تَحدَّانا البحيري بأنْ نأتي له مِن كُتُب التُّراث ما يقول بأنَّ مِن الجِهاد ما هو نَفْل وتطوُّع، وأنَّه سيترك برنامجه إذا فعلنا ذلك!
(63) زعم البحيري: أنَّه ليس في كُتُب التُّراث ما يقول بأنَّ مِن الجِهاد ما هو نَفْل وتطوُّع، وأنَّه سيترك برنامجه إذا أتينا له بكتابٍ واحدٍ فيه أنَّ من الجهاد ما هو نَفْلٌ وتطوع وليس بفرض.
– الرَّدّ: ونحن قبلنا التَّحدِّي، وسنأتي له بما أراد مِن عِدَّة كُتُب وليس من كتابٍ واحدٍ، كما سيأتي:
– قال «النَّحَّاس» (ت:338هـ) في كتابه «معاني القُرآن» (1/166): [إلَّا أنَّ سُفيان الثَّوري قال: الجِهاد تطوُّع.] اهـ
– قال «الجَصَّاص» (ت:370هـ) في كتابه «أحكام القُرآن» (3/146): [ولكن لو استنفرهم الإمام مع كفاية من في وجه العدو من أهل الثغور وجيوش المسلمين لأنه يريد أن يغزو أهل الحرب ويطأ ديارهم، فعلى من استنفر من المسلمين أن ينفروا. وهذا هو موضع الخلاف بين الفُقهاء في فرض الجهاد، فحكي عن ابن شبرمة والثوري في آخرين أن الجهاد تطوع وليس بفرض، وقالوا: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة:216] ليس على الوُجُوب بل على النَّدب، كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة:180].] اهـ
– وقال «محمد بن عيسى القرطبي» (ت:620هـ) في كتابه «الإنجاد في أبواب الجهاد» (ص:18): [ومنه: قِتال الكُفَّار، والغزو. ويقتضي أنَّ لَفْظَ الجِهاد إذا أُطلِقَ، إنما يُحمل على هذا النوع بخاصَّة، وهو الذي نُصِبَ له هذا المجموع….]
وقال في (ص:29-30): [والقول الآخر: أنَّ الجهادَ نَفْلٌ. قال النَّحَّاس: هو قول ابن عمر، وابن شُبرمة، وسفيان الثوري. وذُكر عن عطاء، أن الجهاد إنما كان فَرضًا على الصَّحابة.] اهـ
وقال «القرطبي» (ت:671هـ) في كتابه «الجامع لأحكام القُرآن» (3/38): [وذكر المهدوي وغيره عن الثوري أنه قال: الجهاد تطوع.] اهـ
وقال أيضًا في (8/152): [من الجِهاد أيضاً ما هو نافلة…] اهـ
والعجيب أنَّ البحيري قرأ كلامَ «القرطبيِّ» هذا في برنامجه، بل في نفس الحلقة التي تحدَّانا فيها، لكنَّه يقرأ ولا يَعْقِل أو يفهم، واللهُ المُستعان.
وبهذا نكون أيضًا قد أرغمنا أنف البحيري وانتصرنا عليه – بفضل الله – في التَّحدِّي، والحمد لله ربِّ العالمين، ومع هذا فقد خَرَجَ علينا بعد ذلك في برنامجه وتناسى وَعْدَهُ وتحدِّيه.
تنبيه: تفصيلات الحُكْم الشرعي للجهاد يُرجع فيه إلى كُتُب الفِقْه المُختصَّة بذلك، والله أعلم.