زعم البحيري: أنَّ تحريم الأُمَّهات كان شيئًا بَدَهِيًّا مَعروفًا عَقْلًا وَنَقْلًا
(86) زعم البحيري: أنَّ تحريم الأُمَّهات كان شيئًا بَدَهِيًّا مَعروفًا عَقْلًا وَنَقْلًا، وأنَّ هذا الكلام حتى الشَّيطان لم يفعله، وكان يقصد قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23].
– الرَّدّ: باختصار؛ البحيري يقصد أنَّ هذه الآية تحصيل حاصل، أمَّا زعمه في أنَّ هذا لم يفعله أحد حتى الشَّياطين، فهذا كذبٌ، وسنُورد أمثلة تُبيِّن ذلك منها:
قال «ويليام ديورَانت» (ت: 1981م) في كتابه «قِصَّة الحضارة» (1/37): [وعلى كلّ حال فقد كان هذا التَّحديد في اختيار الزَّوجة عامًّا شاملاً لكلّ الجماعات الأولى تقريباً؛ وعلى الرَّغم مِن أنَّ الفراعنة والبطالسة والإنكا قد وُفّقوا إلى تحطيمه بأنْ أقبلوا على زواج الأخ بأخته، إلَّا أنَّه ظلّ قائماً بين الرُّومان كما يعترف به القانون الحديث؛ وهذا التَّقليد لا يزال له أثره في سلوكنا – عن شُعُور أو لا شعور- حتى يومنا هذا.]
وقال في (2/441): [وكان الآباء يُنظِّمون شُئون الزَّواج لمن يبلغ الحُلُم من أبنائهم. وكان مجال الاختيار لديهم واسعاً، فقد قيل لنا إن الأخ كان يتزوج أخته، والأب ابنته، والأم ولدها.]
وقال صاحب كتاب «إيران في عهد الساسانيين» (ص:309): [والعناية بنقاوة دمّ الأسرة اقتضت زواج المحارم، وهو زواج الفتاة من أبيها، وزواج الأم من ابنها، وزواج الأخت من أخيها. وهو من السِّمات البارزة في عادات الزَّواج، وهو عادة قديمة عِنْد الفُرْس.] اهـ
وقال العلَّامة «العُثَيمين» – رحمه الله –1: [المجوس مِن مذهبهم الخبيث أنَّه يجوز للإنسان أن ينكح محارمه – والعياذ بالله – ينكح أخته، بنته، عمّته، أُمّه، وهذا من أخبث المذاهب وأقبحها.] اهـ
هذا وقد نشرت جريدة «الموجز»2 خبرًا في (18 سبتمبر ٢٠١٤م) بعنوان «حتى لا تتهم بالزنا.. غضب في زمبابوي بعد زواج أمّ مِن ابنها».
وبعد هذا كلّه نَعْلَمُ أنَّ كَلامَ البحيري كَذِبٌ محضّ، وإنَّما القُرآنُ شَرَّع هذه التَّشريعات ليقضيَ على كلّ هذا، وليست الآيات القُرآنية من باب تحصيل الحاصل.
([1]) انظر: «الشرح الممتع على زاد المستقنع = ابن عثيمين» (11/308)، ط/ دار ابن الجوزي – السعودية.
([2]) نقلًا: عن موقع أجنبي اسمه «ستاندرد ميديا».