لا قُيُودَ في الحديث عن دين الله – عزَّ وجلَّ -، وأنَّ الدِّين مِلْكٌ لكُلِّ أَحَدٍ يتكلَّم فيه إذا أراد!
(4) زعم الغِرُّ البحيري: أنَّه لا قُيُودَ في الحديث عن دين الله – عزَّ وجلَّ -، وأنَّ الدِّين مِلْكٌ لكُلِّ أَحَدٍ يتكلَّم فيه إذا أراد.
– الرَّدّ: نعم، الدِّين في الجُملةِ مِلْكٌ لكلِّ أَحَدٍ، لكنَّ الكلامَ في الدِّينِ ليس لكُلِّ أَحَدٍ؛ لأنَّ رَبَّنَا – تَبَارَكَ وَتَعَالَى – قال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]. وإن كانت الآية لم تنزل في هذه المسألة خُصُوصًا، والعِبْرَةُ عند العُلماء بعُمُوم اللَّفظ، لا بخُصُوص سبب نُزُولها، فالآية تشمل كلّ أهل الذِّكر، وبلا شك أنَّ أفضلهم وأعلمهم وأتقاهم هُم عُلماء المُسلمين.
وقال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83].
وقال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36].
وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}[الزمر: 9].
… وغيرها من الآيات، ويتبيَّن لنا من الآيتين الأوَّليَّين أنَّ الله – سُبحانه وتعالى – لم يأمرنا بسؤال أيّ أحدٍ، إنَّما حُدِّدَت لنا الجِهَة التي ينبغي أن نسألها.
كما أنَّ النَّاس في دُنيا النَّاسِ إذا أصابهم شيءٌ يهرعون إلى المُتخصِّصين في عِلاج هذا الشَّيء من طِبٍّ كان أو هندسةٍ، أو صيدلةٍ، أو زراعةٍ، أو فَلَكٍ…، فعلى القِياس في أُمُور الدِّين التي بها حياة القُلُوب التي هي أغلى وأثمن من حياة الأبدان؛ لأنَّ بها الخُلُود في السَّعادة الأبدية والنَّجاة من النَّار.
ثمَّ على الجِدال، لنفرض أنَّ ما قاله البحيري صحيحٌ مِن أنَّ الكلامَ في الدِّين مِلْكٌ للجميع، فلماذا تُبِيحه لنفسك وتُنكره علينا، بل وعلى أهل التُّراث ومن تبع نهجهم، لكن هكذا منهج اليهود: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} [المائدة: 41].