ردود على شبهات آراء المستشرقين حول القرآن الكريم ومناقشتها
المصدر الأول:
زعمهم أن الوسط الوثني مصدر من مصادر القرآن الكريم:
أ- قولهم أن محمدا استقى معلوماته التي وضعها في القرآن من البيئة التي عاش فيها بدليل التشابه.
ب- أن التشابه الموجود بين مقاطع من الشعر الجاهلي وبعض الآيات القرآنية حيث زعموا أن محمد عليه السلام استقاها من وسطه الوثني ووضعها في القران.
الرد:-
من كتاب آراء المستشرقين في التفسير تأليف عمر بن إبراهيم رضوان.
المصدر الثاني: (الحنفاء):
ذهب بعض المستشرقين ومنهم تسدال ومستر كانون (سل) وغيرهما إلى أن الحنفية ورجالها قبل البعثة المحمدية هم أحد مصادر القرآن بدليل وجود توافق وتشابه بين أحكام القرآن وهداياته وبين ما كان يدعو إليه الحنفاء. مثل:
- الدعوة لإفراد الله بوحدانيته سبحانه وتعالى.
- رفض عبادة الأصنام.
- الوعد بالجنان.
- الوعيد بالعقاب في جهنم.
- اختصاص المولى بأسماء: الرحمن، الرب، الغفور.
- منع وأد البنات. والإقرار بالبعث والنشور والحساب.
المصدر الثالث: (الصّابئة):
اعتبر المستشرقون الصابئة مصدر من مصادر القرآن الكريم وذلك للتشابه بينهما وبين ما جاء في القرآن من عقائد وعبادات ونسك حيث قالوا إن التأثير من الصابئة انتقل لمحمد عليه السلام عبر الوسط الوثني الذي عاش فيه محمد عليه السلام وأخذ منه كثيراً من طقوسه الدينية فمثلاً في:
- التشابه بين الصابئة والإسلام في الصلاة.
- التشابه في الصوم وارتقاب انتهائه وارتقاب الأعياد ببعض الكواكب.
- التشابه في الحج والتلبية وتقديم القرابين.
(المصدر الرابع): (الزرادشتية والهندية القديمة):
زعم (تسدال) أن كثيراً من المطالب الواردة في القرآن وفي الأحاديث تطابق مطابقة غريبة لما ورد في كتب الزرادشتية والهندية القديمة فينتج من ذلك أننا ملزمون على حد تعبيره أن الهندية مصدر من مصادر القرآن.
(المصدر الخامس): (النصرانية):
زعم تسدال أن النصرانية كانت أحد المصادر التي أخذ منها محمد وأدخلها في قرآنه مع أن مصادر النصرانية هذه لم تكن موثوقة بل كانت لفرق شاذة لها أساطير غريبة وكان يظن أنها الإنجيل.
واستشهد تسدال على ذلك ببعض القصص وبعض القضايا الأخرى ومن القضايا التي ذكرها:
- قصة أصحاب الكهف.
- قصة مريم عليها السلام.
- قصة طفولة المسيح وما جاء من معجزات ذكرها القرآن وأنكرها تسدال:-
كلامه في المهد، صنعه من الطين طير، قصة المائدة ونزول عيسى في آخر الزمان.
المصدر السادس: (اليهودية):
زعم تسدال، باسيه، أندريه، لامنز، جولد تسيهر، وغيرهم أن اليهودية مصدر من مصادر الإسلام واستدلوا على ذلك:
- تشابه القرآن واليهودية في القصص مثل قصة ابني آدم وقصة إبراهيم.
- التشابه في بعض القضايا العقدية والتشريعية والحث على مكارم الأخلاق.
(الردود على المصادر والأجوبة الخاصة بها):
1- الرد على المصدر الأول وهو: (زعمهم أن الوسط الوثني مصدر من مصادر القرآن):
لما أرسل الله تعالى إبراهيم وأمره ببناء الكعبة بمساعدة ابنه إسماعيل تزوج إسماعيل وكثر نسله حتى ملؤا الشعاب وضاقت بهم ووقعت بينهم الحروب فخرج منهم أناس وتوسعوا في البلاد لالتماس العيش. وبعد فترة دخلت الوثنية ديارهم وكان ذلك بسبب أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا واحتمل معه حجراً من حجارة الحرم حيث يطوفون به تعظيماً للكعبة وهكذا استبدلوا بدين إبراهيم غيره من عبادة الأوثان وصاروا مثل بقية الأمم وبقي فيهم بقايا من عهد إبراهيم يتنسكون بها مثل تعظيم البيت والطواف والحج والعمرة ومزدلفة… فلما أرسل الله تعالى محمد أراد من قومه أن يعودوا لدين إبراهيم قبل التحريف والتغيير فدعاهم لعبادة الله وصرف كل الأمور دون وسائط.. فأبوا أن يطيعوه وأخرجوه وقاتلوه حتى حقق الله النصر له ولأصحابه. ويتبين لنا من خلال هذا الكلام على أن العرب كان فيهم بقايا من دين إبراهيم وبقايا من أخلاق الإسلام وأمور أقرها الإسلام ورغب فيها كالشجاعة والكرم ووصل الأرحام… وأما بالنسبة لقولهم أن التشابه الموجود بين مقاطع من الشعر الجاهلي وبعض الآيات والتي استقاها محمد ووضعها في القرآن. وخاصة أن بعض الآيات توافقت مع مقاطع من شعر أمية بن أبي الصلت وامرؤ القيس.
والرد على ذلك:
إن قضية التلفيق في الشعر ونسبتها للقدماء من الشعراء أمر لا يستطيع أحد إنكاره وقد فعل هذا (حماد الراوية وخلف الأحمر) فما الذي يمنع أن يكون هذا الشعر ملفقاً على العصر الجاهلي وعلى شعرائه.
أما بالنسبة لأمية بن أبي الصلت: فقد عاش في عصر نزول الوحي بالطائف وكان من الحنفاء من قرأ الكتب المتقدمة من كتب الله وكان يرغب عن عبادة الأوثان ويخبر بأن نبياً يبعث وكان يعرف بأمور الآخرة وتبشير للمؤمنين وتبكيت للمجرمين. فتوافقها مع الآيات كتوافق أفكار ومصطلحات مع التوراة والإنجيل مع الفوارق في اللغة والأسلوب. لذا فهو يأخذ أشعاره من أساليب القرآن ومعانيه.
وقد اعترف أهل الفصاحة والبلاغة على أن القرآن ليس بشعر ولا يشبهه فهل بلغ من المستشرقين أن أصبحوا أكثر من أهل اللغة العربية فصاحة وبلاغة وقدرة على وقوفهم على ما هو شعر مما هو قرآن.
2- الرد على المصدر الثاني (الحنفاء):
أن الإسلام ما جاء ليهدم كل ما وجده في طريقه، لا بل ما كان منه موافقاً للإسلام أبقاه ودعمه وأحياه ووضح هذا المعنى قوله عليه السلام: “بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” وهذا المبدأ الذي جعل الرسول عليه السلام يحضر حلف الفضول في دار عبدالله بن جدعان قبل بعثته لأنه يتمشى مع فطرته عليه السلام ويلائم ما نشأه الله عليه سبحانه. ومنه ما كان عليه السلام يثني على صاحب الخلق النبيل حتى لو كان مشركاً كثنائه على حاتم الطائي لكرمه. وما كان منه مخالفاً له فحاربه لمحاربته للشر وللخلق الهابط كمحاربته التعري حول البيت أثناء الطواف لعدم ملاءمته حرمة المكان ولمخالفته الفطرة السوية.
ولأنه تأباه النفس الأبية الزكية هذه هي نقطة اللقاء بين الإسلام والحنيفية لا كما يفهمه المستشرقون. ومن هنا يتبين الفرق بين نبوة كاملة وشرع متكامل وقرآن معجز عظيم وبين بقايا دين طمس نوره بين حطام الجاهلية وأوحال الشرك والوثنية.
3- الرد على المصدر الثالث (الصابئة):
كلمة الصابئة أصلها عربي لا كما زعم المستشرقون فمعناها خرج من دين إلى دين آخر كما تصبأ النجوم أي تخرج من مطالعها.
والعرب كانت تسمي النبي عليه السلام الصابئ لأنه خرج من دين قريش إلى الإسلام ويسمون من دخل دين محمد صابئ.
والصابئة: لما مالوا عن سنن الحق وزاغوا عن نهج الأنبياء سموا بهذا الاسم والصابئة من أكثر الفرق صعوبة في الحكم عليها حيث أنها تلتقي مع كثير من الديانات السماوية وغير السماوية سواء في العقائد أو في العبادات أو غير ذلك من أجل هذا اختلف أحكام الناس عليهم من القديم وعلى ما كان وجودهم.
ومن هنا يظهر الفرق الكبير بين الإسلام وبين الصابئة في الاعتقادات والعبادات والأحكام والسلوك.
4- الرد على المصدر الرابع (الزرادشتية الهندية القديمة):
إن الزعم الذي أورده (تسدال) يمكن تقسيمها إلى مجموعتين:
1- ما ورد لها أصل في القرآن والسنة الصحيحة مثل: قضية الإسراء والمعراج والجنة والنار والصراط والصلوات الخمس فهذه الأمور لها أصل في الديانات السابقة ومن تكريم الأنبياء بالمعجزات فإذا اشتملت بعض الديانات السماوية على مثل هذه الأمور ووافقت ما ورد في القرآن والسنة فتكون هذه القضايا من الأمور التي لم تتناولها أيدي التحريف والتبديل في الديانات السابقة المنسوخة.
فالزرادشتية سواء كانت في صورتها القديمة أو بعد انحرافها قد تأثرت بعدة ديانات منها الإسلام.
2- النوع الثاني والتي لم يرد فيها أصل في القرآن ولا في السنة ووردت في الزرادشتية. ونسبها (تسدال) للإسلام من خلال بعض الكتب. إذاً هذه الأحاديث لا يصح الاعتماد عليها وجعلها عمدة في قضية غيبية كهذه لضعفها ووضعها ومن هنا تسقط هذه الشبهة التي استند إليها (تسدال).
5- الرد على المصدر السادس (اليهودية):
يعترف الإسلام بالأديان السابقة ويوجب على أتباعه أن يعترفوا بهذه الرسالات وبالرسل الذين حملوها إلى أقوامهم، ولكن الإسلام جاء خاتماً للديانات السابقة وناسخاً لها وحاملاً أحسن ما حوته من تشريعات وزاد في احتياجات البشرية في كل جوانب الحياة، فجاء شاملاً لمناحي الحياة عاماً لكل بني الإنسان إلى يوم الدين. ملبياً لهم كافة حاجاتهم البشرية وموضحاً ما يحتاجونه من أحكام شرعية مما يجب على البشرية الرجوع له واتباعه وتحكيم شرعه والخضوع لأوامره وتعليماته حيث أنه يتضمن باقي شرائع الله التي وردت في الكتب السابقة.
والمسلمون يمتازون عن بقية الأمم بتعظيمهم رسل الله عليهم السلام ويثبتون في حقهم علو الفطرة والصدق في القول والأمانة في التبليغ والعصمة من كل ما يشوه مسيرتهم.
فهم بشر كبقية الخلق ميزوا عليهم برسالاته وأيدوا بمعجزاته لإثبات صدقهم وتأييدهم في دعواتهم.
أما اليهود والنصارى فكان على عكس هذا من التشنيع على أنبيائهم ونسبة ما لا ينبغي بحقهم وإيذائهم بالسب والشتم والقتل وخاصة اليهود الذي تعاظم حقدهم على الإسلام والمسلمين والقرآن الكريم.