زعم البحيري: أنَّ عَدَم قَتْل المُنافِق «عبد الله بن أُبَّي بن سَلُول» دليل عَدَم وجود عُقُوبة للرِّدَّة!
(73) زعم البحيري: أنَّ عَدَم قَتْل «عبد الله بن أُبَّي بن سَلُول» دليل عَدَم وجود عُقُوبة للرِّدَّة، ثم أنكر البحيري قول النبيِّ ﷺ «دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ»، وقال لو كان للرِّدَّة حَدٌّ ما أَسْقَطَهُ النبيُّ ﷺ من أجل كلام النَّاس.
– الرَّدّ: هذا الكلام لا يَصِحُّ من وُجُوه:
أولًا: «عبد الله بن أبي سلول» لم يَكُنْ مُرْتَدًّا، إنَّما كان كَافِرًا يُبْطِنُ كُفْرَهُ ويُظْهِرُ إسلامَه أي: مُنافق.
ثانيًا: نحن في الإسلام نحكم على ظاهر النَّاس، والباطن لله – عز وجل -، وكان الظَّاهر للنَّاس أنَّ «ابن سلول» مُسلمٌ يقول الشَّهادتين، ويُصلِّي ويصوم و …، فَلَوْ قَتَلَهُ النبيُّ ﷺ وظاهرُ أَمْرِهِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ؛ لَتَنَاقَلَ النَّاسُ ذلك، وقالوا أنَّ محمدًا ﷺ يقتل أصحابه، ومن ثَم فلن يُسْلِمَ أحدٌ.
ثالثًا: لا يُوجد في الإسلام حَدٌّ للمُنَافِقِ حَتَّى يُقامَ عليه.
رابعًا: لو أظهر «عبد الله بن أبي بن سلول» كُفْرَه ما تَرَدَّدَ النَّبيُّ ﷺ لحظةً في الأمر بقتله كما فَعَلَ مع غير واحدٍ ممَّن أظهروا رِدَّتَهُم كـ «مُسيلمة الكَذَّابِ» وغيرِه.
ومن باب الفائدة هذا هو الحديث كاملًا1: [عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ ¶، قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ: فَعَلُوهَا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنَ المُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ، ثُمَّ إِنَّ المُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ.]
([1]) صحيح: رواه البخاري في «صحيحه» رقم (4509) – واللفظ له -/ ومسلم في «صحيحه» رقم (2584).