أخرىقضايا تربويةمقالات أخرى

صيف سعيد ودخول عام دراسي جديد

الحمد لله نحمده , ونستعين به ونستغفره , ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مُضل له , ومن يُضلل فلا هادي له , والله لا يهدي القوم الظالمين , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , وصفيه من خلقه وخليله , بلغ الرساله وأدى الأمانة , ونصح الأمة فكشف الله به الغمة , ومحى الظلمة , وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين .

« اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِى لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ »

ثم أما بعد؛

العلم هو أهم شيء في دنيتنا هذه، وقد بَيَّن لنا الله عز وجل مقام العلماء وأولوا العلم في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ويكفي لعرض فضل هؤلاء الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام أبي داود في السنن 3643 – « وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ». تحقيق الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 6297 في صحيح الجامع . فهل هناك أفضل من أن تكون من ورثة الأنبياء ؟ يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿ شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران : 18]

يقول الحافظ إبن كثير في تفسيره: شهد تعالى -وكفى به شهيدا، وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم، وأصدق القائلين – { أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ } أي: المتفَرد بالإلهية لجميع الخلائق، وأن الجميع عبيده وخلقه، والفقراء إليه، وهو الغني عما سواه كما قال تعالى: { لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزلَ إِلَيْكَ أَنزلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا } الآية [ النساء : 166 ] . ثم قرن شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته فقال: { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ } وهذه خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام .

وقال الإمام العلامة السعدي في تفسيره : هذا تقرير من الله تعالى للتوحيد بأعظم الطرق الموجبة له، وهي شهادته تعالى وشهادة خواص الخلق وهم الملائكة وأهل العلم – ثما قال بعدها –  وأما شهادة أهل العلم فلأنهم هم المرجع في جميع الأمور الدينية خصوصا في أعظم الأمور وأجلها وأشرفها وهو التوحيد .

وقال الله تعالى في كتابه الكريم : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾[فاطر : 28]

قال الإمام العلامة السعدي في تفسيره : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } فكل من كان باللّه أعلم، كان أكثر له خشية، وأوجبت له خشية اللّه، الانكفاف عن المعاصي، والاستعداد للقاء من يخشاه، وهذا دليل على فضيلة العلم، فإنه داع إلى خشية اللّه، وأهل خشيته هم أهل كرامته، كما قال تعالى: { رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } .

وقال العلامة إبن كثير في تفسيره : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } أي: إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به؛ لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى كلما كانت المعرفة به أتمّ والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر.

والآن قد يقول قائل أن هذا شأن علوم الدين ولكنها ليست باقي العلوم، وهنا تكون وقفتنا، وسوف أقوم بسرد خواطري حول هذه القضية، وهي أهمية العلوم الدنيوية في حياة المسلم اليومية، والله ولي التوفيق .

بداية أقول لكل مسلم أن أعظم شيء في دين الإسلام العظيم , النية , فإن قمت بتصحيح النية لله تعالى يكون ثوابك وأجرك عظيم عند الله عز وجل , ولأن حياتنا كلها لله عز وجل , دخل في حياتنا الدراسة الدنيوية , يقول الله عز وجل في كتابه الكريم :﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[الأنعام : 162]

وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري 1 – قَالَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ » .

وهذا الحديث تناوله جميع العلماء بالشرح والتفصيل , بدأ به الإمام البخاري كتابه الصحيح الجامع , والحديث يعرفه الجميع ولن نطيل في الشرح ولكن مقصدي هو ؛ لو أن كل طالب في كليته ذهب إلى محل دراسته بنية أنه يريد أن يدرس ويتعلم حتى يرتقي بالأمة الإسلامية فستكون دراسته في ميزان حسناته ان شاء الله , النية تغير كل شيء , ويجعل ما كانت عادة لتصبح عبادة ثوابها عظيم عند الله عز وجل .

في الحديث الذي أخرجه الإمام أبي داود في السنن وصححه الألباني 3643 – قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِى جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ».

والله انه لدين عظيم , ولكن أكثر الناس لا يعلمون , عندما تستيقظ من النوم وتتوضأ وتصلي الفجر وتجهز ثيابك وحذائك للذهاب إلى المدرسة , فقط عندما تفتح الباب تذكر قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم ( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ ) وضع في قلبك نية التعلم من أجل رفع مستوى الأمة الإسلامية بين باقي الأمم ولنرجع إلى مجدنا الأول .

لدينا أطباء ولكن كم منهم مسلمين ملتزمين متقين الله في أعمالهم ؟

لدينا مهندسين ولكن كم منهم مهندسين مسلمين ملتزمين متقين الله في أعمالهم ؟

لدينا فنيين ولكن كم منهم مسلمين ملتزمين متقين الله في أعمالهم ؟

لدينا موظفين ولكن كم منهم مسلمين ملتزمين متقين الله في أعمالهم ؟

لدينا محاسبين ولكن كم منهم مسلمين ملتزمين متقين الله في أعمالهم ؟

أريد أن أكون أنا مهندساً مسلماً ملتزماً هدفي أن أرتقي بأمتي وأن أجعل بلدي في أعلى المناصب بين الأمم، وأريدك أنت أخي الكريم وأنتي أختي الفاضلة أن تجعلي دراستك عبادة بتصحيح النية لله عز وجل وتعمل من أجل أمتك ليفتخر بك نبيك محمد صلى الله عليه وسلم لتنول شفاعته عن جدارة واستحقاق وليعلم الجميع أن الدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي يشجع على العلم والتعلم ويكفيك الحديث الذي أخرجه السيوطي : ( ابن عبد البر في العلم ) عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال « طلب العلم فريضة على كل مسلم وإن طالب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر ». تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 3914 في صحيح الجامع .‌

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

زر الذهاب إلى الأعلى