أديان وفرق ومذاهبالإلحاد

هل الله شرير؟

لماذا سمح الله بوجود الشر| الجزء الثاني

هل الله شرير؟ أم أنه الخير المطلق؟

سنقوم بتفكيك الاعتراض ذاته، فقبل أن تعترض أيها الكافر بوجود الشر يجب أن نُعرِّف أصلاً ما هو الشر، ثم نعرف أنواعه، ثم نفهم أنواع الموجودات حتى نفهم هل الشر في فعل الخالق أم المخلوق،

أولاً: ما هو الشر؟

قبل أن يفتح البكتيريا فمه بالاعتراض على مشكلة الشر فيجب عليه أولاً أن يُعرِّف لنا ما هو الشر، الملحد حينما يعترض بوجود الشر فهو يعترض من اعتقاده وظنه أن الشر كائناً قائماً بذاته يعيث في الأرض فساداً، وهذا واحد من أكبر المغالطات المنطقية والتي تسمى بمغالطة التشئ أو التشيئ وهي جعل ما ليس شيئاً بشئ.

الشر يا إخوة ليس مادة تُحَس ولا جسماً يُجَس، وإنما هو مجرد نتيجة لتصرف لم يكن على الوجه الصحيح، وعلى هذا فالشر صفة يتصف بها الشئ وليس هو شئ في ذاته.

وكما أسلفنا في مقالنا السابق من كون الخير في الوجود هو الأصل فإضافة أصلية الخير بجانب كون الشر نتيجة عارضة وليس شيئاً قائماً بذاته يتضح لنا بشكل جلي أنه لا وجود لشر محض أو شر مجاني في هذا الكون، فالأصل في الكون هو الخير والشر عارض عليه، وعلى هذا فأي عارض يحدث في الكون الذي هو الخير فيه هو الأصل فهذا الشر العارض سيكون شراً من وجه وخيراً من وجه آخر.

ثانياً: أنواع الشر.

الشر يا إخوة نوعان:-

  • شر عدمي.
  • شر وجودي.

الشر العدمي هو انعدام وجود أساسيات للشئ في وجوده كانعدام الغذاء للإنسان، كما أنه من الممكن أن يكون انعدام كماليات يستطيع الإنسان أن يبقى حياً بدونها ولكنها ستسبب له نقصاً شديداً كانعدام حريته مثلاً، هذا هو الشر العدمي.

أما الشر الوجودي فهو وجود ما سيؤدي إما لانعدام أساسيات كوجود الفكر الإلحادي الذي تسبب بقتل الملايين، أو وجود ما يؤدي لانعدام كماليات كوجود الفكر الاشتراكي الإلحادي الذي أدى بالناس لانعدام حريتهم.

وبناءً على هذا التقسيم نستطيع أن نقول أنه لا يوجد شر محض في العالم، فالشر في حالة الشر العدمي هو أثر عن غياب وانعدام أشياء هي أصلاً خير، وهذا الانعدام لا تكون كل مآلاته شراً، فالشر كما أسلفنا هو إضافي على الأصل والذي هو الخير، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك شر محض، ونفس الأمر عن الشر الوجودي، وغياب أوجه الخير عن عقولنا ليس معناه عدم وجود هذه الأوجه فعلاً، فلا أحد يستطيع أن ينكر أن سم الثعبان هو مصدر أساسي للدواء، ففي الماضي كانوا يجهلون هذا، ولكنهم الآن يدركونه.

ثالثاً: أنواع الموجودات.

الموجودات يا إخوة ثلاثة:-

  • خير محض.
  • شر محض.
  • خير من وجه وشر من وجه.

الشر المحض ليس موجوداً في عالمنا، فكل ما هو ظاهرياً شر فهو له أوجه كثيرة أخرى من الخير قد تعلمها وقد لا تعلمها، والخير اامحض أيضاً غير موجود سوى الله وحده هو الخير المحض، وأما باقي الكون وباقي الموجودات فهي خير من وجه وشر من آخر.

رابعاً: الشر في المخلوقات لا في فعل الخالق.

خلق الله عز وجل الكون، وجعل سبحانه الأصل فيه هو الخير، ولكن لا معنى للخير بدون وجود القدرة على فعل عكسه، فالإحسان للحاكم الظالم ليس خيراً وذلك لانعدام القدرة على أذيته وإنما الإحسان للحاكم الظالم يكون بدوافع أخرى غير الخير والرغبة في فعله، فقط عند القدرة على فعل الشر وليس الفعل نفسه، يكون للخير معنى، يكون هناك خير.

ولهذا خلق الله الإنسان بقدرته على فعل الشر ولم يتركه، بل خلق فيه الفطرة و وضع فيه المبادئ الأخلاقية، وحبب إليه فعل الخير وأبغض إليه فعل الشر، ثم أنزل شريعته فدله فيها على أبواب كثيرة للخيرة لا يتفطن لها، ثم دله فيها على طرق الحفاظ على فطرته الخيرة، ثم وضع له فيها جوائز إن ابتعد عن فعل الشر، وعقوبات إن فعله، وليس هذا فقط بل وضع له جوائز إن صبر على شر أو ضرر وقع عليه، ثم أخبره بيوم القيامة الذي سيحاسب فيه على فعله الخير أو الشر، وبعد هذا كله اختار بعض البشر فعل الشر، فقدر الله أنه ما من شر يقع إلا ويكون له من أوجه أخرى خير، وعلى هذا فالله لا يفعل الشر وإنما بعض مخلوقاته فعلته.

زر الذهاب إلى الأعلى