دعا رسول الله فاطمة فأعطاها فدك!!
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد فهذه حلقة جديدة من سلسلة صورة وتعليق! نشر أحدُ الرافضة هذه الصورة ليدلل بما فيها على أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه غَصَبَ فاطمةَ أَرْضَ فَدَك!
فاستعنتُ بالله وكتبتُ ردًا على ذلك أقول:
لا يزال روافض الإسلام يكذبون ويفترون على الله وسوله صلى الله عليه وسلم ويفضحون جهلهم وتناقضهم بأنفسهم وأيديهم!
أولا: دين الإسلام العظيم لا يُقبل فيه إلا الأحاديث الصحيحة أو الحسنة كما هو معروف عند علماء المسلمين! وكتابُ الدر المنثور للسيوطي كتابٌ يختصر الأسانيد ويذكر المتون مع عزوها إلى مصدرها. فالاستدلال بالرواية من كتاب لم يَذْكُرْ سَنَدَهَا سوأة فكرية عند من يفعل ذلك!
ثانيا: إذا أردنا أن نبحث عن سَنَدِ الرواية فسنجد أن السيوطي قد ذَكَرَ لنا أن البزار وأبا يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه قد رووها عن أبي سعيد! وهذا سندها عند البزار، يقول: [2223 – حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: 26] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ فَأَعْطَاهَا فَدَكَ]. وهذا هو سندها عند أبي يعلى الموصي في مسند، يقول: [1075 – قَرَأْتُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ الطَّحَّانِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: هُوَ مَا قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: ” لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: 26] دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ وَأَعْطَاهَا فَدَكَ “]. وهي ليست عند ابن أبي حاتم، وتفسير ابن مردويه مفقود! ولكن ظاهر صنيع السيوطي على أن الرواية عند ابن مردويه بنفس هذا الإسناد! ومدار الرواية على عطية العوفي، وهو شيعي مدلس ضعيف الحديث. قال ابن حجر العسقلاني: [عطية بن سعد العوفي الكوفي تابعي معروف ضعيف الحفظ مشهور بالتدليس القبيح]. طبقات المدلسين ص50 قال الحافظ الذهبي: [ عطية بن سعد العَوْفِي الكوفي تابعي شهير: ضعيف عن ابن عباس وأبي سعيد وابن عمر وعنه مسعر وحجاج بن أرطاة وطائفة وابنه الحسن. قال أبو حاتم: يكتب حديثه، ضعيف.
وقال سالم المرادي: كان عطية يتشيع. وقال ابن معين: صالح. وقال أحمد: ضعيف الحديث. وكان هشيم يتكلم في عطية. وروى ابن المديني عن يحيى قال: عطية وأبو هارون وبِشْر بن حَرب عندي سواء. وقال أحمد: بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير وكان يكنى بأبي سعيد فيقول: قال أبو سعيد. قلت (الذهبي): يعني يوهم أنه الخدري. وقال النسائي وجماعة ضعيف]. ميزان الاعتدال ج5 ص101، ط دار الكتب العلمية – بيروت. وهذا جَرْحٌ مفسر عند الإمام أحمد، وسببه أن عطية كان يذهب إلى محمد بن السائب الكلبي فيأخذ عنه التفسير، ويقول عن أبي سعيد، فيظن السامع أنه الصحابي أبو سعيد الخدري، في حين أنه يتحدث عن أبي سعيد الكلبي! وأبو سعيد الكلبي متهم بالكذب عند علماء الحديث وقد اتفقوا جميعا على ضعفه. قال أبو حاتم الرازي: الناس مجمعون على ترك حديثه. فالرواية في سندها علتان، بل ثلاثة:
1. عطية العوفي: شيعي، ضعيف الحديث.
2. أبو سعيد الكلبي: رافضي، مُجْمَعٌ على ضعفه.
3. سواءً كانت الرواية عن محمد بن السائب أبي سعيد الكلبي أو عطية عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهي رواية مُرسلة! والإرسال أحد قوادح الاتصال المعروفة في ضعف الروايات.
ثالثا: تفسير محمد بن السائب الكلبي كله كذب! قال أحمد بن هارون: سألت أحمد بن حنبل عن تفسير الكلبي، فقال: كذب. قلتُ: يحل النظر فيه؟! قال: لا]. المجروحين لابن حبان ج2 ص254.
رابعا: وقد أعلَّ الإمامانِ الكبيرانِ أبو حاتم وأبو زُرْعَة الرازيانِ هذه الرواية! قال ابن أبي حاتم: [وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ خُثَيْم، عَنْ فُضَيْل بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ قَالَ: لمَّا نزلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}، دعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم فاطمةَ، فجعَلَ لها فَدَكَ؟! فقال (أبو حاتم): إنما هو عَنْ عطيَّة؛ قَالَ: لمَّا نزلَتْ … مُرسَلًا؛ قَالَ: ليس فيه ذِكْرُ أبي سعيد. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حدَّثنا أَبُو نُعَيْم، عَنْ فُضَيْل، عَنْ عطيَّة، قَطْ؛ قَالَ: لمَّا نزلَتْ …، ليس فيه ذِكْرُ أَبِي سَعِيد]. علل الحديث لابن أبي حاتم ج4 ص583. قلت (أبو عمر) : فإنْ كانت الرواية عن أبي سعيد فقد علمتَ أخي القارئ الكريم أنه الكلبي الرافضي المتهم، وإن لم تكن عنه ؛ فقد عَلِمْتَ قولَ أبي حاتم وأبي زرعة أنها مرسلة من قول عطية العوفي، وهو الصحيح. والله أعلم.
خامسًا: قوله تعالى: { وآتِ ذا القربى حقه } آية مكية نزلت في مكة قبل الهجرة، وفتح خيبر كان في السنة السابعة من الهجرة، فكيف يُقال إن الآية حينما نزلت أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم أرض فدك لفاطمة عليها السلام والرضوان؟! كيف أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم أرض فدك لفاطمة قبل فتحها بما لا يقل عن سبع سنوات؟! قال الحافظ ابن كثير: [وَهَذَا الْحَدِيثُ مُشْكَلٌ لَوْ صَحَّ إِسْنَادُهُ؛ لَأَنَّ الآية مكية، وفدك إِنَّمَا فُتِحَتْ مَعَ خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ فَكَيْفَ يَلْتَئِمُ هَذَا مَعَ هَذَا؟!]. تفسير ابن كثير ج5 ص69، ط دار طيبة – الرياض.قلت (أبو عمر): مَنْ وَضَعَ هذه الرواية غبيٌ لا يُفكر! وعليه فلا يصح أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى أرض فدك لفاطمة رضي الله عنها!
سادسًا: إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعطى أرضَ فَدَك لفاطمة رضي الله عنها في السنة السابعة ؛ فلماذا ذهبت السيدة فاطمة تطلب أرض فدك – كميراث لها – من أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟! كلنا نعلم أن الميراث يُقَسَّم بعد وفاة صاحب التَّرِكَة، وهذه الرواية تقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى فاطمة أرض فدك في حياته، إذًا فهذه هبة وليست ميراثًا!! وهذا دليل آخر على غباء واضِعِ هذه الرواية! فإن قالت الشيعة الرافضة إن أرض فدك كانت هبة فقد نسفوا جميع الروايات التي تقول إن أرض فدك كانت إرثًا لفاطمة، وإن قالوا إن فدك كانت إرثًا فقد دمَّروا جميع الروايات التي تقول إنها هبة !! وهكذا يهدم روافض الإسلام دينهم بأيديهم وكأنهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين!
——————
والحمد لله رب العالمين