قضايا المرأة والأسرةمقالات أخرى

شبهات حول حجاب المرأة

لقد أثير في الآونة الأخيرة قضية حجاب المرأة المسلمة على أنه حبس للمرأة، وعلامة من علامات الرجعية والتخلف، وأن الله لم يخلق المرأة لتتستر بل لتبدي وتظهر جمالها. وهذا الكلام ما أنزل الله به من سلطان، ولا أرى قائله إلا جاهلًا بما جاء في الأديان الثلاث المنزلة، ولم يكن رأيه إلا دعوة لإشاعةالعري والسفور .. والذى نريد أن نبينه هنا؛ أن حجاب المرأة في الإسلام لم يكن رمزًا من رموز الدين، بل هو واجب وفرض شرعي فرضه الله على نساء المسلمين كافة، تشريفًا لهن وعفافاً لهن، وسترًا لهن من أعين أصحاب الأغراض المختلفة، وإننا لنجد أن المرأة كلما تكشفت كان ذلك سببًا في مضايقتها من الرجال عديمي المروءة والأخلاق. ولعلنا نبين في السطور القادمة أن حجاب المرأة في الإسلام ليس إلا شرعاً شرعه الله في أديانه المنزلة، وعرفه وعمل به أهل تلك الأديان، مذعنين لله بالخضوع التام في كل ما أراد.

 حجاب المرأة في التوراة:

ففي سفر التكوين عن (رفقة): أنها رفعت عينيها فرأت إسحاق، فنزلت عن الجمل وقالت للعبد: من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائي، فقال العبد: هو سيدي، فأخذت البرقع وتغطت1.

وفى هذه الآية يقول القس (وليم مارش): “كانت العروس في الشرق تُزف على زوجها محجبة الجسد كله وكان برقعها حينئذ أحمر والبرقع العادي أي في غير أيام الزفاف أزرق أو أبيض”2.

وفي سفر أشعيا نجد أن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن والمباهاة برنين خلاخيلهن. بأن ينزع عنهن: زينة الخلاخيل والضفائر والأهلة والحلق والأساور والبراقع والعصائب.

 حجاب المرأة في الإنجيل:

جاء في رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس: وأما كل امرأة تصلي أو تتنبا و رأسها غير مغطى فتشين رأسها لأنها و المحلوقة شيء واحد بعينه… إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها و إن كان قبيحا بالمرأة أن تقص أو تحلق فلتتغط3.

يقول الآب (أنطونيوس فكرى): “عدم تغطية المرأة لرأسها متشبهة بالرجال إعلان عن عدم اعتزازها بجنسها كامرأة”، ويقول في حلق شعر المرأة: “إنه شيء غير مقبول… وإن كان هذا قبيحًا للمرأة (فالشعر الطويل هو جمال المرأة) فلتغط شعرها”4، ويقول: “شعر المرأة قد أعطى لها كغطاء طبيعي تغطى به رأسها، شعر المرأة هو جمالها لذلك يجب تغطيته حين تقف أمام الله”5.

وفى رسالة بولس الرسول إلى أهل تيموثاس. جاء: إن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن… بل كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة6.

يقول الآب (أنطونيوس فكرى): “كانت تغطية رأس المرأة عادة شرقية، علامة على خضوع المرأة لرجلها، ومع التحرر الذى نادت به المسيحية، وأن المرأة مثل الرجل في الرب، ظنت السيدات أنهن تحررن من كل شيء، فخلعن غطاء الرأس، فثار الرجال وأرسلوا لبولس شكوى بخصوص هذا الموضوع. وهنا نجد الرسول يؤيد تغطية المرأة لرأسها… وهنا نجد أن غطاء الرأس عادة شرقية ولكننا نجد الرسول يؤيدها طالما لا تتعارض مع الإنجيل، وكان النساء الشريفات يغطين رؤوسهن في ذلك الوقت”7.

 حجاب المرأة في الإسلام:

إن كان غطاء الرأس والبرقع – ما يستر الرأس وما يستر الوجه – قد ذُكرا في التوراة والإنجيل وأن الأمر ليس ببدعة ابتدعها الإسلام، ولكنه من وسائل صيانة المرأة التي شرعها الله على مر الزمان. فِلمَ تدور الدوائر ولا ننظر إلا إلى ما ذكره الإسلام عن حجاب المرأة، صيانة لعفتها، وحفظًا لها من شر الأشرار وسترًا لجمالها من أن تكون سلعة رخيصة ينظرها القاصي والداني.

إن المرأة في الإسلام لهى جوهرة ثمينة أراد الله حمايتها وصيانتها من عبث العابثين وكيد الكائدين، فلذلك أمر الله المرأة في القرآن بأن تحتجب عن أعين الرجال ولا تظهر زينتها إلا إلى محارمها – الممنوع لهم الزواج منها على التأبيد – من أب وأخ وعم وخال وجد وابن وزوج، لأن نظرتهم لها ليست كنظرة الغريب عنها الذى ربما يشتهيها أو يفتن بها.. فجاء قول الله تعالى في هذا الشأن على النحو التالي: ﴿ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33].

وجاء قوله: ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾ [النور: 21]، وجاء قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾[الأحزاب: 59]، وجاء قوله: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 53].

فتلك هي شريعة الإسلام التي منعت الزنا فمنعت كل ما يفضى إليه من تبرج وسفور وكشف للعورات والزينات… وهكذا عرضنا كيف كانت معاملة الإسلام للمرأة، وكيف حافظ عليها وعلى ما لها من حقوق، وكيف كانت المعاملة لها معاملة سمحة ليس بها أي لون من ألوان الإساءة، بل رفع من شأنها ووضعها في مكانة لم تحظى بها قبل مجيئه لا في الشرق ولا في الغرب، وكيف أن المرأة في الغرب لم تحظ بما للمرأة المسلمة إلا في زمن قريب، وإن كانت لم تحظ حتى الآن بكل ما للمرأة المسلمة من حقوق وواجبات.

  1. [65:24 سفر التكوين] ↩︎
  2. السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم/د. وليم مارش ↩︎
  3.  [5:11 رسالة بولس إلى كورنثوس] ↩︎
  4. تفسير العهد القديم/ أنطونيوس فكرى ↩︎
  5.  المرجع السابق ↩︎
  6. [9:2 رسالة بولس إلى تيموثاس] ↩︎
  7.  تفسير العهد القديم/ انطونيوس فكرى. ↩︎
المصدر
شبكة الألوكة
زر الذهاب إلى الأعلى