تحذيرات من انضمام ضباط وجنود أمريكيون لمنظمات يمينية متطرفة
خطر على حياة الرئيس الأمريكي ونائبته
يخشى خبراء أمنيون في الولايات المتحدة من تغلغل اليمين المتطرف في صفوف الجيش والشرطة. كما تتصاعد المخاوف في البلاد إثر القبض على ضباط شرطة وجيش حاليين وسابقين تورطوا في عملية اقتحام مبنى الكونغرس لمنع تثبيت فوز بايدن.
أبدى مسؤولون أمريكيون أمنيون حاليون وسابقون قلقاً شديداً من احتمال تورط عدد من ضباط الجيش والشرطة الذين لايزالون في الخدمة والمتقاعدين في واقعة اقتحام الكونغرس، وما يمكن أن يمثله هؤلاء وغيرهم من خطر على الرئيس المنتخب جو بايدن ونائبته كمالا هاريس وكبار المشرعين الأمريكيين في يوم التنصيب.
ويحاول المحققون الفيدراليون تعقب أعضاء في الجيش وقوات إنفاذ القانون أو المحاربين القدامى الذين شاركوا في أحداث اقتحام الكونغرس، وتتبع شبكة أوسع من زملائهم الذين قد يخططون لتنفيذ عمليات هجومية وفوضوية خلال الأسبوع المقبل على حد ما ورد في منتديات اليمين المتطرف.
لكن بعد أسبوع من اقتحام متطرفين مبنى الكابيتول، تحقق إدارات الشرطة والفروع العسكرية في جميع أنحاء الولايات المتحدة في تقارير عن أن بعض أفرادها كانوا بين مثيري الشغب بحسب ما نقل موقع مجلة تايم الأمريكية.
وتشمل المخاوف شرطة الكابيتول المسؤولة عن تأمين المبنى، إذ أوقف العديد من رجال الشرطة عن العمل ويجري التحقيق مع حوالي 12 منهم بعد تقارير عن التقاط صور “سيلفي” مع مقتحمي الكابيتول ومقاطع فيديو يبدو أنها تُظهرهم وهم يسهلون للمتظاهرين دخول المبنى.
ونقل موقع المجلة الأمريكية عن مسؤولين أمنيين أن أكثر من عشرة أشخاص من ضباط ومسؤولين عسكريين حاليين وسابقين شاركوا في الهجوم على مبنى الكونغرس يتم التحقيق معهم حالياً، منهم ضابط بمشاة البحرية الأمريكية واثنين من قدامى المحاربين في القوات الجوية. فيما تم إيقاف العديد من ضباط شرطة الكابيتول عن العمل بعد أن أظهرهم الفيديو وهم يساعدون بعض المهاجمين الذين دفعتهم كلمات ترامب للهجوم على المبنى.
وحذر مكتب التحقيقات الفيدرالي من احتمال وقوع احتجاجات مسلحة مخطط لها في حفل التنصيب في 20 يناير/كانون الثاني في العاصمة واشنطن، وفي جميع عواصم الولايات الخمسين، حسبما قال مسؤولون أمريكيون كبار لمجلة التايم.
وكانت آشلي بابيت، المقاتلة السابقة في سلاح الجو التي قُتلت بالرصاص واحدة من القتلى، قد سقطت وهي تحاول شق طريقها نحو قاعة مجلس النواب، كما أفادت تقارير بوجود أشخاص تحوم حولهم شكوك منهم متقاعدون من العسكريين واحتياطيين في القوات الجوية وضباط جيش وشرطة من سياتل إلى نيويورك، كما ظهرت تقارير عن مشاركة أفراد شرطة خارج الخدمة وجنود سابقين في أعمال الشغب.
من جانبه، صرح مدير الاستخبارات العسكرية بمكتب وكيل البنتاغون للاستخبارات قائلا: “لن نتسامح مع أي تطرف في وزارة الدفاع”، معرباً عن قلقه من انخراط ضباط متقاعدين في الجماعات المتطرفة، ومؤكداً أن من يثبت انتماؤه لتلك الجماعات سيحرم من العمل بالوزارة.
تسلسل إلى داخل الجيش والشرطة
وسلطت تقارير أمنية الضوء على التهديد الذي حذر منه خبراء منذ فترة طويلة لكن دون جدوى وهو التطرف وتسلل نزعة تفوق البيض إلى صفوف قوات الأمن الأمريكية المختلفة.
وقال داريل جونسون، محلل الاستخبارات الذي عمل في وزارة الأمن الداخلي من 2004 إلى 2010: “لقد أهملنا هذا التهديد طوال عشر سنوات. تجاهلناه ، قللنا من أهميته وغضضنا الطرف عنه. لقد احتضنت هذه الإدارة في الواقع هؤلاء الأشخاص وعاملتهم على إنهم مميزون”.
وروى جونسون أنه تواصل مع قسم الشرطة في عام 2017 عندما وجد خلال بحثه أن أكثر من 100 ضابط يعرّفون عن أنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي باسم “حراس القسم” (أوث كيبرز) وهي جماعة متطرفة معادية للحكومة من اليمين المتطرف معروفة بتجنيد أفراد في الجيش والشرطة.
وقال جونسون لوكالة الصحافة الفرنسية إنهم قالوا له حينها إن هذه المنشورات تندرج تحت التعديل الأول للدستور حول حرية التعبير، على الرغم من تحذيره من أن ولاءهم لحراس القسم يمكن أن يعلو على ولائهم للشرطة.
وقال كريستيان بيتشوليني، الذي كان من المتعصبين للبيض في وقت ما ويعمل الآن مع مشروع “فري راديكالز بروجكت” على إعادة المتطرفين عن تطرفهم، إنه لم يفاجأ بوجود بعض رجال الشرطة والجيش السابقين في 6 كانون الثاني/يناير بين مثيري الشغب الذين سعوا لقلب نتائج الانتخابات.
وأضاف: “لطالما سعى المتعصبون للبيض للتسلل إلى أجهزة إنفاذ القانون والجيش وغيرها من أجل تجنيد مؤيدين لهم فيها”.
يذكر أنه في عام 2006، نشر مكتب التحقيقات الفدرالي تقريرًا عن تسلل الجماعات المؤمنة بتفوق العرق الأبيض إلى أجهزة إنفاذ القانون، وفي عام 2009، أصدرت وزارة الأمن الداخلي تحذيرًا أعده داريل جونسون بشأن تسللهم إلى صفوف الجيش. لكن في المرتين، لم تلق التحذيرات إلى حد كبير آذاناً صاغية.
تأجيج الغضب
ويبدو أن المشكلة قائمة منذ فترة طويلة قبل إعلان دونالد ترامب ترشحه للرئاسة في عام 2015. لكن الخبراء يقولون إن صعود ترامب وفر منذ ذلك الحين منصة لمثل هذه الآراء المتطرفة، وأن هناك خطاً مستقيماً بين خطابه وبين أعمال الشغب في مبنى الكابيتول.
وقالت ليسيا بروكس من مركز “ساذرن بافرتي لو سنتر” الذي يتعقب المجموعات التي تشجع على الكراهية، “إنه (ترامب) مسؤول بشكل مباشر عن ذلك. لقد دعا الجميع إلى مبنى الكابيتول … وحملة أوقفوا السرقة (لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية) هي حملة تضليل متعمدة تهدف إلى تأجيج حنق الناس”.
وأشارت فيدا جونسون، أستاذة القانون المشاركة في جامعة جورج تاون إلى أن أقوى دعم يتلقاه ترامب يأتي من الرجال البيض، وهم الفئة السكانية نفسها المهيمنة في أجهزة الشرطة، ما يعني أنه “ليس من المفاجئ” أن تتداخل المجموعتان.