زعم إسلام البحيري: أنَّ «الإمامَ ابنَ قُدَامَة» – رحمه الله – يقول بأنَّ جِهَادَ الطَّلَبِ يكون من غير إمام، وكلٌّ يذهب بإرادته وحسب هواه!
(65) زعم البحيري: أنَّ «ابنَ قُدَامَة» رحمه الله يقول بأنَّ جِهَادَ الطَّلَبِ يكون من غير إمام، وكلٌّ يذهب بإرادته وحسب هواه، وذكر كلام «ابن قُدَامَة» الآتي: [فَإِنْ عُدِمَ الْإِمَامُ، لَمْ يُؤَخَّرْ الْجِهَادُ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ تَفُوتُ بِتَأْخِيرِهِ. وَإِنْ حَصَلَتْ غَنِيمَةٌ، قَسَمَهَا أَهْلُهَا عَلَى مُوجَبِ الشَّرْعِ.]
– الرَّدّ: وكالعادة هذا تدليس على «ابن قُدَامَة»، إذ نصّ كلام «ابن قُدَامَة» كاملًا كالآتي:
[وَأَمْرُ الْجِهَادِ مَوْكُولٌ إلَى الْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ، وَيَلْزَمُ الرَّعِيَّةَ طَاعَتُهُ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْتَدِئَ بِتَرْتِيبِ قَوْمٍ فِي أَطْرَافِ الْبِلَادِ يَكُفُّونَ مَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَيَأْمُرَ بِعَمَلِ حُصُونِهِمْ، وَحَفْرِ خَنَادِقِهِمْ، وَجَمِيعِ مَصَالِحِهِمْ، وَيُؤَمِّرَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ أَمِيرًا، يُقَلِّدُهُ أَمْرَ الْـحُرُوبِ، وَتَدْبِيرَ الْجِهَادِ، وَيَكُونُ مِمَّنْ لَهُ رَأْيٌ وَعَقْلٌ وَنَجْدَةٌ وَبَصَرٌ بِالْحَرْبِ وَمُكَايَدَةِ الْعَدُوِّ، وَيَكُونُ فِيهِ أَمَانَةٌ وَرِفْقٌ وَنُصْحٌ لِلْمُسْلِمِينَ؛ وَإِنَّمَا يَبْدَأُ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنْ عَلَيْهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ.
وَيَغْزُو كُلَّ قَوْمٍ مَنْ يَلِيهِمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ مَنْ لَا يَفِي بِهِ مَنْ يَلِيهِ، فَيَنْقُلَ إلَيْهِمْ قَوْمًا مِنْ آخَرِينَ. وَيَتَقَدَّمَ إلَى مَنْ يُؤَمِّرُهُ أَنْ لَا يَحْمِلَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَهْلَكَةٍ، وَلَا يَأْمُرُهُمْ بِدُخُولِ مَطْمُورَةٍ يُخَافُ أَنْ يُقْتَلُوا تَحْتَهَا، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ أَسَاءَ، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَقْلٌ وَلَا كَفَّارَةٌ إذَا أُصِيبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِطَاعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ وَمَعْرِفَتِهِ. فَإِنْ عُدِمَ الْإِمَامُ، لَمْ يُؤَخَّرْ الْجِهَادُ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ تَفُوتُ بِتَأْخِيرِهِ. وَإِنْ حَصَلَتْ غَنِيمَةٌ، قَسَمَهَا أَهْلُهَا عَلَى مُوجَبِ الشَّرْعِ.]1اهـ
طبعًا الكلام الذي تحته خط لم يَذكُرْهُ عَدُوُّ الإسلام البحيري. فها هو «ابن قدامة» يجعل أمرَ الجهاد وترتيبَه وَكُلَّ ما يَخُصُّهُ للإمام وحده، وأمَّا الجملة الأخيرة التي ذكرها البحيري، وَشَنَّعَ بها على «ابنِ قُدَامَةَ»، فسنذكر لها مِثَالًا ونترك الحكم للقارئ الكريم.
المثال: لو أنَّ الإمام أو رئيس البلاد في زيارة لدولة خارجية أو مات، والعدو على مشارف البلاد، فهل نَتْرُكُ العَدُوَّ يحتلّ أرضنا ولا نجاهده أو ندفع عن أنفسنا لأنَّ الإمامَ أو الرَّئيسَ غيرُ موجود؟!
أو سنحت لنا فُرصة أن نهجم على عدوّنا في أرضه كَيْ نَكُفَّ أَذَاهُ وطغيانه عَنَّا، فهل نترك تلك الفرصة لأنَّ الإمامَ أو الرئيسَ غير موجود؟!
ثُمَّ إنَّ عَدُوَّ الإسلام البحيري يريد أنْ يُصَوِّرَ لَكُمْ أَنَّهُ لا يوجد أمير للجيش، أو حتى قائد للكتيبة إلخ…، والله المستعان.
([1]) انظر: «المغني = ابن قدامه» (9/202)، ط/مكتبة القاهرة.