هل يشهد ابْنُ الأثير بسب معاوية لعلي؟!
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آلِهِ وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذه حلقة جديدة مِنْ سِلْسِلَة صورة وتعليق نبين فيها جهل أحد الأباضية الذين يهرفون بما لا يعرفون ، ويفترون على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالروايات المكذوبة !
يقول الأباضي:
ولأن الأباضية مثل الرافضة في مستوى جهلهم بالعلوم الإسلامية وطريقة تصنيف الكتب ، لا سيما كتب التاريخ فنحن مضطرون للتوضيح والتصحيح كما تعودنا في قناتنا ومدونتنا !!
فكالعادة لا يعلم الأباضي أن ابن الأثير ما هو إلا ناقل من كتاب تاريخ الأمم والملوك لأبي جعفر: محمد بن جرير الطبري رحمه الله، ولم يشترط ابن الأثير الصحة فيما ينقله !!
بل قال ابْنُ الأثير عَن نفسه:
[ ولكن أقول إني قد جمعت في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتاب واحد ومن تأمله علم صحة ذلك فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنفه الإمام أبو جعفر الطبري إذ هو الكتاب المعول عند الكافة عليه والمرجوع عند الاختلاف إليه فأخذت ما فيه من جميع تراجمه .. ].(1)فابن الأثير نقل هذه الرواية من تاريخ الطبري ، والطبري نفسه لم يقل إن كل ما في كتابه صحيح ، بل قال :
[ فَمَـا يَكُنْ فِي كِتَابِي هَذَا مِنْ خَبَرٍ ذَكَرْنَاهُ عَنْ بَعْضِ الْـمَـاضِينَ، مِمَّا يَسْتَنْكِرُهُ قَارِئُهُ، أَوْ يَسْتَشْنِعُهُ سَامِعُهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ لَهُ وَجْهاً فِي الصِّحَّةِ وَلَا مَعْنَى فِي الْـحَقِيقَةِ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِنَا، وَإِنَّمَـا أُتِىَ مِنْ قَبَلِ بَعْضِ نَاقِلِيهِ إِلَيْنَا، وَأنَّا إِنَّمـَا أَدَّيْنَا ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ مَا أُدِّيَ إِلَيْنَا ].(2)فإذا كان صاحب المصدر الأصلي للروايات يقول إنه لم يشترط الصحة فكيف جعلها الأباضي شهادة منه على صحة الرواية ؟!
فشيخهم الأباضي علي الحجري بنفسه بنقل هذا الاقتباسِ الرَّائِعِ من تاريخ الطبري ثم عَقَّبَ عليه قائِلًا:
[ هذا هو قولُ الإمامِ الطَّبَريِ، ولكن مما يؤسف له أن الْكُتَّابَ والمؤرخين الذين اعتمدوا على تاريخَ الطبريِّ كمصدرٍ أساسيٍّ لبحوثهم لم يلتفتوا لهذا الشرطِ الذي اشترطه على من أراد النقل من تاريخه، فقد جعلوا من عدالة الإمام الطبري عُذْرًا للأخذ بما في تاريخه بدون تدقيق ولا تمحيص للروايات من حيث السند والمتن. والقارئ لتاريخ الطبري يجد الكثير من رواياته جاءت من طرق رواة كذابين كأمثال سيف بن عمر التميمي، وأبي مخنف لوط بن يحيى ومحمد بن عمر الواقدي وغيرهم. وإنه لمن الظلم حقاً للإمام الطبري أن تنسب إليه هذه الأقوال لمجرد أنها وجدت في تاريخه ].(3)الغريب في الأمر أن محققي الأباضية المعاصرين يرفضون بعض ما يذكره ابن الأثير لأنه يتعارض مع عقائدهم ويكشف حقيقة أجداهم الخوارج الأوائل من أهل النهروان !!
ولكن يبدو أن الأباضي لا يعرف هذا ، لأنه لم لكن لديه وقت لقراءة كتبهم ومعرفة آخر ما توصل له علماؤهم ومحققوهم!!
ولعله يَدَّخِر وقته كله للقراءة في الروايات الضعيفة والمنكرة ثم يعرضها للناس على أنها حقائق التاريخ !!!!
وسيلاحظ القارئ الكريم أن الأباضي علي الحجري ذكر ثلاثة من الرواة الكذابين ومنهم أبو مخنف لوط بن يحيى !!
والرواية التي يحتج بها الأباضي من طريق أبي مخنف لوط بن يحيى الكذاب الذي يعترف علماء الأباضية أنه كذاب !!
فقد قال الطبري في أول الرواية: [ قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي أَبُو جناب الكلبي أن عمرا وأبا مُوسَى حَيْثُ التقيا بدومة الجندل .. ].(4)
فطالما أن مشايخ الأباضية يعترفون أن أبا مخنف كذاب ؛ فلماذا يستدل الأباضي بروايته ؟!
إذا كان الأباضي صاحب الصورة لا يعرف أن الرواية من طريق شخص كذاب واستدل بها فهو جاهل يحتاج أن يتعلَّمَ ، وإذا كان يعرف ومع ذلك استدل بها فسأترك الحكم عليه للقارئ الكريم.
والحمد لله رب العالمين ،،،،
مراجع البحث:
(1) الكامل في التاريخ ج1 ص7، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
(2) تاريخ الرسل والملوك ج1 ص8 ، ط دار المعارف – القاهرة, ت: محمد أبو الفضل إبراهيم.
(3) الإباضية ومنهجية البحث عند المؤرخين وأصحاب المقالات ص73، ط مكتبة الجيل الواعد – مَسْقَط.
(4) تاريخ الرسل والملوك ج5 ص71 ، ط دار المعارف – القاهرة, ت: محمد أبو الفضل إبراهيم.