قضايا المرأة والأسرةمقالات أخرى

رد على منتقدي تعدد الزوجات

لقد كان العرب يبيحون للرجل أن يجمع في عصمته من الزوجات ما شاء دون التقيد بعدد، وكان الذين جمعوا بين أكثر من أربع زوجات أكثر من أن ينالهم العد1، وجاء الإسلام ومنهم من له العشرة من النساء والأكثر، والأقل، فقصر ذلك على أربع إن علم أنه يستطيع الإنفاق عليهن، والعدل بينهن، فإن خاف عدم العدل فليكتف بواحدة.

وما كانوا في الجاهلية يلتزمون العدل بين الزوجات، وكانوا يسيئون عشرتهن، ويهضمون حقوقهن حتى جاء الإسلام فأنصفهن، وأوصى بالإحسان إليهن في العشرة، وقرر لهن حقوقاً ما كن يحلمن بها2.

وتقول أنا (ماري شيمل) عن تعدد الزوجات في الإسلام:

“إن القرآن يعطى رخصة في التعدد وذلك في قوله تعالى: ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ﴾ [النساء: 3]، وهو ما يجعلنا نجد أن التعدد ليس واجبًا أو فرضًا ولكنه رخصة وهو مشروط بشرط العدل، ومجرد الخوف من عدم القدرة على تحقيق العدل يعنى عدم السماح بالتعدد.

ومن الناحية العملية فإن وجود سيدات أرامل كثيرات في الحروب سبب يجعل التعدد لصالح المرأة ولحمايتها، ويجب أن نعلم أن الرجل في الجاهلية كان يحق له الزواج بعدد غير محدود من النساء، فجاء الإسلام وحدد العدد وجعل لهذا التعدد شرطًا لازمًا وهو العدل، مما جعل رجال الإصلاح في الفقه يقولون إن الزوجة الواحدة أفضل من الناحية الشرعية، لأن الرجل يصعب عليه أن يحقق العدل في مشاعره بين زوجاته”3.

وتقول (أرمسترونج): “لقد ترك المسلمون الذين ماتوا في غزوة أُحد خلفهم زوجات وبنات بدون عائل، فنزل الوحى بعد الهزيمة يسمح للمسلمين باتخاذ أربع زوجات، وعلى المسلمين أن يتذكروا بأن الله خلق الناس من نفس واحدة، فكل من الذكر والأنثى متساويان أمام الله: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾ [النساء: 3].

وكثيرًا ما يتعرض تعدد الزوجات لنقد شديد، على أنه السبب في معاناة نساء المسلمين، ولكن في وقت نزول الآيات، كان يعتبر تقدمًا اجتماعيّا، حيث جاء نظام تعدد الزوجات – طبقًا للقرآن – بمثابة قانون اجتماعي، ليس بغرض مكافئة الشهية الجنسية للرجال، ولكن لرفع الظلم عن الأرامل واليتامى، وبصفة عامة عن النساء اللاتي كن معرضات للظلم، فكما أن كثيرًا ما يستحوذ بعض الأنانيين على كل شيء على حساب الضعفاء، كذلك كان كثير من النساء يتعرضن للاعتداء الجنسي ممن يُفترض أن يكونوا حماتهن من الوارثين الذكور، أو حتى يتحولن إلى أملاك تباع في سوق العبيد، وكان (ابن أُبَي)4 – على سبيل المثال – يجبر إماءه على الدعارة لحسابه، فرفض القرآن ذلك بحسم، وضمن للمرأة نصيبًا في الميراث، فكان الهدف من تعدد الزوجات ضمان حماية المرأة بأن تتزوج بكرامة، وحدد التعدد المفتوح السابق للإسلام بأربع زوجات، مع وجوب معاملتهن بالعدل، ومع الامتناع عن سلبهن ممتلكاتهن”5.

  1. السيرة النبوية للصلابي – نقلًا عن(دراسة تحليلية لشخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ص24،25). ↩︎
  2. المرجع السابق. نقلًا عن(السيرة النبوية لأبي شهبة). ↩︎
  3. (مجلة أكتوبر) في عدد 10 مارس 1996م. ↩︎
  4. عبد الله بن أبى بن سلول… رأس النفاق في زمن النبي محمد. ↩︎
  5. محمد نبي لزماننا/كارين أرمسترونج-ص134. ↩︎
المصدر
شبكة الألوكة
زر الذهاب إلى الأعلى