المدد عند الصوفية
أخي: أثلج الله صدرك بالتقوى وأقر عينك بالهداية – اعلم أن من صور الشرك التي انتشرت بين المسلمين الحلف بغير الله كالنبي صلى الله عليه وسلم والصالحين والآباء والأجداد والعين والحياة والأولاد والشرف والذمة ومنها ما يفعله بعض المريدين من السجود بين يدي شيوخهم إذا اقترف أحدهم ذنباً وهو يهتف ويقول: “تائب وراجع إلى الله يا إخواني اقبلوني”.
في حين أن ذلك المخطئ لو تاب إلى الله عز وجل تاب الله عليه وما ضره غضب الشيخ.
كما أن من مظاهر الشرك ما يعتقده البعض من مدد في أشياخهم ينفعونهم به من غير نظام الأسباب والمسببات.
من أجل ذلك كتب الشيخ أبو الوفاء درويش -رحمه الله- في مجلة الهدي النبوي مقالاً بعنوان:
«المدد من ضلالات الصوفية» قال فيه:
يالله للإسلام من أدعيائه… يالله للإسلام من محترفيه!
يالله للإسلام من المتاجرين به!
منيت الأمة الإسلامية بشرذمة من أبنائها يحترفون الدين احترافاً ويتخذونه مهنة ومرتزقاً، لأنها حرفة لا تكلفهم شططاً، ولا ترهقهم عسراً، ولا تحتاج إلى رأس مال، ولا أدوات أعمال، ولكنها تدر عليهم خيراً كثيراً، تغدق عليهم أطيب ما يتمنى المتمني، ويأمل الآمل: مال كثير، وطعام شهي، وثياب ثمينة وجاه عريض، وكلمة نافذة، وتحكم في الجماهير، وسلطان على الجم الغفير ومطالب لا ترد، ونفوذ لا يحد، وحاجات مقضية، ورهبة في الصدور، وصولة في القصور، وإكبار وإجلال، واحترام وتبجيل، وتعزيز وتوقير، كأنهم ملوك لا يعوزهم إلا الصولجان، ولا تنقصهم إلا التيجان.
أولئك هم مشايخ الطرق الذين يتاجرون بدين الله، ويخدعون عباد الله، ويعبثون بعقول الناس وضمائرهم، ويفسدون عقائدهم بما يوسوسون به إليهم من الخرافات، والأباطيل والترهات، حتى يستنـزلوهم من أفق التوحيد الطاهر النقي المضيء إلى وهدة الشرك الدنس المظلم الوبيء.
يوهمون العامة وإغرار المتعلمين أنهم ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن هذه الوراثة تخولهم جميع ما خص الله به رسوله الكريم، فإذا كان الله تعالى قد أطلع رسوله على الغيب، فهم كذلك يعلمون الغيوب بحق هذه الوراثة، وإذا كان الله تعالى قد أيد رسله بالخوارق والمعجزات، فهم كذلك مؤيدون بالآيات والكرامات ولهم في أحداث الحيل التي تجوز على الأغرار وسائل يعجز الشيطان نفسه عن الإتيان بمثلها. ومما يخدعون به الأغرار الذين يتبعونهم، ويلقون إليهم مقادهم، وينـزلون لهم عن عقولهم التي هي أثمن ما منّ الله به على عباده.
خديعة المدد:
والمدد عندهم: أن يعلم الشيخ –بالغيب- أن مريده في حاجة إلى عونه، فيمده بشيء من الأسرار على بعد الدار، وشطط المزار، ويمنحه ما يحتاج إليه، ويعول في طلبه عليه، وبقوة غيبية، وراء الأسباب الطبيعية.
والدليل على أن هذا هو معنى المدد عندهم: قولهم في بعض كتبهم التي يروجون بها ضلالاتهم، ويذيعون سفاهاتهم: “يحتاج المريد إلى من يأخذ بيده بموعظة كلامية، أو همة روحانية، أو توجيهات قلبية”1.
وقولهم: “وقد يكون المدد نوراً، أو ناراً، أو سراً، أو قوة”.
وقولهم في نهوضهم وجلوسهم، وحركاتهم وسكناتهم: المدد يا سيدي فلان، وقد يكون سيدهم فلان هذا في مكان بعيد، أو بلد ناء لا يبلغه المسافر إلا بعد الأين والكلال، أو يكون قضى نحبه، وتبوأ من الأرض جدثاً هامداً ومكاناً سحيقاً. يوهم هؤلاء الشيوخ مريديهم أن لهم ولمن لقي حتفه من شيوخهم قوة غيبية يستطيعون بها أن يمدوا مريديهم بما يشتهون بغير التذرع بالأسباب الطبيعية، ولا الخضوع لسنة الله الكونية، فإذا كان المريد جائعاً مده الشيخ بالشبع، وإذا كان ظامئاً أمده بما يطفئ غلته.
ويروى أدامه، وإذا كان يقشعر من البرد أمده بالدفء يجري في عروقه، ويشيع في أوصاله، وإذا ضاقت في الحر أنفاسه أمده بالنسمات تروح على صدره، وتندي على كبده، وإذا كان خائفاً يترقب أمده بالأمن، وملأ بالطمأنينة قلبه، وإذا كان جاهلاً أمده من لدنه بالعلم الغزير يتنـزل على قلبه، وبالحكمة العالية تتفجر من جوانحه، وإذا كان عياً أمده بما يحل عقدة لسانه، ويجلي روعة بيانه، وإذا كان ضالاً أمده بما يهديه ويسدده!!.
كل هذه بقوة غيبية يملكها الشيخ فوق الأسباب، ووراء سنن الكون ونواميس الوجود. وطبائع الأشياء. فما هي إلا أن يتوجه قلب المريد إلى الشيخ حيا يسعى، أو ميتاً تحت أطباق الثرى في طلب المدد فيتوجه قلب الشيخ أو روحه حتى يمده الشيخ بما يحب ويهوى، كأن قلب المريد مفتاح أداة إذاعة مستقبلة “راديو” وكأن قلب الشيخ محطة إذاعة مرسلة تبعث بموجاتها إلى كل فرد يستقبلها.
لو أن هذه العقيدة مجرد خرافة لا تمت إلى الدين بصلة ككثير من الخرافات التي تتبوأ مكانتها من قلوب الجماهير الجاهلة الساذجة ما أقمنا لها وزناً، ولا اقتضينا البراعة لمكافحتها، ولا تجردنا لمنافحتها والقضاء عليها، ولكنها خرافة ملعونة تفضي بمعتقدها، إلى أحط دركات البهيمية، ثم إلى الشرك المخرج من حظيرة الإسلام الذي هو دين التوحيد الخالص، لأن الجاهلين لم يبلغ اعتقادهم في آلهتهم هذا المبلغ، ولم ينحدر إلى هذا الرجس.
القوة الغيبية التي وراء الأسباب، وفوق سنن الكون ونواميس الوجود، وطبائع الأشياء ليست إلا لله وحده لا شريك له، لم يمنحها أحد من البشر ومعجزات الأنبياء ليست من صنعهم.
بدليل قول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 109].وقوله تعالى: ﴿ وَمَا نَتَنزلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ ﴾ [مريم: 64]، فرسل الله المؤيدون بالخوارق لا يملكون هذه القوة الغيبية التي استأثر رب العزة سبحانه بها.
ولكن الصوفية أولهم وآخرهم ينسبونها إلى شيوخهم أحياءً وأمواتا، فيعتقدون أنهم يعلمون الغيب، وأنهم علماء بذات الصدور، وأنهم يعلمون بأن المريد توجه إليهم بقلبه في التماس المدد وأنهم قادرون على أن يمدوه بما يريد من مكان بعيد، وبغير سنة الله في الأسباب والمسببات، أي أنهم يخلعون عليهم صفات الله تعالى، ويجعلونهم شركاء له جل شأنه في علم الغيب، وفي امتلاك القوة الغيبية التي يتصرف بها في ملكوت السماوات والأرض.
وأي شرك أقبح من هذا الشرك؟
وإن لم يكن هذا شركاً فماذا عسى أن يكون الشرك؟
ومن قبيح ما عاهدوا الشيطان عليه: أنهم اتبعوا سنن من قبلهم شبراً بشبر فصاروا يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون.
فمما جاء في كتبهم النجسة المحشوة بالأضاليل والأكاذيب، وسوء الأدب قولهم: “أنت تسأل صديقك أن يمدك بكتابه وجارك أن يمدك بفأسه أو محراثه، وأحد العظماء أن يتوسط لك في وظيفة.. فهل يعد هذا شركاً بالله؟”.يا للعجب! يا للمغالطة!
إن للناس عقولاً تدرك. أين هذا مما نحن فيه؟ وأين الثريا من الثرى؟ هذه الأمثلة التي ذكرتموها للمغالطة والتضليل والخداع وليست مما نحن بسبيل القول فيه. وإنما هي من التعاون الذي أمرنا الله تعالى به في قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2].
ولكن الظضال الذي نحذركم إياه: هو طلب الإمداد من وراء الغيب بقوة غيبية تزعمونها لشيوخكم من وراء الأسباب الكونية، وفوق قوى البشر الطبيعية.
أما أنكم لو طلبتم من شيوخكم وهم حاضرون معكم طعاماً تأكلونه أو ماء تشربونه، أو ثوباً تلبسونه، أو كتاباً تقرءونه أو درساً تتعلمونه ما عاب عليكم أحد ولا لامكم فيه لائم ولكنكم تطلبون من الغائبين ومن الموتى أموراً لا يقدر عليها إلا رب العالمين، فتؤلهون الغائبين والموتى، وتجعلونهم شركاء لله في علمه وقدرته، وتصرفه في ملكوت السموات والأرض، وتزعمون بعد ذلك أنكم موحدون وتلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون.
أما الموتى فمهما يكن فضلهم وصلاحهم وتقواهم في حياتهم الدنيا، ومهما تسم أقدارهم، وتعل منـزلتهم عند ربهم فقد انقطعت بالموت أعمالهم. لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث…» وإذا انقطع عمل العبد لنفسه فأحرى أن ينقطع عمله لغيره، فهيهات أن يصل منه إلى المريد مدد، أو ينتفع بشخصه بعد موته أحد.
أما الأحياء الذين تحول بينهم وبين المريد المسافات الشاسعة التي لا تبلغها الأصوات ولا تقطعها الدعوات فهيهات أن يستمعوا لمريديهم هيهات.ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.
ومما وسوس به الشيطان في صدورهم وسال به لعابه من أسلات أقلام الكاتبين منهم قولهم: “أن المدد من الله مباشرة لا تتحمله القلوب الضعيفة فلا بد من وساطة الشيخ الذي يكون بمثابة زجاجة ملونة تضعف ضوء المصباح القوي2” كبرت كلمة تخرج من أفواههم أن يقولون إلا كذباً.
فجميع العباد مغمورون فيه إنما هو من إمداد الله تعالى، فحياتهم وأسماعهم وأفئدتهم، وعقولهم وجميع أعضائهم وحواسهم ومشاعرهم وأفهامهم وعواطفهم ومداركهم وقواهم، من إمداد الله تعالى وصلت إليهم من الله تعالى مباشرة، ولا يد لشيخ من الأشياخ ولا لنبي من الأنبياء في وصولها. التوفيق للرشد والهداية إلى الصراط المستقيم، من أمداد الله تعالى. وقد علمنا الله تعالى أن ندعوه مخلصين له الدين، وأن نبتهل إليه طالبين منه الهداية إلى الصراط المستقيم، وأين أنتم من قوله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]، آية من السبع المثاني جعلها في فاتحة الكتاب التي لا صلاة لمصل إلا بها.
وأين كان الشيوخ حين أمد الله جميع خلقه بما هم مغمورون فيه من موفور النعم وجزيل الآلاء. وكله من فضل الله ورحمته؟
ولكنها ضلالات وأكاذيب ومفتريات يفترونها ليخدعوا الناس عن أنفسهم حتى يطيعوهم الطاعة العمياء، وينـزلوا لهم عن أموالهم فيأخذونها غنيمة باردة ويأكلوها بالباطل وهم يعلمون.
المدد شرك وخرافة
أما أنه شرك فالاعتقاد أن غير الله تعالى يملك قوة غيبية يستطيع أن يسمع به ادعاء من يستمده، ويعلم حاجته ثم يمده بما هو في حاجة إليه. وهذا الاعتقاد هو الذي يطوع لهم أن يتجهوا إلى غير الله في طلب ما لا يقدر عليه إلا الله وذلك هو الشرك الصريح القبيح. وأما أنه خرافة، فلأنه لا يقبله عقل، ولا يؤيده علم، ولا يعضده نص من نصوص الشريعة المطهرة الواردة في كتاب الله والصحيح من سنة رسول الله.
أما العقل: فإنه لا يتصور أن إنساناً يتجه قلبه على البعد نحو إنسان آخر فيحدث ذلك الاتجاه آثاراً مادية أو معنوية في ذلك الإنسان وخاصة إذا كان يطلب المدد من الموتى الذين انقطعت أعمالهم بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين.
وأما العلم: فعلى فرط ما بلغه من الاستكشافات الرائعة التي غيرت الكثير من أوضاع هذه الكرة الأرضية ونظمها لم يصل بعد إلى كشف يؤيد هذه الخرافة.وما هو بواصل إلى ذلك أبداً.
وأما الدين: فلم يرد في نص من نصوصه الواردة في كتاب الله وسنة رسوله إلا ما يهدم هذه الخرافة على رؤوس المفتونين بها.
ولو أتيحت هذه القدرة المزعومة لأحد من البشر لأتيحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحب االخلق إلى الله وأكرمهم عليه.
ولو أتيحت له هذه القدرة لطلب صحابته الكرام منه المدد ولأمدهم بما شاءوا. ولأمد نفسه ولم يختبئ في الغار ثلاثة أيام، ولكن شيئاً من هذا لم يقع، وهذه كتب السنة بين أيدينا تشهد بكذب هذه الدعاوى الزائفة الكذوب. إذ لم يرويها حديث واحد صحيح ولا حسن بل ولا ضعيف يؤيد هذه الدعاوى.
بل على النقيض من ذلك جميع ما ورد في السنة ينادي ببطلان هذه الدعوى، وبأنها إفك وزور وبهتان.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لكريمته الزهراء الطاهرة الزكية: «يا فاطمة بنت محمد: لا أملك لك من الله شيئاً» وجاء في صحيح البخاري: «أن جماعة من الصحابة أحاط بهم الأعداء فتوجهوا إلى الله تعالى قائلين: اللهم أخبر عنا نبيك محمد».
كان في وسعهم أن يقولوا: المدد يا رسول الله. ولم يفعلوا. لماذا؟ لأنهم يعلمون علم اليقين أن الرسول لا يعلم الغيب، فلا يمكن أن يبلغه نداؤهم، لأنهم يؤمنون بالقرآن الذي يقول الله فيه لنبيه: ﴿ قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ﴾ [الأنعام: 50]، ويقول: ﴿ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ﴾ [الأحقاف: 9]، ويقول: ﴿ قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً ﴾ [الجن: 21]، ولأنهم يعلمون أن هذا المدد لا يكون إ
لا بقوة غيبية هي من خصائص رب العزة سبحانه فلم يطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم ما لا يملك.
وإنما طلبوا من الله تعالى القادر على كل شيء أن يخبر رسوله بالوحي يتنـزل عليه، فيبعث إليهم مدداً حياً من الجنود والمقاتلة ينقذهم من الكرب الذي نـزل بهم.
يريد هؤلاء الشيوخ أن يصرفوا مريديهم عن دعوة الله الحق مخلصين له الدين، فيهونون عليهم بالباطل ويقولون: “لم لا تنادي ربك وتقول: يا رب اغسل لي ثوبي ونظف لي بيتي، وساق لي دابتي، واطبخ لي طعامي، واحضره أمامي، وامضغ لي لقمتي، وارضع لي طفلي، على حد قول من قال: “سألت الله يجمعني بسلمى” ويوردون هذه الأبيات الوقحة الفاجرة الكافرة التي وضعها صاحب كتاب رجوع الشيخ إلى صباه ليهيج بقراءتها الغرائز الوضيعة، والطبائع الحيوانية، والشهوات الدنيئة. هذا الكتاب الداعر الماجن الخبيث الذي صادرته الحكومة من أجل هذه الأبيات وأمثالها.
ولا جرم أن إثبات هذه الأبيات في كتاب يذاع في الناس ويقرؤه الشباب عدوان صارخ على القانون، واستهانة بأحكام الدولة، وإهدار لهيبة الحكومة المهيمنة على حماية آداب الشعب ورعاية أخلاقه.
ونقول للعقلاء والمنصفين: إن مطالب الإنسان وحاجاته لا يدركها إلا إذا توفرت له الأسباب التي اقتضت حكمة الله أن تكون مؤدية إليها، وزالت الموانع التي من شأنها بمقتضى هذه الحكمة أن تحول دونها، وقد منح الله الإنسان علماً وقدرة يتمكن بها من كسب بعض الأسباب وإزالة بعض الموانع، لأن علمه محدود وقدرته محدودة، فعلى العبد أن يبذل قصارى جهده في الأخذ بالأسباب، التي يستطيع كسبها وفي درء الموانع التي يتسنى له درؤها، وله أن يطلب العون والمساعدة إن عجز عن بلوغ ذلك من أمثاله من البشر. وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2].
أما ما وراء علمه وقدرته، وما وراء قوى البشر وقدرهم فلا يلتمس إلا من الله سبحانه وتعالى، ولا يطلب من سواه، إذ لا يقدر على ما وراء الأسباب التي خولها الجنس البشري على سواه إلا مسبب الأسباب.
أما الاستعانة بالأولياء وطلب المدد من الشيوخ الذين اتخذوهم أولياء من دون الله تعالى واستعانوا بهم فيما وراء الأسباب الكونية فهو شرك أقبح من شرك الجاهلية.
يجب الاستعانة بالله وحده فيما وراء الأسباب الكونية وذلك هو روح الدين وكمال اليقين، وعقد التوحيد الخالص الذي يسمو بنفوس معتقديه ويخلصها من رق الرؤساء والكبراء والشيوخ حتى يكون المؤمن مع الناس حراً خالصاً وسيداً كريماً، ومع الله عبداً خاضعاً، سميعاً مطيعاً.