المسيحيةشبهات وردودقضايا المرأة والأسرةمقالات أخرى

المرأة بين الإسلام والمسيحية .. من أنصفها ومن ظلمها؟

(1)

المرأة هي نصف الدنيا، وهي التي تلد النصف الآخر، وهي الأم والأخت والزوجة والبنت والعمة والخالة، رفع الإسلام شأنها، وأعلى قدرها بعد أن كانت في الجاهلية تُعَدُّ من سَقَطِ المتاع، وتُورَّثُ وتباع دون أن يكون لها رأي في حياتها وتُوأَدُ وهي حيّة، فهي التي – كما ظن العرب وقتها – تَجْلِب العار، حتى إن القرآن العظيم قد صور حالتهم حينما كانوا يُبَشَّرُون بميلاد الأنثى لأحدهم، فكانت تَسْوَدُّ وجوههم، وتمتلئ قلوبهم غيظًا وكَمَدًا وحَنَقًا؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59].

ثم يوم القيامة يخزيهم الله ويعاقبهم لقتلهم بناتهم الصغيرات دون ذنب جَنَيْنَهُ؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9].

ويكفي المرأة فخرًا أنه قد جعل في كتابه العزيز سورة تسمى باسمها (سورة النساء) وهناك سورة أخرى في المفصَّل تسمى بسورة النساء الصغرى (سورة الطلاق)، كما أنه جعل لها شخصيتها وذمّتها المالية المستقلة، ولا يجوز للرجل أن يتصرف في مالها إلا بإذنها، وقد أعلنها نبي الإسلام صريحة، فيما رواه أبو داود في سننه عنه صلى الله عليه وسلم: ((إنَّما النساءُ شقائقُ الرجال))، فلا تفاضل بينهما من جانب الإنسانية، إنما التفاضل بما يكتسبه الإنسان من خلال رِفْعَتِه عند ربه وتَقَرُّبه منه؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].

بل أكثر من ذلك أنه جعلها بَضْعَةً من الرجل وجزءًا منه، لا تهدأ نفسه ولا تستريح إلا بالقرب منه؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

وقد علَّمَنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن تربية البنات تربيةً حسنةً ليس لها من جزاءٍ في الآخرةِ إلا الجنةُ، والنجاةُ من النار، فقال فيما رواه البخاري في صحيحه: ” من يلي من هذه البنات شيئًا فأَحْسَنَ إليهِنَّ كُنَّ له سِترًا من النار”

وسَوَّى القرآن بينها وبين الرجل في المسؤولية، وفي دخول الجنة حيث قال:

﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124].

هذا غَيْضٌ من فَيْضٍ من تكريم الإسلام للمرأة وإنصافها والإعلاء من شأنها، فما هو موقف المسيحية منها.

(2)


المرأة في المسيحية مسؤولة وحيدة عن شقاء الجنس البشري

إن المتفحّص لنصوص العهد القديم لَيَجِدُ العجب العجاب؛ إذ إِنَّهُ يجعلها المسؤولة عن شقاء الجنس البشري، وهي السبب فيما وقع فيه العالم من شقاء؛ لأنها استجابت لوسوسة الشيطان أو الحية، فأكلت من الشجرة المحرَّمة، وأعطت لزوجها آدم فأكل منها هو الآخر، يقول سفر التكوين: “وكانت الحية أحْيَل جميع حيوانات البَرِّيَّة التي عملها الرب الإله، فقالت للمرأة: أحقًّا قال الله: لا تأكُلا من كل شجر الجنة؟ فقالت المرأة للحية: من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما من ثمر الشجرة التي في وسطها، فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمسَّاه لئلا تموتا، فقالت الحية للمرأة: لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر، فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت أيضًا رَجُلَها معها، فأكل فانفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان” سفر التكوين ص 3 ف من 1: 7.

المرأة في المسيحية نجسة في نفسها مُنَجِّسة لغيرها

وهو ما تقرره التوراة في سفر اللاويين ص 15 ف 19 – 24؛ حيث تقول:

“وإذا كانت امرأة لها سيل، وكان سيلها دمًا في لحمها، فسبعة أيام تكون في طمثها، وكل مَن مَسَّها يكون نجسًا إلى المساء، وكل ما تضطجع عليه في طمثها يكون نجسًا، وكل ما تجلس عليه يكون نجسًا، وكل مَنْ مَسَّ فَرْشَها يَغْسِلُ ثيابَهُ ويستحِمُّ بماءٍ ويكون نجسًا، وإن كان على الفراش أو المتاع الذي هو جالس عليه يكون نجسًا إلى المساء، وإن اضطجع معها رجل وكان طمثها عليها يكون نجسًا سبعة أيام، وكل فراش يضطجع عليه يكون نجسًا”.

كما تكون نجسة حتى في إشباع غريزتها الجنسية مع زوجها

وإليك ما تقوله التوراة (العهد القديم) – الذي يؤمن به المسيحيون – في بيان هذا: “وإذا حدث من رجل اضطجاع زرع يَرْحَضُ كلَّ جسده بالماء ويكون نجسًا إلى المساء، وكل ثوب وكل جلد يكون عليه اضطجاع زرع يُغْسَل ويكون نجسًا إلى المساء”؛ سِفر اللاويين إصحاح 15 ف 17، 18 .

والنص كما هو واضح يُصَرِّح بأن جماع الرجل لامرأته يوجب له النجاسة التي لا تزول حتى بالغُسْل، بل يظلُّ نَجِسًا إلى مساء اليوم التالي للجماع، ولا يقتصر الأمر على الرجل وحده بل تتعدّاه النجاسة لتشمل كل ثوب وكل جلد وكل فراش كان عليه الجماع

ولادة الأنثى تنجس أمها ثمانين يومًا

وفي ذلك تقول التوراة: “إنْ ولدت المرأة أنثى تكون نجسة أسبوعين تمام طمثها، ثم تُقيم ستةً وستين يومًا في تطهُّرها، متى كملت أيام تطهيرها تأتي بخروف حولي محرقة، وفرخ حمامة أو يمامة ذبيحة خطية إلى باب خيمة الاجتماع إلى الكاهن” سفر اللاويين ص 12 ف (3 – 6).

فأين هذا من هدي الإسلام الذي كان رسوله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّل زوجاته وهُنَّ حُيَّضٌ، وكان يقول عن مباشرة المرأة وهي حائض: ((افعلوا كل شيء إلا الجماع)).

(3)

إن الإسلام دين الوسطية، جاء ليحقق التوازن في المجتمع بين الدنيا والآخرة، فإذا كانت اليهودية تجتنب المرأة وهي حائض وتجعلها نجسة، والمسيحية لا ترى بأسًا في إتيانها وجماعها وهي حائض، فإن هدي الإسلام جاء وسطًا بين ذلك كما أوضحنا في قوله صلى الله عليه وسلم: ((افعلوا كل شيء إلا الجماع)) وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن المؤمن لا يَنْجَسُ)).

وفي تعاليم رجال الدين عندهم ظلم لها أيضًا

وفي ذلك يقول بولس الرسول – الذي يعتبره النصارى مؤسس المسيحية هو وعيسي عليه السلام – في وصيته لأهل كورنثوس 11: 3 – 9.

“لِتَصْمُتْ نساؤكم في الكنائس؛ لأنه ليس مأذونًا لهن أن يتكلمن بل يخضعن”.

كما أنهم يعتبرونها من الأقذار

لقد كان يُنظَر إلى جسد المرأة باشمئزاز على نحو خاصٍّ، وكان مصدر إرباك آباء الكنيسة أنَّ يسوع (هو عيسى كما يلقبونه) وُلِدَ من امرأة.

حيث يقول أودو الكلني – أحد رجال الكنيسة في القرن الثاني عشر- :”إن معانقة امرأة تعني معانقة كيس من الزبالة”، ولقد كانت الأحشاء الخفية للمرأة – والتي تتسم بالقذارة مع رحمها الذي لا يشبع – موضعَ استقذار وفحش بشكل خاص، وكان الآباء راغبين في التأكيد على أن يسوع لم يكن له إلا أقل القليل من الاتصال بذلك الجسد البغيض.

وقد كتب أسقف فرنسي (عاش في القرن الثاني عشر): إن كل النساء بلا استثناء مومسات، وهن مثل حواء سبب كل الشرور في العالم.

وقال الراهب البنديكتي “برنار دي موريكس” دون مواربة في أشعاره: إنه لا توجد أي امرأة طيِّبة على وجه الأرض.

ثم كان التساؤل – عندهم – لماذا خلق الله النساء؟!

إن أوغسطين تبدو عليه الحَيرة عندما يتساءل عما إذا كان هناك سبب من أجله خلق الله النساء، فليس في إمكان المرأة – في زعمه – أن تكون صديقًا ومعينًا للرجل؛ حيث يقول: “إذا كان ما احتاجه آدم هو العِشْرة الطيبة، فلقد كان من الأفضل كثيرًا أن يتم تدبير ذلك برجلين يعيشان معًا كصديقين بدلاً من رجل وامرأة”؛ فقد كانت العلة الوحيدة عنده التي من أجلها خلق الله النساء، هو إنجاب الأولاد.

وكان مارتن لوثر (مؤسس البروتستانتية) يشاركه في هذا الرأي؛ حيث لم يهتم بتأثير كثرة الولادة على النساء، فكتب يقول: “إذا تعبَتِ النساء أو حتى ماتت فكل ذلك لا يهم، دعْهُنَّ يَمُتْنَ في عملية الولادة، فلقد خُلِقْنَ من أجل ذلك”

التصويت على كون المرأة لها روح أم لا

حيث كان على الأساقفة في مجمع ماسون الذي اجتمعوا فيه (في القرن السادس) أن يُصَوِّتوا على مسألةِ ما إذا كان للنساء أرواح أم لا؟ ولقد فاز اقتراح الموافقة بأغلبية صوت واحد.

(4)

وخلاص المرأة في المسيحية بجعلها رجلا

وهو ما قرره آباء الكنيسة في الغرب، ومنهم جيروم في تعليقه على رسالة بولس إلى أهل أفسس، وأيضًا أمبروز؛ حيث يقرران أنه لكي تحصل المرأة على الخلاص بالنجاة من الخطيئة فيجب عليها أن تصبح ذكرًا

تعقب النساء المتشيطنات في الغرب

حيث دبرت الكنيسة قمعهن، وأصبحت ظاهرة دينية دعمتها معتقدات الناس في الغرب، وعانت بعض أجزاء أوروبا من قسوتها، وكانت حملة جمع النساء وقتلهن في أسبانيا وإيطاليا والبرتغال وهولندا محدودة ومتفرقة، وكانت ضئيلة في إنجلترا على الرغم من إعدام الملايين من النساء لهوايتهن أعمال السحر والتنجيم، أما في أسكتلندا وفرنسا والولايات الألمانية وسويسرا، فكان جنون حملات القمع أسوأ ما يكون؛ إذ إنه ما يلبث أن يتفجر بعنف في منطقة ما، ثم يتوقف فجأة حتى يندلع في نفس المكان بعد سنوات، كل ذلك بسبب اتهامهن بممارسة الجنس مع الشيطان في حفل يوم الراحة الأسبوعي، وقد أكد بعض العلماء أنه قد مات في موجات تعقب المتشيطنات بقدر ما مات في جميع الحروب الأوربية حتى عام 1914 ونادرًا ما تُرِكَتْ امرأة على قيد الحياة في بعض القرى السويسرية.

( نقلاً عن كتاب إنجيل المرأة لمؤلفته الراهبة كارن أرمسترونج، والذي وقع في 310 صفحة، واستعانت فيه بـ 118 مرجعًا، كما أنها حاصلة على الدراسات العليا من جامعة أوكسفورد).

وينقل العقَّاد عن كاتب غربي يتحدث عن المرأة الأوربية في عصر الفروسية:

أن الملكة بلانش فلور ذهبت إلى قرينها الملك بيبين تسأله معونة أهل اللورين فأصغى إليها ثم استشاط غضبًا ولطمها على أنفها بِجُمْعِ يده، فسقطت منها قطرات من الدماء، وصاحت الملكة تقول: إنْ أرضاك هذا فأعطني من يدك لطمة أخرى حين تشاء، وكأن هذه اللطمة بقبضة اليد جزاء كل امرأة جسرت في عصر الفروسية على أن تواجه زوجها بالمشورة.

وانظر إلى هدي الإسلام في إرشاده للرجل في تعامله مع المرأة برفق وحنان وشفقة وإحسان، حتى ولو كان هذا الرجل أمير المؤمنين، فمما يُروَى عن عمر بن الخطاب أنه حينما صعِد المنبر لينهى الناس عن المغالاة في المهور راجَعَتْه امرأة وهو فوق المنبر، فقالت: أيعطينا الله بقوله: ﴿ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 20]، فأعلنها عمر صريحة من فوق المنبر: أصابت امرأة وأخطأ عمر.. كلُّ الناس أفقهُ منك يا عمر! ولم يُهِنِ المرأة أو يوجه لها أدنى إساءة رغم مراجعتها له أمام الناس وهو أميرٌ للمؤمنين.

وصدق من قال: ((ما أكرمَهُن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم)).

(5)

ظلم القانون الأرثوذكسي للمرأة

إن لائحة الأقباط الأرثوذكس قد ظلمت المرأة ظلمًا بيِّنًا، تجلَّى ذلك في العديد من موادها:

حيث تجعلها تنتظر خمس سنوات متتالية إذا غاب زوجها؛ بحيث لا تعرف محل إقامة له، ولا تعلم حياته من وفاته، حتى تطلب التطليق، فتنص المادة 50 من تلك اللائحة على أنه:-

يجب على المرأة أن تنتظر خمس سنوات متتالية إذا غاب عنها زوجها؛ بحيث لا تعرف محل إقامة له، ولا تعلم حياته من وفاته، من أجل أن تطلب التطليق، ويجب في تلك الحالة أن يصدر حكم بإثبات غيبته، وقد تنتظر معه المرأة سنوات وسنوات حتى يصدر بسبب طول أمد التقاضي، كما هو معروف في المحاكم، علمًا بأن هذه المدة (مدة غيبة الزوج عن زوجته) في الإسلام، وهي التي أخذت بها قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين هي سنة واحدة (في مذهب الإمام مالك) يجوز للزوجة المسلمة بعدها أن تطلب الحكم لها بالتطليق، وبشرط ألا تعرف له محل إقامة، ولا يمكن لها أن تراسله، ويحضرنا في هذا المقام ما ورد عن عمر بن الخطاب الذي كان يتفقد أحوال رعيته ذات ليلة، فسمع صوت امرأة من خلف جدران منزلها تصرخ مناديةً قائلةً:

لقد طال هذا الليلُ واسوَدَّ جانِبُه  وأرَّقَنِي أنْ لاَ حبيب أُلاعِبُه

فوالله لولا الله تُخْشَى عواقِبُه  لَحُرِّكَ من هذا السرير جوانِبُه

مخافةُ ربي والْحياءُ يَصُدُّني  وإكرامُ بعلي أن تُنالَ مراكِبُه

فدخل عمر على ابنته حفصة سائلاً لها: يا حفصة، كم تصبر المرأة على فراق زوجها؟ فقالت: يا أمير المؤمنين، أربعة أشهر، وبعد ذلك ينفد الصبر، فأصدر رحمه الله منشورًا يقضي بعدم غياب زوج من الجند (الذين يتولون حراسة ثغور الدولة المسلمة) أكثر من أربعة أشهر.

أما في حالة حدوث شقاق وخلاف بين الزوجة المسيحية وزوجها، فإن الانفصال الجسماني بينهما (الذي لا مثيل له في شريعة الإسلام) تحكم به المحكمة لمدة سنة كما تنص المادة 60 من تلك اللائحة، فإذا انقضى الأجل (سنة) دون تصالح الزوجين، كان لكل من الزوجين أن يعلن الآخر بالحضور للمحكمة لسماع الحكم بالتطليق.

وتعذيب وظلم ثان للمرأة المسيحية التي أوجبت عليها تلك اللائحة في المادة 52 منها أن تنتظر خمس سنوات إذا أصيب زوجها بجنون مطْبِق غير قابل للشفاء وحتى تطلب التطليق.

وتعذيب وظلم ثالث لتلك المرأة أيضًا أوردَتْه تلك المادة التي أوجبت على المرأة المسيحية التي أصيب زوجها بمرض العُنَّة (ارتخاء العضو الذكري) وثبت أنه غير قابل للشفاء، وكانت هي في سن يُخْشَى عليها فيه من الفتنة – أن تنتظر خمس سنوات حتى تطلب التطليق.

(6)

فأين هذا من هدي الإسلام ونوره الذي تُقَرِّر قواعده المأخوذة من هدْي نبيه صلى الله عليه وسلم أنه ((لا ضرر ولا ضرار))؟! والذي جعل الطلاق في هذه الحالة أصلح للزوجين من أن يعيشا معًا في حياة نكِدَة تتقاذفها عواصف الخيانة ورياح الفجور وقابلية الإقبال على الزنا للزوجة المضرورة من هذه العُنَّة البغيضة التي لا يمكن أن تصبر عليها مع مُغْرِيات الشهوة ومتطلبات الإشباع الجسدي.

وهل يمكن أن يُفهَم من هذا النص بمفهوم المخالفة أن المرأة المسيحية إذا لم تكن في سن يُخشَى عليها فيه من الفتنة يجب عليها ألا تطلب التطليق.

إن هـذا لشـيء عُجَابٌ!

وتعذيب رابع لها كذلك، انظر فيه إلى هذا النص كي ترى ما فيه من المضحكات المبكيات؛ حيث ورد في نص المادة 57 من ذات اللائحة ما يلي:

يجوز أيضًا طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر، أو أخلَّ بواجباته نحوه إخلالاً جسيمًا؛ مما أدى إلى استحكام النفور بينهما، وانتهى الأمر بافتراقهما عن بعضهما البعض، واستمرت الفرقة ثلاث سنوات متوالية.

وماذا عن ظلم المرأة المسيحية حتى في عدتها؟

إن العدة في لائحتهم أيضًا عشرة أشهر، لا يجوز للمرأة المسيحية التي مات زوجها أو فُسِخَ زواجها أن تعقد زواجًا ثانيًا إلا بعد انقضائها، ويبطل هذا الميعاد إذا وضعت المرأة بعد وفاة زوجها أو بعد فسخ عقد الزواج، ويجوز للمجلس الْمِلِّي أن يأذن متي ثبت له بصفة قاطعة من ظروف الأحوال أن الزوج السابق لم يعاشر زوجته منذ عدة شهور.

ونحن نتساءل هنا ما هي ظروف الأحوال التي سيعرف من خلالها المجلس الملي اجتناب الزوج معاشرة زوجته؟! إنه لَنَصٌّ غامض كان يتعين فيه تخفيض العدة لكي تتفق مع شرع الله في الإسلام، ولتجنيب الزوجة المسيحية الضرر ومشقة الانتظار، لتصبح ثلاثة قروء (ثلاث حيضات أو ثلاثة أطهر) عملاً بقول الله تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [البقرة: 228].

هذه هي المرأة، فمَنْ بالله عليكم أنصفها ومن ظَلَمَها؟ إن الغرب يتباكى اليوم على المرأة المسلمة في الشرق، وينادي بعضهم بأنها مهضومة الحقوق في الإسلام، ومع الأسف ينحو نحوهم البعضُ منا ممن لا يفهم إسلامه ودينه فهمًا صحيحًا، ويريد أن يكسب بذلك جولةً، أو يشار إليه بالبنان من جانب بعض سيدات المجتمع (اللوبي النسائي) ليحقِّقَ نصرًا زائفًا ابتغاءَ عَرَضٍ زائل من أعراض الدنيا الفانية؛ ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 100].

المصدر
شبكة الألوكة
زر الذهاب إلى الأعلى