هل الله مش متأكد من اعتقاد النصارى؟ رداً على شبهة رُّبَمَا يَوَدُّ!
رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)
هل كلمة ربما هنا تعنى ان الله غير متأكد حاشاه ؟! بقلم : نور طارق
الجــواب :
لو المعنى أنه سبحانه غير متأكد والنبى هو اللى مألف القرآن (بحسب زعمهم) يبقا أكيد لن يقول ان إلهه غير متأكد لأنه يعلم الغيب !! لكن بالعكس نجد ان القرآن أكّد ذلك فى آيات اخرى كثيرة فقال أن الله متأكد يقينا ان الكفار سوف يودّون يوم القيامة أنهم كانوا مسلمين في الدنيا لكي ينجو من العذاب على سبيل المثال :
قوله تعالى : (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين)
هنا تأكيد واضح بأنهم سيفعلون ذلك بالفعل ويندمون! فالله يعلم يقينا انهم سيفعلون ذلك !
وأما كلمة ربما يود الذين كفروا لو كانوا مؤمنين فهذه نصيحة وتهديد لهم من الله قبل ان ينتهي مصيرهم , فيقول الله لهم : ألا تضعون فى حسبانكم أبدا انكم ربما (بمعنى قد) يحدث ذلك لكم وتقفون يوم القيامة في جهنم وتودّون لو أنكم كنتم في الدنيا مسلمين ؟ فعلى اساس انكم غير متيقنين من مصيركم الأخروي شيئا , فضعوا في حسبانكم أنكم ربما يحصل لكم ما وعد به الله فى القرآن بحسب منطقكم وسيحصل يقينا بحسب منطقنا .
والدليل على ذلك من لسان العرب :
تفسير الكشاف للزمخشري — الزمخشري (٥٣٨ هـ)
فإن قلت: فما معنى التقليل؟ (يعني ما معنى ربما هل هو للشك؟) قلت: هو وارد على مذهب العرب في قولهم : لعلك ستندم على فعلك، وربما ندم الإنسان على ما فعل، ولا يشكون في تندمه، ولا يقصدون تقليله، ولكنهم أرادوا: لو كان الندم مشكوكا فيه أو كان قليلا لحق عليك أن لا تفعل هذا الفعل، لأنّ العقلاء يتحرّزون من التعرّض للغم المظنون، كما يتحرّزون من المتيقن ومن القليل منه، كما من الكثير، وكذلك المعنى في الآية: لو كانوا يودّون الإسلام مرة واحدة، فبالحرى أن يسارعوا إليه
(١) قال محمود: «إن قلت: ما معنى تقليل ودادتهم … الخ» ؟ قال أحمد: لا شك أن العرب تعبر عن المعنى بما يؤدى عكس مقصوده كثيراً، ومنه قوله:
قد أترك القرآن مصفراً أنامله
وإنما يمتدح بالإكثار من ذلك، وقد عبر بقد المفيدة للتقليل، ومنه والله أعلم. وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ والمقصود توبيخهم على أذاهم لموسى عليه السلام على توفر علمهم برسالته ومناصحته لهم
https://tafsir.app/kashaf/15/2
التحرير والتنوير — ابن عاشور (١٣٩٣ هـ)
والتَّقْلِيلُ هُنا مُسْتَعْمَلٌ في التَّهَكُّمِ والتَّخْوِيفِ، أيِ: احْذَرُوا ودادَتَكم أنْ تَكُونُوا مُسْلِمِينَ، فَلَعَلَّها أنْ تَقَعَ نادِرًا كَما يَقُولُ العَرَبُ في التَّوْبِيخِ: لَعَلَّكَ سَتَنْدَمُ عَلى فِعْلِكَ، وهم لا يَشُكُّونَ في تَنَدُّمِهِ، وإنَّما يُرِيدُونَ أنَّهُ لَوْ كانَ النَّدَمُ مَشْكُوكًا فِيهِ لَكانَ حَقًّا عَلَيْكَ أنْ تَفْعَلَ ما قَدْ تَنَدَمُ عَلى التَّفْرِيطِ فِيهِ لِكَيْ لا تَنْدَمَ؛ لِأنَّ العاقِلَ يَتَحَرَّزُ مِنَ الضُّرِّ المَظْنُونِ كَما يَتَحَرَّزُ مِنَ المُتَيَقَّنِ.
والمَعْنى أنَّهم قَدْ يَوَدُّونَ أنْ يَكُونُوا أسْلَمُوا ولَكِنْ بَعْدَ الفَواتِ.
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ودَّ كُفّارُ قُرَيْشٍ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ رَأوْا نَصْرَ المُسْلِمِينَ، ويَتَمَنَّوْنَ ذَلِكَ في الآخِرَةِ حِينَ يُساقُونَ إلى النّارِ لِكُفْرِهِمْ، قالَ تَعالى ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٧]، وكَذَلِكَ إذا أُخْرِجَ عُصاةُ المُسْلِمِينَ مِنَ النّارِ ودَّ الَّذِينَ كَفَرُوا في النّارِ لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ، عَلى أنَّهم قَدْ ودُّوا ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وكَتَمُوهُ في نُفُوسِهِمْ عِنادًا وكُفْرًا؛ قالَ تَعالى ﴿ولَوْ تَرى إذْ وُقِفُوا عَلى النّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ ولا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا ونَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ [الأنعام: ٢٧] ﴿بَلْ بَدا لَهم ما كانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ﴾ [الأنعام: ٢٨]، أيْ: فَلا يُصَرِّحُونَ بِهِ.
https://tafsir.app/ibn-aashoor/15/2
المحرر الوجيز لابن عطية — ابن عطية (٥٤٦ هـ)
قالَ الكِسائِيُّ، والفِراءُ: البابُ في “رُبَّما” أنْ تَدْخُلَ عَلى الفِعْلِ الماضِي، ودَخَلَتْ هُنا عَلى المُسْتَقْبَلِ إذْ هَذِهِ الأفْعالُ المُسْتَقْبَلَةُ مِن كَلامِ اللهِ تَعالى لَمّا كانَتْ صادِقَةً واقِعَةً ولا بُدَّ تَجْرِي مَجْرى الماضِي الواقِعِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
وقَدْ تَدْخُلُ “رُبِّ” عَلى الماضِي الَّذِي يُرادُ بِهِ الِاسْتِقْبالُ، وتَدْخُلُ عَلى العَكْسِ.
https://tafsir.app/ibn-atiyah/15/2
البسيط للواحدي — الواحدي (٤٦٨ هـ)
فإن قيل (رب) موضوعة للتقليل وهي في التقليل نظيرة(٣٥) (كم) في التكثير، وإذا قال الرجل: ربما زارنا فلان، دلّ بربما على تقليل الزيارة، وتمني الكافر الإسلام يكثر ويتصل فلا يشاكله ربما؟
قال ابن الأنباري: هذا الكلام معناه من الله التهديد، والمعنى: أن هذا لو كان مما يتمنى مرة واحدة من الدهر لكانت المسارعة إليه عند الإمكان واجبة، فكيف والتمني له يتصل ويكثر(٣٦)، وإنما خوطبت العرب في القرآن بما تعقله، والرجل يتهدَّدُ صاحبه فيقول له: لعلك ستنْدَمُ على فعلك، وهو لا يشك في أنه يندم، ويقول: ربما تندم على هذا، وهو يعلم أنه يندم كثيرًا، ولكن مجازه أن هذا لو كان يخاف منه ندم قليل، لكان تركه واجبًا، فكيف إذا لم يتيقن قلة الندم من جهته؟ والدليل على أن هذا ورد في التهدد قوله بعده: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا﴾ الآية، وهذا كله معنى قول الزجاج، قال: وجائز أن تكون أهوال القيامة تشغلهم عن التَّمَنّي، فإذا أفاقوا من سكرةٍ من سكراتِ العذاب ودّوا ذلك(٣٧)، وعبَّر بعض أهل المعاني عن هذين الجوابين بعبارة وجيزة؛ فقال في الجواب الأول: التقليل أبلغ في التهدد، كما يقول: ربما ندمت على هذا، وهو يعلم أنه يندم ندمًا طويلًا أي: يكفيك قليلُ الندم فكيف كثيرُهُ، وقال في الجواب الثاني: إنه يشغلهم العذاب عن تمني ذاك إلا في القليل
https://tafsir.app/albaseet/15/2
ربما قالها الرب ايضا فى الكتاب المقدس بل قال لعلّ التي تفيد الشك :
(سفر التكوين 3: 22) وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ».
لعله ؟
(سفر إشعياء 47: 6) «غَضِبْتُ عَلَى شَعْبِي. دَنَّسْتُ مِيرَاثِي وَدَفَعْتُهُمْ إِلَى يَدِكِ. لَمْ تَصْنَعِي لَهُمْ رَحْمَةً. عَلَى الشَّيْخِ ثَقَّلْتِ نِيرَكِ جِدًّا.
(12) «قِفِي فِي رُقَاكِ وَفِي كَثْرَةِ سُحُورِكِ الَّتِي فِيهَا تَعِبْتِ مُنْذُ صِبَاكِ، رُبَّمَا يُمْكِنُكِ أَنْ تَنْفَعِي، رُبَّمَا تُرْعِبِينَ.
ففى اللغة العربية تأتى كلمة رب ما بمعنى :
رُبَّ : (اسم)
حَرْفُ جَرٍّ، تَدْخُلُ عَلَى النَّكِرَاتِ وَهِيَ بِحُكْمِ الزَّائِدِ لاَ تَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ، وَتُفِيدُ : التَّقْلِيلَ : رُبَّ مَنِيَّةٍ فِي أُمْنِيَةٍ او التَّكْثِيرَ : يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ في الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ القِيامَةِ (حديث) وَمِنْ أحْكَامِهَا : أ أنْ تَكُونَ النَّكِرَةُ بَعْدَهَا مَوْصُوفَةً لِيَصِحَّ الابْتِدَاء بِهَا حَيْثُ لاَ يَجُوزُ أنْ يَسْبِقَهَا إلاَّ ألاَ الاسْتِفْتَاحِيَّةُ وَيَا التَّنْبِيهِيَّةُ ألاَ رُبَّ مُصِيبَةٍ اِعْتَرَضَتْنِي يَا رُبَّ عَالِمٍ اِسْتَفَادَ فَنَشَرَ عِلْمَهُ ب تَدْخُلُ عَلَيْهِمَا مَا الزَّائِدَةُ فَتَنْقَطِعُ عَنِ الجَرِّ : ج رُبَّمَا الْمُسَافِرُ وَاصِلٌ درُبَّمَا وَصَلَ الْمُسَافِرُ
تفسير الطبري :
فإذا قلت : ربما قام زيد فكأنك قللت النسبة المفهومة من قيام زيد ، وكذلك إذا قلت ربما زيد شاعر ، قللت نسبة شعر زيد
إنتهى.