شبهات حول القرآنشبهات عقائديةشبهات وردود
مناقشة علمية لمنهجية الشيخ بسام جرار
سنضع عدة تعليقات:
- بالنسبة لأبدية عذاب الكافرين في جهنم، نقتبس هنا من كلام الشيخ الشنقيطي رحمه الله في كتابه دفع ايهام الاضطراب ببعض التصرف.حال الكفار لا يخرج عن خمس حالات بالتقسيم الصحيح وغيرها راجع إليها الحالة الأُولى: أنْ يُقالَ بِفَناءِ النّارِ، وأنَّ اسْتِراحَتَهم مِنَ العَذابِ بِسَبَبِ فَنائِها. وقد نص سبحانه وتعالى على عدمه بقوله: ﴿كلما خبت زدناهم سعيرا﴾ [الإسراء: ٩٧] . وقد قال تعالى: ﴿إلا ما شاء ربك﴾ [هود: ١٠٧]، في خلود أهل الجنة وخلود أهل النار وبين عدم الانقطاع في خلود أهل الجنة بقوله: ﴿عطاء غير مجذوذ﴾ [هود: ١٠٨]، وبقوله: ﴿إن هذا لرزقنا ما له من نفاد﴾ [ص: ٥٤]، وقوله: ﴿ما عندكم ينفد وما عند الله باق﴾ النحل: ٩٦، وبين عدم الانقطاع في خلود أهل النار بقوله: ﴿كلما خبت زدناهم سعيرا﴾ . فمن يقول إن للنار خبوة ليس بعدها زيادة سعير، رد عليه بهذه الآية الكريمة، ومعلوم أن كلما تقتضي التكرار بتكرار الفعل الذي بعدها، ونظيرها قوله تعالى: ﴿كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها﴾ النساء 56. الثّانِيَةُ: أنْ يُقالَ إنَّهم ماتُوا وهي باقِيَةٌ. وقد نص تعالى على عدمه بقوله: ﴿لا يقضى عليهم فيموتوا﴾ فاطر: ٣٦ وقوله: ﴿لا يموت فيها ولا يحيا﴾ وقوله: ﴿ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت﴾ إبراهيم: ١٧، وقد بين ﷺ في الحديث الصحيح أن الموت يجاء به يوم القيامة في صورة كبش أملج فيذبح، وإذا ذبح الموت حصل اليقين بأنه لا موت، كما قال ﷺ: «ويقال يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت. الثّالِثَةُ: أنْ يُقالَ إنَّهم أُخْرِجُوا مِنها وهي باقِيَةٌ. فنص تعالى على عدمه بقوله: ﴿وما هم بخارجين من النار﴾ [البقرة: ١٦٧]، وبقوله: ﴿كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها﴾ [السجدة: ٢٠]، وبقوله: ﴿وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم﴾ [المائدة: ٣٧ الرّابِعَةُ: أنْ يُقالَ إنَّهم باقُونَ فِيها إلّا أنَّ العَذابَ يَخِفُّ عَلَيْهِمْ. وَيندرج فيه ذَهابُ العَذابِ رَأْسًا واسْتِحالَتُهُ لذة ، لأن نَفْي تَخْفِيفِ العذاب يَلْزَمُهُ نَفْيُ ذَهابِهِ واسْتِحالَتُهُ لذة. فنص تعالى على عدمه بقوله: ﴿ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور﴾ [فاطر: ١٣، وقوله: ﴿فلن نزيدكم إلا عذابا﴾ [ ٧٨ ]، وقوله: ﴿لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون﴾ [ ٤٣ ]، وقوله: ﴿إن عذابها كان غراما﴾ [الفرقان: ٦٥]، وقوله: ﴿فسوف يكون لزاما﴾ [الفرقان: ٧٧]، وقوله تعالى: ﴿فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون﴾ [النحل: ٨٥] وقوله: ﴿ولهم عذاب مقيم﴾ [المائدة: ٣٧]، ولا يخفى أن قوله: ﴿ولا يخفف عنهم من عذابها﴾ وقوله: ﴿لا يفتر عنهم﴾ كلاهما فعل في سياق النفي، فحرف النفي بنفي المصدر الكامن في الفعل فهو في معنى لا تخفيف للعذاب عنهم، ولا تفتير له، والقول بفنائها يلزمه تخفيف العذاب وتفتيره المنفيان في هذه الآيات بل يلزمه ذهابهما رأسا، كما أنه يلزمه نفي ملازمة العذاب المنصوص عليها بقوله: ﴿فسوف يكون لزاما﴾ وقوله: ﴿إن عذابها كان غراما﴾ وإقامته المنصوص عليها بقوله: ﴿ولهم عذاب مقيم﴾ . فظاهر هذه الآيات عدم فناء النار المصرح به في قوله: ﴿كلما خبت زدناهم سعيرا﴾ الخامسة: خُلُودُهم فِي النار أبَدًا بِلا انْقِطاعٍ ولا تَخْفِيفٍ. فإذا تبين بهذه النصوص بطلان جميع هذه الأقسام تعين القسم الخامس الذي هو خلودهم فيها أبدا بلا انقطاع ولا تخفيف بالتقسيم والسبر الصحيح، ولا غرابة في ذلك لأن خبثهم الطبيعي دائم لا يزول، فكان جزاؤهم دائما لا يزول والدليل على أن خبثهم لا يزول قوله تعالى: ﴿ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم﴾ الآية [الأنفال: ٢٣] .فقوله: خيرا نكرة في سياق الشرط فهي تعم، فلو كان فيهم خير ما في وقت ما لعلمه الله، وقوله تعالى: ﴿ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه﴾ [الأنعام: ٢٨]، وعودهم بعد معاينة العذاب، لا يستغرب بعده عودهم بعد مباشرة العذاب لأن رؤية العذاب عيانا كالوقوع فيه لا سيما وقد قال تعالى: ﴿فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد﴾ [ق: ٢٢]، وقال: ﴿أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا﴾ الآية [مريم: ٣٨ وعذاب الكفار للإهانة والانتقام لا للتطهير والتمحيص، كما أشار له تعالى بقوله ﴿ولا يزكيهم﴾ [البقرة: ١٧٤]، وبقوله: ﴿ولهم عذاب مهين﴾ آل عمران: ١٧٨.
- وأما تفسير قول الله تعالى: (إلا ما شاء ربك)، فقد ذكر ابن الجوزي رحمه في زاد المسير الاحتمالات الواردة على (إلا) في سورة هود وأحال إليها عند تفسير آية الأعراف فقال : (قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ في الِاسْتِثْناءِ المَذْكُورِ في حَقِّ أهْلِ النّارِ سَبْعَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّ الِاسْتِثْناءَ في حَقِّ المُوَحِّدِينَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ بِالشَّفاعَةِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والضَّحّاكُ. والثّانِي: أنَّهُ اسْتِثْناءٌ لا يَفْعَلُهُ، تَقُولُ: واللَّهِ لَأضْرِبَنَّكَ إلّا أنْ أرى غَيْر ذَلِكَ، وعَزِيمَتُكَ عَلى ضَرْبِهِ، ذَكَرَهُ الفَرّاءُ، وهو مَعْنى قَوْلِ أبِي صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿إلا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ قالَ: فَقَدْ شاءَ أنْ يُخَلَّدُوا فِيها. قالَ الزَّجّاجُ: وفائِدَةُ هَذا، أنَّهُ لَوْ شاءَ أنْ يَرْحَمَهم لَرَحِمَهم، ولَكِنَّهُ أعْلَمَنا أنَّهم خالِدُونَ أبَدًا. والثّالِثُ: أنَّ المَعْنى: خالِدِينَ فِيها أبَدًا، غَيْرَ أنَّ اللَّهَ تَعالى يَأْمُرُ النّارَ فَتَأْكُلُهم وتُفْنِيهِمْ، ثُمَّ يُجَدِّدُ خَلْقَهم، فَيَرْجِعُ الِاسْتِثْناءُ إلى تِلْكَ الحالِ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. والرّابِعُ: أنَّ ” إلّا ” بِمَعْنى ” سِوى ” تَقُولُ: لَوْ كانَ مَعَنا رَجُلٌ إلّا زِيدٌ أيْ: سِوى زَيْدٍ؛ فالمَعْنى: خالِدِينَ فِيها مِقْدارَ دَوامِ السَّمَواتِ والأرْضِ سِوى ما شاءَ رَبُّكَ مِنَ الخُلُودِ والزِّيادَةِ، وهَذا اخْتِيارُ الفَرّاءِ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: ومِثْلُهُ في الكَلامِ أنْ تَقُولَ: لَأُسْكِنَنَّكَ في هَذِهِ الدّارِ حَوْلًا إلّا ما شِئْتُ؛ تُرِيدُ: سِوى ما شِئْتُ أنْ أزِيدَكَ. والخامِسُ: أنَّهم إذا حُشِرُوا وبُعِثُوا، فَهم في شُرُوطِ القِيامَةِ؛ فالِاسْتِثْناءُ واقِعٌ في الخُلُودِ بِمِقْدارِ مَوْقِفِهِمْ في الحِسابِ، فالمَعْنى: خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّمَواتُ والأرْضُ إلّا مِقْدارَ مَوْقِفِهِمْ لِلْمُحاسَبَةِ، ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ. وقالَ ابْنُ كَيْسانَ: الِاسْتِثْناءُ يَعُودُ إلى مُكْثِهِمْ في الدُّنْيا والبَرْزَخِ والوُقُوفِ لِلْحِسابِ؛ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: فالمَعْنى: خالِدِينَ في النّارِ وخالِدِينَ في الجَنَّةِ دَوامَ السَّماءِ والأرْضِ إلّا ما شاءَ رَبُّكَ مِن تَعْمِيرِهِمْ في الدُّنْيا قَبْلَ ذَلِكَ، فَكَأنَّهُ جَعَلَ دَوامَ السَّماءِ والأرْضِ بِمَعْنى الأبَدِ عَلى ما كانَتِ العَرَبُ تَسْتَعْمِلُ، وإنْ كانَتا قَدْ تَتَغَيَّرانِ. واسْتَثْنى المَشِيئَةَ مِن دَوامِهِما، لِأنَّ أهْلَ الجَنَّةِ والنّارِ قَدْ كانُوا في وقْتٍ مِن أوْقاتِ دَوامِ السَّماءِ والأرْضِ في الدُّنْيا، لا في الجَنَّةِ، ولا في النّارِ. والسّادِسُ: أنَّ الِاسْتِثْناءَ وقَعَ عَلى أنَّ لَهم فِيها زَفِيرًا وشَهِيقًا، إلّا ما شاءَ رَبُّكَ مِن أنْواعِ العَذابِ الَّتِي لَمْ تُذْكَرْ؛ وكَذَلِكَ لِأهْلِ الجَنَّةِ نَعِيمٌ مِمّا ذُكِرَ، ولَهم مِمّا لَمْ يُذْكَرْ ما شاءَ رَبُّكَ، ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ أيْضًا. والسّابِعُ: أنَّ ” إلّا ” بِمَعْنى ” كَما ” ومِنهُ قَوْلُهُ: ﴿وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكم مِنَ النِّساءِ إلا ما قَدْ سَلَفَ﴾ [النِّساءِ:٢٢]، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ.) ، أما آية سورة النبأ (لابثين فيها أحقابا) فقد قال الطبري رحمه الله (وقد يحتمل أن يكون معنى ذلك: لابثين فيها أحقابا في هذا النوع من العذاب هو أنهم: ﴿لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا﴾ فإذا انقضت تلك الأحقاب، صار لهم من العذاب أنواع غير ذلك، كما قال جلّ ثناؤه في كتابه: ﴿وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ﴾. ولو قال قائل فما قولك فيما نسب من آثار عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم في هذه القضية مما قد يفهم منه انقضاء عذاب الكفار في النار، أو فناؤها، فنقول بأن هذه الآثار لم تصح أبدا بهذا المعنى عن الصحابة والتابعين، والقدر الذي صح لا يجوز ان يعارض به كلام الله سبحانه المحكم وإنما يجب أن يحمل على وجه يوافق المحكمات من الآيات. وممن ألف في مناقشة أسانيد هذه الروايات محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في كتابه “رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار”، تحقيق الشيخ الألباني.
- كيف يباد الكفار والله تعالى يقول: (﴿إِنَّ ٱلۡمُجۡرِمِینَ فِی عَذَابِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ (74) لَا یُفَتَّرُ عَنۡهُمۡ وَهُمۡ فِیهِ مُبۡلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمۡنَـٰهُمۡ وَلَـٰكِن كَانُوا۟ هُمُ ٱلظَّـٰلِمِینَ (76) وَنَادَوۡا۟ یَـٰمَـٰلِكُ لِیَقۡضِ عَلَیۡنَا رَبُّكَۖ قَالَ إِنَّكُم مَّـٰكِثُونَ(77) لَقَدۡ جِئۡنَـٰكُم بِٱلۡحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَكُمۡ لِلۡحَقِّ كَـٰرِهُونَ (78)) فانظر لهذه الآيات العظيمة التي حكم الله فيها بخلود الكفار في عذاب جهنم وعدم تخفيف العذاب عنهم… (وهم فيه مبلسون)، أي يائسون من رحمة الله، ومناشدتهم مالك أن يبيدهم الله وقوله لهم: إنكم ماكثون، أي باقون في النار، ليس هناك إبادة… فلم يبق احتمال واحد من التي طرحها الشيخ بسام إلا ونفاه عنهم. فإن قال قائل: هذا في المجرمين وليس في عموم الكافرين، فالجواب ان القرآن ينص على أن من الكفار مجرمون: { وَأَمَّا ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَفَلَمۡ تَكُنۡ ءَایَـٰتِی تُتۡلَىٰ عَلَیۡكُمۡ فَٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ وَكُنتُمۡ قَوۡمࣰا مُّجۡرِمِینَ } [سُورَةُ الجَاثِيَةِ: ٣١] وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِۦ ثُمَّ أَعۡرَضَ عَنۡهَاۤۚ إِنَّا مِنَ ٱلۡمُجۡرِمِینَ مُنتَقِمُونَ } [سُورَةُ السَّجۡدَةِ: ٢٢]
- بعض نصوص العلماء على أن شفاعة النبي في أبي طالب خصوصية له صلى الله عليه وسلم: الإمام البيهقي الذي قال في كتابه البعث والنشور : “صحت الرواية في شأن أبي طالب فلا معنى للإنكار من حيث صحة الرواية، ووجهه عندي أن الشفاعة في الكفار إنها امتنعت لوجود الخبر الصادق في أنه لا يشفع فيهم أحد وهو عام في حق كل كافر، فيجوز أن يخص منه ما ثبت الخبر بتخصيصه” وابن الـمُلَقِّن الذي قال في التوضيح لشرح الجامع الصحيح: “وهذه شفاعة خاصة له”. وابن حجر الذي قال: “ﻗﻮﻟﻪ ﻟﻌﻠﻪ ﺗﻨﻔﻌﻪ ﺷﻔﺎﻋﺘﻲ ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻌﺒﺎﺱ ﻭﻗﻮﻉ ﻫﺬا اﻟﺘﺮﺟﻲ ﻭاﺳﺘُﺸﻜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﻨﻔﻌﻪ ﺷﻔﺎﻋﺘﻲ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﻓﻤﺎ ﺗﻨﻔﻌﻬﻢ ﺷﻔﺎﻋﺔ اﻟﺸﺎﻓﻌﻴﻦ) ﻭﺃﺟﻴﺐ ﺑﺄﻧﻪ ﺧُﺺَّ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻋﺪﻭﻩ ﻓﻲ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ”.
- بعض العلماء الذين نصوا على المنع من قول “يرحمكم الله” لمن عطس من الكفار بدليل حديث تعاطس اليهود: أولاً: «ابن رشد الجد المقدمات الممهدات» (3/ 445) : والذمي إذا عطس وحمد الله فلا يقال له: يرحمك الله، وإنما يقال: يهديك الله ويصلح بالك، لأن اليهودي والنصراني لا تغفر له السيئات حتى يؤمن. ومما يدل على هذا ما روي «أن اليهود والنصارى كانوا يتعاطسون عند النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – رجاء أن يقول: يرحمكم الله، فكان يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم» «ابن رشد الجد البيان والتحصيل» (17/ 141): وإن جمعهما جميعاً. فقال: يغفر الله لنا ولكم، ويهديكم ويصلح بالكم كان أحسن وأولى إلا في الذمي إذا عطس، ويحمد الله فلا يقال له: يرحمك الله، وإنما يقال له: يهديك الله ويصلح بالك، لأن اليهودي والنصراني لا تغفر له السيئات، حتى يؤمن. ومما يدل على هذا ما رُوي: مِنْ «أن الْيهودَ كَانُوا يَتَعَاطَسونَ عِنْدَ النَّبيِّ – عَلَيْهِ السَّلَامُ – رَجَاءَ أنْ يَقُولَ: يَرْحَمُكُم اللهُ، فَيَقُولُ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُم.» ثانياً. «فتح الباري لابن حجر» (10/ 604): «وَقَدْ خُصَّ مِنْ عُمُومِ الْأَمْرِ بِتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ جَمَاعَةٌ الْأَوَّلُ مَنْ لَمْ يَحْمَدْ كَمَا تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ الثَّانِي الْكَافِرُ فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ كَانَتِ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ فَكَانَ يَقُولُ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحْ بالكم قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ إِذَا نَظَرْنَا إِلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ إِنَّ التَّشْمِيتَ الدُّعَاءُ بِالْخَيْرِ دَخَلَ الْكُفَّارُ فِي عُمُومِ الْأَمْرِ بِالتَّشْمِيتِ وَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى مَنْ خَصَّ التَّشْمِيتَ بِالرَّحْمَةِ لَمْ يَدْخُلُوا قَالَ وَلَعَلَّ مَنْ خَصَّ التَّشْمِيتَ بِالدُّعَاءِ بِالرَّحْمَةِ بَنَاهُ عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِوَضْعِ اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ قُلْتُ وَهَذَا الْبَحْثُ أَنْشَأَهُ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الشَّرْعِ فَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى دَالٌّ عَلَى أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي مُطْلَقِ الْأَمْرِ بِالتَّشْمِيتِ لَكِنْ لَهُمْ تَشْمِيتٌ مَخْصُوصٌ وَهُوَ الدُّعَاءُ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ وَإِصْلَاحِ الْبَالِ وَهُوَ الشَّأْنُ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ تَشْمِيتِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الدُّعَاءِ بِالرَّحْمَةِ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ» ثالثاً. «شرح سنن أبي داود لابن رسلان» (19/ 231): «(عن أبي بردة) عامر (عن أبيه) أبي موسى الأشعري
رضي اللَّه عنه(قال: كانت اليهود تعاطس) أصله: تتعاطس، ثم حذفت التاء الأولى، ولفظ الترمذي: كانت يتعاطسون (3). (عند النبيصلى اللَّه عليه وسلمرجاء أن يقول لها) لفظ الترمذي: يرجون أن يقول لهم (يرحمكم اللَّه، فكان يقول: يهديكم اللَّه ويصلح بالكم). فيه: أن الكافر لا يُدعى له بالرحمة ولا بالمغفرة؛ بل بالهداية وإصلاح البال، قال الشعبي: إذا عطس اليهودي، فقل: يهديك اللَّه» - إضافة بالنسبة لحديث تعاطس اليهود: قول النبي صلى الله عليه وسلم لليهود: “يهديكم الله ويصلح بالكم” هو تشميت للعاطس ما كان ليفعله إلا وقد حمدوا الله. ففي الحديث الذي رواه أبو بردة ابن أبي موسى الأشعري أيضاً قال: دَخَلْتُ علَى أَبِي مُوسَى وَهو في بَيْتِ بنْتِ الفَضْلِ بنِ عَبَّاسٍ، فَعَطَسْتُ فَلَمْ يُشَمِّتْنِي، وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَهَا، فَرَجَعْتُ إلى أُمِّي فأخْبَرْتُهَا، فَلَمَّا جَاءَهَا قالَتْ: عَطَسَ عِنْدَكَ ابْنِي فَلَمْ تُشَمِّتْهُ، وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَّهَا، فَقالَ: إنَّ ابْنَكِ عَطَسَ، فَلَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ، فَلَمْ أُشَمِّتْهُ، وَعَطَسَتْ، فَحَمِدَتِ اللَّهَ فَشَمَّتُّهَا، سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَشَمِّتُوهُ، فإنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ، فلا تُشَمِّتُوهُ. يعني أبو موسى لما عطس ابنه فلم يحمد الله لم يُشَمِّته، لم يقل له شيئا بالمرة، لا يرحمكم الله ولا يهديكم الله ويصلح بالكم. لأنه هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم. فالنبي ما كان ليقول لليهود يهديكم الله ويصلح بالكم إلا وقد قالوا: الحمد لله.