المسلمون والنصارى المعاصرين كلاهما علَى حقٍّ!
(25) زعم البحيري: أنَّنا على الحقّ وكذلك النَّصارى المُعاصرين، كما زعم أنَّ إلهنا وما يعبدون هُم الآن واحدٌ، مُستشهدًا بقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46].
– الرَّدّ: هذا الكلام باطلٌ مِن وُجُوهٍ نختصرها في التَّالي:
أولًا: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يؤمنوا بالنَّبيّ ﷺ؟ ولِمَاذا أُنزلَ القُرآنُ ليُصحِّح تحريفات كُتُبهم وفساد عقيدتهم والتي أوضحنا بعضها؟
ثانيًا: كيف نحن وهم على الحق: وهُم عندهم المسيح صُلِب، وهذا هو أساس الاعتقاد المسيحي أصلاً، والقرآن يقول: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157]؟!
كيف نحن وهم على الحق: وكتابهم يقول في «سفر الملوك» الأول (4/11): إن سليمان كَفَرَ. وربنا يقول في سورة البقرة: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} [البقرة: 102].
كيف نحن وهم على الحق: وكتابهم يقول في «سفر الخروج» (17/31): إن الله خلق الأرض ثم استراح. وعندنا في القرآن في سورة ق يقول الله: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38].
كيف نحن وهم على الحق: وهم عندهم في «إنجيل مرقس» (1/1): أن المسيح ابن الله. والقرآن يقول في سورة مريم: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} [مريم: 35].
كيف نحن وهم على الحق: وعندهم في «سفر صموئيل الثاني»: النبي داود زنا و قتل زَوْجَ مَنْ زَنَا بها، وفي «سفر التكوين» (30/19): النبي لوط زنا مع بناته أنجب معهم!
ويقول ربنا في كتابه العزيز: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90].
كيف نحن وهم على الحق: وهم عندهم نص في «سفر الخروج» (14/32): إن الرب ندم على فعله! ويقول ربنا في كتابه العزيز: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49].
كيف نحن وهم على الحق: وعندهم في «مزامير» (78 /65): فاستيقظ الرب كنائم. ويقول ربنا في كتابه العزيز: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ} [البقرة: 255].
كيف نحن وهم على الحق: وعندهم في «سفر إشعياء» (7/18): الرب يُصفِّر للذُّباب!
كيف نحن وهم على الحق: وعندهم في «سفر التكوين» (24/32) الإله يلعب مُصارعة مع نبي والرَّب يُهزم أمام يعقوب!
كيف نحن وهم على الحق: وعندهم في «سفر الرؤيا» (17/14): الرَّب خروف!
«هَؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَروف، وَالْخَروفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ».
وصدق ربنا العزيز إذ قال في كتابه الكريم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]
…. وغير ذلك، ثمَّ بعد هذا كلّه يأتي عدوُّ الإسلام البحيري ويقول نحن وهُم على الحقّ!
ثالثًا: أمَّا الآية التي استدلّ بها البحيري، فهي عند مُجادلة أهل الكتاب، ومعنى قوله: {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ} فمعناه: وقولوا: آمنا بالقُرآن الذي أنزل إلينا، وآمنا بالتَّوراة والإنجيل اللذين أنزلا إليكم – من غير تحريف ولا تبديل ولا زيادة ولا نقصان -، وإلهنا وإلهكم واحد لا شريك له في ألوهيته، ولا في ربوبيته، ولا في أسمائه وصفاته؛ لأنَّ إله العالمين، برّهم وفاجرهم، مُسلمهم وكافرهم، مؤمنهم ومُلحدهم، واحد، وهو الله الحق سبحانه.
ويدُلّ على ذلك قوله تعالى {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]… وغير ذلك.
وخلاصة الأمر لا يصلح أن نكون جميعًا على الحق كما قال تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24].