يدعي الملحد أن كل شيء له سبب؛ فلماذا لا ينطبق الأمر على الخالق ذاته ؟
أولاً: كل شيء له سبب، وهذا لا يمنع وجود خالق بل يؤكد وجوده، فلماذا يقوم الملحد بترحيل قضية كفره إلى هذا السؤال السفسطي؟
وكأن إلحاده ليس حل في ذاته وإنما هو موقف وقتي إلى حين إيجاد حل لهذا السؤال .
ثانيًا: كل شيء له سبب، لكن الله ليس كمثله شيء {ليس كمثله شيء } ﴿١١﴾ سورة الشورى.
ثالثًا: الحل الديني لهذه المسألة ذكي وبسيط ويستوعبه أي عاقل فالخالق غيب ولا ينطبق عليه ما ينطبق على مخلوقاته، وبالتالي فبديهة أن كل شيء يجب أن يكون له سبب لا تتعارض مع من ليس كمثله شيء.
والخالق خارج حدود الزمان والمكان وموجد الزمان والمكان، فلا تنطبق عليه قوانين موجوداته بداهًة.
رابعًا: الحل الذي يقول بالتسلسل اللانهائي ممتنع عقلاً، ونسوق هنا مثال الجندي و الرصاصه ” لو كان هناك جندي يريد إطلاق رصاصة و لكن يحتاج لأمر من قائد أعلى منه، والقائد يحتاج لأمر من قائد أعلى منه الخ الى ما لانهاية، فلن تنطلق الرصاصه أبدًا .”
والمثال يبين كون التسلسل السببي إلى ما لانهايه ممتنع، ويجب وجود سبب أول لا سبب له بدأ السلسلة، هذا واجب عقلي ومنطقي، وعليه فهذا السبب بالتأكيد ليس كمثل أي شيء – ميتافيزيقي-.
خامسًا: الطرح الديني في هذه القضية هو الطرح الأكثر منطقية وعقلانية والأكثر إحكامًا، فوجود خالق ليس من هذا الكون وليس كمثله شيء أزلي موجد للكون وخالق له هو الحل الأقرب للعقل. لكن قد يدعي الملحد أن معرفة القانون تُغني عن وجود المقنن.
الرد: قمنا بالرد على هذا الادعاء منذ قليل وقلنا أن: القانون لا يغني عن المقنن، ونُضيف هنا خطأ منطقي في السؤال، فافتراض أن القانون يُغني عن المقنن هذا فيه خلط بين السبب الأول والآلية، هذا يشبه الخلط بين آلية قانون الاحتراق الداخلي للسيارة ومصممها مستر فورد فهذا خلط بين مستويات مختلفة وليس بين بدائل وهذا يُعرف بالخطأ الطبقي category error . فالقوانين احتاجت من يكتبها ومَن يُخرجها إلى الوجود ومَن يمدها بفاعليتها واستمراريتها ثم إن المادة لم تنتجها القوانين بل العكس هو الحاصل. فالقوانين هي توصيف رياضي لما يمكن أن يحدث تحت ظروف معينة، فالقانون يتبع ظهور المادة، وهو يحتاج إلى ركنين أساسيين: الزمن الذي يطبق فيه القانون فاعليته، والشيء المادي الذي يطبق فيه القانون عمله، والوجود جاء من اللازمان واللامكان، أي لم يكن ثمة قانون سابق.