تلفيق نبوءة عمانوئيل سفر اشعياء 7 – 14
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فإن تلفيق النبوَّات وتفصيلها لتناسب المسيح لم تكن عمليةً موفَّقَة عند كَتَبَةِ الأناجيل!!
فحتى أثناء التلفيق وَقَعَتْ كثيرٌ من المشاكل العويصة !! وهذا مثالٌ واضِحٌ صَرِيح على ذلك:
جاء في سِفْرِ اشعياء 7 – 14 يقول:
[ وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». ].هذا النص يعتبره النصارى نبوءةً عن المسيح عليه السلام ، وقد حرَّفه كاتِبُ إنجيلِ متى عند اقتباسه ، فجعله عن المسيح ، فقال:
[ «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا ]. متى 1 – 23.لاحظ معي المشاكل الآتية، وفكِّرْ فيها بعقلك:
1. في النص الأول في إشعياء يقول إن الناس هم الذين سَيَدْعُون اسمه عمانوئيل.
وفي النص الثاني الذي زَوَّرَهُ متى أو كاتب إنجيل متَّى يقول إن أمه هي التي ستدعو اسمه عمانوئيل، وليس الناس!
فانظر كيف حَرَّفَ متى أو كاتبُ إنجيله النبوءةَ حتى تتوافق مع المسيح !!
2. ورغم أن مؤلِّفَ إنجيل متى يقول يقول إن أمَّه مريم هي التي ستدعو اسمه عمانوئيل، إلا أننا لم نجد أنها دعته بهذا الاسم ولو مرةً واحدةً !! وهذه نقطة جوهرية تجعل كل عاقل يقف عندها كثيرًا !
3. المشكلة الأكبر أنه لا أحد في العهد الجديد كله دعى يسوع باسم عمانوئيل أصْلًا !!
ومعنى أن فلانًا من الناس يُدْعَى بـ كذا أي أن الناس يطلقون عليه هذا الاسم وينادونه به.
وهذا غير متحقق نهائيًا في العهد الجديد.
مثال للتوضيح:
جاء في إنجيل متى 1 – 21 يقول المَلَاك ليوسف النجَّار:
[ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ].وهنا نجد أن النبوءة تحققت بالفعل، وسماه يوسف النجار ومريم بـ يسوع ، وكان الناس ينادونه باسم يسوع.
لكن في النص محل الإشكال فلا يوجد أحد سمّاه عمانوئيل
مثال آخر:
جاء في متى 13 – 55 ، يقول عن يسوع: [ أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ ].
والكل يعلم أن أم يسوع كانت تُسَمَّى مريم ، ويناديها الناس بهذا الاسم.
فهل يوجد أحد نادَى يسوع بـ عمانوئيل ودعاه بذلك الاسم؟!
4. النص العِبري في إشعياء 7 – 14 يقول:
[ לכן יתן אדני הוא לכם אות הנה העלמה הרה וילדת בן וקראת שׁמו עמנו אל׃ ].والكلمة العبرية ( העלמה ) وتُنْطَق ( عَلْمَا ) معناها الفتاة أو الصبية ، وليس العذراء.
وقد وردت نفسُ الكلمة في عِدَّةِ مواضع في العهد القديم ، وتمت ترجمتها إلى صبية أو فتاة وليست عذراء مع أنها نفس الكلمة !!
وقد ترجمها اثنانِ من أكبر علماء المسيحية أنطوان عوكر وبولس الفغالي لكلمة صبيّة.
5. هناك نصوص أخرى في العهد القديم ذكرت الكلمة ( העלמה ) ، ولم يترجمها المترجمون لكلمة عذراء!!
المثال الأول: سفر الخروج 2 – 8:
[ فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: «اذْهَبِي». فَذَهَبَتِ الْفَتَاةُ وَدَعَتْ أُمَّ الْوَلَدِ ]. [ ותאמר־לה בת־פרעה לכי ותלך העלמה ותקרא את־אם הילד ].المثال الثاني: سفر التكوين 24 – ٤٣:
[ فَهَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ، وَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي تَخْرُجُ لِتَسْتَقِيَ وَأَقُولُ لَهَا: اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ ]. [ הנה אנכי נצב על־עין המים והיה העלמה היצאת לשׁאב ואמרתי אליה השׁקיני־נא מעט־מים מכדך׃ ].أما كلمة عذراء فقد وردت في العهد القديم كثيرًا ، وإليك الأمثلة:
المثال الأول: سفر التثنية 22 – 28:
[ إِذَا وَجَدَ رَجُلٌ فَتَاةً عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ، فَأَمْسَكَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا، فَوُجِدَا ]. [ כי־ימצא אישׁ נער בתולה אשׁר לא־ארשׂה ותפשׂה ושׁכב עמה ונמצאו ]وكلمة ( בתולה ) معناها عَذراء أو بِكْر ، وتنطق باتولاه.
المثال الثاني: سفر أيوب 31 – 1 :
[ عَهْدًا قَطَعْتُ لِعَيْنَيَّ، فَكَيْفَ أَتَطَلَّعُ فِي عَذْرَاءَ؟ ]. [ ברית כרתי לעיני ומה אתבונן על־בתולה׃ ].فلو كان نص إشعياء 7 – 14 يقصد أنها عذراء لقال ( בתולה ) (باتولاه )، وليس ( העלמה ) ( عَلْمَا ) بمعنى فتاة أو صبية أو شابّة.
6. مع أن كلمة عمّانوئيل ( עמנו אל ) العبرية معناها ” الله معنا” ، إلا أن هذا المفهوم المسيحي للكلمة لم ينطبق في الواقع على المسيح ، لأن المسيح لو كان هو الله ، فالله لا يسكن في بيوت مصنوعة بأيدي البشر ، [ لكن العلي لا يسكن في هياكل مصنوعات الأيادي. كما يقول النبي ]. أعمال الرسل 7 – 48.
وجاء في أخبار الأيام الثاني 6 – 18 يقول: [ لأنه هل يسكن الله حقًا مع الإنسان على الأرض. هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك ؛ فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت ].
في حين أن المسيح كان يسكن مع الناس ، وكان ويعيش في في البيوت مثل بقيّة البشر.
فإذا فرضنا جَدَلًا صِحَّة هذه النبوءة عن المسيح ؛ فالصحيح أن تُفْهَمَ الكلمة بأن الله معنا بعلمه ووحيه الذي أوحاه وأنزله على نبيه المسيح عليه السلام.
7. وإذا فرضنا أيضًا صِحَّةَ النبوءة ؛ فالسيدة مريم حينما ولدت يسوع كانت صبيةً صغيرةً، ومعلوم أن آلام الولادة أصعب آلاف المرات من الوطء والجماع، فلماذا تنكرون زواجَ النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة بحجة أنها صغيرة؟!
8. بعض المفسرين الظرفاء زعم أن النبوءة تمَّت مرتين !!
لكنه أغفل أنَّ النص يقول: يعطيكم السيد آيَةً أي علامة واحدة، وليس آيتين، يعني ليس علامتين.
ولو كانت النبوءة ستتم مرتين لقال : يعطيكم السيد آيتين !
ولو فرضنا أن كلامهم صحيح فهُنا ستقع المشكلة الكبرى، وهي أن النبوءة تحققت بالفعل حينما جامع النبيُّ اشعياء زوجته ووطأها، وأنجبت له ولدًا كما في إشعياء 8 – 3.
فيقول النص: [ فَاقْتَرَبْتُ إِلَى النَّبِيَّةِ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتِ ابْنًا ]. وتقول ترجمة الحياة التفسيرية: [ ثم عاشرتُ النبية فحملت وأنجبت ابنا ].
وهذا يعني أن النبوءة تمت بأن بمعاشرة إشعياء لزوجته وولادتها له ، أي أن النص يتحدث عن فتاة متزوجة، وإن كانت صغيرة!
فكيف يصلح أن الكلمة التي قيلت عن الفتاة المتزوجة – كي تتم لها المعجزة الأولى – تقال عن فتاة عذراء لتتم لها نفس المعجزة ؟!
فإذا كانت المعجزة قد تمت مع امرأة إشعياء فلا نستطيع أن نترجم الكلمة للعذراء ، لأن زوجة إشعياء كانت متزوجة وقتَ النبوءة ولم تكن عذراء ، وبهذا سيكون متى مخطئًا !!!!
وإذا أردنا ألا نُخَطِّئَ متَّى وترجمنا الكلمة لـ عذراء ، فهذا يعني أن النبوءة لا تنطبق على زوجة إشعياء ، ويكون النص الوارد في إشعياء 8 – 3 نصًّا خاطئًا !!
فإما أن يكون يكون متى مُخْطِئًا وعلينا حَذْفُ نَصِّ متى 1 – 23 ، أو يكون إشعياء مخطئًا وعلينا حذف نص إشعياء 8 – 3.
القبول بهذا المنطق يُعَدُّ انْتِحَارًا للعقل البشري !!
والحمد لله رب العالمين ،،،،