أخرىأديان وفرق ومذاهبشبهات عقائديةمقالاتمقالات أخرى

من أقوال السلف في مسائل متفرقة في التوحيد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فللسلف رحمهم الله أقوال كثيرة في مسائل متفرقة في التوحيد، اخترت بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

التوحيد أول واجب على العباد:

قال الإمام السفاريني رحمه الله:

أول واجب على العبيد … معرفة الإله بالتسديد

قال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: التوحيد أول واجب…يبدأ به قبل كل شيء حتى الصلاة.

قال العلامة عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله: توحيد العبادة هو أول واجب؛ لأنه أساس الملة، وأصل دين الإسلام.

قال الشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم رحمه الله: أول واجب يجب على المكلف شهادة أن لا إله إلا الله، لا النظر، ولا القصد إلى النظر، ولا الشك، كما هي أقوال أرباب الكلام المذموم، بل أئمة السلف كلهم متفقون على أن أول ما يؤمر به العبد الشهادتان، فالتوحيد أول ما يُدخِل في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا.

قال الشيخ عبدالله بن محمد الغنيمان في شرحه لحديث بعث معاذ: التوحيد…هو أول واجب على العباد لا كما يقول أهل الكلام من المعتزلة، والأشعرية وغيرهم: أن أول ما يجب على العبد النظر في الأدلة العقلية على وجود الله تعالى أو القصد إلى النظر أو الشك، فهذا الحديث وغيره من نصوص الكتاب والسنة يبطل هذا الزعم الخاطئ.

تحقيق التوحيد:

قال العلامة السعدي رحمه الله: تحقيق التوحيد تهذيبه وتصفيته من الشرك الأكبر والأصغر، ومن البدع القولية الاعتقادية، والبدع الفعلية العملية، ومن المعاصي، وذلك بكمال الإخلاص لله في الأقوال والأفعال والإرادات، وبالسلامة من الشرك الأكبر المناقض لأصل التوحيد، ومن الشرك الأصغر المنافي لكماله، وبالسلامة من البدع والمعاصي التي تكدر التوحيد، وتمنع كماله وتعوقه عن حصول آثاره، فمن حقق توحيده بأن امتلأ قلبه من الإيمان والتوحيد والإخلاص، وصدقته الأعمال بأن انقادت لأوامر الله طائعة منيبة مخبتة إلى الله، ولم يجرح ذلك بالإصرار على شيء من المعاصي، فهذا الذي يدخل الجنة بغير حساب، ويكون من السابقين إلى دخولها، وإلى تبوء المنازل منها، ومن أخصِّ ما يدل على تحقيقه: كمال القنوت لله، وقوة التوكُّل على الله بحيث لا يلتفت القلب إلى المخلوقين في شأن من شؤونه، ولا يستشرف إليهم بقلبه، ولا يسأله بلسانه مقاله أو حاله، بل يكون ظاهره وباطنه وأقواله وأفعاله وحبه وبغضه وجميع أحواله كلها مقصودًا بها وجه الله، متبعًا فيها رسول الله، والناس في هذا المقام درجات ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾ [الأحقاف: 19] وليس تحقيق التوحيد بالتمني ولا بالدعاوى الخالية من الحقائق، ولا بالحلي العاطلة؛ وإنما ذلك بما وقر في القلوب من عقائد الإيمان وحقائق الإحسان وصَدَّقته الأخلاق الجميلة، والأعمال الصالحة الجليلة.

قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: تحقيقه، هو أن يخلص توحيده من الشوائب؛ شوائب الشرك والبدع، فتحقيقه تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، فهذا هو التحقيق: أن يخلص توحيده ويصفيه، حتى لا يكون في توحيده وإخلاصه لله شرك ولا بدعة ولا معصية.

قال العلامة عبدالرحمن بن محمد بن قاسم رحمه الله: تحقيق التوحيد قدر زائد على ماهية التوحيد وتحقيقه من وجهين: واجب ومندوب، فالواجب تخليصه وتصفيته عن شوائب الشرك والبدع والمعاصي، فالشرك ينافيه بالكلية، والبدع تنافي كماله الواجب، والمعاصي تقدح فيه وتنقص ثوابه، فلا يكون العبد محققًا للتوحيد حتى يسلم من الشرك بنوعيه، ويسلم من البدع والمعاصي، والمندوب تحقيق المقربين، تركوا ما لا بأس به حذرًا مما به بأس، وحقيقته هو انجذاب الروح إلى الله فلا يكون في قلبه شيء لغيره.

قال العلامة العثيمين رحمه الله: تحقيق التوحيد: تخليصه من الشرك، ولا يكون إلا بأمور ثلاثة:

الأول: العلم، فلا يمكن أن تحقق شيئًا قبل أن تعلمه.

الثاني: الاعتقاد فإذا علمت ولم تعتقد واستكبرت لم تحقق التوحيد.

الثالث: الانقياد فإذا علمت واعتقدت ولم تنقد لم تحقق التوحيد.

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ: تحقيق التوحيد يرجع إلى ثلاثة أشياء:

الأول: ترك الشرك بأنواعه: الأكبر، والأصغر، والخفي.

الثاني: ترك البدع بأنواعها.

الثالث: ترك المعاصي بأنواعها.

فيكون تحقيق التوحيد على هذا على درجتين: درجة واجبة، ودرجة مستحبة، وعليه يكون الذين حققوا التوحيد على درجتين أيضًا: فالدرجة الواجبة: أن يترك ما يجب تركه من الأشياء الثلاثة التي ذكرت، فيترك الشرك خفيَّه وجليَّه، صغيرَه وكبيرَه، ويترك البدع، ويترك المعاصي، وهذه درجة واجبة.

والدرجة المستحبة في تحقيق التوحيد -وهي التي يتفاضل فيها الناس الذين حققوا التوحيد أعظم تفاضل- وهي ألا يكون في القلب شيء من التوجه أو القصد لغير الله جل وعلا، يعني: أن يكون القلب متوجهًا إلى الله بكليَّته، ليس فيه التفات إلى غير الله، فيكون نطقه لله، وفعله وعمله لله، بل وحركة قلبه لله جل وعلا، وقد عبَّر عنها بعض أهل العلم- أعني هذه الدرجة المستحبة – بقوله: أن يترك ما لا بأس به حذرًا مما به بأس، يعني: في مجال أعمال القلوب، وأعمال اللسان، وأعمال الجوارح.

تفاوت الناس في التوحيد:

قال العلامة السعدي رحمه الله: الناس في التوحيد على درجات متفاوتة بحسب ما قاموا به من معرفة الله، والقيام بعبوديته، فأكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل أسماء الله وصفاته وأفعاله وآلائه، ومعانيها الثابتة في الكتاب والسنة، وفهمها فهمًا صحيحًا، فامتلأ قلبه من معرفة الله، وتعظيمه، وإجلاله، ومحبته، والإنابة إليه، وانجذب جميع دواعي قلبه إلى الله تعالى، متوجهًا إليه وحده لا شريك له.

ووقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الإيمان والإخلاص التام، الذي لا يشوبه شيء من الأغراض الفاسدة، فاطمأن إلى الله تعالى معرفةً، وإنابةً، وفعلًا، وتركًا، وتكميلًا لنفسه، وتكميلًا لغيره، بالدعوة إلى هذا الأصل العظيم، فنسأل الله من فضله وكرمه أن يتفضَّل علينا بذلك.

معرفة التوحيد تؤخذ من نصوص الكتاب والسنة:

قال الشيخ عبدالله بن محمد الغنيمان: معرفة التوحيد الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا أمته إليه، لا يمكن الوصول إليه إلا بما جاء به صلى الله عليه وسلم من كتاب الله تعالى، وسنته التي هي شارحة ومبينة لكتاب الله.

علم التوحيد أجلُّ العلوم وأفضلها وأشرفها:

قال الإمام الذهبي رحمه الله: قال شيخ الإسلام الأنصاري: سمعت يحيى بن عمار يقول: العلوم خمسة: علم هو حياة الدين؛ وهو علم التوحيد، وعلم هو قوت الدين؛ وهو علم العظة والعبرة، وعلم هو دواء الدين؛ وهو الفقه، وعلم هو داء الدين؛ وهو أخبار فتن السلف، وعلم هو هلاك الدين؛ وهو علم الكلام. وأراه ذكر النجوم.

قال العلامة العثيمين رحمه الله: علم التوحيد أشرف العلوم، وأجلُّها قدرًا، وأوجبها مطلبًا؛ لأنه العلم بالله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وحقوقه على عباده، ولأنه مفتاح الطريق إلى الله تعالى، وأساس شرائعه.

قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: أجَلُّ العلوم وأصل الأصول هو علم التوحيد، الذي موضوعه معرفة الله تعالى بآياته وأسمائه وصفاته، والقيام بعبوديته، وإثبات ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله من صفات الكمال ونعوت الجلال، وتنزيهه عما نزَّه عنه نفسه أو نزَّهه عنه رسوله من صفات النقص والعيب، والرد على من انحرف عن هذا الأصل فعبد غير الله أو أشرك في عبادة الله، أو حرَّف أسماء الله وصفاته بالتأويل، وسلك مسلك التعطيل والتمثيل.

ضعف التوحيد والسحر:

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: عند السحرة: أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة، والنفوس الشهوانية التي هي معلقة بالسفليات، ولهذا فإن غالب ما يؤثر فيمن ضعف حظه من الدين، والتوكل، والتوحيد، ومن لا نصيب له من الأوراد الإلهية، والدعوات والتعوذات النبوية.

الحفاظ على التوحيد، وعدم التساهل في جزئية منه:

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ: تأمل قول الله عز وجل مخبرًا عن دعاء إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35]، قال العلماء: خاف على نفسه- وهو إبراهيم خليل الله عليه السلام- وخاف على بنيه عبادة الأصنام. قال إبراهيم التيمي رحمه الله في تفسيرها: “ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم” فإذا كنت لا تأمن البلاء فلا بد أن تضع حماية قوية وسورًا منيعًا لئلا يتطرق إليك ذلك.

بعضهم يقول: هل ممكن- نعوذ بالله- أن نعبد الأوثان أو الأصنام؟ نقول: ربما لم يكن ممكنًا- بفضل الله ونعمته- في جيلك، ولكن تساهلك في جزئية ولو صغيرة، وبعد زمن يتساهلون في جزئية أخرى، ثم يصل الأمر إلى مرحلة لا تتواصى فيها على الحفاظ على التوحيد.

التوحيد يحتاج أن يتعلمه العبد دائمًا حتى لا يقع في شيء من نواقضه:

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ: العلم هو الشفاء، فالتعلم لا بد منه، ومن قال: التوحيد أمر فطري لا نحتاج إلى أن تعلمه، ولا إلى أن نبذل فيه الوقت ولا الجهد. فهذا جاهل بنفسه، وجاهل بحق ربه عز وجل، بل التوحيد يحتاج العبد أن يتعلمه دائمًا حتى لا يقع في شيء من نواقض ذلك التوحيد.

من سعادة المؤمن وطالب العلم أن يكون دائم التعلم للتوحيد:

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ: من علامات سعادة المؤمن، وطالب العلم، والداعي إلى الله عز وجل أن يكون دائم التعلم للتوحيد، والقراءة في مسائله.

الجهمية خصوم التوحيد:

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: الجهمية…دخل فيها من يدعي أنه على السنة، وليس كذلك، فخالف الكتاب والسنة، وسلف الأئمة، وأئمتها، وعمَّ ضررها، فجحدوا الصفات، وتوحيد الإلهية، الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، فهم خصوم التوحيد، والسنة إلى اليوم.

علماء حمى الله بهم جناب التوحيد:

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: من العلماء الذين كان لهم أثر في مباحث المعتقد، وحمى الله بهم جناب التوحيد، وأنقذ الله بهم جماعات من العباد: الأئمة الثلاثة:

  • إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل.
  • شيخ الإسلام الإمام أحمد بن تيمية.
  • الإمام العلامة الشيخ محمد بن عبدالوهاب.

غرس التوحيد في قلوب الأبناء:

قال الشيخ عبدالملك بن قاسم عن والده الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن قاسم (ت 1421هـ) رحمه الله: حرص الوالد رحمه الله على غرس التوحيد في قلوب أبنائه.

تركيز المصنفين من المتأخرين في علم التوحيد على توحيد الربوبية:

قال العلامة العثيمين رحمه الله: من العجب أن أكثر المصنفين في علم التوحيد من المتأخرين يركزون على توحيد الربوبية، وكأنما يخاطبون أقوامًا ينكرون وجود الرب- وإن كان يوجد من ينكر الرب- لكن ما أكثر المسلمين الواقعين في شرك العبادة. ينبغي أن يركز على هذا النوع من التوحيد، حتى نُخرج إليه هؤلاء المسلمين الذين يقولون بأنهم مسلمون، وهم مشركون، لا يعلمون.

الإكثار من شهادة التوحيد بإخلاص وصدق:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الإكثار من شهادة التوحيد بإخلاص وصدق، فإنها أصل الإسلام الذي أكمله الله تعالى في ذلك اليوم وأساسه. وفي المسند عن عبدالله بن عمرو قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيءٍ قديروأخرجه الترمذي ولفظه: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيُّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير“.

الخوف أن يُسلَب العبدُ التوحيد:

قال أحمد بن عاصم: سمعت مجيب بن موسى الأصبهاني صاحب الثوري وخادمه، يقول: كنت عديل سفيان الثوري إلى مكة، فكان يكثر البكاء، فقلت له: بكاؤك هذا خوفًا من الذنوب؟ فأخذ عودًا من المحمل فرمى به، وقال: لَذنوبي أهونُ عليَّ من هذا، ولكني أخاف أن أُسلَب التوحيد.

تجنب اللامات الشريرة، والجيمات الشريرة في التوحيد:

قال العلامة حماد بن محمد الأنصاري رحمه الله: اللامات الشريرة الثلاث، يجب على كل مسلم أن يتجنبها في التوحيد:

اللام الأولى: لام التعطيل.

اللام الثانية: لام التأويل.

اللام الثالثة: لام التمثيل.

كما يجب…أن يتجنب الجيمات الثلاث الشريرة، وهي:

أولًا: جيم جهم في الصفات.

ثانيًا: جيم الجبر في الأفعال.

ثالثًا: جيم الإرجاء في الإيمان.

المصدر
شبكة الألوكة
زر الذهاب إلى الأعلى