أدعياء التنويرشبهات فقهيةشبهات وردود

لا يُوجدُ جِهادٌ بعد وفاةِ النَّبيِّ ﷺ بيوم واحد، وأنَّ الآيات الخاصَّة بالجهاد كانت للنبي ﷺ وأصحابه فقط!

(62) زعم البحيري: أنَّه لا يُوجد جِهاد بعد وفاة النَّبيّ ﷺ بيوم واحد، وأنَّ الآيات الخاصَّة بالجهاد كانت للنبي ﷺ وأصحابه فقط.

– الرَّدّ: هذا الزَّعم باطلٌ مِن وُجُوهٍ كالتَّالي:

أولًا: هذا مُخالفٌ صراحةً لكتاب الله – عز وجل -، حيث قال سُبحانه: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الفتح: 22، 23].

ثانيًا: لو كانت آياتُ الجِهَادِ خاصَّةً بالنَّبيّ ﷺ وأصحابه فقط، فعلى القِياس في زعمك تكون آيات الجنة، والحلال والحرام و … تكون أيضًا خاصَّة بالنَّبيّ ﷺ وأصحابه فقط.

ثالثًا: هذا الكلام مُخالف لإجماع الصَّحابة ╚؛ حيث قاتلوا المُرتدِّين وتوسَّعوا في الفُتُوحات الإسلامية، وقد سبق أنَّ إسلام البحيري صرَّح بأنه يُصدِّق إجماع الصَّحابة ويَعترف به.

رابعًا: على زعم البحيري هذا، تكون كلّ الفُتُوحات الإسلامية التي حدثتْ بعد وفاة النبي ﷺ، بل وبشَّر النَّبيّ ﷺ ببعضها، تكون باطلة، ومنها فتح بيت المقدس، وفتح مصر، وفتح بلاد كسرى وقيصر وغيرها، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

خامسًا: هذا الفِكر تابع لفِكْر طائفة اسمها «الطَّائفة الأحمدية» الذين يؤمنون بوُجُود نبي هندي اسمه «الميرزا غلام أحمد» بعد نبينا محمد ﷺ، كما أنَّ هذه الطَّائفة تؤمن بأنَّ القُرآن الكريم ليس آخر الكُتُب السَّماوية، وكذلك يؤمنون بعَدَم وُجُود الجهاد.

وهذا «غلام أحمد» نفسه يقول في كتابه «الحكومة الإنجليزية و الجهاد» (ص:18): [أمَّا السِّير سيد أحمد خان فقد أثبت بدلائل قوية في كتابه «كُتَيِّب تمرُّد الهند» أنَّ تمرُّد المُسلمين ضِدّ الإنجليز في (185) لم يكن جهادًا إسلاميًا، ولم يكن جائزًا للمُسلمين شرعًا أن يُجاهدوا الحكومة الإنجليزية.] اهـ

سادسًا: لا نقول بالجهاد ضِدّ كُلِّ الْكُفَّارِ مِنْ غَيرِ المسلمين، بل عندنا تفصيل في ذلك، يقول شيخ الإسلام «ابن تيمية» – رحمه الله –1: [أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ وَالْمُسْتَأْمِنِ مِنْهُمْ لَا يُجَاهَدُ بِالْقِتَالِ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِدَعْوَتِهِ وَمُجَادَلَتِهِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَلَيْسَ هُوَ دَاخِلًا فِيمَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِقِتَالِهِ.] اهـ

فيتَّضِح من ذلك أنَّ غير المُسلمين من ناحية الجِهاد أربعة أنواع كالتالي:

النوعالمثالالحُكْم
أهل ذمةنصارى مصر أيام فتحها على يد عمرو بن العاصؓلا يُجَاهَدون
مُعاهدونصلح الحديبية بين النبي ﷺ وقريشلا يُجَاهَدون
مستأمنونالسائحون بموافقة الدولةلا يُجَاهَدون
جهاد دفع (حربيون) جهاد طَلَب (حربيون)العُدوان الإسرائيلي على سيناء فتح مصر، وبيت المقدسيُجَاهَدون يُجَاهَدون


([1]) انظر: «الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح = ابن تيمية» (2/219)، ط/دار العاصمة – المملكة السعودية.

زر الذهاب إلى الأعلى