خروج أم المؤمنين عائشة للإصلاح أم القتال؟!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه, وبعد:
هذه صورة نشرها أحدُ الرافضة للطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وتكفيرِها !
وإليك الجواب:
صاحب الصورة دجال كذاب مدلس ، وسأبين كذبه من خلال عدة أوجه:
أولا:
أنه نقل عن سير أعلام النبلاء للذهبي إجماع العلماء جميعًا على أن عليا مصيب في قتاله في الجمل وصفين.
1. وكلامه يوهم أن الذهبي هو الذي نقل هذا الإجماع، في حين أن محقق الكتاب هو الذي ذكر هذا الكلام في هامش وليس الكلام من كلام الذهبي نفسه !
2. أن محقق الكتاب قال : ونقل المناوي في ” فيض القدير ” 6 / 366 عن كتاب الإمامة للإمام عبد القاهر الجرجاني قوله: أجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي منهم: مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، والاوزاعي، والجمهور الأعظم من المتكلمين والمسلمين، أن عليا مصيب في قتاله لأهل صفين، كما هو مصيب في أهل الجمل، وأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له.
ومعلوم أن العلماء لا ينحصرون في فقهاء الحجاز والعراق فقط.
كما أن قوله ” الجمهور الأعظم ” لا يعني إجماع الأمة كلها.
وأنا كمسلم سُنِّي سَلَفِي أقول أن عليًا رضي الله عنه مُصِيبٌ في حروبه كذلك، غير أني لا أكفّر الصحابة رضي الله عنهم كما يفعل رافضة الإسلام.
والخلاصة من هذه المداخلة أن الذهبي لم يَدَّعِ الإجماع كما يوهم كلام الرافضي، كما أن الإجماع المزعوم ليس كاملا كما دلس الرافضي على أئمتنا وعلمائنا.
———–
ثانيا:
زعم الكذوب أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها خرجت على إمام زمانها، واستدل بروايتين ، وإليكم البيان:
1. أم المؤمنين عائشة عليها سلامُ الله ورضوانُه، إنما خرجت للإصلاح بين الناس وليس للقتال.
• قال الإمام أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ): حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ، فَلَمَّا بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلاً نَبَحَتِ الكِلاَبُ. فَقَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟
قَالُوا: مَاءُ الحَوْأَبِ. قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلاَّ أَنَّنِي رَاجِعَةٌ. قَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِيْنَ، فَيَرَاكِ المُسْلِمُوْنَ، فَيُصْلِحُ اللهُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ …}.
• قال الإمام ابن حبان:
{ وَقدم زيد بْن صوحان من عِنْد عَائِشَة مَعَه كِتَابَانِ من عَائِشَة إِلَى أبي مُوسَى وَالِي الْكُوفَة وَإِذا فِي كل كتاب مِنْهُمَا بِسم اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم من عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ إِلَى عَبْد اللَّه بْن قيس الْأَشْعَرِيّ سَلام عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمَد إِلَيْك اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد فَإِنَّهُ قد كَانَ من قتل عُثْمَان مَا قد علمت وَقد خرجتُ مُصْلِحَةً بَين النَّاس ، فَمر من قبلك بالقرار فِي مَنَازِلهمْ وَالرِّضَا بالعافية حَتَّى يَأْتِيهم مَا يحبونَ من صَلَاح أَمر الْمُسلمين فَإِن قتلة عُثْمَان فارقوا الْجَمَاعَة وَأَحلُّوا بِأَنْفسِهِم الْبَوَار }. الثقات لابن حبان (2/ 282)
2. لو كانت أم المؤمنين ستخرج على علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما أمرت الناسَ بالتزام عليِّ بن أبي طالب ومبايعته.
• عن عبد الله بن بُدَيْل بن ورقاء الخزاعيِّ: [ أنه سأل عائشة رضي الله عنها يوم الجمل، وهي في الهودج، فقال: يا أم المؤمنين، إني أتيتُك عندما قُتل عثمان، فقلتُ: ما تأمريني؟ فقالت له: الزم عليًّا ].
رواه ابن أبي شيبة (7/ 545)، وقال الحافظ في الفتح: “بسند جيد”؛ “فتح الباري” (13/ 57).
• عن الأحنف بن قيس قال:
[ حجَجنا فإذا الناس مجتمعون في وسط المسجد – يعني: المدينة – فلقيتُ طلحةَ والزبير، فقلت: إني لا أرى هذا الرجل إلا مقتولًا، فمن تأمراني به؟
قالا: علي، فقدمنا مكة، فلقيتُ عائشة، وقد بلغَنا قتلُ عثمان، فقلت لها: من تأمريني به؟ قالت: علي، قال: فرجعنا إلى المدينة فبايعت عليًّا ورجعت إلى البصرة ].
وقد صحح الحافظ إسناد هذه الرواية في فتح الباري (13/ 34).
2. لا يوجد في دين الإسلام شيء اسمه ” إمام الزمان ” بل يوجد “خليفة شرعي ” أو ” حاكم شرعي ” أو ” ولي الأمر ” أو ” أمير المؤمنين “.
أما مصطلح إمام الزمان فهذا مصطلح لا نعرفه في دين الإسلام، ربما في دين ابن سبأ نعم، أما في دين الإسلام العظيم فلا.
3. حديث النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: { لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق } لا يُقصَد به هذا المعنى الذي يريده المجوسي صاحب الصورة.
قال الإمام الذهبي:
{ فَمَعْنَاهُ: أَنَّ حُبَّ عَلِيٍّ مِنَ الإِيْمَانِ، وَبُغْضَه مِنَ النِّفَاقِ، فَالإِيْمَانُ ذُو شُعَبٍ، وَكَذَلِكَ النِّفَاقُ يَتَشَعَّبُ، فَلاَ يَقُوْلُ عَاقل: إِنَّ مُجَرَّدَ حُبِّهِ يَصيرُ الرَّجُلُ بِهِ مُؤْمِناً مُطلَقاً، وَلاَ بِمُجَرَّدِ بُغضه يصيرُ بِهِ الموحِّد مُنَافِقاً خَالصاً.
فَمَنْ أَحَبّه وَأَبغض أَبَا بَكْرٍ، كَانَ فِي مَنْزِلَة مَنْ أَبغضه، وَأَحَبَّ أَبَا بَكْرٍ، فَبُغضهُمَا ضَلاَلٌ وَنفَاق، وَحبُّهُمَا هُدَىً وَإِيْمَان }. سير أعلام النبلاء (12/ 510)
4. قد قال النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا للأنصار: لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق }.
وأنتم يا رافضة لستم تبغضونهم فقط، بل تكفرونهم مع أنهم أحباب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد دعا لهم كثيرا وقال: { اللهم اغفر للأنصار، وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار }.
وقد صَحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: { آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ }، فبهذا الحديث وغيره, وَحَسْبَ استدلالِ الرافضيِّ يكون الرافضةُ جميعًا كُفَّارًا لأنهم يبغضون الأنصار.
5. رواية [ أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم ] الاستدلال بها باطل.
لأن في سندها تليد بن سليمان وهو مُجْمَعٌ على ضَعْفِهِ عند العلماء, ثم إن محقق مسند الإمام أحمد قال عن الرواية: إسناده ضعيف جداً، تليد بن سليمان اتفقوا على ضعفه، واتُهم بالكذب.
وقال الحاكم: رديء المذهب، منكر الحديث، رَوَى عن أبي الجحاف أحاديث موضوعة كذبه جماعة من العلماء.
بل هو رافضي خبيث كذَّاب يشتم الصحابة كما قال الإمام ابن حبان. فهل رواية الكذاب تعتبر رواية صحيحة الإسناد ؟؟
أليس الشرط الثاني من شروط صحة الرواية هو عدالة الرواة ؟؟ فكيف يكون الكذابُ عَدْلا ؟؟
———-
ثالثًا:
زعم الرافضي مخالفة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها للقرآن الكريم في قوله تعالى: { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى }.
ثم أطلق المجرم حكًما لو سمعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه لجلده عليه !
1. فمن الذي قال أن مخالف القرآن الكريم كافر ؟!
كل عصاة المسلمين مخالفون للقرآن الكريم، فالذي يزني أو يسرق أو يقتل أو يفعل معصية أيًّا كانت يعلم في الغالب أن الله حَرَّمها في القرآن الكريم، ومع ذلك يقترفها، ومنهم من يتوب ويؤوب ويرجع، ومنهم من يظل على معصيته.
فهل كل هؤلاء كفار ؟!! هذا الكلام يثبت أن دين الشيعة الروافض دين تكفيري بامتياز !!
2. كل ما سبق لا يشمل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أصلا إذ أنها خرجت للإصلاح بين المتخاصمين، وهذا موافق لقوله تعالى: { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا }. سورة النساء: آية (114).
فقوله تعالى { وقرن في بيوتكن }، ليس معناه عدم الخروج مطلقًا من البيوت، بل لما رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أم المؤمنين سودة بنت زمعة وقال لها انظري كيف تخرجين، فوالله ما تخفين علينا إذا خرجت، فذكرت ذلك سودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل عليه الوحي، فقال: { إن الله قد جعل لكن رخصة أن تخرجن لحوائجكن }. رواه أبو يعلى بإسناد صحيح.
فإذا كان الله قد أَذِنَ لأمهاتِ المؤمنين أن يخرجن من بيوتهن لقضاءِ حوائجهنَّ، فمن باب أولى أن يخرجن لقضاء حوائج الأمة كالإصلاح بين المسلمين.
3. إذ قصد الرافضي أن يغمز أم المؤمنين في عِرضِهَا بقوله [ خروجها من الرجال من المدينة إلى البصرة ] فهو كافرٌ كفرًا أكبر يخرجه من ملة الإسلام.
فإنَّ السيدة عائشة عليها السلام أُمٌّ لكل مسلمٍ مؤمنٍ بِنَصِّ القرآن الكريم, كما قال تعالى: { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأزواجه أمهاتهم }.
فما الضير من خروجها رضي الله عنها مع أبنائها بنص القرآن الكريم للإصلاح بين المتخاصمين ؟!!
4. كيف تكون أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كافرة، وقد شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة في عدة مواضع ؟!
روى ابن حبان في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: { يا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجك في الجنة قال: “أما إنك منهن” …}. صحيح ابن حبان (16/ 8) ط الرسالة.
قال المحقق: إسناد صحيح على شرط مسلم، وقال الألباني: على شرط مسلم.
وقد قال جبريل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم:
{ إن هذه زوجتك في الدنيا والآخرة }. رواه الترمذي بسند صحيح.
بل حتى عمار بن ياسر رضي الله عنه، وهو الصحابي الجليل الذي تقدسه الرافضة صح عنه أنه قال عن أم المؤمنين عائشة عليها السلام: والله إنها لزوجة نبيكم في الجنة }.
فعن حميد بن عريب قال: { وقع رجل في عائشة يوم الجمل واجتمع عليه الناس فقال عمار ما هذا قالوا رجل يقع في عائشة فقال عمار أسكت مقبوحا منبوحا، أتقع في حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنها لزوجته في الجنة }. الطبقات الكبرى (8/ 65).
وبهذا يتبين كذب الرافضي على أم المؤمنين عائشة عليها السلام والرضوان .
والحمد لله رب العالمين ،،،،