أدعياء التنويرشبهات فقهيةشبهات وردود

زعم البحيري: أنه لا وُجُودَ لشيء اسمُه عُقُوبة المُرتد في الإسلام الصَّحيح!

(66) زعم البحيري: أنه لا وُجُود لشيء اسمه عُقُوبة المُرتدّ في الإسلام الصَّحيح.

– الرَّدّ: هذا الكلامُ كَذِبٌ وباطلٌ؛ فَحَدُّ الرِّدَّةِ موجودٌ مُنْذُ عَصْرِ النُّبُوَّة وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عليه كما نَقَلَ ذَلِكَ غيرُ واحدٍ من أهل العلم منهم:

– قال «ابنُ بَطَّال» – رحمه الله –1: [قال ابنُ القَصَّار: والدَّليل على أنَّه يُسْتَتَابُ: الإجماعُ، وذلك أنَّ عمر بن الخطاب قال في المرتد: هلَّا حبستموه ثلاثة أيام، وأطعمتموه كلَّ يَومٍ رغيفًا لعلَّه يتوب فيتوب الله عليه، اللهم لم أحضرْ، ولم آمُرْ، ولم أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي. ولم يختلف الصَّحابة في استتابة المُرتدّ.] اهـ

– وقال «الكاساني» – رحمه الله –2: [وكذا العرب لما ارتدَّت بعد وفاة رسول الله ﷺ أجمعت الصَّحابة ╚ على قتلهم.] اهـ

– وقال «النَّووي» – رحمه الله –3: [فيه وُجُوبُ قَتْلِ المرتد، وَقَدْ أَجْمَعُوا على قَتْلِهِ….، ونقل ابنُ القَصَّار المالكيًّ إجماعَ الصَّحابة عليه.] اهـ

– وقال «الشَّوكاني» – رحمه الله –4: [وقدْ أجمعَ الصَّحابةُ على العَزيمة التي عَزَمَهَا أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ ؓ من المُقاتلة لمن فَرَّقَ بين الصَّلاة والزَّكاة.] اهـ

واكتفينا فقط بإيراد إجماعات الصَّحابة؛ لأنَّ المدعو البحيري لا يعترف إلَّا بها، أَّما الأحاديث فيُكذِّبها البحيري، لذا لم نوردْها، إنَّما احتجينا عليه بما يُصَدِّقُ، والله وليّ التَّوفيق.

ثمَّ إنَّ عُقُوبة المُرتدّ لها شواهد من الأُمَم السَّابقة، فكما ذكر الله – عز وجل – في قوم موسى لما عبدوا العجل: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 54].

وها نحن نورد له بعض النُّصُوص من كتاب النَّصارى الذي يرى البحيري أنَّه غير مُحَّرف وأنَّه كلام الله، ونكتفي بسِتَّة أمثلة وهي:

1- سفر التثنية (17/2 7): «إِذَا وُجِدَ فِي وَسَطِكَ فِي أَحَدِ أَبْوَابِكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ يَفْعَلُ شَرّاً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِكَ بِتَجَاوُزِ عَهْدِهِ. وَيَذْهَبُ وَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى وَيَسْجُدُ لهَا أَوْ لِلشَّمْسِ أَوْ لِلقَمَرِ أَوْ لِكُلٍّ مِنْ جُنْدِ السَّمَاءِ – الشَّيْءَ الذِي لمْ أُوصِ بِهِ. وَأُخْبِرْتَ وَسَمِعْتَ وَفَحَصْتَ جَيِّداً وَإِذَا الأَمْرُ صَحِيحٌ أَكِيدٌ. قَدْ عُمِل ذَلِكَ الرِّجْسُ فِي إِسْرَائِيل. فَأَخْرِجْ ذَلِكَ الرَّجُل أَوْ تِلكَ المَرْأَةَ الذِي فَعَل ذَلِكَ الأَمْرَ الشِّرِّيرَ إِلى أَبْوَابِكَ الرَّجُل أَوِ المَرْأَةَ وَارْجُمْهُ بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ. عَلى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاثَةِ شُهُودٍ يُقْتَلُ الذِي يُقْتَلُ. لا يُقْتَل عَلى فَمِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ. أَيْدِي الشُّهُودِ تَكُونُ عَليْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيراً فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ».

2- سفر التثنية (13/610): «وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرّاً أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ امْرَأَةُ حِضْنِكَ أَوْ صَاحِبُكَ الذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلاً: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلا آبَاؤُكَ، مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الذِينَ حَوْلكَ القَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ البَعِيدِينَ عَنْكَ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلى أَقْصَائِهَا. فَلا تَرْضَ مِنْهُ وَلا تَسْمَعْ لهُ وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَليْهِ وَلا تَرِقَّ لهُ وَلا تَسْتُرْهُ، بَل قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَليْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيراً. تَرْجُمُهُ بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ لأَنَّهُ التَمَسَ أَنْ يُطَوِّحَكَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِكَ الذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ العُبُودِيَّةِ».

  1. سفر العبرانيين (10/28): «مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ».
  2. يقول «التَّفسير التَّطبيقي للكتاب المُقدَّس» (ص:2661) [وقد قَدَّمَ كاتبُ الرِّسالة هذا التَّحذيرَ إلى اليهود المُتنصِّرين الواقعين تحت تجربة رفض المسيح والرُّجُوع إلى اليهودية. إلَّا أنَّ هذا التَّحذير ينطبق أيضاً على كُلِّ مَنْ يَرفُضُ المسيحَ مُتَّجِهًا إلى عِبَادَةٍ أُخرى، وإلى كُلِّ مَنْ يَتَحَوَّلُ عن المسيح ويتركه، عن عَمْدٍ، بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَ عَمَلَ المسيحِ الكَفَّارِيِّ.]
  3. يقول المُفسِّر «وليم باركلي» في «تفسير رسالة العبرانيين» (ص184): [حيث صدرت التَّعليمات بصريح العبارة، أنَّه إذا ثبت على إنسان أنَّه يذهب وراء آلهة غريبة ويسجد لها «فأخرِجْ ذلك الرجل أو تلك المرأة وأرجمه بالحجارة حتى يموت».]

والآن يا بحيري هل تستطيع أن تُنكر إجماعات الصَّحابة التي صرَّحتَ أنَّك تُصدِّقها وتعتدّ بها، وأتيناك أيضًا بنُصُوص من كتاب النَّصارى التي ترى أنَّه غير مُحرَّف وأنَّه كلام الله؟!


([1]) انظر: «شرح صحيح البخاري = ابن بطال» (8/572)، ط/ مكتبة الرشد – الرياض.

([2]) انظر: «بدائع الصنائع = الكاساني» (7/134)، ط/ دار الكتب العلمية.

([3]) انظر: «شرح النووي على مسلم = النووي» (12/208)، ط/ دار إحياء التراث العربي – بيروت.

([4]) انظر: «السيل الجرار = الشوكاني» (ص:945)، ط/ دار ابن حزم.

زر الذهاب إلى الأعلى