مراسل عسكري إسرائيلي: مخاوف إسرائيلية من نتائج وخيمة لعملية مفترضة ضد جنين
ذكر رون بن يشاي المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت أن “تركيز قوات الاحتلال في جنين في الأيام الأخيرة لا ينبع فقط من خروج جزء كبير من المقاومين في الموجة الحالية من العمليات، ولكن لأن منطقة جنين أصبحت جيبا مليئا بالأسلحة والذخيرة، وفقدت السلطة الفلسطينية السيطرة عليها، والأمر يخص جنين ومحيطها، بما في ذلك مخيمات اللاجئين والقرى حولها، وأصبحت أرضية خصبة للمقاومين من جميع الفصائل”.
وأضاف بن يشاي أن “جنين فرضت على الجيش شن حرب غير متكافئة بين دولة مدججة بالسلاح ضد عناصر حرب العصابات، كما هو الحال في كل الحروب التي لا يمكن السيطرة عليها، حيث تشعر العناصر المسلحة بالأمان نسبيا لأنه يصعب الوصول إليهم، قيما تتراكم العوامل المعادية ببطء في هذه المناطق، وتتشكل فيها البنى التحتية للمقاومة المسلحة، حتى تصبح ذات استقلالية واضحة، وصولا إلى انسحاب السلطة الفلسطينية من جنين بعد محاولات فاشلة من قواتها الأمنية”.
وكان واضحا قبل موجة العمليات الحالية أن جيش الاحتلال وجهاز الأمن العام- الشاباك، يعتبر أن منطقة شمال الضفة الغربية تشكل تحديا حقيقيا لهما، بطريقة منهجية وواسعة النطاق، خاصة منذ ظهور البنية التحتية الغنية بالسلاح لحماس والجهاد الإسلامي، سواء في مدينة جنين أو مخيمها والقرى المجاورة، وهي مسؤولة عن الهجمات التي بدأت في الأيام الأخيرة، وتم التخطيط لها من هناك، بالتوازي مع موجة عمليات التقليد والمحاكاة، وهي أخطر بكثير من الهجمات الفردية.
وتزعم المحافل الأمنية الإسرائيلية أنه في الأيام الأخيرة، تم إحباط 12 خلية منظمة، معظمها شكلتها حماس والجهاد الإسلامي، وأتت من منطقة جنين، مما يتضح للمؤسسة العسكرية ضرورة التعامل ليس فقط مع خط التماس وجمع المعلومات الاستخبارية الوقائية بطرق مختلفة، ولكن باعتبارها منطقة متفجرة تشبه المولد الذي ينتج أكثر من الهجمات المسلحة، الأمر الذي يدفع قوات الاحتلال للتعامل مع جنين وضواحيها بصورة جذرية.
وتقترح الأوساط العسكرية للاحتلال أن يعمد الجيش للتعامل مع جنين من خلال مخططين محتملين، أولاهما احتلال قوات برية كبيرة من الجيش ستدور في جنين ومخيمها والقرى المجاورة، وتستولي على مواقع استيطانية، وتعتقل المطلوبين، وتكشف عن الأسلحة، وتجمع المعلومات الاستخبارية، ومغادرة المنطقة تدريجيا دون خوف من إعادة الاشتعال في وقت قصير، وهو مخطط مماثل استخدمه الجيش في عملية السور الواقي عام 2002.
وهذا المخطط يمتلك جملة من الفرص والمخاطر، أهمها أنه يضطر المسلحون للابتعاد عن أعين الجيش باتجاه المدينة والقرى المجاورة، رغم أنه سيحفزهم على الاحتكاك بالجيش، والخروج بأسلحتهم، وهذه المواجهات ستكون بين مقاتل ومقاتل، سلاح ضد سلاح، وهناك تكمن احتمالية ظهور مفاجآت غير متوقعة أمام الجيش الإسرائيلي، رغم أن بقاءه هناك سينتج قدرا كبيرا من المعلومات الاستخبارية التي يمكن نشرها وإنتاجها في معلومات استخباراتية عالية الجودة بشكل متزايد، يمكن على أساسها إحباط العمليات طويلة الأجل أيضا.
تتخوف المحافل الإسرائيلية من أنه في حال طالت مثل هذه العملية العسكرية في جنين، أن تثير انتقادات وضغطا سياسيا على الحكومة لوقفها أو تقليصها، ولكن طالما أن الفلسطينيين والإسرائيليين عشية قدوم أعياد إسلامية ويهودية، فلا يُنصح بتنفيذ عملية كبيرة قد تتطور إلى انتفاضة شعبية، مما قد يستدعي عمل الاحتلال من خلال ثلاث قنوات، أهمها القناة الأمنية، حيث هناك مداخل ومخارج لقوات خاصة تعتقل مطلوبين حسب معلومات استخبارية جمعتها المخابرات والجيش.
وفي استخلاص إسرائيلي لسلبيات وإيجابيات مثل هذه العملية العسكرية المتوقعة في جنين، يزعم الجيش أن هذا المخطط موجه لتنفيذ الغارات العملياتية الموضعية، ويخلق حالة من عدم اليقين بين المقاومين، لكن مرة بعد مرة، وليلة بعد ليلة، ويوما بعد يوم، تظهر مخاوف إسرائيلية جدية بأن مثل هذه العملية قد يشعل الأراضي الفلسطينية، ويثير انتفاضة شعبية، وهذا حبل رفيع لا يعرف الاحتلال كيفية السير عليه، وكل ذلك يحول دون الحاجة لعملية السور الواقي 2.