الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه الأكرمين.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحْده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله
أمّا بعد:
فإنّ (مركز تكوين)، يَتحدد الموقف منه بناءً على ثلاثةِ أمورٍ:
الأَوَّل: معرفة أعضائه والقائمين عليه: أشخاصهم، أديانهم، عقائدهم، مؤهلاتهم العلم ومدى صلتهم بالموضوع. ومعلوم أنهم جميعاً على خلاف مع الإسلام، بل حاقدون عليه وعلى رسوله والقرآن والسنة النبوية وتراثه، وأنهم لا صلة لهم بالإسلام إلا صلة العداوة والمحاربة والتنقص والاستهزاء والافتراء؛ وهم بحسب أديانهم على خلافٍ مع الإسلام؛ إذ هم ما بين: نصراني، أو نصيري، أو علماني، أو لا ديني، أو مكذّب بالإسلام ورسوله وأصحابه رضوان الله عليهم الناقلين له!
فهل هؤلاء المتزعّمون مهمّة (مركز تكوين) لديهم أهليةٌ لتعريفهم بالإسلام ورسوله وكتابه! أو التصحيح لمفاهيم الإسلام!
أو أنّ لديهم الأهلية لمحاربتهم للإسلام بجهلهم وغبائهم الذي فاجؤونا به! وبه سقطوا من أعين الناظرين، ومِن أسماع السامعين؛ لإثبات أعضاء المركز بفعالهم وبسلوكهم وتصرفاتهم ومستوياتهم علمياً أنهم قد جمعوا بين الجهل والحقد على الإسلام وفضائله، وأنهم ليست لديهم الأهلية لهذه المهمة التي يَنعقون بها!
والواقع أنّ هذا هو الحكم فيهم لدى كل إنسان سويّ، بغضّ النظر عن دينه ومذهبه
فلو سألتَ أيّ إنسان سويّ -بغضّ النظر عن دينه-: هل يستقيم سؤال قسيس عن رأيه في الإسلام أو عن أحكام الإسلام؟ أو سؤال شيخٍ مسلم عن العبادات في اليهودية أو في المسيحية؟ أو هل يصحّ سؤال أي شخصٍ في أيّ دِين عن دينٍ آخر؟ لو سألتَ أيَّ إنسان سويّ مثل هذا السؤال لضحِك منك ومِن سؤالك!
• لقد بَلَغ مِن أدبِ البحث والإنصاف في الإسلام إلى حدّ ما قرره الأئمة مِن أنه على الباحث أن لا يأخذ مذهباً من المذاهب الإسلامية من خلال كلام شخص على مذهبٍ آخر، وأنّ الصواب أن يؤخذ المذهب مِن مصادرِ المذهب نفسه لا مِن مصادر مذهب آخر!
• والقاعدة المنطقية العامة، التي لا يختلف فيها العقلاء، هي أنه: لا يُحْكم على إنسانٍ بِحَسَبِ حُكْمِ خصمه فيه!
• ولقد بلغ مِن سُموّ منهج أئمة الحديث عندنا، نحن المسلمين، أنْ قرَّرَ أئمةُ الحديثِ في قواعدهم المنهجية أنه لا يُقبَل قول شخصٍ فيمن بينه وبينه عداوة أو خصومة!
• بل وقرر أئمة الحديث الحُكم بردِّ رواية الحاقد على أخيه المسلم الذي بلَغ مِن حقده أنْ يَسرّه ما يضره؛ لأنهم اعتبروه مخروم المروءة ساقط العدالة! فهذا بعض مبادئ الإسلام، الذي يتطاول عليه ساقطو المبادئ هؤلاء!
• فما بال بهؤلاء الخصوم للإسلام! كيف يُتصوّر أن يُلتفتَ إلى قولهم في الإسلام أو يُسمع رأيهم فيه أو طعنهم فيه! أفليس متوقعاً -وهمْ السيئون- أنْ يكون رأيهم في الإسلام سيئاً؟
الثَّاني: تحكيمُ النظرة التأصيلية المبنية على كلٍّ مِن: العقل، والفطرة، والدِّين، التي هي مُحْتَكَمُ العقلاء؛ فبها يتضح أنه غيرُ مقبول في حكمِ كلٍّ مِن: العقل، والفطرة، والدِّين، قبول أيِّ شرحٍ أو تقييمٍ أو رأيٍ في حق الإسلام أو حقِّ أي دينٍ آخر، حين يكونُ ذلك الحكم صادراً عن طريق شخصٍ مخالفٍ له، فضلاً عن أن يكون حاقداً عليه، معادياً له؛ فالدنيا كلها لا تشكّ في صحة هذا المبدأ!
• لقد حكَم هؤلاء الحمقى الملطَّخون بفساد سيرتهم وفساد أفكارهم على أنفسهم حين تجرّأوا على قدسية دين الله الخالق بالسب والطعن والتشويه؛ فما شوّهوا بهذا إلا أنفسَهم وأفكارَهم وعقائدَهم! وهذه سنّة الله فيهم وفي أمثالهم في كل زمان ومكان! والله غالبٌ على أمره، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون!
• ثم إنّ استخدام سلاح الكذب؛ إنَّما هو إعلانٌ لهزيمةِ مستخدِمِه؛ وإعلانٌ لانتصار ما يريدون هزيمته، أو إعلانٌ منهم لانتصار مَن يرومون هزيمتهم وهم لا يشعرون! وكذِبُ الكذابين لا يَلتفت إليه عاقلٌ أو سويٌّ. والواقع أنّ الحقيقة التي ثبتت على أيدي هؤلاء الحاقدين على الإسلام، الذّامّين له، هي أنهم لا يملكون تُجاه الإسلام إلا اختلاقهم الأكاذيب ضده، وترديدهم لها!
• وما دام هذا هو واقعهم مع الإسلام؛ فهم لا يستحقون ردوداً ولا التفاتاً إليهم؛ وإنما مرادنا بهذا القول تبصير مَن ليس له معرفة بهم، ومَن ليس لديه معرفة كافية بالإسلام تَحُوْل بينه وبين الانخداع بادّعاءاتهم. والله مِن وراء القصد، وهو يَهدي السبيل.
• وأمّا المسلم المغفّل، الذي يَغفل عن هذه الحقائق، ويَفتح عقله، أو قلبه، أو عينه، أو أُذنه، لمثل هذه الأنشطة الزائفة، المعادية لله ولخاتم رسله ولدينه ولكتابه ولسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيُضيع شيئاً من وقته أو جهده للانشغال بهذه الأنشطة، دون حياء من الله ورسوله، فنقول له الآتي: • هل أنت في شكّ مِن دينك حين تفعل هذا!
• لماذا، إذنْ تقول في صلاتك: (اهدنا الصراط المستقيم)!
• بل كيف تغفل عن واجبك في الدفاع عن دينك وعن فضْح ما يُحاربه ومَن يُحاربه!
الثالث: • الإسلام هو دينُ الله، الذي اختاره شِرعةً ومنهاجاً للعالمين، وجميع مَن هو سِوى الله فهم خَلْق الله؛
فلا يُتصوّر أنْ يُصحح المخلوق لله الخالق دينَه، أو يَملك حقَّ النقد للخالق أو النقد لرسوله أو لتعاليمه!
• وليس مُتصوّراً عقلاً ومنطقاً أنْ يأتي المخلوق، بل جميع المخلوقين بأحسنَ مما جاء به الخالق سبحانه!
•
وكل دعوى ادّعاها الطاعنون في دين الله، الإسلام؛ فهي زائفة مردودة على أصحابها!
• بل العجيب أنّ كل دعوى يَتنقّص بها هؤلاء السفهاءُ دينَ الله أو القرآن والحديث النبوي، فقد ردّ الله عليها في كتابه القرآن الكريم وفي أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك يَشمل شبهاتهم منذ نزول القرآن إلى آخر الدنيا!
وهذا إعجازٌ إلهيٌّ باهرٌ قاهرٌ! وخُذْ بعض الأمثلة:
وخُذْ بعض الأمثلة: 1
خُذْ مثلاً لهذا: مما يدّعيه الطاعنون في الإسلام الأفّاكون دعوى الحاجة لتحديث هذا الدين وتجديده؛ لزعمهم أنه أصبح قديماً وهذه الدعوى قد ردّ عليها القرآن بصورةٍ إعجازية في مواضع كثيرة من القرآن، ومِن ذلك أنّ الله أخبر عن حال الكفار الطاعنين في دينه، الكافرين بآياته، فقال جلّ جلاله: {إِنّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} ، [النساء:56].
فهذه الآية مشتملة على إعجازٍ في هذا الخبر عن حالهم في الآخرة، وهو الإشارة إلى أمرٍ علميّ لم يُعرف إلا عن طريق العلم الحديث، وهو كون مرْكز الإحساس بالألم إنما هو في جلد الإنسان؛ ولهذا يُجدّد الله خَلْقَ جلودهم يوم القيامة كلما نضجت، فقال سبحانه: ( {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} )!
فهذا خبرٌ عن عقوبتهم عند الله يوم القيامة! وهو إعجازٌ علميّ لم يكن معروفاً عند نزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم!
والعجيب، أيضاً، أنّ هذا الإعجاز العلمي قد أَخبَرَ الله عنه في الوقت الذي ساقَ به إعجازاً علميّاً في أثناء إخباره عن عقوبة هؤلاء الكافرين بالله وبدينه، وعَبْر كلامه عن موضوعٍ آخر! فما عساهم أن يفعلوا لإثبات مصداقية دعواهم أمام هذا الخبر الإلهي! إنّ الأمرَ بيده، آمنوا أو لم يؤمنوا!
2- وخُذْ مثالاً ثانياً، أيضاً، وإعجازاً عجيباً، وهو ما ذكره الله بقوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [سُورَةُالأَنْعَامِ:125].
وبيان هذا هو: أنّ الجوّ كلما ارتفع الصاعد فيه ازداد صدره ضيقاً، حتى يصل إلى ارتفاعٍ يصبح فيه صدره حرجاً لا يستطيع التنفس، وكأنما هو في طريقه ليَفقد حياته!
وهذا الوصف الإلهيّ يتضمن حالين فيهما عبرة للمعتبرين:
• إحداهما فيها مثال مِن أمثلة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، لم يكن معلوماً لدى الناس حين تنزّل القرآن، وإنما عُرف عن طريق الاكتشافات العلمية في عصرنا!
• والحال الأخرى: دقة وصْف الله هذا لحال الرافضين للإيمان والخضوع له ولكتابه بحالِ هذا الصاعد في السماء إلى الدرجة التي تكون خطراً على حياته بسبب صعوده في الجوّ وتجاوزه دائرةَ السلامة والأمان، وهكذا هي حياة الرافض لكتاب الله ودينه، فهو في مثل هذه الحال مِن الإنكار والكفر، كمن تجاوز مرحلة الأمان والبقاء على قيد الحياة؛ وذلك بسبب تجاوزه لدين الله، وللأدب معه، ورفضه للحياة الحقيقية التي أرادها الله له بالإيمان به وبكتابه وبرسوله وقبول السير على طريق الله، طريق الحياة الحقيقية!
3- وسبحان الله القائل في كتابه عن مثل هذه الحال -وهذا مثالٌ ثالثٌ؛ إذ قال اللهُ تعالى عن حالِ هؤلاءِ الكافرين تُجاه الإيمان به-: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [سُورَةُالأَنْعَامِ: 122-123]!
وهكذا هو الواقع، فحتى ظاهرةُ ظهور المجرمين في مختلف العصور، تحدّث عنها القرآن الكريم وأخبرَ الله عنها؛ فليس ظهورُهم في أيّ وقتٍ مفاجأةً لله تعالى الله رب العالمين، بل هو الذي قدّره؛ لحِكم يَعلمها؛ ابتلاءً واختباراً لعباده؛ فلا يَظنّنّ أكابرُ المجرمين المحاربين لله ولدينه الإسلام أنهم حدَثٌ جديد مفيد، أو أنّ لهم بهذا شأناً ذا بالٍ، بل هذا تأهيل الله لهم ليستحقوا الوبال، بل وصفهم الله بأنهم (أكابر المجرمين)!
إنه كتاب الله الخالق عزّ اسمه، سبحانه وبحمده! فما أنتم صانعون أيها الرافضون لله ولرسوله ولدينه!
4- ومثالٌ رابعٌ: وهو أنّ هناك أمراً إلهيّاً جاء في كتاب الله؛ فتنفيذه هو حُكْمٌ منه على صنيع هؤلاء المجرمين بأنّ طعن الطاعنين في الإسلام داحضٌ، وهذا -على سبيل المثال- ينطبق على أعضاء (مركز تكوين)، ومَن على شاكلتهم! وذلك أنّ الله قد أمَرَ عباده بالاحتكام إليه وإلى ورسوله فيما اختلفوا فيه؛ فمَن رفضَ هذا التحكيم فهو غير مسلم بحالٍ من الأحوال؛ فلْنتحكم إلى الله ورسوله في شأن (مركز تكوين) وادعاءاتهم، استجابةً لهذا الأمْر الإلهي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء:59].
وحينئذٍ سيُهزم الجمع ويُولّون الدبر؛ فيَخنسون كما تخنس الشياطين؛ لأنّ موضوعهم ومشروعهم هذا إنّما هو اعتراضهم على الاستجابة لله ولدينه ولرسوله! ولا بد مِن الإشارة هنا إلى أنّا لسنا في خلافٍ علميّ مع هؤلاء وإنما في اختلافٍ عقَدِيّ.
إليك هذه الأسئلة المنهجية الكاشفة الكاسفة لأعضاء المركز والمغترين بهم:
وختاماً:
- الإسلام دِينٌ اختاره الله لعباده في الأرض كلها؛ فبأيّ صفة تتكلمون عنه؟
- هل أنتم مسلمون مؤمنون به راضون به؟
- إن قلتم: الجواب نعم. فنقول لكم: ما مؤهلاتكم لهذه المهمة التي كلّفتم أنفسكم بها؟
وما سيرتكم التي تشهد لكم بدعواكم؟
- ما علاقتكم العلميّة بالإسلام؟ أيْ: علاقة الدراسة له والرضا به؟ أم تريدون أن تشتغلوا بدون مؤهلات؟
- كيف تتصورن منطقيةَ سماعِ رأيِ شخصٍ عن دينٍ غير دينه! أو سؤاله استفتاءً له عنه.
- هل يَتصوّر عاقلٌ أنّ هناك مخلوقاً من مخلوقات الله يستطيع أنْ يُصَحِّحَ للهِ كلامَه، أو ينتقِدَ اللهَ أو رسولَه أو دِينَه! مَن زعَمَ ذلك فهو ساقطٌ هالِكٌ!
- لقد تحدّى اللهُ الكافرينَ والطاعنينَ فيه أو في رسوله أو كتابه أو دينه بأنْ يأتوا بمثل هذا القرآن أو بسورةٍ منه؛ فماتوا ولم يستطيعوا ذلك، وسيموت كلُّ مَن يأتي بعدهم على شاكلتهم وهم عاجزون، قد عجز عن معارضةِ دينِ اللهِ: فرعونُ وهامانُ وسائرُ الكافرين الجاحدين!
اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. اللهم آمين.