لقد شاع في يوم 4 مايو 2024 خبر تأسيس مركز يسمى (مركز تكوين الفكر العربي) على يد نخبة ممن يسمون أنفسهم التنويريين العرب.
وذكر موقع “اليوم السابع” أن انطلاق المنتدى يعتبر باكورة الأعمال الخاصة بالمؤسسة التي تهدف إلى تعزيز خطاب التسامح، وفتح آفاق الحوار وتشجيع المراجعات النقدية والتحفيز على طرح الأسئلة على المسلمات الفكرية، والأسباب التي تحول دون نجاح مشاريع النهضة والتنوير العربية. وفور الإعلان عن المركز الإلحادي الجديد، حذر عدد من علماء العقيدة والشريعة في مصر، من مخاطر تدشين ما يسمى “مركز تكوين”، مؤكدين أنه يضم أشخاصًا يشككون في السنة والعقيدة، ويسعون إلى نشر الإلحاد.
وأكد علماء الأزهر، أنه تم إنشاء منصات لهذا المركز على كل مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عمل إعلانات ممولة بسخاء، عن فيديوهات تحمل عناوين: هل الخمر حلال؟ هل السيرة النبوية صحيحة؟ كيف جُمعت السنة النبوية؟
وفي الحقيقة إنه أول مشروع علني مُنظم للتشكيك في ثوابت الإسلام، يسعى لنشر الإلحاد والشكوكية وإنكار السنة النبوية بين المسلمين، وذلك تحت دعاوى التنوير والتسامح والفكر الحر.
وهي محاولة لا تستهدف سوى التشكيك في أصول الدين وتشويه الإسلام، الذي تصفه تلك الثلة من المفكرين والكوادر الثقافية العلمانية سببًا لتأخر الأمة، داعين لتجاوز كل الثوابت الدينية والأخلاقية وإطلاق الحرية المطلقة للعقل بلا قيود، ولا ضوابط من دين أو خلق. وهذه المحاولة ليست الأولى ولا الأخيرة، فقد دأب اليهود دائمًا على التشكيك في الأحاديث النبوية، وتحريفها، وإنشاء الفرق التي شقت الصف المسلم وفرقت المسلمين شيعًا وأحزابًا، مستخدمة في ذلك ثلة من الأفراد الذين باعوا ضمائرهم وزاع صيتهم في الفضائيات والكتب وأصبح لهم صولات وجولات في العالم الإسلامي، وأطلقوا المسميات تبديلًا وتحريفًا للمسميات التي سماها الله عز وجل للمسلمين، وادعوا أنهم أعلم أهل الأرض بالسنة النبوية وأخذوا يبدلون ويحرفون الأحاديث، رغم وجود كتابي البخاري ومسلم وهما أصح كتب الأحاديث بإجماع أهل العلم. مما فتح الباب على مصراعيه لكل خبيث يريد أن ينال من الإسلام. فجاء مثل هذا التنظيم الإلحادي ليشكك في الإسلام. وهكذا جاءت كلمات وعبارات هذا المؤتمر على يد أفراد لا يزيد عددهم عن أصابع اليد الواحدة. وهذا هو خطاب وأساليب وكلمات اليهود الخداعة والبراقة التي لا تنطلى على المسلم الصادق الإيمان.
هؤلاء اليهود الذين قال الله فيهم: {وَلَا تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 42]. ففي هذه الآية الكريمة بيان لحال بني إسرائيل، المخاطبين بهذا النهي، وتقبيحهم، لأنهم لم يفعلوا هذا عن جهالة، وإنما عن علم وإصرار على سلوك هذا الطريق المعوج؛ {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8].
أيها المسلم: {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَد * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَاد} [آل عمران: 196-197].
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8]. فالإيمان حقيقة يجدها المؤمن في قلبه وفي كيانه وفي حياته وفي رؤيته، فهو نور تشرق به كينونته فتشف وتخف وترف، ويشرق به كل شيء أمامه فيتضح ويتكشف ويستقيم، وليس أدق ولا أصدق ولا أدل على هذا النور بكلمات الله في القرآن الكريم: {قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ} [المائدة: 15].
نور.. وكتاب مبين.. وصفان للشيء الواحد، لهذا القرآن الذي جاء به الرسول الكريم..
لذلك أعقب الله هذا التعبير الدقيق بما يزيده وضوحًا وجلاء للمؤمن، فتستقر به النفس وتطيب؛ قال تعالى: {يَهْدِى بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِۦ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ} [المائدة: 16].
لقد رضي الله لنا الإسلام دينا… وهو يهدي من يتبع رضوانه هذا ويرتضيه لنفسه كما رضيه الله له، يهديه سبل السلام.
لقد رضي الله لنا الإسلام دينا… وهو يهدي من يتبع رضوانه هذا ويرتضيه لنفسه كما رضيه الله له، يهديه سبل السلام.
وما أدق هذا التعبير وأصدقه إنه ” السلام “، وهو ما يسكبه هذا الدين في الحياة كلها: سلام الفرد، وسلام الجماعة، وسلام العالم.. سلام الضمير، وسلام العقل، وسلام الجوارح.. سلام البيت والأسرة، وسلام المجتمع والأمة، وسلام البشر والإنسانية.. السلام مع الحياة، والسلام مع الكون، والسلام مع الله رب الكون والحياة.
السلام الذي لا تجده البشرية – ولم تجده يوما – إلا في هذا الدين؛ وإلا في منهجه ونظامه وشريعته، ومجتمعه الذي يقوم على عقيدته وشريعته. حقًّا إن الله يهدي بهذا الدين الذي رضيه، من يتبع رضوان الله، (سبل السلام) سبل السلام كلها في هذه الجوانب جميعها.
وما أحوجنا نحن الآن كمسلمين أن ندرك هذه الحقيقة؛ والجاهلية الأمريكية اليهودية من حولنا ومن بيننا تذيق البشرية الويلات… من كل ألوان الحرب في الضمائر والمجتمعات قرونا بعد قرون!
ما أحوجنا نحن الذين عشنا في سلام الإسلام فترة من تاريخنا؛ ثم خرجنا من هذا السلام ببعدنا عن النور، ودخولنا في ظلمة التبعية لأمريكا واليهود فاكتوينا بحربهم علينا الحرب التي تحطم أرواحنا وقلوبنا، وتحطم أخلاقنا وسلوكنا، وتحطم مجتمعاتنا وشعوبنا بعد أن انحرفت بنا وجهتنا نحو أعداء الله نطلب منهم السلم والسلام… بينما نملك الدخول في السلم والسلام التي منحها الله لنا؛ حين نتبع رضوانه؛ ونرضى لأنفسنا ما رضيه الله لنا.
إننا نعاني من ويلات الجاهلية الأمريكية اليهودية؛ والإسلام منا قريب… ونعاني الآن من حرب هؤلاء على غزة، بل وعلينا كلنا كمسلمين، وسلام الإسلام في متناول أيدينا لو نشاء… فأية صفقة خاسرة هذه التي نستبدل فيها الذي هو أدني بالذي هو خير؟! ونشتري فيها الضلالة بالهدى؟! إننا نملك إنقاذ البشرية من ويلات الجاهلية الأمريكية اليهودية، وحربها المشبوبة في شتى الصور والألوان. ولكننا لا نملك إنقاذ البشرية، قبل أن ننقذ نحن أنفسنا، حين نفيء إلى رضوان الله ونتبع ما ارتضاه. فنكون من هؤلاء الذين يقول الله عنهم إنه يهديهم سبل السلام، {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ} [المائدة: 16].
والجاهلية الأمريكية اليهودية كلها ظلمات… ظلمة الشبهات والخرافات والأساطير والتصورات، وظلمة الشهوات والنزعات والاندفاعات في التيه، وظلمة الحيرة والقلق والانقطاع عن الهدى والوحشة من الجناب الآمن المأنوس، وظلمة اضطراب القيم وتخلخل الأحكام والموازين…. والنور هو النور… هو ذلك النور الذي تحدثنا عنه آنفا في الضمير وفي العقل وفي الكيان وفي الحياة… {وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 16]؛ مستقيم مع فطرة النفس ونواميسها التي تحكمها.. مستقيم مع فطرة الكون ونواميسه التي تصرفه.. مستقيم إلى الله لا يلتوي ولا تلتبس فيه الحقائق والاتجاهات والغايات.
إن الله الذي خلق الإنسان وفطرته؛ وخلق الكون ونواميسه؛ هو الذي وضع للإنسان هذا المنهج؛ وهو الذي رضي للمؤمنين هذا الدين، فطبيعي وبديهي أن يهديهم هذا المنهج إلى الصراط المستقيم، حيث لا يهديهم منهج غيره من صنع البشر العاجزين الجهال الفانين!