it, that the works thereof are evil. Go ye up unto the feast: I go not up unto this feast; for my time is not yet full come. When he had said these words, he himself abode in Galilee.
هذه النسخ النقدية للدياتسرون تأخذ عن أقدم مصادر النص, وهي تعليقات أفرايم السرياني على الدياتسرون[19]:
They say to him. There is no one who does any work in secret. For his brothers did not believe in him. I go not up in this feast. Why seek ye to slay me, a man who tells the truth ?
أما الذين يأتون بنص للدياتسرون يشهد لقراءة لست أصعد بعد, فهذا النص غالباً ما يكون مُعتمداً على النص العربي للدياتسرون, وللعلم فإن نص الدياتسرون الموجود في المجلد التاسع من مجلدات آباء ما قبل نيقية هو نص مُترجم من النسخة العربية للدياتسرون[20], هذا النص العربي هو أسوأ نص للدياتسرون على الإطلاق وغير مُجدي في عملية إعادة تكوين النص الأصلي للدياتسرون, كما يخبرنا بذلك بروس متزجر[21]:
من وجهة نظر الناقد النصي الذي يحاول الوصول إلى القراءة الأصلية التي كانت موجودة في دياتسرون تاتيان, فإن أغلبية علماء النقد النصي يعتبرون أن النص العربي للدياتسرون ليس له أي قيمة, إما لأنها مُترجمة من نسخة سريانية للدياتسرون والتي جُعلت مُطابقة تقريباً بالكلية للنص السرياني البشيطا, أو لأن الترجمة العربية نفسها جُعلت مُطابقة للبشيطا.
إذن, النسخ النقدية اليونانية للعهد الجديد تقول أن الدياتسرون يشهد لقراءة لا أصعد, هذا لأن النسخ النقدية للدياتسرون والتي هي مبنية على أقدم الشواهد تشهد لقراءة لا أصعد, فلا يجب علينا أن نترك المصادر النقدية التي تتحرى الدقة ونتمسك بترجمة إنجليزية عن نسخة عربية ليس لها أي قيمة !
أما بخصوص شهادة يوحنا ذهبي الفم, فهناك بعض المسيحيين أيضاً يعتقدون بأن ذهبي الفم اقتبس قراءة (οὔπω ليس بعد) ولكن هذا غير صحيح بالمرة, في الحقيقة هذا الإعتقاد ناتج عن سوء فهم في القراءة, نحن نعلم من النسخ اليونانية النقدية أن يوحنا ذهبي الفم شاهد لقراءة (οὐκ لا) وإذا اطلعنا جيداً على كلامه سنجد أنه يثبت قراءة (οὐκ لا) ولكنه يقوم بتوضيح المعنى[22]:
ستقولون: فكيف أنه صعد بالفعل مع أنه قد قال لست أصعد بعد ؟ إنه لم يقل “لست أصعد” بصورة جازمة بل قصد “لست أصعد الآن” أي “لست أصعد معكم لأن وقتي لم يكمل بعد” وهو بالحقيقة كان سيذهب ليُصلب في الفصح القادم.
أما بخصوص بورفريه, فقد كان أحد الوثنيين الذين عاشوا في القرن الثالث, وكان دائماً ما يهاجم المسيحية, ويبدوا أنه كان لديه نسخة من إنجيل يوحنا تشهد لقراءة (οὐκ لا), وهذا ما ينقله لنا الأستاذ واين كانادي[23]:
بالحكم على تلك الملاحظات، من المؤكد بلا شك أن كتاب بورفري ذكر قراءة (οὐκ لا) في النص الثامن، بالاضافة إلى ذلك، قد فهم من النصوص 8 و10 إمّا مخالفة لآداب السلوك أو تذبذب غريب في السلوك. في اي من الحالتين، سلوك يسوع كما هو موثق في هذا التفسير لسرد يوحنا بالكاد عكس تلك الشخصية المقدسة التي بكل جرأة وحزم تنفذ الخطة الإلهية.
وهذا هو اقتباس كيرلس السكندرى لقراءة (οὐκ لا)[24]: إذ كان قد قال إنه “لن يصعد إلى العيد” وإذ كان قد يسمح لاخوته أن يصعدوا هكذا إن هم أرادوا، فإنه بمفرده لأنه أكد أن وقته لم يحن بعد يصعد بعدهم.
وإليكم أيضاً إقتباس أغسطينوس لقراءة (οὐκ لا)[25]:
“Jesus answered them, My time is not yet come; but your time is alway ready. The world cannot hate you;but Me it hateth, because I testify of it that the works thereof are evil. Go ye up to this feast day. I go not up to this feast day, for My time is not yet accomplished.” Then follows the Evangelist; “When He had said these words, He Himself stayed in Galilee. But when His brethren were gone up, then went He also up to the feast day, not openly, but as it were in secret.”
إذن, في النهاية نجد أن هناك ترجيح لكفة قراءة (οὐκ لا) بالنسبة للشهادة الآبائية, على عكس ما ادعاه بعض المسيحين أن الشهادة الآبائية لصالح قراءة (οὔπω ليس بعد), ولعلهم فيما بعد يدققون فيما يكتبون حتى لا يضلوا المختارين بكتاباتهم هذه. وكتعليق أخير بخصوص الشواهد أو المخطوطات التي تشهد لقراءة ما, هناك من يقول أننا لا نملك دليلا على أن أقدم الشواهد المتاحة أيدت οὐκ ضد οὔπω, وأنا أقول هل لأن أقدم مخطوطتين لإنجيل يوحنا (البردية 66 و75) تشهدان لقراءة (οὔπω ليس بعد), فهل يعني هذا أن الأصل كان يحتوي على هذه القراءة ؟ أين الدليل على ذلك يا صديقي, يا عزيزي كلها ظنون, وقد أطلقت قديماً على علم النقد النصي علم اتباع الظن, فأنت تظن أن بإستنتاجاتك هذه قد وصلت إلى أقرب صورة للأصل, ولكن في حقيقة الأمر لا يوجد لديك خيط يربطك واقعياً بالأصل.
لعلنا الآن قد أدركنا أن قراءة (οὐκ لا) لها شواهد كثيرة وقوية وقديمة, فلا يجوز لأي زميل مسيحي أن يبخس حق هذه القراءة من ناحية الأدلة الخارجية, أعلم جيداً أن حال قراءة (οὔπω ليس بعد) أقوى من ناحية الأدلة الخارجية, ولكن قراءة (οὐκ لا) أيضاً لها شواهد لابد أن لا نهملها وعلينا أن ننظر لهذه الشواهد بعين الإعتبار, لنكمل دراستنا سوياً بحيادية في محاولة الفصل بين القراءتين, والوصول إلى إجابة حول السؤال المطروح: أي القراءتين هي الصحيحة ؟
۞ الأدلة الداخلية:
سننتقل الآن إلى دراسة أكثر تشويقاً حول القراءات الموجودة لدينا, في محاولة لمعرفة أي قراءة هي الأصلية. في البداية أحب أن أوضح للقارئ أن عبارة الأدلة الداخلية لها معنى اصطلاحي خاص عند علماء النقد النصي, فالأدلة الداخلية ليست فقط بعض الإستنباطات التي نجدها في سياق النصوص والتي تشير لنا إلى أصالة قراءة معينة, ولكنها أيضاً دراسة ما وراء القراءة نفسها, ألا وهو ثقافة الناسخ نفسه وأحوال الكنيسة في هذا الزمن, حتى نستطيع معرفة سبب إنتاج هذه القراءات من الأساس. ولقد تعجبت عندما وجدت أحد المسيحيين يزعم أنه لا يوجد أي أدلة داخلية تدعم قراءة (οὐκ لا), بل ادعى انها كلها أمور ظنية لا دليل عليها لا من النص داخله أو خارجه.
القاعدة الرئيسية في تحديد أي قراءة هي الأصلية هي كما ينقلها لنا بروس متزجر[26]:(لعل أهم معيار لتقييم القراءات المختلفة هي مقولة بسيطة: اختار القراءة التي تفسر جيداً أصل القراءات الأخرى). هذه القاعدة لها منطق بسيط جداً ومفهوم, ألا وهو أن كل قراءة موجودة في أي مخطوطة من المخطوطات لها سبب وجود, هذه القراءات لم تهبط علينا من السماء, بل أن هناك سبب ما أدى إلى وجود هذه القراءة في المخطوطة. على هذا الأساس يجب علينا أن نختار القراءة التي تفسر لنا سبب وجود القراءات الأخرى.
بكلمات أخرى بسيطة: إذا قمنا باختيار قراءة (οὔπω ليس بعد) على أنها هي القراءة الأصلية, يجب علينا أيضاً أن نبرر سبب وجود قراءة (οὐκ لا) في المخطوطات الأخرى, فإذا فشلنا في تبرير وجود قراءة (οὐκ لا) في المخطوطات فعلينا أن نعيد النظر في اختيار قراءتنا الأصلية. أما إذا قمنا باختيار قراءة (οὐκ لا) على أنها هي القراءة الأصلية, واستطعنا أن نشرح بأدلة عقلية ومنطقية وببراهين سبب وجود قراءة (οὔπω ليس بعد) في مخطوطات العهد الجديد, حينئذ يكون اختيارنا موفقاً.
الآن سنقوم بطرح سؤالين, هدف السؤالين هو معرفة موقف الأدلة الداخلية من القراءتين, هل هي لصالح قراءة (οὔπω ليس بعد) أم أنها لصالح قراءة (οὐκ لا) ؟ السؤال الأول هو:
- بفرض أن قراءة (οὔπω ليس بعد) هي الأصلية.
- ما هو سبب وجود قراءة (οὐκ لا) في المخطوطات ؟
يقول أحد المسيحيين المدافعين: السبب على الأرجح هو ما يسمونه في النقد النصي homoioarcton حيث تتشابه أوائل الكلمات بعض الحروف، كما في οὔπω (ليس بعد) و οὐκ (لا) فيخطئ الناسخ بوضع الكلمة الأكثر ذيوعا بدلا من الكلمة الأقل ذيوعا.
هذا السبب في غاية الوهن, بل أنه دليلٌ في صالح قراءة (οὐκ لا) ! يقول المسيحي: (فيخطئ الناسخ بوضع الكلمة الأكثر ذيوعا بدلا من الكلمة الأقل ذيوعا) فما هي الكلمة الأكثر ذيوعاً يا صديقي ؟ انظر جيداً إلى النص اليوناني:
Joh 7:6-8 λέγει οὖν αὐτοῖς ὁ ᾿Ιησοῦς· ὁ καιρὸς ὁ ἐμὸς οὔπω πάρεστιν, ὁ δὲ καιρὸς ὁ ὑμέτερος πάντοτέ ἐστιν ἕτοιμος. 7 οὐ δύναται ὁ κόσμος μισεῖν ὑμᾶς· ἐμὲ δὲ μισεῖ, ὅτι ἐγὼ μαρτυρῶ περὶ αὐτοῦ ὅτι τὰ ἔργα αὐτοῦ πονηρά ἐστιν. 8 ὑμεῖς ἀνάβητε εἰς τὴν ἑορτήν ταύτην· ἐγὼ (οὔπω|οὐκ) ἀναβαίνω εἰς τὴν ἑορτὴν ταύτην, ὅτι ὁ καιρὸς ὁ ἐμὸς οὔπω πεπλήρωται.
عندما ننظر جيداً إلى النص اليوناني سنجد أن كلمة (οὔπω ليس بعد) هي الأكثر ذيوعاً, ولا نجد كلمة (οὐκ لا) ولو لمرة واحدة, بل من العجيب والغريب أننا لا نجد حتى كلمة واحدة تنتهي بحرف الكابّا ! وعلى هذا لا يجوز أبداً أن نقول أن الخطأ البصري المعروف بـ (homoeoarchton) – أي الكلمات صاحبة البداية الواحدة – ستسبب في تغيير قراءة (οὔπω ليس بعد) إلى (οὐκ لا) بل على العكس تماماً, وهذا ما يقوله واين كانادي في تحليل أكثر من رائع[27]:
لأن οὔπω تظهر في النصف الثاني من النص، ظاهرة الـ(homoeoarchton) يمكن أن تفسر التعديل من οὐκ إلى οὔπω ; بأن عين الكاتب من الممكن أنها لحظيا التقطت الكلمة من السطر التالي – كلاهما يبدء بـ ου – وأدخلها. إذا أخذنا بعين الاعتبار هذا الاختلاف في ضوء الخطأ الميكانيكي (الألي)، فإن التعديل بالاتجاه المعاكس، οὔπω إلى οὐκ هو الحدث الذي يصعب أكثر تفسيره.
إذن, نحن لا نستطيع أن نفسر وجود قراءة (οὐκ لا) على أنها ناتجة عن خطأ بصري. وما دمنا لم نستطع تفسير وجود قراءة (οὐκ لا) عندما افترضنا أن قراءة (οὔπω ليس بعد) هي الأصلية, فعلينا أن نعكس الفرضية وننظر هل نستطيع تبرير وجود قراءة (οὔπω ليس بعد) ؟ هيا بنا إلى السؤال الثاني.
- بفرض أن قراءة (οὐκ لا) هي الأصلية.
- ما هو سبب وجود قراءة (οὔπω ليس بعد) في المخطوطات ؟
هناك سببان في غاية الأهمية, نستطيع أن نرتكن عليهما لتبرير وجود قراءة (οὐκ لا) في مخطوطات العهد الجديد.
هاذان السببان هما:
- وجود تناقض ظاهري بين عبارة “أنا لا أصعد إلى هذا العيد” وصعود يسوع إلى العيد.
- وجود بعض الوثنيين الذين يهاجمون المسيحية من خلال عبارة “أنا لا أصعد إلى هذا العيد”.
الآن سنقوم بشرح وتوضيح هاذين السببين:
إذا افترضنا أن قراءة (οὐκ لا) هي الأصلية: فستكون عبارة يسوع كالآتي: (أنا لا أصعد إلى هذا العيد) أو (أنا لن أصعد إلى هذا العيد). قال العديد من علماء النقد النصي أن هذه العبارة لن تعجب الناسخ البسيط لعلمه أن يسوع قد صعد بالفعل إلى العيد. هذه القراءة ستكون صعبة الفهم على الناسخ, ولعله لن يستطيع التوفيق بين هذه القراءة وفعل صعود يسوع, ومن أجل ذلك قد يقوم الناسخ بتغيير قراءة (οὐκ لا) إلى (οὔπω ليس بعد) من أجل إلغاء النفي المطلق لفعل الصعود, وتحويلها إلى نفي لحظي, حتى عندما نجد فيما بعد أن يسوع صعد بالفعل, لا يكون هناك أي صعوبة في تقبل عبارة (أنا ليس بعد أصعد إلى هذا العيد).
يقول فيليب كونفورت[28]:محرري الـ NU اختاروا القراءة الأولى على أساس الأدلة الداخلية والتي تقابل الأدلة الخارجية التي تؤيد oupw (ليس بعد)، بالنظر إلى سياق يوحنا الإصحاح السابع، الذي فيه يقول يسوع لإخوته إحدى الجمل المذكورة في الأعلى[29] وبعدها ذهب إلى العيد، من الأقرب إلى المنطق هو أن يقول يسوع ببساطة أنه ليس يصعد بعد إلى العيد من أن يقول أنه لا يصعد إلى العيد. الجملة الاخيرة تبدو متناقضة مع فعله (لان يوحنا 7: 10 يقول أن يسوع ذهب إلى العيد). وبالتالي، يُنظر إلى القراءة الأولى (أي قراءة οὐκ) على أنها الأكثر صعوبة ولذلك فهي على الارجح أصلية.
يقول بروس تيري[30]: بالنظر إلى ما وراء النص 9 “وبقي في الجليل”, وإلى النص 10 “هو أيضا صعد” بعض النساخ على ما يبدو غيرو “لا” إلى “ليس بعد” ليزيلوا ما ظنوا أنه كان كذبة على لسان يسوع. إذا كانت “ليس بعد” أصلية, فليس هناك سبب لتغييرها إلى “ليس” في كثير من 9المخطوطات.
يقول كوستنبيرجر[31]: التقليد النصي منقسم ما بين “لا” (א D) و “ليس بعد” (P66, 75 B) .من المحتمل أن الكتبة اللاحقين غيروا “لا” إلى “ليس بعد” ليحموا انجيل يوحنا من كذبة ظاهرية. في ضوء قراءات البرديات, إذا كان الأمر كذلك فينبغي أن يكون قد حدث هذا التغيير في وقت مبكر نسبيا.
يقول بروس متزجر[32]: إن التناقض بين تصريح يسوع في يوحنا 7: 8 “أنا لست أصعد إلى العيد.لأن وقتي لم يكمل بعد” والإقرار بعد نصين “وبعد أن كان اخوته قد صعدوا إلى العيد حينئذ صعد هو ايضا الى العيد لا ظاهرا بل كانه في الخفاء” (التناقض الذي استغله Porphyry لاتهام يسوع بـ”inconstantia acmutatio”) قاد بعض الكتبة لتغيير οὐκ إلى οὔπω “أنا لست أصعد بعد”. هنا نجد أن بروس متزجر يشير أيضاً إلى أحد الوثنيين الذين كانوا يهاجمون المسيحية من خلال قراءة (οὐκ لا).
إذن, أصبح واضحاً لنا أن قراءة (οὐκ لا) في سياق النصوص لا تنال رضى المسيحي, وعلى هذا سيقوم بتغير هذه القراءة بأخرى تناسب سياق النصوص ولا تثير أي مشاكل, نجد عدم رضى المسيحي عن قراءة (οὐκ لا) واضحاً جلياً في التفاسير المسيحية الآتية:
يقول أنطونيوس فكري[33]: والمسيح يقول لإخوته: اصعدوا أنتم لتحتفلوا بالعيد كما تريدون، أنا لا أصعد بَعْدُ= أي: أنا لا أصعد الآن معكم، فهو صَعِدَ بعدهم، لكن لا ليُعَيِّدْ مثلهم، أو ليُظْهِرَ نفسه كما يريدون، بل صعد في الخفاء، فهو لا يستعرض قوته، ولا يريد إثارة اليهود، فَوَقْتُ الصليب لم يأتِ بَعْدُ.. ولاحظ دِقَّةَ المسيح، فهو لم يقل: أنا لن أصعد (هذه هي قراءة οὐκ الذي لا توافق المسيحي)، بل أنا لا أصعد بَعْدُ= أي لن أصعد الآن.
يقول متى المسكين[34]: أولا ً: ورود كلمة “بعد “: (أنا لا أصعد بعد إلى هذا العيد, معناها واضح وهو: انا لا اصعد “الآن”) وهذا توضحه بقية الروايه هكذا : (فلما صعدوا صعد هو أيضاً) .إذن فعدم صعوده لم يقصد منه النفي الكامل للصعود (هذه هي قراءة οὐκ الذي لا توافق المسيحي) بل النفي للظرف الزماني الآن وبصحبتهم، لأنه صعد بعد ذلك بمفرده.وبالرغم من ورود الكلمتين مترادفتين “صعدوا …وصعد أيضاً” إلا أن الزمن بينهما كبير وسيظهر ذلك من الشرح.
يقول هلال أمين موسى[35]: لم يقل الرب يسوع أنه لن يصعد إلى أورشليم (هذه هي قراءة οὐκ الذي لا توافق المسيحي) بل “أنا لست أصعد بعد” أي وقت صعودي لم يأت بعد، لم يكن وقت صعوده المرتبط بمشيئة الآب قد أتى بعد ولذلك مكث في أورشليم لحين مجيء وقد صعوده إلى هناك.
يقول فؤاد حبيب[36]: حين قال “لست اصعد بعد إلى هذا العيد” (ع8) كان يعني حسب ترجمة أخرى “لست أصعد الآن” (كتاب الحياة ).إنه لم يقل: لن أصعد (هذه هي قراءة οὐκ الذي لا توافق المسيحي) ، بل سأصعد لكن ليس الآن .. وقد سبق أن قال إن الوقت المناسب للصعود ليس الآن.
يقول إبراهيم سعيد[37]: وأنا لست اصعد بعد إلى هذا العيد .لأن وقتي لم يكمل بعد – كلمة “بعد “التي أردفت بها كلمة : “اصعد” لا تفيد أن المسيح كان مصممًا على عدم الذهاب إلى هذا العيد (هذه هي قراءة οὐκ الذي لا توافق المسيحي) ، بل على العكس من ذلك – انه كان عازما على أن يذهب إلى العيد، لكن وقت ذهابه لم يكن قد حان بعد.
ي قول متى هنري[38]: أنا لست أصعد بعد على هذا العيد … نلاحظ أنه لم يقل:” لن اصعد أبدا” (هذه هي قراءة οὐκ الذي لا توافق المسيحي) بل “لن أصعد بعد” .وبرر ذلك بقوله: “لأن وقتي لم يكمل بعد”.
نجد أيضاً أن المفسرَين هاندريكسن و كيستميكر يجدان صعوبة شديدة في قبول هذه القراءة[39]:
بأية طريقة, هناك صعوبة حقيقية نشأت من قراءة “لا” بدلا من “ليس بعد” في العدد الثامن. نحن في تحدي مع هذا اللغز: المسيح يقول: أنا لا أصعد إلى هذا العيد. ورغم ذلك في وقت لاحق صعد إلى العيد العدد 10. ما إن تم اختيار هذه القرأة نجد جميع أنواع التفسيرات. وفقا للبعض , عندما قال المسيح (أنا لا أصعد) قصد “انني لن أذهب من أجل أن اظهر نفسي كمخلص” . هذا ما سافعلة في الاعياد القادمة. و وفقا للأخرين يجب ان تفسر العدد الثامن على هذا النحو (أنني لن أذهب علانية و لكن في الخفاء). هؤلاء المفسرون يلجأون للعدد العاشر. لا يزال البعض الاخر يعتقد أن المسيح قد غير رأية أو ان الاب غير له رأيه. كل هذة التفسيرات الغير سوية يمكن تفاديها ببساطة عن طريق اعتماد القراءة الموجودة في نسخة الـ A.V والتي تقول: أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد. الأدلة الخارجية تقريباً متساوية.
مفسروا إنجيل يوحنا لا يقبلون قراءة (οὐκ لا) لأن هناك صعوبة في قبولها وقبول صعود يسوع إلى العيد فيما بعد, إذن, قراءة (οὐκ لا) هي قراءة صعبة, والقاعدة تقول[40]: القراءة الأصعب هي الأصح, لأن هذه القراءة هي التي سيغيرها الناسخ ويضع بدلاً منها قراءة (οὔπω ليس بعد) والتي تعتبر بالنسبة للمسيحي سهلة ومقبولة.
هذا هو السبب الأول لوجود قراءة (οὔπω ليس بعد) في مخطوطات العهد الجديد, مع اعتبار أن قراءة (οὐκ لا) هي الأصلية. الناسخ سيقوم بتغيير (οὐκ لا) لأنها صعبة ويضع بدلاً منها قراءة (οὔπω ليس بعد). سبب منطقي جداً وعقلاني, ومثل هذا التغيير حدث مراراً وتكراراً في العهد الجديد في أماكن مختلفة من الكتاب. وانظروا مرة أخرى إلى قول هاندريكسن وكيستميكر: كل هذة التفسيرات الغير سوية يمكن تفاديها ببساطة عن طريق اعتماد القراءة الموجودة في نسخة الـ A.V والتي تقول: أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد.
أما السبب الثاني لوجود قراءة (οὔπω ليس بعد) في مخطوطات العهد الجديد هو وجود بعض الوثنيين الذين يهاجمون المسيحية من خلال عبارة “أنا لا أصعد إلى هذا العيد”.
يقول بارت إيرمان[41]: في بعض الأحيان تم تعديل نصوص العهد الجديد لأسباب لاهوتية. حدث هذا عندما يريد الناسخ التأكد من أن النصوص تقول ما يريده أن تقول ، وأحيانا كان ذلك بسبب الخلافات اللاهوتية التي كانت تدور في أيام الناسخ.
إذا كان هناك أحد الوثنيين يقوم بمهاجمة المسيحية عن طريقة قراءة (οὐκ لا) فهذا دافع قوي جداً لتغيير النص من أجل قطع أي طريق لمهاجمة المسيحية من خلال هذه القراءة ! هذا الوثني الذي كان يهاجم المسيحية هو بورفري Porphyry والذي صرح بكذب يسوع من خلال هذه القراءة, وكانت حُجَّته في الصاق هذه التهمة ليسوع هي أنه ادعى أن يسوع قال (أنا لا أصعد إلى هذا العيد) ثم فيما بعد وجده يصعد بالفعل إلى العيد.
يقول واين كانادي[42]: سبب كافي لتحفيز ناسخ مُطّلع ليقوم بهذا التغيير المحدد في النص وُجِد على هيئة مفكر وثني لفتَ الانتباه إلى هذا النص الذي يشير إلى تحرك يسوع. من بين المقاطع الموجودة في كتابه التي في معظمها تنسب إلى بورفري يوجد مقطع أثار الانتباه إلى هذا النص بالذات، وشكك في يسوع الموصوف فيه. هنا بورفري دوّن أن يسوع في البداية نفى أنه سيزور أورشليم، لكنه بعد ذلك ذهب إلى هناك (يوحنا 7: 8-10). كلماته ظلت باقية في كتاب جيروم (Adv. Pelage. II.17).
ثم يُفصل لنا كانادي قائلاً[43]: بالحكم على تلك الملاحظات، من المؤكد بلا شك أن كتاب بورفري ذكر قراءة (οὐκ لا) في النص الثامن، بالاضافة إلى ذلك، قد فهم من النصوص 8 و10 إمّا مخالفة لآداب السلوك أو تذبذب غريب في السلوك. في اي من الحالتين، سلوك يسوع كما هو موثق في هذا التفسير لسرد يوحنا بالكاد عكس تلك الشخصية المقدسة التي بكل جرأة وحزم تنفذ الخطة الإلهية. هذا المقطع، إذن، هو نص مجند من قبل ناقد وثني للتنديد إمّا بتذبذب تصرف يسوع أو السقطات التاريخية لقيمة الأنجيل. على أي حال، بورفري يستشهد بهذا النص للإساءة للمسيحيين. التغيير البسيط من ούĸ (لا) إلى οϋπω (ليس بعد)، مع ذلك، هدّأَ بنجاح أي انطباع بالسلوك المتناقض ليسوع كما يرى من مقارنة النصوص 8 و 10. إذن لم يعد النص يظهر يسوع ولو للحظة واحدة أنه قرر عدم سفره إلى أورشليم، ليغير رأيه بعد ذلك ويذهب إلى هناك, في الواقع، من خلال تقنية التنقيح النسخي، رواية انجيل يوحنا تذكر بدون أي لبس أن يسوع ليس يصعد بعد إلى أورشليم مع تلاميذه، مشيراً إلى أنه يمكن أن يشق طريقه إلى هناك فيما بعد، كما فعل. هذه الخطوة كانت قد قدمت جهود ضعيفة من جانب جماعة الوثنيين مثل بورفري لإيراد هذا النص لأغراض عدائية.
يخبرنا أيضاً جون جرانجير[44]: بورفري اعترض على تغيير خطط يسوع بين يوحنا 7: 8 ويوحنا 7: 10 وفقا لجيروم: “هو نفى انه سيصعد، و فعل ما سبق أن نفاه. بورفري ينطق ويتهم يسوع بالتناقض والتغير (inconstaniae ac mutations)، دون أن يعلم أن كل الأكاذيب متعلقة بالجسد”. التناقض بين النصين زوّد بورفري بمادة لنوع التهجم المفضل لديه. أمبروسيستر احتفظ باعتراض مشابه على تغيير يسوع لنيته.
هنا نجد أن جيروم نقل لنا أن بورفري الوثني كان يهاجم المسيحية من خلال التناقض الظاهر بين العدد السابع والعدد العاشر, وكل ما فعله جيروم هو أنه نسب اتهامات بورفري إلى “ناسوت يسوع” وكأنه يثبت ما فهمه بروفري من قراءة (οὐκ لا) ولكن ما فهمه لا يتعلق بلاهوت الإبن بل بناسوت يسوع ! ما يهمنا من كل هذا هو أن قراءة (οὐκ لا) كانت مصدر ازعاج بالنسبة للمسيحية.
آدم كلارك أيضاً ينقل لنا اتهام بورفري الشنيع ليسوع بالكذب استناداً على قراءة (οὐκ لا) فيقول[45]:
بورفيري يتهم سيدنا المُبارك بالكذب؛ لأنه قال هنا: أنا لن أصعد إلى هذا العيد، ولكنه فيما بَعْد صَعِدَ, وبعض المفسرين قد قاموا بضجةٍ أكثر من الـلازم, من أجل إصلاح ما رأوه تناقضًا. بالنسبة لي الأمر كله بسيط وعادي. سيدنا لم يقل, أنا لن أصعد إلى هذا العيد فحسب، لكنه قال: أنا لن أصعد بَعْدُ (ουπω) أو: أن لن أذهب في الوقت الحاضر.
بالإضافة إلى أننا نجد أوغسطينوس يقول بأنه سمع من يتهم يسوع بالكذب من خلال هذه القراءة[46]: سمعنا من يقول انه – أي يسوع – كذب. بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون بأنه كذب يقولون: قال إنه لا ينبغي أن يصعد إلى العيد ولكنه صعد بالفعل.
هكذا أيضاً كيرلس السكندرى الذي يريد جاهداً توضيح أن قراءة (οὐκ لا) لا تعني أن يسوع كذب, وكأن هذه القراءة مصدر ازعاج دائم للمسيحيين عبر العصور[47]: إذ كان قد قال إنه “لن يصعد إلى العيد” وإذ كان قد يسمح لاخوته أن يصعدوا هكذا إن هم أرادوا، فإنه بمفرده لأنه أكد أن وقته لم يحن بعد يصعد بعدهم، لا كأنه يقول شيئًا ثم يفعل عكسه لأن في ذلك كذبًا، بل وفيه خداع، وهو الذي قيل عنه لم يُضبط في فمه غش بل هو أمر لا يتعارض مع ما وعَدَ به.
نجد أيضاً في تفسير الدكتور القس إبراهيم سعيد تلميحاً إلى أن عدم فهم هذا النص قد يؤدي إلى الطعن في شخصية يسوع فيقول[48]: إذن ذهابه إلى العيد (عدد 10) لا يدل على تغيير فكره، بل على تنفيذ شيء كان في فكره سيما وان السيد لم يذهب إلى العيد ظاهراً على اعتبار انه المسيح، كما طلب إليه إخوته ، بل ذهب سراً.
بعد كل هذا, لا يجب أن نستغرب وجود قراءة (οὔπω ليس بعد) في المخطوطات كمحاولة لإبطال الهجمات الشرسة على المسيحية, فمن جهة أخرى؛ من هو ذلك الناسخ المجنون الذي سيغير قراءة (οὔπω ليس بعد) إلى (οὐκ لا) ويتسبب في كل هذا الهجوم والطعن في يسوع ؟!
بهذا نكون قد بينا أن الأدلة الداخلية تدعم قراءة (οὐκ لا) بشدة وبعنف, بل أننا لا نستطيع تبرير وجود قراءة (οὐκ لا) في المخطوطات عندما نفترض أن قراءة (οὔπω ليس بعد) هي الأصلية. لذلك نجد أن أغلبية النقاد النصيين أصحاب النسخ اليونانية النقدية المميزة قد قاموا باختيار قراءة (οὐκ لا) كأصلية, وهذا ما سنراه الآن.
۞ النسخ النقدية:
إليكم أشهر النسخ النقدية عبر التاريخ, أصحاب هذه النسخ النقدية من العلماء المدققين في المخطوطات قاموا باختيار قراءة (οὐκ لا) على قراءة (οὔπω ليس بعد) للأسباب التي وضحناها سابقاً. هذه النسخ اليونانية النقدية في رأي أصحابها هي النص الأصلي للعهد الجديد المُعاد تكوينه.
Nestle-Aland[49]: ὑμεῖς ἀνάβητε εἰς τὴν ἑορτήν· ἐγὼ οὐκ ἀναβαίνω εἰς τὴν ἑορτὴν ταύτην, ὅτι ὁ ἐμὸς καιρὸς οὔπω πεπλήρωται.
UBS4[50]: ὑμεῖς ἀνάβητε εἰς τὴν ἑορτήν· ἐγὼ οὐκ ἀναβαίνω εἰς τὴν ἑορτὴν ταύτην, ὅτι ὁ ἐμὸς καιρὸς οὔπω πεπλήρωται.
Tischendorf[51]: ὑμεῖς ἀνάβητε εἰς τὴν ἑορτήν: ἐγὼ οὐκ ἀναβαίνω εἰς τὴν ἑορτὴν ταύτην, ὅτι ὁ ἐμὸς καιρὸς οὔπω πεπλήρωται.
Tregelles[52]: ὑμεῖς ἀνάβητε εἰς τὴν ἑορτήν· ἐγὼ οὐκ ἀναβαίνω εἰς τὴν ἑορτὴν ταύτην, ὅτι ὁ ἐμὸς καιρὸς οὔπω πεπλήρωται.
Griesbach[53]: Go ye up unto this feast: I go not up to this feast, for my time is not yet fully come.
للأسف هناك بعض المسيحيين الذين يتجاهلون هذا الإتفاق العام بين علماء النقد النصي على أن القراءة الأصلية هي (οὐκ لا) ويتمسكون بـ نسخة وست كوت وهورت (Westcott & Hort) والتي تختار قراءة (οὔπω ليس بعد), ويعتبرون أن هذا هو رأي علماء النقد النصي قاطبةً. ولكن بغض النظر عن هؤلاء الذين لا يريدون الإعتراف بالحقائق, علينا أن نسأل أنفسنا سؤالاً في غاية الأهمية: لماذا تم اختيار قراءة (οὔπω ليس بعد) على انها هي الأصلية في نسخة وست كوت وهورت ؟
اجابة هذا السؤال في غاية البساطة, نجد في مقدمة نسختهم النقدية أن المخطوطة الفاتيكانية هي صاحبة السلطان الرئيسي على جميع المخطوطات[54]. هذا ما يخبرنا به كورت آلاند فيقول أن المخطوطة الفاتيكانية هي حجر الأساس لنسختهم[55]. إذن, الإختيار كان بناءاً على تفضيل مخطوطة على باقي المخطوطات, ولأن المخطوطة الفاتيكانية تحمل قراءة (οὔπω ليس بعد) فقد قام وست كوت وهورت بوضعها في نسختهم النقدية, مع العلم أنهم أشاروا إلى قراءة (οὐκ لا) في الهامش[56]:
لم يعد لدينا أدنى شك أو ريب أن قراءة (οὐκ لا) هي المفضلة لدى علماء النقد النصي, ولكن أكثر الناس لا يعلمون. فهل من الإنصاف أن يقول أحد المسيحين أن النصوص النقدية في صالح قراءة (οὔπω ليس بعد) لمجرد أنه وجد نسخة نقدية واحدة تضعها في نصها ؟!
۞ الطعن في يسوع:
قد علمنا أن قراءة (οὐκ لا) كانت مصدراً للمشاكل منذ القديم, والسؤال الآن: بعد أن أصبحت هذه القراءة المزعجة هي القراءة الأصلية في النسخ اليونانية النقدية القياسية, هل ما زالت مشكلة ومصدر للطعن في يسوع ؟ لسوء حظ المسيحي, الإجابة: نعم.
لقد حاول المسيحيون منذ القديم ابطال الطعنات الموجهة ليسوع بسبب قراءة (οὐκ لا) بشتى الطرق, ولكن إلى يومنا هذا ما زال هناك بعض المسيحيين الذين يعتقدون بأن هذه القراءة لا تصلح اطلاقاً وانها تقدح في معبودهم يسوع.
كما وضحنا سابقاً حينما عرضنا القراءات المختلفة: كلمة (οὐκ لا) أداة نفي مطلق, تنفي الفعل الذي يأتي بعده ألا وهو (ἀναβαίνω أصعد), ولكن المشكلة تكمن في أن يسوع صعد بالفعل, فيأتي الطعن في يسوع على شكلين:
• الأول: يسوع كذب على تلاميذه؛ هذه الطعنة مبنية على اخبار يسوع تلاميذه بأنه لن يصعد ولكنه فيما بعد صعد بالفعل, الطعن هنا يكون أكثر احكاماً و واقعيةً باعتبار أن يسوع بالنسبة للمسيحي هو الله, والله كلِيّ المعرفة, إذن فهو يعلم أنه سيصعد بالفعل إلى العيد, فإذا كان قد أخبرهم بأنه لن يصعد وهو يعلم يقيناً أنه صاعد فإنه بذلك قد كذب بلا شك.
• الثاني: يسوع ليس الله؛ هذه الطعنة في يسوع أتت بشكل غير مباشر, هناك الكثير من المفسرين يقولون أن يسوع قد غيَّر رأيه وصعد فيما بعد إلى العيد, هذا التفسير يعتبر محاولة يائسة لإنقاذ يسوع من الطعنة الأولى ولكنهم بذلك طعنوا دون أن يدروا في ألوهية يسوع المزعومة. المنطق هنا بسيط جداً؛ يسوع لم يكن يعلم أنه سيصعد إلى العيد وأخبر تلاميذه بأنه لن يصعد, ولكن فيما بعد تلقى يسوع أوامر من الآب بأن يصعد إلى العيد فصعد, وحيث أن يسوع لم يكن لديه العلم السابق بالصعود فبذلك لا يكون الله.
اقرأ كلمات أوغسطينوس[57]: دعونا في المقام الاول بقدر الوقت المسموح لنا, نرى هل كذب أم لا, الذي يقول شيئاً ولا يفعله. على سبيل المثال, لقد أخبرت صديقا: سوف أراك غداً, وحدثت بعض الامور الضرورية الهامة التي أعاقتني عن الحضور, أنا لم أتلفظ بكلام خاطىء. لأنه عندما قلت هذا الوعد فقد قصدت ما قلته ولكن ما حدث ان أمراً أعظم مني اعاقني عن أتمام وعدي, فأنا لم أخطط لأكذب ولكني ايضا لم أكن قادراً على أن أفي بالوعد. عجبت لتفكيري فأنا لم أبذل جهدا حتى أقنعك ولكني اقترحت عليك منطقاً قويماً, الذي يعد بشيء ولا يستطيع أن يوفيه لا يكذب, إذا منعه أمر خارج عن إرادته من إتمام ما وعد به, لذلك فهو لم يكذب.
ثم يتابع أوغسطينوس ويقول[58]: الآن ماهو الفرق بين كونه مخدوع وكونة يكذب ؟ سوف أوجز الحالة, المخدوع هو من يعتقد أن ما يقوله حقيقة, لذلك قالها لأنه يعتقد أنها الحقيقة. الآن إذا قال الشخص ما هو حقيقة, لن يكون مخدوعاً إذا كانت فعلاً حقيقة وعلم أنها الحقيقة, ووقتها لن يكون كاذباً. ولكنه سيكون مخدوعاً إذا كانت خاطئة, واعتقد أنها صحيحة, ولكنه يقول أنها صحيحة لانه يعتقد بهذا, لقد خُدِع في الخطاً واعتقد أنها الحقيقة. لكنه قالها لأنه فقط أعتقد أنها الحقيقة. الخطأ يكمن في عجز الأنسان وليس في سلامة الضمير. لكن كل من يعتقد الخطاً ويؤكد على انها حقيقة فهو يكذب.
إذن, أوغسطينوس يوافقنا في المفاهيم, والآن دعونا ننظر إلى أقوال العلماء الذين يعترضون على قراءة (οὐκ لا) من حيث أنها تسيء إلى يسوع بطريقة أو بأخرى.
تفسير الكتاب المقدس للمؤمن[59]: يسوع قال أنه لن يصعد بعد (الحذف الحرج في نص الـ (NU) لكلمة “بعد” مؤسف. يبدو وكأنه يوحي ضمنا إلى أن إلهنا مُخادع) إلى العيد لأن وقته لم يكمل بعد.
بيرنارد صاحب التفسير النقدي[60]: “أنا (من جهة أخرى) لست أصعد بعد إلى هذا العيد”. نقرأ (οὔπω – ليس بعد) في (BLTNWΓΔΘ) ولكن المخطوطات (אD Syr. cur.) تقرأ (οὐκ). إذا قرأنا (οὔπω) أُظهِر يسوع وكأنه يقول أنه لن يصعد مباشرة, كما يريده أخوته أن يفعل. إذا قرأنا (οὐκ), كلامه سيبدو كأنه يبلغ سامعيه أنه لن يصعد إلى ذلك العيد بالتحديد, وفي هذه الحالة هو يغير خطته بعد ذلك كما في العدد العاشر.
تأمل هاذين القولين جيداً, الأول يقول بأن قراءة (οὐκ لا) تجعل يسوع مخادعاً, وهذا باعتبار أنه يعلم جيداً بأنه سيصعد إلى العيد لأنه الله كلِيّ المعرفة, أم القول الثاني يوضح أن يسوع غير خطته ! فإنه بذلك لم يكذب أو يخدع أحداً, لأنه بالفعل لم يكن صاعداً للعيد, ولكن فيما بعد قرر أن يصعد لسبب ما.
هذا السبب نجده في تفسير وايتكر حيث يقول[61]: يسوع يقول أنا لست أصعد إلى العيد لأن وقتي لم يكمل بعد (7: 8). عندما صرح لهم بذلك لم يجد إلا كلامهم بأنه يجب أن يصعد, وقد رفضهم كمصدر توجيه. حقيقة صعوده إلى العيد تقتضي أن يكون قد تلقى توجيهات من الآب بعد أن تكلم إلى إخوته.
۞ رأي ديفد دانيالز:
الآن أريد من الجميع أن يقرأ كلمات ديفد دانيالز صاحب كتاب بعنوان (انظر ما هو مفقود), ولمجرد العلم بالشيء, ديفد دانيالز هو أحد المدافعين الشرسين عن نص الملك جيمز[62] والذي يعتبر المقابل الإنجليزي لنص الفاندايك العربي والذي يستخدمه أغلبية المسيحين في الشرق الأوسط, أي أن هذا الرجل يقف في صف المسيحيين المحافظين التقليديين. هذا الرجل قام بشرح النص محل البحث في كتابه المذكور سابقا والذي تستطيع قراءته على موقع جوجل للكتب[63], ولكني سأقدم لكم ترجمة فيديو قام ديفيد بعمله حول النص محل البحث, والذي يحتوي على نفس المعلومات الموجودة في كتابه ولكن بصوره أبسط[64]:
في أحد محطات برامج الراديو الإذاعية قال أحد المتصلين: لا بأس أن يكذب المسيحي, على أية حال فيسوع كذب على إخوته … انتظروا قليلا !! يسوع كذب ؟! يسوع هو الله ! يسوع لا يمكن أن يكذب !! من أين حصلت على تلك المعلومة ؟!! … إن السبب في ذلك أن هذا الشخص يحمل كتاباً مقدساً يفتقد كلمة جعلت يسوع يتحول إلى شخص كاذب ! أنا ديفيد دانيال مؤلف كتاب “أنظر ما هو المفقود ؟”, دعني أخبرك ماذا حدث ..
لقد كان المتصل يشير إلى يوحنا الإصحاح السابع, كان يسوع في الجليل لعدة أشهر, كان اليهود يسعون لقتل يسوع, وقد علم يسوع بهذا ولكن الوقت لم يكن قد حان بعد لكي يقرر أن يقدم نفسه للموت فداءً عن البشر, لم يكن الوقت الذي اختاره قد حان, لذلك بقى في الجليل, ثم جاء عيد المظال وكان هذا واحداً من ثلاثة أعياد كان على اليهود فيه أن يذهبوا للقدس, جاء الأخوة الأربعة – غير الأشقاء – ليسوع, يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا, كانوا في العربة ينتظرونه ويقولون له: تعال يا يسوع, هيا بنا نذهب ! ماذا سيفعل يسوع ؟ كان لديه احتمالين:
أولاً: البقاء وبهذا يكون قد كسر لأول مره في حياته القانون الذي أعطاه لموسى
ثانياً: أن يذهب للقدس ويعرض نفسه لليهود ويُقتل قبل الموعد الذي حدده لموته, ماذا فعل ؟!
حسناً, وفقاً للكتاب المقدس الذي كان يحمله هذا المتصل قال يسوع: أنتم اذهبوا أما أنا فلن أذهب لهذا العيد, ثم بقى في الجليل, ولكن بعد قليل نجد يسوع في القدس ! فوفقا لهذا الكتاب المقدس لقد كذب يسوع على اخوته ! فكيف لنا أن نصدقه مرة أخرى عندما يقول انا هو الطريق والحق والحياة ؟! انتظروا لحظة ! لو أن يسوع يكذب والله أبداً لا يكذب فكيف يكون يسوع هو الله ؟! هل ترون إلى ما نحن ذاهبون ؟
لقد كان المتصل بالبرنامج يقول: لقد كذب يسوع وكذلك نحن يمكن أن نكذب لو أن لنا أسباب تدعونا للكذب. ثم ظل المتصل يتحدث مع المضيف وقال له: يبدوا ان لدينا فسحة صغيرة للكذب !. فضحك مضيف البرنامج وقال هذا ما نسميه فسحة صغيره للكذب !
اسمعوا ! لو أنكم بدأتم تتحدثوا عن فسحة للكذب في كتابكم المقدس فتأكدوا أن لديكم مشكلة, هذه الفسحة لن تجدوها في نسخة الملك جيمس, لدي أخبار لكم, لقد كان مضيف البرنامج هو أستاذ جامعي مسيحي, أتعلمون ما كان يجب عليه أن يقوله للمتصل ؟ كان يجب عليه أن يقول للمتصل توقف هنا لحظة, كتابك المقدس يفتقد لكلمة هامة ! ما هي هذه الكلمة ؟! كلمة مكونة من ثلاثة أحرف: بـ ـعـ ـد = بعد, هذا ما يقوله كتاب مقدس حقيقي: يوحنا 7 : 8 أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد لأن وقتي لم يكمل بعد !
وبهذه الطريقة نفهم انه سيبقى في الجليل لبعض الوقت, هذا يجعل الأمر مفهوماً تماماً, فيسوع لم يذهب مباشرة للحفل مع عائلته ولكنه بعدما ذهبوا بفترة ذهب هو أيضا متخفيا وبهذا يكون قد حافظ على ناموس موسى وثانيا لا يكون قد عرض نفسه للموت قبل الموعد المحدد.
هل ترون مدى المشكلة التي قد تفعلها كلمة واحدة ؟! كلمة واحدة مفقودة قد تجعل يسوع شخص كذاب ! كم من الأكاذيب يحتاجها الإنسان حتى يكون كذّاباً ؟ فقط كذبة واحدة ! لذلك لو أن المسيح كذب فماذا سيكون ؟ كذّاباً !
في العبرانيين 6 : 18 الله لا يمكن أن يكذب, وإذا كان من المستحيل على الله أن يكذب وأن يسوع قد كذب فما الذي نفهمه من ذلك ؟ يسوع ليس هو الله ! أيضاً في سفر الرؤية 3 : 9 يقول لنا أن الكذابون سيذهبون لبحيرة النار, فهل سيذهب يسوع لبحيرة النار؟! هذا عبث ! كيف لأي شخص أن يؤمن بذلك ؟!
إن هذا عبث وجنون ! يمكن أن يحدث فقط بسبب فقدان كلمة واحدة في أحد الأعداد !إنها ليست فقط نسخة واحدة من الكتاب المقدس التي لا يوجد بها كلمة “بعد” بل لقد وجدت حوالي عشرون نسخة تفتقد لهذه الكلمة الهامة ! ليس فقط كلمة واحدة, بل في كتابي قد جمعت أكثر من 250 موضع لكلمات مفقودة وهناك فقرات ناقصة بل أن هناك حتى أعداد ناقصة ولهم جميعا أهمية !
ما قرأتموه ليس رأي ديفد دانيالز وحده, ولكنه رأي الناقد جاي جرين أيضاً[65]:
“أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد”, النسخة اليونانية المصنوعة ببراعة (Nestle26/UBS3 Greek) جاء فيها أن يسوع كان يقول أنه لم يكن صاعدا إلى العيد (حاذفة الكلمة المهمة جداً:”بعد”). بعد ذلك في النص 10 جاء فيها أن يسوع يصعد إلى العيد. إذن مهما حاولوا الإنكار, هم يجعلون يسوع يكذب. بلا شك نجد أن كل من الترجمات (الإنجيل النموذجي الأميريكي الحديث (NASB), الإنجيل الإنجليزي المدقق (REB), النسخة النموذجية المدققة الحديثة (NRSV), إنجيل الأخبار السارة (GNB), الإنجيل الاميريكي الحديث (NAB) ) جعلت من يسوع كذابا لأنها تحذف الكلمة فائقة الأهمية “بعد”. كيف يمكنهم أن يواجهوا حبهم المزعوم ليسوع مع هذا القرار المتعمد بجعل يسوع يبدو كذابا في نسخهم؟ أي دليل دامغ يملكون ؟ لا يملكون إلا (Aleph, D, K), (M = 1241! ). هندركسون يقول أن الدليل النصي محايد ! روبرتسون أيضا يحيد هنا باعترافه أن الدليل أقوى لـ “بعد” حتى أنهم يتضادون مع مخطوطتهم الموقرة B بالإضافة إلى المخطوطات ذات الحروف الكبيرة وكل المخطوطات ذات الكتابة المتصلة ما عدا واحدة. أليس ذلك إعلاناً كافيا لما يعتقدون أنه دليل خارجي ؟ بعد أن جعلوا يسوع كذابا, ماذا تبقّى من رجاء الخلاص ؟ فنسنت يتجاهل أهمية إقصاء كلمة “بعد” من النص. روبرتسون يقوم بمحاولة لفظية لقول أن لا ضرر من إستبعاد كلمة “بعد” قبل “أصعد”.
وكأن جاي جرين يريد أن يبكى لما فعلوه في يسوع, كل هذا لأنهم اختاروا قراءة (οὐκ لا) كأصلية ! أما ديفد روبرت بالمر فهو يواجه الأمور ببساطة شديدة ويعترف بالمشكلة, ولعل شدة كلمات بالمر جعلت أحد المسيحيين يظن أن هذه الكلمات لمسلم ! ولكن للأسف هي لمسيحي صاحب ترجمة إنجليزية من النص اليوناني النقدي, وإليكم تصريحاته[66]:
النظرية السائدة حاليًا حول قراءة “لستُ بعد أَصْعَدُ” أنه تم إقْحَامُهُ في وقت مُبَكِّرٍ من انتقال النص (P66 ، في عام 200م تقريبًا) ، للتخفيف من حِدَّةِ التناقُضِ الظاهر بين النص الثامن وما فعله يسوع فعلًا في النص العاشر. نستطيع أن نفهم أن الناسخ كان يرغب في الدفاع عن يسوع، لمنعه من أن يظهر كَذَّابًا. ومع ذلك أقول: إن كان هذا هدفَهُم، فقد فشلوا في تحقيقه! أولًا : لأن يسوع ما زال مخادعًا؛ لأنه صَعِدَ لا في العلن بل في الخفاء، كما في العدد العاشر. حتى بدون كلمة “ليس بعد”، يسوع ما زال مخادعًا لإخوته، وللذين في أورشليم الذين يريدون قتله. ومن الناحية الأخلاقية يجوز الكذب على من يحاولون اغتيالك[67].
۞ رأي بارت ايرمان:
إذن هناك الكثير من المسيحيين الذين يعتقدون أن قراءة (οὐκ لا) تسيء إلى يسوع, فما هو رأي بارت ايرمان في هذه المسألة ؟ لقد قمت بمراسلة هذا العالم القوي في المجال مستفسراً عن هذه المشكلة والفارق بين القراءتين وهل تطعن قراءة (οὐκ لا) في يسوع المسيح ؟ إليكم السؤال والإجابة:
نلاحظ في هذه الإجابة الرائعة أن بارت ايرمان يتعامل مع يسوع على انه انسان عادي جداً, من الممكن أن يقول شيء ثم يأتي بضده, ونلاحظ أيضاً أنه يؤكد أن فعل يسوع هو عكس ما قاله لتلاميذه ولكن مع ذلك يتحفظ بارت ايرمان على أن يصرح بكذب يسوع, لماذا ؟ الإجابة ببساطة هي أنه لا يعتقد أن يسوع هو الله, بذلك ينفعي عن يسوع المعرفة الكاملة بكل شيء, وقد قلنا سابقاً أن يسوع بحسب هذه القراءة سيكون كاذاباً في حالة إذا كان على علم بأنه سيصعد فعلاً وأخبر تلاميذه خلاف ذلك.
القضية إذن متوقفة على سؤال بسيط لإثبات الكذب على يسوع, هل كان يسوع كلِيّ المعرفة أم لا ؟ إن قلت نعم جعلته كاذباً, وإن قلت لا نفيت عنه الألوهية, قم باختيار الإجابة المناسبة يا صديقي المسيحي فأحلاهما مر !
۞ الرد على المشككين:
هناك بعض المسيحيين الذين يحاولون تفسير قراءة (οὐκ لا) بحيث لا يكون هناك أي اساءة لشخص يسوع, هؤلاء المسيحيون يعترضون على أن قراءة (οὐκ لا) تجعل يسوع مخادعاً أو كاذباً وإليكم أهم حججهم في الاعتراض:
يقول المُعترض: كلمة عيد في اليونانية (ἑορτή) لم تأت بمعني أيام عيد المظال بأكمله، بل يوم عيد (a feast day)، مما يوضح أن المسيح لم يكن يعني كل أيام العيد بل اليوم الحاضر الذي سأله فيه أخوته.
وللرد نقول: هذا الكلام نستطيع الرد عليه من وجهين, الوجه الأول هو أن كلمة (ἑορτή) اليونانية تعني حرفياً “عيد” وهذا بالرجوع إلى الغالبية العظمى من قواميس ومعاجم اللغة اليونانية[68], وإن كنت لا أعلم إلا قاموساً واحداً يقول أن كلمة (ἑορτή) تعني يوم عيد واحد ! إذن بحسب المعنى العام للكلمة لا نستطيع أن نقول أن الكلمة تعني يوماً واحداً لأنها جائت مُفردة فحسب !, فعلى سبيل المثال نحن كمسلمين لدينا “عيد” (ἑορτή) إسمه عيد الأضحى, هل يعني أن هذا العيد يوم واحد لأني استخدمت تعبير عيد وليس أعياد ؟ بالطبع لا, فإن هذا العيد يدوم لأربعة أيام, هكذا نستطيع أن نفهم استخدام كلمة (ἑορτή) المُفردة مع عيد يظل لسبعة أيام[69], فإذا نظرنا إلى العهد القديم – الترجمة السبعينية سنجد أن عيد المظال هو (ἑορτὴ σκηνῶν) ومع ذلك فهو يدوم لسبعة أيام !
Lev 23:34 «قل لبني اسرائيل: في اليوم الخامس عشر من هذا الشهر السابع عيد المظال سبعة ايام للرب.
Lev 23:34 Λάλησον τοῖς υἱοῖς Ισραηλ λέγων Τῇ πεντεκαιδεκάτῃ τοῦ μηνὸς τοῦ ἑβδόμου τούτου ἑορτὴ σκηνῶν ἑπτὰ ἡμέρας τῷ κυρίῳ.
يقول القديس أغسطينوس[70]: (هذه الأيام أيام عيد عند اليهود, وكانت تُدعى يوم عيد واحد, ليس لأنه كان ينتهي في يوم واحد, ولكن لأن العيد كان يدوم في احتفال مستمر) بكلمات أخرى بسيطة, هو عيد واحد يدوم لأكثر من يوم لذلك يُدعى “عيد” بصيغة المفرد. هناك نقطة أخرى يجب الإنتباه لها ألا وهي أن العدد يذكر كلمة عيد مُعرفة (την εορτην) وهذه إشارة واضحة إلى أن يسوع يقصد العيد نفسه وليس اليوم الحالي فقط ولكن حتى لو يقصد اليوم الحالي فما زالت هناك مُشكلة, وهذه المشكلة هي الوجه الثاني من الرد.
إذا كان قصد يسوع بكلمة (εορτην) اليوم الحالي الذي كان فيه فقط, فهناك مشكلة, يجب علينا أن نسأل أنفسنا سؤالاً مهماً: هل صعد يسوع في نفس اليوم الذي صعد فيه اخوته ؟ هذا بفرض أنه قال أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد, الذي تفسيره هذا اليوم من العيد !
يقول المفسر جون جيل ما سيصعق المعترض[71]: النسخة الإثيوبية تقرأ: “صعد في ذلك اليوم”، والذي هو محتمل جداً، ولا يناقض أي شيء قد قيل، في يوحنا 7: 17 على الرغم من انه لم يصعد الى معبد للتعليم حتى منتصف العيد، ولكن من المحتمل أنه صعد إلى العيد قبل ذلك: وفقا للناموس: كان من الضروري ان يكون هناك في اليومين الأول والثاني.
أظن أن الأمر قد ضاق جداً بهذا المعترض, فلننظر إلى اعتراضه الثاني:
يقول المُعترض: أن الزمن المضارع للفعل ἀναβαίνω أصعد (First Person Present Active Indicative Singular) في يو 7: 8 يخصص زمن الرفض بالآنية، ولا يخص المستقبل، فالمسيح حرفيا لم يقل “لن أصعد” فنفي صعوده المستقبلي أيضا، بل قال “لا أصعد” والمعنى في سياقه “لا أصعد الآن”.
وللرد نقول: قد بيَنَّا سباقاً المعنى الدقيق لكلمة (οὐκ لا), وأنه نفي مطلق, أمام بخصوص الفعل اليوناني فإنه في الزمن المضارع المبني للمعلوم في الصغية الإخبارية وهذا يدل عادة على الإستمرار, وهذا ما درسناه في الكتب المتخصصة في اللغة اليونانية القديمة[72], في هذه الكتب نقرأ الآتي: (يدل الزمن المُضارع الإخباري عادة على الإستمرار, ويحدث الفعل إثناء التكلم به), وهذا هو الحال بالنسبة للغة العربية أيضاً[73] ! فإذا قال يسوع: أنا لا أصعد إلى هذا العيد, فإن كلمة أصعد (αναβαινω) تشير إلى الآنية, أي ما يحدث في الوقت الحالي, ويشير إلى المستقبل أيضاً. وهذا أمر بديهي يلاحظه كل ذي عقل, فمثلاً في حوار يسوع مع بطرس في نهاية إنجيل يوحنا نجد الآتي:
Joh 21:15-17 فبعد ما تغدوا قال يسوع لسمعان بطرس: «يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء؟» قال له: «نعم يا رب أنت تعلم أني أحبك». قال له: «ارع خرافي». 16 قال له أيضا ثانية: «يا سمعان بن يونا أتحبني؟» قال له: «نعم يا رب أنت تعلم أني أحبك». قال له: «ارع غنمي». 17 قال له ثالثة: «يا سمعان بن يونا أتحبني؟» فحزن بطرس لأنه قال له ثالثة: أتحبني؟ فقال له: «يا رب أنت تعلم كل شيء. أنت تعرف أني أحبك». قال له يسوع: «ارع غنمي.
جميع الكلمات الملونة الأحمر هي (Present Active Indicative) أفعال مضارعة مبنية للمعلوم بصيغة خبرية, فهل عندما يجيب سمعان على سؤال يسوع بأنه يحبه, هل هذا الحب آني فقط, أي في لحظة السؤال ثم يختفي ؟ هل عندما أقول لأخي أنا أحبك باليونانية (εγω αγαπαω σου) هل أقصد أنني أحبه الآن فقط ؟ أم أن هذا الحب يستمر ! صراحة نجد من المسيحي إعتراضات عجيبة مبنية في الأصل على جهل العامة باللغة اليونانية, وهذا ما لا ينبغي أبداً من منصفين مدافعين عن ما يعتقدونه الحق.
بهذا نكون قد وضحنا بما لا يدع مجالاً للشك أن قراءة (οὐκ لا) مصدر ازعاج دائم للمسيحية, وسبب قوي للطعن في شخصية يسوع, فإذا كانت هذه هي القراءة الأصلية للنص محل البحث, فإن إنجيل يوحنا يحتوي على مشكلة كانت منذ البدء سبب هجوم على المسيحية وما زالت إلى يومنا هذا سبب طعن في يسوع إما باتهامه بأنه يكذب أو أنه ليس الله, وعلى المسيحي أن يقبل كتابه !
۞ تعليق وايتني على المشكلة:
في الحقيقة هناك من لم يقبل قراءة (οὐκ لا) بأي شكل من الأشكال ! فقد اعترض وايتني على جميع التفاسير المطروحة من قبل المسيحيين الذين يحاولون إزالة المشاكلة المحيطة بالقراءة. قام ويتني بتفنيد جميع هذه التفاسير ثم قدم تبريراً لوجود قراءة (οὐκ لا) في المخطوطات مع اعتبار أن قراءة (οὔπω ليس بعد) هي الأصلية, فهيا بنا نقرأ كلامه ونرد على تبريره[74]:
القراءة المفضلة عند النقاد[75]:
شهادة الوثائق بالإضافة إلى الأدلة الداخلية تتفوق لمصلحة القراءة المقبولة (هنا يقصد القراءة المقبولة لدى المراجعين الأمريكان والذي قالوا أن قراءة (οὐκ لا) هي الأصلية): لانه من غير المصدق ان يسوع قال “أنا لا أصعد الى العيد” وبعد ذلك مباشرة صعد. في نفس الوقت ليس هناك احتمالية ان أحد النساخ غير “ليس بعد” الى “لا” متعمداً. الاحتمالية من وجهة النظر هذه هي الاسلوب الاخر كليا. لذا كثير من النقاد اعتبروا “لا” بانها كلمة كاتب الانجيل الحقيقية، و “ليس بعد” بانها وضعت في ذلك الموضع لتوفق بين كلام يسوع مع الحقائق الموثقة (أي كونه قال أنا لا أصعد ثم صعد بالفعل فيما بعد).
معنى القراءتين[76]:
لن ينفعنا القول بأن الاختلاف في المعنى الذي كان بسبب حذف “بعد”، سطحي وليس له الاهمية; ذلك ان الفعل في المضارع (هنا وايتني يرد على قول المعترض الذي رددنا عليها سابقاً)، وبذلك يسوع يعني حقيقة “أنا لا أصعد في الوقت الحاضر” تاركها غير مؤكدة فيما اذا كان ينوي الصعود لاحقا ام لا. معنى كهذا، بأي تفسير عادل للكلام، لا يمكن أن يعطى لهم ان كان يسوع قد قال حقيقة “أنا لا أصعد إلى هذا العيد” (أي أنه يقول أن هذا المعنى غير مقبول وسيرفضه أي مفسر عادل لأنه ينافي حقيقة ما قاله يسوع) هذا نفي قاطع لأي نية للحضور في ذلك العيد; النفي لا ينطبق على فكرة الوقت، لكنه ينطبق على للذهاب مرتبطا بذلك العيد بالتحديد. في المقطع “ليس بعد”، على أي حال، النفي يعود مباشرة للوقت المعبر عنه بالكلمة اللاحقة، وليس لمعنى الفعل الا من خلال “بعد”.
تفاسير ليس لها أي دليل من النص[77]:
الافتراض بان يسوع قال “أنا لا أصعد إلى هذا العيد” مع فكرة ضمنية غير موضحة كـ “معك” أو “علناً” أو “كالمسيح” أو “للهدف الذي تريدونني الذهاب من أجله” غير مقبول نهائيا (هنا وايتني يرد على قل من يأول النص بغير دليل موجود فيه, وأن جميع هذه التأويلات ليس عليها أي دليل حقيقي في النص). هذه ليست طبيعة المسيح. ولا نستطيع أن نستنتج أن يسوع كان مخفي من قبل الروح ليذهب في وقت ابكر من ما كان يتوقع، ولهذا السبب ذهب، على الرغم من قوله أنه لن يصعد. هذا المشهد لا يتماشى مع امتلاءه المستمر بالروح وامتلاكه للعلم الغيبي الالهي. ولا يمكن الاعتراف بالافتراض بان يسوع غير رأيه. ليس لدينا أي دليل أنه غير نيته في أي من الاحداث الاخرى، ولا حتى عند مقابلته للمرأه الكنعانية، وليس كما اقترب من عمواس في الليل بعد القيامة. ولا نستطيع أن نأخذ كلامه على أنه “انا لست أصعد لحضور هذا العيد بل لسبب اخر” هذا من شأنه ان يضع النفي في غير موضعه ” أنا صاعد ليس للمشاهده” الخ. ويجعل الكلمات الاحقة لا معنى لها. بالاضافة الى ذلك, فكرة المشاهده غير واردة في الكلام “الى العيد” لا في هذا المكان ولا في غيره.
الطعن في قراءة (οὐκ لا)[78]:
هذه مجرد تغييرات لايجاد معنى جيد من قراءة خاطئة حدثت في وثائق يبدو ان البعض قرر اعتبارها غير قادرة على توحيد القراءة الخاطئة، خصوصا ان تلك القراءة قراءة صعبة (هنا نجد أن وايتني بدأ يطعن في قراءة (οὐκ لا) بعد أن فند جميع تفاسير الذين يعتبرون هذه القراءة أصلية). المخلص حتما، قال بالضبط ما كان يعني عندما صرح: “أنا لست بعد أصعد إلى هذا العيد” ; وكل الترابطات متناغمة مع هذا التصريح. اخوته فهموا هذا المعنى بوضوح. هم لم يبدو اي تعجب لرؤيته في العيد، الحالة التي يكون فيها بالكاد قال انه لن يذهب إلى هناك.
بعد أن قام وايتني بتفنيد جميع تفاسير المسيحيين الذين يقبلون قراءة (οὐκ لا) ويعتقدون أن هذه القراءة لا تسيء إلى يسوع, نجده يطعن في هذه القراءة وأنها ليست هي الأصلية, ولكن كيف سيبرر وجود هذه القراءة في المخطوطات مع اعتبار أن قراءة (οὔπω ليس بعد) هي الأصلية ؟
تبرير وجود قراءة (οὐκ لا) في المخطوطات[79]:
الان، كما يقول د. هورت، “كل الالتباسات بين الاحتمالات الفعلية والنسخية ناشئة عن النقص في معرفتنا”. لو عرفنا الشخصية الحقيقية للكثير من النساخ للمخطوطات القديمة للعهد الجديد، وأدركنا عدم مناسبتهم للوظيفة المنخرطين فيها، لكان عندنا ثقة أقل في نتيجة جهدهم، وشهادة مخطوطاتهم. لنرى ما هي المخطوطات البارزين لصالح “لا” (1) المخطوطة السينائية، التي تعطي أدلة من البداية للنهاية لكونها مكتوبة بلا مبالاة, “المخطوطة بأكملها مشوهة بالتصحيحات” ; و (2) مخطوطة بيزا، التي تعترف “بالنص المشوه” وفي الكثير من الحالات بشهود ليسوا ثقات.
الحل هو الطعن في المخطوطتين السينائية وبيزا ! ما هذا الذي تفعله يا وايتني ؟ تريد أن تُسقِط مصداقية المخطوطة السينائية التي هي أقدم وأكمل مخطوطة يونانية للعهد الجديد, وتسقط أيضاً مصداقية أقدم مخطوطة يونانية تمثل النص الغربي ؟ إن هذا لشيء عُجاب. وايتني يعتقد أن قراءة (οὐκ لا) دخلت المخطوطتين السينائية وبيزا عن طريق خطأ غير مقصود بسبب عدم احتراف النساخ القائمين على عمل المخطوطة.
نستطيع الرد على وايتني في أربع نقاط رئيسية:
• الأولى: ماذا نفعل في المخطوطات السابقة زمنياً للسينائية وبيزا ؟ كيف نبرر وجود القراءة في هذه المخطوطات ؟ لدينا دياتسرون تاتيان الذي يعود إلى القرن الثاني الميلادي. هناك أيضاً أقدم مخطوطات الترجمة اللاتينية القديمة والتي ترجع نظرياً إلى القرن الثاني الميلادي, هذا بالإضافة إلى المخطوطات المعاصرة للمخطوطة السينائية والتي لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون منسوخة من السينائية, مثل الترجمة السريانية الكوريتونية. كيف نبرر شهادة هذه المخطوطات السابقة والمعاصرة للسينائية ؟ إذن الطعن في السينائية وبيزا لن يبرر وجود القراءة في هذه المخطوطات الأقدم.
• الثانية: ماذا عن المخطوطات الأخرى من نوع نص (Text-Type) مختلف عن السينائية وبيزا ؟ كيف وصلت إليهم القراءة ؟ لا يمكن عقلاً أن تكون السينائية وبيزا مصدراً لنص جميع المخطوطات الأخرى التي تحمل القراءة ! السينائية نص سكندري, وبيزا نص غربي, كيف نبرر وجود القراءة في النص البيزنطي (K 017, M 021, Π 041, 1071, 1241) والنص القيصري (الترجمة الأرمينية والجورجية) ؟! وكيف نبرر وجود القراءة في الترجمات القديمة المنتشرة حول العالم ؟ (اللاتينية القديمة, الفولجاتا, السريانية, القبطية, الأرمينية, الجورجية, الأثيوبية, السلافينية) هل جميع هذه الترجمات وجميع هذه النسخ نقلت من السينائية وبيزا ؟! هذا لا يُعقل أبداً.
• الثالثة: ماذا عن شهادات آباء الكنيسة الذين عاشوا في القرن الرابع والخامس ؟ أبيفانوس (403م), يوحنا ذهبي الفم (407م), كيرلس السكندري (444م), أمبروسيستر (384م), أغسطينوس (430م), وشهادة بورفري الوثني الذي يعود إلى ما قبل عام 304م ! هل مصدر نص هؤلاء جميعهم السينائية وبيزا ؟ لا أعتقد هذا, يجب أن يكون تفكيرنا أكثر عقلية ومنطقية.
• الرابعة: ماذا عن المصححين الذين مروا على السينائية وبيزا ؟ لقد تم تصحيح هاتين المخطوطتين من لحظة الإنتهاء من كتابتهما إلى القرن الثاني عشر[80] ! ألم يكن هناك مصحح رشيد واعي مدقق يقوم بتصويب هذه القراءة طوال هذه القرون المديدة ؟! العجيب والغريب والمريب أننا نجد في المخطوطة السينائية تصحيحات في بداية العدد السابع من الإصحاح الثامن, وتصحيحات في نهاية العدد الثامن محل البحث, ولا نجد تصحيحاً لقراءة (οὐκ لا) ! ألا يدل هذا على اقرار المصححين لهذه القراءة ؟!
التصحيحات الموجودة في بداية العدد السابع ونهاية العدد الثامن
لقد وجد وايتني مشكلة كبيرة في قبول قراءة (οὐκ لا) كأصلية, فدفعه هذا إلى التشكيك في مصداقية السينائية وبيزا, ولكن ليس هذا هو الحل يا وايتني. لا توجد مخطوطة لا تحتوي على تصحيحات, نستطيع أن نطعن في جميع مخطوطات العهد الجديد بهذا الشكل.
انظر إلى ما يقوله بروس متزجر وبارت ايرمان عن المخطوطة الفاتيكانية[81]: لسوء الحظ , جمال الكتابة الاصلية تم إفسادها بواسطة مصحح من زمن متأخر , والذي قام بتمرير قلمه مره أخرى على كل حرف للتجديد , وقام بمسح الأحرف والكلمات التي كان يظنها غير صحيحة.
هل على هذا الأساس نبطل مصداقية المخطوطة الفاتيكانية ؟! ألم تسمع أن المخطوطة الفاتيكانية تجعل يسوع يدعوا على تلاميذه في إنجيل يوحنا 17: 15 بسبب خطأ بصري لم يحدث إلا في الفاتيكانية يشير إلى اهمال شديد جداً في النسخ[82] ! الحل ليس الطعن, فإن طعنت في المخطوطات اسقطتهم جميعهم !
في النهاية؛ ما زلنا إلى الآن لا نجد تبريراً لوجود هذه القراءة في المخطوطات القديمة, وهذا سبب مهم ضمن اسباب كثيرة شرحناها سابقاً لقبول اغلبية علماء النقد النصي هذه القراءة كأصلية في النص محل البحث.
۞ خاتمة:
هذه المشكلة النصية من أهم المشاكل الموجودة في نص العهد الجديد, وهذا للأسباب الآتية:
- العلماء لم يأخذوا بقراءة أقدم المخطوطات مما يشكك في مصداقيتها.
- جميع الظروف المحيطة بالمشكلة تشير إلى أن التغيير في النص كان عن عمد.
- القراءة المقبولة من أغلبية العلماء (οὐκ لا) كانت ولا زالت سبباً للهجوم على المسيحية.
- تصريح الكثير من العلماء المسيحيين بأن قراءة (οὐκ لا) إما تجعل يسوع كاذباً أو تنفي ألوهيته.
- فشل جميع العلماء تبرير وجود قراءة (οὐκ لا) مع اعتبار (οὔπω – ليس بعد) هي الأصلية.
- سقوط جميع التفاسير التي تحاول الدفاع عن المسيحية مع قبول قراءة (οὐκ لا) كأصلية.
هذه المشكلة النصية تذكرني بمشكلة أبياثار والتي كانت مشكلة عويصة أمام بارت ايرمان اثناء دراسته, وقد حاول ايرمان تفسير النص وبذل جهداً شديداً حتى يبَيِّن أن النص لا يحمل مشكلة ! وبالفعل قدم ايرمان بحثه إلى استاذه آملاً أن تحوز على اعجابه, فيحكي لنا ايرمان[83]:
كنت على يقين لا يتزعزع أن الأستاذ “ستوري” سيقدر هذه الرؤية الجدلية، حيث إنني أعلم أنه عالم مسيحي صالح وهو بوضوح (مثلي) لا يمكن أن يفكر مطلقًا في أنه يوجد شئ ما مثل خطأ حقيقي في الكتاب المقدس. لكنه كتب تعليقًأ بسيطًا من سطر واحدٍ في نهاية بحثي أثر فيّ لأسباب عدة. كتب يقول:”ربما مرقس فقط وقع في خطأ.” بدأت أفكر في هذا التعليق، وفي كل العمل الذي قدمته في البحث، وفهمت أنني كان ينبغي أن أقوم ببعض المناورات التفسيرية الوهمية للالتفاف حول المشكلة، وأن الحلَّ الذي اقترحته في الحقيقة كان ممطوطًا إلى حدٍ ما. في النهاية وصلت لنتيجة: “مممم…ربما مرقس بالفعل قد ارتكب خطئًا.”
وأنا أقول لكل مسيحي يقبل قراءة (οὐκ لا) كأصلية ويريد أن يصد أي هجوم على المسيحية مع قبول هذه القراءة ! أقول له: ربما هذه القراءة بالفعل تطعن في يسوع ! ربما هذه القراءة بالفعل تجعل يسوع كاذباً أو على الأقل تنفي ألوهيته ! لماذا العناد يا صديقي ؟ لقد قدمت بين يديك كل ما أستطيعه حول هذه المشكلة النصية, وقد قمت بمناقشة جميع الأفكار والتفاسير. إن مثل هذه المشكلة النصية تعتبر بالنسبة سبباً رئيسياً لعدم قبول كتاب مثل العهد الجديد والذي يمتلئ بمثل هذه المشاكل ! فلماذا تقبله أنت ؟!
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
۞ شكر خاص لهؤلاء:
- الأخ الحبيب مُعاذ عِليان
- الأستاذ الفاضل سامي العامري
- الشيخ الفاضل عمرو علي student_58_1
- الأخ الحبيب محمد ديدات Muhammed-Deedat
- الأخت الفاضلة مِنَّة الله Mennatallah_1971
- الأخت الفاضلة مريم محمود marymmahmoud
- الأخت الفاضلة أورسا ماجور[84] ursa_major
[1] Caspar R. Gregory: Canon And Text Of The NT – Page 504 [There are a few cases in the New Testament in which, as we may see, for example, in John 7:8, changes have been made for a definite purpose which we might call dogmatical or even apologetical. In the verse mentioned Jesus says : “I go not up to this feast,” using the phrase which was rendered in Greek by ουκ αναβαινω. Some good Christian in early times, reading this and finding two verses later that Jesus actually did go up to that feast, said to himself apparently : “That cannot be. Jesus cannot have said that He was not going up to the feast. He can only have said that He did not intend to go at that moment. He must have left room open for His later going up to Jerusalem.” And therefore this Christian wrote over the or on the margin beside ουκ the word ουπω, “not yet,” and caused Jesus to say : ” I am not going up to this feast yet.”]
[2] رهبان دير القديس أنبا مقار: قاموس يوناني عربي لكلمات العهد الجديد والكتابات المسيحية الأولى – صـ98
[3] Strong’s Hebrew and Greek Dictionaries – G3756 [A primary word; the absolutely negative adverb; no or not]
[4] القمص مرقس عزيز: الرد على الإتهامات الموجهة للسيد المسيح وتلاميذه – صـ59
[5] • The Greek New Testament, Fourth Revised Edition – John 7:8 – Page 342
• David R. Palmer: A new translation from the Greek – Alternating verse by verse with the ancient Greek text – John 7:8
[6] Wieland Willker: A Textual Commentary on the Greek Gospels 6th edition 2009 – Vol. 4 John – John 7:8
[7] The Greek New Testament, Fourth Revised Edition – Introduction – Page 17*,18*
[8] الأستاذ الدكتور يوسف زيدان: معلومات عن المخطوطات من الكُتَيِّب الموجود مع إسطوانات مكتبة المخطوطات الرقمية, مخطوطات دير سانت كاترين – مكتبة الإسكندرية (المخطوطة مؤرخة بسنة 284 هجرية [أي ما يقابل 898م])
[9] من العجيب أن أجد بعض المسيحيين الذين لا يفهمون قواعد النقد النصي ينتقدون الأبحاث العلمية بمنتهى الجهل والعشوائية, لا يدركون معاني الألفاظ العلمية مثل الأدلة الخارجية والأدلة الداخلية, ويدعون أنه لا توجد أي أدلة داخلية وبعض الأدعاءات الأخرى التي لا يدل إلا على عدم اطلاع أو اختلاط في المفاهيم, ولا أستطيع أن أقول لهؤلاء إلا ما قاله الشاعر قديما: عَلىَّ نَحتُ القوافي مِن مَعَادِنِها … وليسَ عليَّ إن لم تفهم البقرُ. وإلى كل الذين كالوا السباب لي ولرسولي بأقذر الألفاظ والشتائم فما هذا إلا تصديقاً لكتاب الله (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً), والجميع يعلم أن منهجي هو عدم التعرض لأي مسائل شخصية والتركيز فقط على دعوتي ورسالتي, لذلك سأتمثل بقول الشاعر: يخاطِبُني السَفيهُ بكلِ قبحٍ … فأكرهُ أن أكونَ له مُجِيباً, يَزيد سَفاهة فَأزيدُ حُلماً … كعُودٍ زَادَهُ الإحراقُ طِيباً. ما سأفعله هو أنني سأتناول كل جزء علمي ادعيتم عليّ فيه بالتدليس والتزوير والكذب, وسأقوم بإثبات عكس ما ادعيتم بالدليل والبرهان.
[10] The New Testament in Greek IV The Gospel According to St. John – Edited by The American and British Committees of the International Greek New Testament Project – Page 317
[11] القس شنودة ماهر إسحاق: الإنجيل المقدس حسب يوحنا, قبطي عربي – صـ398
[12] Horner William: The Coptic Version Of The New Testament In The Northern Dialect – Otherwise Called Memphitic And Bohairic – With Introduction, Critical Apparatus, And Literal English Translation – Volume II – The Gospels Of S. Luke And S. John – Page 409
[13] Bart D. Ehrman: Misquoting Jesus – Page 134 [As we have already seen, we are never completely safe in saying that when the vast majority of manuscripts have one reading and only a couple have another, the majority are right. Sometimes a few manuscripts appear to be right even when all the others disagree. In part, this is because the vast majority of our manuscripts were produced hundreds and hundreds of years after the originals, and they themselves were copied not from the originals but from other, much later copies. Once a change made its way into the manuscript tradition, it could be perpetuated until it became more commonly transmitted than the original wording.]
[14] Kurt & Barbra Aland: The Text of The NT, Second Edition – Page 280 [Manuscripts should be weighed not counted]
[15] Bruce M. Metzger & Bart D. Ehrman: The Text Of The New Testament Its Transmission, Corruption, and Restoration – Fourth Edition – The Latin Versions – Page 100,101 [In the opinion of most scholars today, the Gospels were first rendered into Latin during the last quarter of the second century in North Africa, where Carthage had become enamored of Roman culture]
[16] The Greek New Testament, Fourth Revised Edition – Page 342
[17] Ibid – Introduction – Page 32*
[18] Frederic Gardiner: Diatessaron – Life Of Our Lord In The Words Of The Gospels – Page 118
[19] The Diatessaron Of Tatian A Harmony Of The Four Holy Gospels Compiled In The Third Quarter Of The Second Century Now First Edited In An English Form With Introduction And Appendices – Tatians Gospel Diatessaron – Page 29
[20] The Early Church Fathers: Ante-Nicene Fathers Volume 9 – The Diatessaron of Tatian – Introduction – [The Text Translated. — What is offered to the reader is a translation into English of an Arabic text, published at Rome in 1888, in a volume entitled in Arabic Diatessaron, which Titianus Compiled from the Four Gospels, with the alternative Latin title, Tatiani Evangeliorum Harmonioe, Arabice]
[21] Bruce Metzger: The Early Versions of the New Testament Their Origin, Transmission, and Limitations – Page 16 [From the point of view of the textual critic who wishes to ascertain whether a given reading stood originally in Tatian’s Diatessaron, most scholars have considered the Arabic Diatessaron to be worthless, either because it had been translated from a Syriac Diatessaron which was almost completely assimilated to the peshitta test, or because the Arabic translation itself had been accommodated to the Peshitta]
[22] يوحنا ذهبي الفم: شرح وعظات إنجيل يوحنا اللاهوتي – الجزء الثاني صـ16
[23] Wayne C. Kannaday: Apologetic Discourse And The Scribal Tradition – Evidence Of The Influence Of Apologetic Interests On The Text Of The Canonical Gospels – Page 97 [Judging from these remarks, it is easily ascertained that Porphyry’s text read oúk in verse 8. Moreover, he perceived between verses 8 and 10 either a breech of etiquette or an act of erratic vacillation (inconstantiae ac mutationis). In either case, Jesus’ behavior as recorded in this rendering of John’s narrative hardly reflected that of a holy figure boldly and decisively executing a foreordained, divine plan]
[24] شرح انجيل يوحنا – الجزء الثالث – ترجمة مركز الآباء – صـ203و204
[25] Schaff, P. (1997). The Nicene and Post-Nicene Fathers Vol. VI. St. Augustin: Our Lord’s Sermon on the Mount, according to Matthew – Page 506
[26] Bruce M. Metzger & Bart D. Ehrman: The Text Of The New Testament Its Transmission, Corruption, and Restoration – 4th Edt. – Page 300 [Perhaps the most basic criterion for the evaluation of variant readings is the simple maxim “choose the reading that best explains theorigin of the others”.]
[27] Wayne C. Kannaday: Apologetic Discourse And The Scribal Tradition – Evidence Of The Influence Of Apologetic Interests On The Text Of The Canonical Gospels – Page 93 [Since oupw appears in the second half of the verse, homoeoarchton could easily account for the alteration of ouk to oupw; the scribe’s eye could have momentarily picked up the word in the next line—both of which began with OU – and inserted it. Considering this variation in light of mechanical error, then, suggests that modification in the opposite direction, oupw to ouk, is the more difficult accident to account for]
[28] Philip W Comfort: NT Text And Translation Commentary – Page 281 [The NU editors selected the first reading on the basis of intrinsic probability versus documentary evidence, which strongly favors oupw (“not yet”), Given the context of John 7, in which Jesus makes one of the above statements to his brothers and then later goes to the festival, it would make more sense if he said he was not yet going to the festival than that he was simply not going to the festival. The latter statement seems to be contradicted by his action (for 7: 10 says he went to the feast). Thus, the first reading is seen to be the harder and therefore more likely original.]
[29] القراءة الأولى عند فيليب كانت (οὐκ لا) الثانية هي (οὔπω ليس بعد).
[30] Bruce Terry: A Student’s Guide to New Testament Textual Variants – John 7:8 [Looking past verse 9 (“he remained in Galilee”) to verse 10 (“he also went up”), several copyists apparently changed “not” to “not yet” to remove what they thought would have been a lie told by Jesus. If “not yet” was original, there would have been no reason for it to have been changed to “not” in so many manuscripts.]
[31] Köstenberger, A. J. (2004). John. Baker exegetical commentary on the New Testament (244). Grand Rapids, Mich.: Baker Academic [Textual tradition is split between “not” (א D) and “not yet” (P66, 75 B). It is possible that later scribes changed “not” to “not yet” in order to “protect” John’s Gospel from a seeming untruth. In light of the papyrus readings, however, if so, this change would have had to occur fairly early.]
[32] Bruce M. Metzger and Bart D. Ehrman: Text of the NT – 4th edition – Page 267 [The inconsistency between Jesus’ declaration in John 7.8 “I am not going to this festival, for my time has not yet fully come” and the statement two verses later “But after his brothers had gone up to the feast, then he also went up, not publicly but in private” (a discrepancy that Porphyry seized upon to accuse Jesus of “inconstantia acmutatio”) led some scribes to change οὐκ to οὔπω “I am not yet going up”]
[33] أنطونيوس فكري – تفسير إنجيل يوحنا – صـ191
[34] متى المسكين: شرح انجيل يوحنا – الجزء الأول – صـ481
[35] هلال أمين موسى: تفسير إنجيل يوحنا – صـ147
[36] فؤاد حبيب: كنوز المعرفة – تفسير إنجيل يوحنا – الجزء الأول – صـ226
[37] القس إبراهيم سعيد: تفسير إنجيل يوحنا- صـ278
[38] متى هنري: التفسير الكامل للكتاب المقدس – الجزء الأول – العهد الجديد – الأناجيل الأربعة – صـ 630
[39] Hendriksen, W., & Kistemaker, S. J. (1953-2001). Vol. 1-2: New Testament commentary : Exposition of the Gospel According to John. Accompanying biblical text is author’s translation. New Testament Commentary (2:7). Grand Rapids: Baker Book House [However, a real difficulty has been created by reading “not” instead of “not yet” in verse 8. We are then confronted with this puzzle: Jesus says, “I go not up unto this feast” (so, e.g., A.R.V.); yet a little later he does go up (verse 10). Once having established this as the reading to be followed, all kinds of explanations are attempted. According to some, when Jesus said, “I go not up,” he meant, “I am not going up in order to manifest myself as the Messiah. That I will do at a later feast.” According to others, verse 8 must be interpreted on this fashion: “I am not going up publicly, but secretly.” These commentators appeal to verse 10. Still others believe that Jesus changed his mind or that the Father changed his mind for him. All of these unnatural explanations can be avoided by simply adopting for this verse the reading upon which the A.V. is based: “I go not up yet unto this feast.” The textual evidence is about equal.]
[40] Philip W. Comfort: NT Text and Translation Commentary – Introduction – Page xiii
[41] Bart D. Ehrman: Misquoting Jesus – Page 151 [Sometimes the texts of the New Testament were modified for theological reasons. This happened whenever the scribes copying the texts were concerned to ensure that the texts said what they wanted them to say; sometimes this was because of theological disputes raging in the scribes’ own day.]
[42] Wayne C. Kannaday: Apologetic Discourse And The Scribal Tradition – Evidence Of The Influence Of Apologetic Interests On The Text Of The Canonical Gospels – Page 96 [On the other hand, ample reason to motivate an informed scribe to effect this particular change in the text did exist in the form of a pagan intellectual who drew attention to this verse to the detriment of the Jesus movement. Among the extant fragments of his work that are most clearly attributable to Porphyry is one that called attention to this very verse, and called into question the Jesus described there. Here Porphyry noted that jesus first denied that he would visit Jerusalem, but then proceeded to arrive there (john 7:8 -10). his words have survived in Jerome’s Adv. Pelage. (II.17).]
[43] Ibid – Page 97 [Judging from these remarks, it is easily ascertained that Porphyry’s text read oúk in verse 8. Moreover, he perceived between verses 8 and 10 either a breech of etiquette or an act of erratic vacillation (inconstantiae ac mutationis). In either case, Jesus’ behavior as recorded in this rendering of John’s narrative hardly reflected that of a holy figure boldly and decisively executing a foreordained, divine plan. This passage, then, is a text that was specifically enlisted by a pagan critic to denounce either the wavering disposition of Jesus or the historical infelicities of the gospel accounts. In any event, Porphyry adduced this text to the detriment of Christians. The simple change of ούĸ (not) to οϋπω (not yet), however, effectively quelled any impression of inconsistent action on the part of Jesus as seen in the comparison of verses 8 and 10. No longer, then, did the text present Jesus one moment asserting his decision not to journey to Jerusalem, only to change his mind and go there; rather, through the technology of scribal revision, John’s narrative stated without equivocation that Jesus would not yet go up to Jerusalem along with his disciples, suggesting that he would, as he did, find his way there later. That move would have rendered impotent efforts on the part of pagan cities like Porphyry to adduce this text for antagonistic purposes.]
[44] John Granger Cook: The Interpretation of the New Testament in Greco-Roman Paganism – Page 150 [Porphyry objected to the change in Jesus’ plans between john 7:8 and john 7:10 according to Jerome: “he denied that he would go, and did what he had early denied. Porphyry barks and accuses him of inconsistency and change (inconstaniae ac mutations), not knowing that all scandals should be related to the flesh.” The inconsistency between the two texts provided material for Porphyry’s favorite kind of attack. Ambrosiaster preserved a similar objection to Jesus change of intention.]
[45] Clarke, A. (1999). Clarke’s Commentary: John (electronic ed.) Clarke’s Commentaries (Jn 7:8). [Porphyry accuses our blessed Lord of falsehood, because he said here, I will not go to this feast, and yet afterwards he went; and some interpreters have made more ado than was necessary, in order to reconcile this seeming contradiction. To me the whole seems very simple and plain. Our Lord did not say, I will not go to this feast; but merely, I go not yet, ουπω, or am not going, i.e. at present; because, as he said Joh 7:6, and repeats here, his time was not yet come-he had other business to transact before he could go.]
[46] Schaff, P. (1997). The Nicene and Post-Nicene Fathers Vol. VI. St. Augustin: Our Lord’s Sermon on the Mount, according to Matthew – Page 506 [We have heard say that He lied. For those who think that He lied, speak thus, “He said that He should not go up to the feast day, and He went up.”]
[47] شرح انجيل يوحنا – الجزء الثالث – ترجمة مركز الآباء – صـ203و204
[48] الدكتور القس إبراهيم سعيد: تفسير إنجيل يوحنا – صـ278
[49] Nestle, E., Nestle, E., Aland, K., Aland, B., & Universität Münster. Institut für Neutestamentliche Textforschung. (1993, c1979). Novum Testamentum Graece. At head of title: Nestle-Aland. (27. Aufl., rev.) Page 269 Stuttgart: Deutsche Bibelstiftung.
[50] Aland, K., Black, M., Martini, C. M., Metzger, B. M., Wikgren, A., Aland, B., Karavidopoulos, J., Deutsche Bibelgesellschaft, & United Bible Societies. (2000; 2006). The Greek New Testament, Fourth Revised Edition (with apparatus) (Jn 7:8) Page 342.
[51] Novum Testamentum graece. 1869-94 (C. v. Tischendorf, C. R. Gregory & E. Abbot, Ed.) (1:814-815). Lipsiae: Giesecke & Devrient.
[52] Samuel P. Tregelles: The Greek New Testament Edited From Ancient Authorities With Their Varios Readings in Full & The Latin Version Of Jerome – Page 411
[53] A. Layman: The New Testament Of Our Lord And Saviour Jesus Christ: Revised From The Authorized Version With The Aid Of Other Translations And Made Conformable To The Greek Text Of J. J. Griesbach – Page 191
[54] Brooke F. Westcott & Fenton J. Hort: The NT in the Original Greek 1881 – Volume 1 – Introduction To The American Edition – Page XXVI [It is the chief authority among MSS. for the Greek Testament of Westcott and Hort]
[55] Kurt & Barbra Aland: The Text Of The New Testament – Second Edition – Page 14 [Codex Vaticanus was their touchstone.]
[56] Brooke F. Westcott & Fenton J. Hort: The NT in the Original Greek 1881 – Volume 1 – Introduction To The American Edition – Page 204
[57] Schaff, P. (1997). The Nicene and Post-Nicene Fathers Vol. VI. St. Augustin: Our Lord’s Sermon on the Mount, according to Matthew – Page 506 [In the first place then, let us, as far as in the press of time we can, see whether he does lie, who says a thing and does it not. For example, I have told a friend, “I will see you to-morrow;” some greater necessity occurs to hinder me; I have not on that account spokenfalsely. For when I made the promise, I meant what I said. But when some greater matter occurred, which hindered the accomplishment I of my promise, I had no design to lie, but I wasnot able to fulfil the promise. Lo, to my thinking I have used no labour to persuade you, buthave merely suggested to your good sense, that he who promises something, and doeth it not, does not lie, if, that he do it not, something has occurred to hinder the fulfilment of his promise, not to be any proof of falsehood.]
[58] Ibid – Page 507 [Now what the difference is between being deceived, and lying, I will briefly state. He is deceived who thinks what he says to be true, and therefore says it, because he thinks it true. Now if this which he that is deceived says, were true, he would not be deceived; if it were not only true, but he also knew it to be true, he would not lie. He is deceived then, in that itis false, and he thinks it true; but he only says it because he thinks it true. The error lies in human infirmity, not in the soundness of the conscience. But whosoever thinks it to be false, and asserts it as true, he lies.]
[59] MacDonald, W., & Farstad, A. (1997, c1995). Believer’s Bible Commentary : Old and New Testaments (Jn 7:8). Nashville: Thomas Nelson [Jesus said that He was not yet (The critical (NU) text’s omission of “yet” is unfortunate. It seems to imply deception on our Lord’s part.) going up to this feast because His time had not yet fully come.]
[60] Bernard, J. H. (1929). A critical and exegetical commentary on the Gospel according to St. John. Paged continuously. (A. H. McNeile, Ed.) (Volume 1, Page 270). New York: C. Scribner’ Sons [ἐγὼ οὔπω ἀναβαίνω εἰς τὴν ἑορτὴν ταύτην, “I (on the other hand) am not yet going up to this feast.”οὔπω is read by BLTNWΓΔΘ, but אD Syr. cur. have οὐκ. If οὔπω be read, Jesus is represented as saying that He is not going up immediately, as His brethren would have Him do. If we read οὐκ, His words would seem to convey to His hearers that He was not going up at all to this particular feast; and in that case He altered His plans afterwards (v. 10).]
[61] Whitacre, R. A. (1999). Vol. 4: John. The IVP New Testament commentary series (Page 180). Downers Grove, Ill.: InterVarsity Press [Jesus says he is not going to the feast because for me the right time has not yet come (7:8).* When he made the statement to them he had only their word that he should go, and he rejects them as a source of guidance. The fact that he does actually go to the feast suggests that he received instructions from the Father to go after he spoke to his brothers.]
[62] معلومات عن ديفيد دانيالز: http://www.chick.com/ask/aboutdaniels.asp
[63] David W. Daniels: Look What’s Missing – Page 21 to 27 http://books.google.com.eg/books?id=RyZpyPMhW-wC
[64] David W. Daniels: Did Jesus Lie ? http://www.youtube.com/watch?v=C7oWuQbgmjY
[65] Jay P. Green: Textual And Translation Notes On The Gospels – John 7.8 [I am not yet going up to this feast-the cleverly crafted Nestle26/UBS3 Greek has Jesus saying that He was not going up to the feast (omitting the all-important word yet). Then in verse 10 the NU has Jesus going to the feast. So, deny it all they may, they are making Jesus to tell a lie. Without a doubt we find that in the NASB, REB, NRSV, GNB, and NAB versions, Jesus is made to be a liar because they omit the qualifying word yet (oupo- 3768 ). How can they square their professed love for Jesus with this fully deliberated decision to make Him a liar in their versions? What compelling evidence do they have? They have only Aleph, D and K, M = 1241! Hendrickson says that the textual evidence is even! Robertson also goes astray here, though admitting that the evidence is stronger for yet. They even go against their adored codex, B, together with all the other uncials, all the cursives but one. Is that not revelation enough as to what they think of external evidence? After they have made Jesus out to be a liar, what is left of the hope of salvation? Vincent ignores this important exclusion of yet in this verse. Robertson makes a wordy attempt to say no harm is done by leaving out yet before going.]
[66] A new translation from the Greek by David Robert Palmer – Alternating verse by verse with the ancient Greek text – John 7:8 [The currently dominant theory about the reading “not yet going up” is that it was introduced early in the transmission of the text (P66, about the year 200), to alleviate the seeming inconsistency between verse 8 and what Jesus actually did in verse 10. It is understandable if copyists wanted to defend Jesus, to keep him from appearing to be a liar. Yet I say, that if that was their goal, they did not accomplish it, one, because Jesus was still deceptive, in that he “went up, not openly, but in secret,” v. 10. Even without the word “yet” added, Jesus still deceived his brothers, and also those in Jerusalem who were trying to kill him.]
[67] ركز قليلاً يا صديقي المسيحي, هذه كلمات ديفد روبرت بالمر وليست كلماتي أنا الشخصية !
[68] تستطيع الإطلاع على هذه القواميس:
• رهبان دير القديس أنبا مقار: قاموس يوناني عربي لكلمات العهد الجديد والكتابات المسيحية الأولى – صـ51
• الأستاذ صموئيل كامل والدكتور موريس تاوضروس: اللغة اليونانية للعهد الجديد – الطبعة الثالثة – مُلحق: قاموس العهد الجديد يوناني عربي – صـ33
• Swanson, J. (1997). Dictionary of Biblical Languages with Semantic Domains: Greek (New Testament) (electronic ed.) (DBLG 2038).[festival, a feast of celebration in the holy city, a major Jewish cultural and religious event]
• Newman, B. M. (1993). Concise Greek-English dictionary of the New Testament. (Page 65). Stuttgart, Germany: Deutsche Bibelgesellschaft; United Bible Societies.[ἑορτή , ῆς f festival, feast ( καθ͂ ἑ. at each festival)]
• Arndt, W., Danker, F. W., & Bauer, W. (2000). A Greek-English lexicon of the New Testament and other early Christian literature. “Based on Walter Bauer’s Griechisch-deutsches Wr̲terbuch zu den Schriften des Neuen Testaments und der frhchristlichen [sic] Literatur, sixth edition, ed. Kurt Aland and Barbara Aland, with Viktor Reichmann and on previous English editions by W.F. Arndt, F.W. Gingrich, and F.W. Danker.” (3rd ed.) (Page 355). Chicago: University of Chicago Press. [a day or series of days marked by a periodic celebration or observance, festival, celebration]
• Lust, J., Eynikel, E., & Hauspie, K. (2003). A Greek-English Lexicon of the Septuagint : Revised Edition. Deutsche Bibelgesellschaft: Stuttgart [feast, festival, holiday]
[69] العهد الجديد بالخلفيات التوضيحية – صـ115 (عيد المظال: آخر الأعياد السنوية الكبرة الثلاثة, وكان يمتد الاحتفال به أسبوعاً كاملاً في فصل الخريف خلال شهر سبتمبر, أي بعد عيد الفصح المذكور في 6: 4, فيتذكرون إقامة بني إسرائيل في البرية).
[70] Schaff, P. (1997). The Nicene and Post-Nicene Fathers Vol. VI. St. Augustin: Our Lord’s Sermon on the Mount, according to Matthew. (Page 506) [These days were kept as feast days among the Jews; and it was called one feast day, not because it was over in one day, but because it was kept up by a continued festivity]
[71] John Gill’s Exposition of the Entire Bible – John 7.10 [then went he also up unto the feast; the Ethiopic version reads, “he went up that day”; which is very likely, and no ways contrary to what is said, in Joh_7:14; for though he did not go up to the temple to teach, till the middle of the feast, he might be up at the feast sooner: and according to the law, it was necessary that he should be there on the first and second days.]
[72] تستطيع الإطلاع على هذه المراجع:
• رهبان دير القديس أنبا مقار: قواعد اللغة اليونانية للعهد الجديد – الدرس الأول – زمن المضارع المبني للمعلوم في الصغية الإخبارية – صـ7
• الأستاذ صموئيل كامل والدكتور موريس تاوضروس: اللغة اليونانية للعهد الجديد – الطبعة الثالثة – صـ25
• القمص ببنوده الأنبا بيشوى: يوناني العهد الجديد – شرح مبسط لقواعد اللغة اليونانية للعهد الجديد – طبعة ثانية منقحة ومزيدة – صـ28
• Daniel B Wallace: The Basics of New Testament Syntax – The Present Tense – Page 219
• J. Gresham Machen: New Testament Greek for Beginners – Present Active Indicative – Page 21,22
[73] محمود زيادة: قواعد اللغة العربية تيسير وتخفيف – صـ10 (الفعل المضارع يدل على المستقبل أيضاً).
[74] S. W. Whitney: The Revisers’ Greek Text – Volume II – Page 33 to 36
[75] [Documentary testimony as well as intrinsic probability here preponderates in favor of the accepted reading ; for it is incredible that Jesus said “I am not going up to this feast,” and yet, immediately after, went up. At the same time, there is no probability that any transcriber intentionally or knowingly changed “not yet” to “not” The probability from this point of view is wholly the other way. So that many able critics consider “not” to be really the evangelist’s word, and “not yet” to have been introduced in its place in order to reconcile the utterance of Jesus with recorded facts.]
[76] [It will not do to say, with some, that the difference in meaning, caused by the omission of “yet” is immaterial; that the verb is in the present, and that therefore Jesus really means “I go not up at present” leaving it uncertain whether or not he intended to go up later. Such a meaning cannot, by any fair interpretation of the words, be given to them if Jesus really said “I go not up to this feast” This is an absolute disclaiming of any intention to be present at that feast; the negative applies not to the idea of time, but to that of going as connected with this particular feast. In the phrase “not yet” however, the negative refers directly to the time expressed by the enclitic, and not to the meaning of the verb except through “yet”.]
[77] [The supposition that Jesus said “I go not up to this feast” with some such unexpressed, underlying thought as “with you” or “publicly” or “as the Messiah” or “for the purpose for which you would have me go” is utterly inadmissible. It is not like Christ. Nor can we conclude that he was bidden by the Spirit to go sooner than he expected, and for this reason went, though he had said he was not going. Such a view is inconsistent with his manifestly constant fullness of the Spirit and possession of divine prescience. Nor can the supposition be admitted that Jesus, for some other reason, or in any respect, changed his mind. We have no evidence that he changed his intention on any other occasion, not even during his interview with the Syrophenician woman, nor as he drew near to Emmaus on the evening after his resurrection. Nor can we take his words in the sense of “I am not going up to observe this feast, but for another purpose.” This would misplace the negation [“I am going up not to observe” etc.], and render unmeaning the words that follow. Besides, the idea of observance does not lie in the words ” unto the feast” either in this or any other place.]
[78] [These are all mere shifts to find a good meaning in a false reading occurring in documents which some seem disposed to consider as incapable of uniting in a false reading, especially if that reading is a hard one. — The Savior, no doubt, said just what he meant when he declared : “I am not yet going up to this feast” ; and the entire connection is in accord with this declaration. His brethren evidently comprehended his meaning. They expressed no surprise whatever in seeing him at the feast, which would hardly have been the case had he said he was not going thither.]
[79] [Now, as Dr. Hort very truly says, “all conflicts between intrinsic and transcriptional probability arise from the imperfection of our knowledge.” If we knew the real character of many of the transcribers of the old manuscripts of the New Testament, and realized their unfitness for the task they were engaged in, we might have less confidence in the result of their labors, and the testimony of their manuscripts. Let us see what are our leading witnesses in favor of “not.” (i) The Sinaitic Codex, which gives evidences from beginning to end of having been carelessly written, “the whole manuscript being disfigured by corrections” and (2) the Codex Bezae, which has confessedly a “singularly corrupt text” and is in many respects a very untrustworthy witness.]
[80] Nestle, E., Nestle, E., Aland, K., Aland, B., & Universität Münster. Institut für Neutestamentliche Textforschung. (1993, c1979). Novum Testamentum Graece. At head of title: Nestle-Aland. (27. Aufl., rev.). Stuttgart: Deutsche Bibelstiftung.
[81] Bruce M. Metzger & Bart D. Ehrman: The Text Of The New Testament Its Transmission, Corruption, And Restoration – Fourth Edition – Page 68 [Unfortunately, the beauty of the original writing was spoiled by a later corrector, who traced over every letter afresh, omitting only those letters and words that he believed to be incorrect.]
[82] راجع هذا البحث للمزيد من المعلمات: http://alta3b.wordpress.com/2009/10/23/jn17-15
[83] Bart D. Ehrman: Misquoting Jesus – Page 9 [I was pretty sure Professor Story would appreciate the argument, since I knew him as a good Christian scholar who obviously (like me) would never think there could be anything like a genuine error in the Bible. But at the end of my paper he made a simple oneline comment that for some reason went straight through me. He wrote: “Maybe Mark just made a mistake.” I started thinking about it, considering all the work I had put into the paper, realizing that I had had to do some pretty fancy exegetical footwork to get around the problem, and that my solution was in fact a bit of a stretch. I finally concluded, “Hmm … maybe Mark did make a mistake.”]
[84] هذه الأخت قامت بترجمة أجزاء كثيرة جداً وكبيرة من البحث, بالله عليكم اسألكم الدعاء لها بكل خير, حفظ الله لنا جميع من يعاونونا على الدعوة لدين الله عز وجل