الأديان والفرق والمذاهبالإلحاد

تزييف العلم “الشذوذ الجنسي مثالاً”| إياد قنيبي

رحلة اليقين 11

تزييف العلم – الشذوذ الجنسي مثالاً

الملحدون -كما بَيَّنَّا في الحلقة الماضية- فسَّروا الظَّواهر الفطريَّة تفسيراتٍ مادِّيَّةً جينيَّةً لا دليل عليها، لكنَّهم لم يقفوا عند هذا الحدِّ، بل نَسَبُوا إلى الجينات أيضًا أفعالًا منحرفةً عن الفطرة، وجعلوا ذلك أحد الذَّرائع لتبريرها على اعتبار أنَّها ظواهر طبيعيَّةٌ. مثالٌ صارخٌ على ذلك: تعاملهم مع الشُّذوذ الجنسيِّ، والَّذي لا يسمونه شذوذًا بل مِثْلِيَّةً جنسيَّةً “Homosexuality” لأنَّ كلمة (شذوذٍ) تحمل معنى أنَّه سلوكٌ مُسْتَبشَعٌ منافرٌ لطبيعة الإنسان، وهو ما لا يعترفون به.

المجتمع العلميُّ الغربيُّ الَّذي يشيع فيه الإلحاد والداروينيَّة، أصدر دراساتٍ عن علاقة الشُّذوذ بالوراثة والجينات، وعن الظَّواهر الاجتماعيَّة المتعلِّقة بالشُّذوذ، مثلًا: دراسة إذا تَبَنَّى شاذَّان طفلًا، فكيف سيكون أثر هذا التبنِّي على الطفل؟ ومن حقِّنا أن نسأل: هل تمَّت هذه الدراسات بطريقةٍ علميَّةٍ وحياديَّةٍ؟ وهذا ينقلنا إلى السؤال الأكبر والأهمِّ: هل الأبحاث العلميَّة، الَّتي لها تطبيقاتٌ عَقَديَّةٌ وأخلاقيَّةٌ والَّتي تنتج في ظلِّ هيمنة الليبراليَّة الغربيَّة، هل هي محايدةٌ بالفعل؟ أم أنَّها -أحيانًا- تكون أداةً مُسيَّسةً؟ هل إذا جاءتْ مِثلُ هذه الأبحاث بنتائج تعارض قِيَمًا إسلاميَّةً، فإنَّ الموقف العقلانيَّ سيكون الشكَّ في القِيَم الإسلاميَّة؟ أم في صِحَّة هذه الدِّراسات؟ عندما يقول لك الملحد: “أنا أصدِّق العلم” فهل هو كذلك؟ أم أنَّه يصدِّق التَّفسير الخاطئ لعلمٍ زائفٍ؛ فيقع في جهلٍ مركَّبٍ؟ هذا هو الهدف الأساس والأهمُّ لحلقتنا، أما (الشُّذوذ) فهو مثالٌ فقط، نفحص من خلاله موثوقيَّة هذا العلم الغربيِّ.

خارطة المَسِير في حلقتنا ستكون كالتَّالي

● سنحلِّل في البداية معنى العبارة المفترَضة: (الشُّذوذ له سببٌ جينيٌّ)

● ثمَّ سنذكر ما تُقرِّره المراجع الغربيَّة الرئيسيَّة -حاليًّا- عن علاقة الشُّذوذ بالجينات والوراثة

● ثمَّ نعود إلى السُّؤال الأهمِّ وهو: هل ما تقرِّره المراجع والدِّراسات الغربيَّة في مثل هذه الأمور الأخلاقيَّة -أصلًا- موثوقٌ بالضَّرورة؟

● وسنجيب عن هذا السُّؤال من خلال دراسة ثلاثة أمورٍ: الأجواء الَّتي تتمُّ فيها الأبحاث؛ هل هي أجواءٌ تشجِّع على البحث الحرِّ؟ أم فيها إرهابٌ قانونيٌّ؟ هل الباحثون موثوقون؟ أم هناك ما يشير إلى كذبهم وانحيازهم أحيانًا؟ من يموِّل هذه الأبحاث؟ وما تأثير ذلك على النَّتائج؟

● ثمَّ نرى تعامل الإعلام مع نتائج الأبحاث: هل هو صادقٌ أم لا؟ هل الأبحاث العلميَّة الَّتي تخرج بنتائج تُسَخَّر لخدمة القيم الِّليبراليَّة الغربيَّة، هل هي محايدةٌ بالفعل؟ أم أنَّها أداةٌ مسيَّسةٌ؟

وسنجيب عن هذا السُّؤال من خلال دراسة ثلاثة أمورٍ: أوَّلها: الأجواء الَّتي تتمُّ فيها هذه الأبحاث، هل هي أجواءٌ تشجِّع على البحث الحرِّ؟ أم فيها إرهابٌ قانونيٌّ؟ هل ما يتغنَّى به الملحدون علمٌ؟ أم علمٌ زائفٌ “Pseudoscience؟ مُقدَّساتٌ ليبراليَّةٌ تدفع لنتائج معيَّنةٍ، دعمٌ ماديٌّ مُنحازٌ، حرصٌ على إرضاء الدَّاعمين بنتائج تسرُّهم، باحثون شواذٌّ ومطعونٌ في مصداقيَّتهم، أخطاءٌ في تصميم الدِّراسات، انحيازٌ في النَّشر، إرهابٌ لمن يتَّخذ موقفًا مخالفًا لهوى الشَّواذِّ، حملاتٌ لمكافحة (الهوموفوبيا)، ثمَّ إعلامٌ يتلقَّى من الدِّراسات ما يشاء ويبني عليها: أَنَّ وجود العلاقة المُدَّعاة للجينات بالميل الشَّاذ، تعني أَنَّ صاحبه مجبَرٌ على السُّلوك الشَّاذِّ الملحدون يقولون: نحن جِئنا من خلال طفراتٍ وانتخابٍ طبيعيٍّ للصِّفات الَّتي تساعد على البقاء، مع فناء حاملي الصِّفات الَّتي لا تساعد على البقاء، هل الشُّذوذ يساعد على البقاء؟!

الحضارة الغربيَّة -إخواني- لديها مقدَّساتٌ ترفع شِعارها وتجرِّم وتحارب من يَمَسُّها، وقد استطاع اللوبيُّ المؤثِّر الدَّاعم للشَّواذِّ أن يُدْخِل في هذه المقدَّسات ما يسمِّيه: (حقوق المِثْليِّين) فكما أنَّ الَّذي يعارِض الهيمنة الغربيَّة يُوصَف (بالإرهاب)، والَّذي يعارض اليهود يُوصَف (بمعاداة السَّاميَّة)، فقد أطلقوا على معارضة الشُّذوذ الجنسيِّ وَصْفَ رُهاب المِثْليَّة “Homophobia” أي أنَّ المِثْليَّة الجنسيَّة ظاهرةٌ طبيعيَّةٌ، حقٌّ من حقوق الإنسان، والَّذي يعارضها مصابٌ بمرض الرُّهاب تجاهها، لكنَّ هذا المريض غير معذورٌ عندهم، بل مُجَرَّمٌ.

وكما أنَّ هناك شعار (مكافحة الإرهاب) و(مكافحة معاداة السَّاميَّة) فكذلك ترفع الحضارة الغربيَّة شعار (مكافحة رُهاب المِثْليَّة) والَّذي تَبَنَّتْه الأمم المتَّحدة، وأطلقت من أجله حمَلاتٍ، وأصدرتْ اتِّفاقيَّاتٍ وقَّع عليها كثيرٌ من الدُّول، وعيَّنت مراقبًا أمميًّا خاصًّا لحماية الشَّواذِّ. في أجواء المحارَبة والمراقَبة هذه، هل يُتَصوَّر أن يخرج العلم التجريبيُّ بنتائج محايدةٍ بالفعل فيما يتعلَّق بالشذوذ؟من الفضائح العلميَّة الَّتي تُجيب عن هذا السُّؤال قصَّة البروفيسور اسبِيتْزَر”Spitzer”

الأمر الثَّاني في مناقشة موثوقيَّة الأبحاث الغربيَّة في مجال الشُّذوذ:هل الباحثون مَوثُوقون؟ أم هناك ما يشير إلى كذِب بعضهم وانحيازه؟ سنذكر بعض الشَّواهد للإجابة عن هذا السُّؤال.

الأمر الثَّالث في مناقشة موثوقيَّة الأبحاث الغربيَّة في مجال الشُّذوذ، وهو: تمويل هذه الأبحاث وأثره على النَّتائج. في مقال (بنكوف) الَّذي ذكرناه قبل قليل، -والَّذي استقرأ فيه عشرات الأبحاث- ذكر الكاتب بالأدلَّة كيف أنَّ بعض الأبحاث الدَّاعمة لتبنِّي المِثْليين للأطفال هي أصلًا مموَّلةٌ من أفرادٍ مِثْليين مَعْرُوفين،

زر الذهاب إلى الأعلى