نجيب في هذه الحلقة عن:
1. كيف أشعر بالرضا عن ذاتي؟
2. كيف أبني شخصيتي كأنثى مطمئنة متوازنة واثقة مصطلحة مع نفسها مقدرة لذاتها ناجحة في علاقاتها، ومُرضية لربها؟
3. كيف أُوازِن بين الذات البنائية والذات العطائية؟
4. لماذا أحس بالفشل والإحباط؟
5. ماذا إذا لم أستطع أن أثبِت نفسي للآخرين؟
6. كيف أحدد أهدافي وأرتب أولوياتي لئلا أضيع؟
الحلقة وإن كانت موجهة للفتيات والنساء في المقام الأول لكنها نافعة للجميع بإذن الله.
من الذين استفدت منهم في إعداد الحلقة الاستشاري الأسري والتربوي الأخ أنس اكريم جزاه الله خيرا.
أنتِ كمسلمة، أليست لك أهداف تميزك عن غيرك؟
“لكن أنا أريد أن أحقق ذاتي بما لا يخالف ديني، فأخرج لميادين الدراسة والعمل وأنا ملتزمة بحجابي”
هذه الطريقة هي أسلمةٌ سطحية لمفهومٍ مستورد ! وكأنها خَتم خارجي، دون النظر في جذور الفكرة نفسها.
القضية ليست ماذا تلبسين في المقام الأول، بل المحرك الذي يدفعك لهذا العمل وقيمك ومعاييرك التي تقيمين بها الأمور.
“تحقيق الذات” في الغرب مبني على نظرتهم للحياة، النظرة الفردية التي تُعرِض عن الله وما حدده للناس من أهداف ومن أدوار في هذه الحياة ولا تحسب حساباً للآخرة.
مرتبط بسياقهم الاجتماعي والثقافي.. مرتبط بتعريفهم هم للسعادة والنجاح. أما نحن فأمة لها هدفها ومعاييرها ولها قيمها وتعريفاتها ونظرتها للكون والحياة.
فلا أحقق ذاتي بعيداً عن تحقيق غاية وجودي (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين).
فكل حياتي عبادة، وأنا أسعى لتحقيق نجاحي في هذه العبودية لله وأنا مؤمن تماماً أنه متضمن لسعادتي ونجاحي، إذ أؤمن بوعد الله تعالى القائل: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة).
في مقابل المفهوم الغربي الذي أَلَّه الإنسان وشهواته وأعرض عن العبودية، فانطبق عليه قول الله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا).. ألم يحدد خالقك سبحانه الذي تؤمنين به أهدافا نهائية وقال (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) وأعطاك خارطة الطريق لهذه الأهداف؟ فمن له الحق بعد ذلك في تحديد معايير النجاح وأولوياته؟
الناس أم رب الناس، الذي خلقك وخلقهم ورزقك ورزقهم، وبيده سعادتك وسعادتهم، وشقاؤك وشقاؤهم، وإليه معادك ومعادهم؟ ماذا إذا كانت معايير الناس فاسدة ولا تحققين النجاح في نظرهم إلا بإغضاب رب الناس؟ ماذا في المقابل إذا كنت ناجحة مرضية عند رب الناس وقمتِ بأعمال لم يطلع عليها إلا هو سبحانه، ولم يرها الناس ولم تثبتي لهم بها أي شيء؟ هل ضاعت هذه الأعمال ولن تسهم في نظرتك لنفسك واحترامك لذاتك؟ هل إذا لم تراعي هذا كله واصررت على إرضاء الناس، هل تظنين أنك ستخسرين في الآخرة فقط وستحققين سعادة وطمأنينة في الدنيا؟ أم ستكونين كمن قال الله فيه: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) … فينفرط عليك عقد الحياة، فلا تطمئن نفسك ولا تُرضين ربك ولا تستقيم علاقاتك بالآخرين كما رأينا في الحلقات عن المرأة الغربية؟ أيهما الصواب ؟ أن تقدِّري ذاتك بعيداً عن نظرة الناس لها، أم أن تجعليهم الحكَم؟ أن تجعلي هدفك ثابتاً، أم مضطرباً تضطربين معه؟ أن تقيسي نفسك بميزان رباني عادل أم بنظرة بشرية قاصرة؟ أن تجمعي قلبك على رضا الله، أم تبعثريه في وديان الناس؟ أن تزكي نفسك وتجاهديها لتستقيم على هذا كله أم تستسلمي لها ولضعفها؟
عندما تتميز المرأة المسلمة عن غيرها بهويتها الإسلامية، وتجعل هدفها تحقيق العبودية لله بمفهمومها الشامل، وتجمع قلبها بهذا الاتجاه، فإن هذا يعني التزامها بالأولويات والأدوار التي حددها الإسلام بما يحقق مصلحتها ومصلحة المجتمع بتوازن دون تضييع حق أحد.
فهناك مستويات من النجاح للمرأة: الأساسيات، والإضافيات، والاستثنائيات.
أولاً: النجاح في الأساسيات، وهي فروض العين التي تجب على كل امرأة:
علاقتها مع الله بالتوحيد الصافي والابتعاد عما يخدش التوحيد، بالخضوع والاحتكام لله في أمرها كله، وأداء الفروض. علاقتها مع نفسها بتقبل نفسها وحبها بأن تحمل نفسها على الخير وتجنبها الشر.
أدوارها الأُسَرية ابنةً كانت أو زوجة أو أماً أو أختاً.
طلب العلم الذي يعينها على أداء واجباتها في هذا كله. النجاح في هذا المستوى مما يجب على كل امرأة وفتاة بلا استثناء.
ومن جمال الحنيفية السمحة التي بعث بها نبينا صلى الله عليه وسلم أن نجاح المرأة في صلب الأساسيات، في ذاتها وعلاقتها بربها، هو نجاح ميسر يعبر عنه قوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ) (حسنه جماعة وصححه الألباني). نعم، عليها واجبات بعدها في التزكيّة و بر الوالدين والتربية، والنجاح في هذا كله أمر عظيم ليس بالسهل إلا على من وفقه الله. ولهذا فهي تقرأ في صلاتها: (إياك نعبد وإياك نستعين).