المخطوطة السينائية
ما هي المخطوطة السينائية ؟
هي مخطوطة للكتاب المقدس المسيحي مكتوب في منتصف القرن الرابع وتحتوي على أقدم نسخة كاملة للعهد الجديد , الكتابة في المخطوطة باللغة اليونانية , العهد الجديد مكتوب باللغة اليونانية القديمة (Koine) , وتحتوي على العهد القديم المعروف بالترجمة السبعينية التي تم إعتمادها بواسطة المسيحيين الأوائل المتحدثين باللغة اليونانية . تمت إضافة العديد من الحواشي للعهد القديم والجديد معاً بواسطة سلسلة طويلة من المصححين . للمخطوطة السينائية أهمية هائلة بالنسبة لتاريخ الكتاب المقدس وتاريخ صناعة الكتب وبالأخص لإعادة تكوين النص الأصلي للعهد الجديد .
قصة إكتشاف المخطوطة السينائية
The text of the new testament – Bruce M. Metzger
( p42 – p43 – p44 – p45 – p46 )
( شكر خاص لفادي أليكسندر الذي نقل لنا الترجمة من كتابه المدخل إلى علم النقد النصي صـ107 )
في عام 1844 بدأ تشيندورف، الذي كان أستاذاً بجامعة ليبزج ولم يكن قد تجاوز الثلاثين من العمر، رحلته الطويلة في الشرق الأدني بحثاً عن مخطوطات الكتاب المقدس. وفي زيارته لدير سانت كاترين بجبل سيناء، وجد مصادفةً بعض الرقوق في سلة للمهملات كانت ممتلئة بالأوراق التي كان مصيرها أن تستخدم في إشعال الفرن الخاص بالدير. وبفحص هذه الرقوق تبين أنها نسخة من الترجمة السبعينية للعهد القديم مدونة بالحروف الكبيرة المنفصلة اليونانية. وقد استعاد من هذه السلة ما لا يقل عن ثلاثة وأربعين من هذه الأوراق، وذكر له رهبان الدير أن ضعف ما يمكن أن تحمله السلة في المرة الواحدة من هذه الأوراق قد احترق بهذه الطريقة!.
وبعد ذلك، عندما عرض على تشيندورف أجزاء أخرى من المخطوطة نفسها (وكانت تحوي سفر إشعياء كاملاً وسفري المكابيين الأول والثاني)، حذَّر الرهبان من استخدام مثل هذه الرقوق في إشعال النيران وذلك لقيمتها البالغة. أما الأوراق الثلاث والأربعون التي سمح له بالاحتفاظ بها فكانت تحوي أجزاء من سفر أخبار الأيام الأول وإرميا ونحميا وأستير، وعندما عاد إلى أوروبا أودعها مكتبة جامعة ليبزج، حيث تبقي إلى الآن. وفي عام 1846 نشر محتوياتها وأطلق عليها اسم مخطوطة فريدريك أوغسطس تكريماً للملك فريدريك أوغسطس الذي كان ملكاً لموطن المكتشف وراعياً له. ولم تثمر زيارة تشيندورف التالية إلى الدير عام 1853 عن اكتشاف أي مخطوطات جديدة إذ كان الرهبان مرتابين بسبب الحماس الذي أبداه للمخطوطات أثناء زيارته الأولي عام 1844 .
ثم قام بزيارة ثالثة في عام 1859 بتوجيه من القيصر الروسي ألكسندر الثاني. وقبل مغادرته الدير بفترة قصيرة، قدم تشيندورف لمشرف الدير نسخة من الترجمة السبعينية التي كان قد نشرها في ليبزج. وعندئذ ذكر له المشرف أن لديه أيضاً نسخة من الترجمة السبعينية وأخرج من خزانة قلايته مخطوطة ملفوفة في قطعة قماش حمراء. فرأي العالم تشيندورف أمام عينيه، وقد استولي عليه الذهول، الكنز الذي طالما كان يتوق لرؤيته. وطلب، مخفياً مشاعره ومتظاهراً بعدم الاكتراث، تصريحاً بفحص المخطوطة في ذلك المساء. وعندما حصل تشيندورف على هذا التصريح عاد إلى حجرته وظلَّ ساهراً طوال الليل مبتهجاً بدراسة المخطوطة – لأنه ، كما يقول في يومياته (التي كتبها باللاتينية لكونه عالماً)، بدا النوم وكأنه تدنيساً للمقدسات! وسرعان ما وجد أن المخطوطة تحتوي على أكثر مما كان يرجوه، لأنها لم تكن تحتوي فقط على معظم العهد القديم ولكن أيضاً على العهد الجديد الذي كان سليماً بل وفي حالة ممتازة، بالإضافة إلى ذلك كانت هناك الأعمال المسيحية الأولي للقرن الثاني الميلادي، فكانت هناك رسالة برنابا (ولم تكن تعرف قبلاً إلا من خلال إحدى الترجمات اللاتينية الضعيفة) وجزء كبير من راعي هرماس، الذي لم يكن يعرف منه حتى ذلك الوقت إلا اسمه فقط .
رهبان دير أنبا مقار: العهد القديم كما عرفته كنيسة الإسكندرية، دار مجلة مرقس – صـ67. [المخطوطة السينائية، ويتكوَّن النَّص السبعيني فيها من 156 ورقة (بخلاف العهد الجديد) بالإضافة إلى 43 ورقة أخرى محفوظة في متحف الدولة بليبزج بألمانيا. والذي اكتشف هذه المخطوطات في دير سانت كاترين بسيناء سنة 1859م هو العالم الألماني الرَّحّالة قسطنطين تشندورف، وحمل منها 43 ورقة أودعها متحف ليبزج، ثمّ عاد بخطاب توصية من قيصر روسيا وقتئذ (وكان يُعتبر حامي كنائس وأديرة الرُّوم الأرثوذكس)، وأخذ باقي المخطوطة. وبعد دراستها ونشرها أودعها مكتبة ليننجراد بروسيا حتى قيام الثورة الشيوعية هناك، فاشتراها المتحف البريطاني سنة 1933م بمبلغ مائة ألف جنيه إسترليني، وصارت أثمن دُرَّة في مُقتنيات متاحف إنجلترا. ويرجع تاريخ نساخة هذه المخطوطة إلى حوالي سنة 350م، وهي كاملة فيما عدا الأوراق التي حُملت إلى ليبزج، ولا تحوي سفريّ المكابيين الثالث والرابع. ولكنَّها تتميَّز بنصٍّ مُطوَّل لكتاب طوبيت يختلف عن الموجود في المخطوطات الأخرى ويُرجِّح أنه النَّص الأصيل.]
رهبان دير أنبا مقار: العهد القديم كما عرفته كنيسة الإسكندرية، دار مجلة مرقس – صـ68، 69. [وإلى عهد قريب، كان يُظنّ أن المخطوطة السينائية والفاتيكانية يُعتبران من ضمن الخمسين مُجلَّداً التي أهداها الإمبراطور قسطنطين الكبير لكنائس عاصمته الجديدة «القسطنطينية». لكن الفحص الحديث أثبت أن النَّص الشائع فيهما هو النَّص المصري المُنقَّح. لذلك اجتهد العلماء في ترجيح أماكن أخرى صدرت عنها هاتان المخطوطتان. ويكاد يكون الإجماع على ترشيح مدينة قنسطانس، وذلك لأننا نعلم من دفاع أثناسيوس الرسولي المرفوع للإمبراطور قنسطنطيوس سنة 356م، أن القديس أثناسيوس قدَّم نُسخاً مُنذ خمس عشرة سنة هدية لهذه المدينة، أي بين سنتي 339-340م. هذا التَّرجيح يشرح على الأقل كيفية وصول النَّص المصري المُنقَّح للترجمة السبعينية قريباً من روما. ويزيد من صحة هذا التَّرجيح أن ترتيب تجليد الأسفار وعددها في المخطوطة الفاتيكانية يتمشّى تماماً مع ما جاء في رسالة القديس أثناسيوس الفصحية سنة 367م، بل إن وَضْع رسالة العبرانيين في هذه المخطوطة، وهي من رسائل العهد الجديد، هو بنفس التَّرتيب الموضوع في قانون الأسفار المُقدَّسة كما جاء في رسالته الفصحية. هذه الأسباب جميعاً تزكِّي الرأي القائل أن المخطوطة الفاتيكانية هي واحدة من الهدايا التي قدَّمها القديس أثناسيوس لمدينة قنسطانس.]
ستيفن ميلر و روبرت هوبر: تاريخ الكتاب المقدس، دار الثقافة – صـ89. [أقدم الكُتُب المُقدَّسة التي وصلت إلينا: لا أحد يعلم متى تمّ ضمّ أسفار العهدين القديم والجديد في مُجلَّد واحد، ولكن أقدم نُسختين من الكتاب المُقدَّس وصلتا إلينا (كاملتين تقريباً) ترجعان إلى مُنتصف القرن الرابع، وتعرفان اليوم بالمخطوطة الفاتيكانية والمخطوطة السينائية، وتحتويان على مُعظم النُّسخة السبعينية (أول ترجمة يونانية للكتاب المُقدَّس العبري) وتحتوي على الأسفار التي حذفها اليهود، واعتبرها البروتستانت أسفاراً أبوكريفية مع أن المخطوطة الفاتيكانية ينقصها أسفار المكابيين. وكلتا المخطوطتين تحتويان على أسفار العهد الجديد كلها (27 سفراً). والمخطوطة السينائية تحتوي أيضاً على رسالة برنابا وراعي هرماس. والأرجح أن النُّسخة الفاتيكانية قد كُتِبت في مصر في نحو 350م، ثمّ انتهى بها المسار إلى مكتبة الفاتيكان في روما. أمّا النُّسخة السينائية فلها تاريخ أكثر إثارة، فقد كُتِبَت في مصر في أواخر القرن الرابع وحُفِظت في دير سانت كاترين عند أقدام جبل موسى، المُعتقد أن موسى تلقَّى الوصايا العشر على قمَّته. وظلَّت النُّسخة فيه مخبوءة حتى 1844م، حين جاء عالم ألماني هو قسطنطين تشيذورف الذي عثر عليها في كوم من القمامة كان مُعدًّا للحريق، وفوراً عندما أدرك حقيقة ما اكتشفه، أنقذ مُعظم المخطوطة. لِقِدَم هاتين المخطوطتين ولأنَّهما تكادان أن تكونا مُكتملتين، فإنَّ لهاتين المخطوطتين قيمة لا تُقدَّر في مُعاونة علماء ا لكتاب المُقدَّس الآن.]
جوش ماكدويل: كتاب وقرار، ط. هيئة الخدمة الروحية وتدريب القادة – صـ44. [النسخة السينائية Codex Sinaiticus (350م) موجودة في المتحف البريطاني، وتحوي كل العهد الجديد ما عدا مرقس 16 / 9-20، يوحنا 7 / 53 – 8 / 11، كما تحوي أكثر من نصف العهد القديم. وقد عَثَرَ عليها تشندرف في سلة للمهملات في دير جبل سيناء عام 1844، وسلَّمها الدير هدية لقيصر روسيا عام 1859، واشترتها الحكومة البريطانية من الاتِّحاد السوفيتي بمائة ألف جنيه يوم عيد الميلاد سنة 1933.]
عبد المسيح اسطفانوس: تقديم الكتاب المقدس (تاريخه، صحته، ترجماته)، ط. دار الكتاب المقدس – صـ74، 75. [المخطوطة السينائية: وهي تعود إلى مُنتصف القرن الرابع الميلادي، وقد اكتشفها العلّامة فون تشندورف بدير سانت كاترين بسيناء عام 1844م ثمّ عام 1859م، وهي تشمل العهد الجديد كاملاً وغالبية العهد القديم باللغة اليونانية. وهي موجودة الآن بالمتحف البريطاني. ومن وراء هذا الاكتشاف قصَّة طويلة مُثيرة، فقد أنقذ تشندورف بعض صفحاتها من الضَّياع إذ انتشلها من سلَّة مُهملات. ويُرمز إلى هذه المخطوطة بالحرف ألف العبري א في حواشي طبعات العهد الجديد باللغة اليونانية القديمة. ويرى بعض العلماء أنَّها واحدة من خمسين نُسخة التي كلَّف الإمبراطور قُسطنطين يوسابيوس القيصري في أوائل القرن الرابع الميلادي بإعدادها لاستخدام الكنائس.]
يوسف رياض: وحي الكتاب المقدس، مكتبة الإخوة – صـ73، 74. [النسخة السينائية (01) S Sinaiticus: اكتشفت صدفة عـام 1844 بدير سانت كاترين في جبل سيناء بواسطة العلامة تشندروف من ليبزج بألمانيا، الذي كرس عمره لاكتشاف مخطوطات الكتاب المقدس القديمة ودراستها. فلقد قـادت العناية الإلهية الكونت تشندروف إلي دير سانت كاترين ليبحث في مكتبتها عن مخطوطات قديمة للكتاب المقدس. وبعد عدة أسابيع من البحث دون جدوى، وجد في سلة للمهملات بعض الرقوق المعدة للحـريق، وكانت مغطاة بمخطوط أنيق ومضبوط أكثر من أي مخطوط آخر رآه من قبل. فأخذ منها 43 قطعة، كما تمكن من نقل سفري إشعياء إرميا. ولما عاد إلي أوربا قام بطبع ما حصل عليه بنفس هيئة أحرفه الأصلية. ثم زار الدير مرة ثانية سنة 1853 فوجد أجزاء لم يكن قد رآها من قبل، وهي جزء من سفر التكوين. وأخيراً عاد مرة ثالثة سنة 1859 مزوداً بأمـر من إمبراطور روسيا الأرثوذكسي مما سهل مأموريته هذه المرة، فعثر علي القسـم المتبقي من هذه النسخ، وهي عبارة عن 346 صفحة مخبأة في قبـو، وكان يشمل معظم أجزاء العهد القديم، والعهد الجديد كله. ولقد طبعت نسخة العهد الجديد التي اكتشفت في روسيا عام 1862. ثم بعد الثورة الشيوعية بيعت هذه الرقوق بما يعادل مبلغ 510،000 دولار أمريكي (أكثر من نصف مليون دولار!) إلي المتحف البريطاني في 24 ديسمبر 1933، وكان هذا يمثل أكبر مبلغ دفع في كتـاب على الإطـلاق لغاية هذا التاريخ. ولازالت تلك المخطوطة موجودة في المتحف البريطاني إلي يومنا الحاضر. ويُعتقَد اليوم أن كلاً من المخطوطة الفاتيكانية والمخطوطـة السينائـية كُتِبتا بناء على أمر الإمبراطور قسطنطين ضمن الخمسين نسخة التي أمـر بكتابتها على نفقة الإمبراطورية (انظر الفصل التاسع).]
شنودة ماهر إسحاق: مخطوطات الكتاب المقدس بلغاتها الأصلية، الأنبا رويس بالعباسية – صـ40، 41. [المُجلَّد السينائي Codex Sinaiticus (01 = א) «محفوظ بمكتبة المتحف البريطاني بلندن برقم إضافة 43725، وله تكملة في ليبزج، وقطعة صغيرة في ليننجراد». وهو مخطوط للكتاب المُقدَّس بعهديه مكتوب باليونانية على الرُّقُوق، ويرجع إلى القرن الرابع الميلادي. ويوجد منه في مكتبة المتحف البريطاني 199 ورقة من العهد القديم، و 147 ورقة ونصف من العهد الجديد. وأمكن التَّعرُّف على بقيَّة له تتكوَّن من 43 ورقة من العهد القديم (تُعرف باسم مُجلَّد فردريكو أوغسطانوس) محفوظة حالياً في مكتبة جامعة ليبزج، وقطعة صغيرة من ورقة محفوظة بمكتبة جمعية الآداب القديمة في ليننجراد. وبذلك يبلغ مجموع الرُّقُوق الموجودة منه 390 ورقة. وهو يحتوي على رسالة برنابا وجزء من كتاب الراعي لهرماس بالإضافة إلى الأسفار القانونية. وهذا المُجلَّد هو واحد من أقوى الشَّهادات للترجمة السبعينية وللعهد الجديد. والكتابة في كل صفحة على أربعة أعمدة، ويتكوَّن كل عمود من 48 سطراً. أمّا الأسفار الشعرية (المزامير، والأمثال، والجامعة، ونشيد الإنشاد، وحكمة سليمان، ويشوع بن سيراخ، وأيوب) فهي مكتوبة على عمودين للصفحة الواحدة. وبمُقارنة الخطوط في الصَّفحات اتَّضح أنَّه قد اشترك في نساخة المُجلَّد ثلاثة من الكتبة، وأن المُصحِّحون الذين قاموا بالمُراجعة وعمل المُقارنات خلال الفترة من القرن الرابع إلى الثاني عشر يصل عددهم إلى تسعة. ولاكتشاف هذا المُجلَّد قصَّة مؤثِّرة، هي أن العلّامة تشندورف كان في زيارة لدير سانت كاترين بسيناء في مايو سنة 1844م. فوجد في مكتبة الدِّير سلَّة كبيرة مملوءة من الرُّقُوق القديمة، وقال له أمين المكتبة إنَّ كومتين من مثل هذه الأوراق التي بليت وتآكلت مع الزَّمن قد تمّ حرقها. فميَّز تشندورف داخل السلَّة رقوقاً من مخطوط قديم للكتاب المُقدَّس باليونانية. فأبدى حماساً نبَّه الرُّهبان إلى أهميَّتها، فلم يسمحوا له أن يأخذ معه سوى 43 ورقة، هي المحفوظة حالياً في ليبزج. وذهب مرة أخرى إلى الدِّير في سنة 1853 على أمل أن يسمحوا له بنساخة باقي الأوراق، ولكنَّه لم يجد سوى قصاصة تحتوي على 11 سطراً من سفر التكوين. وفي زيارة ثالثة للدير في سنة 1859م لم يجد شيئاً، فطلب يوم 4 فبراير من البدو المرافقين له أن يجهزوا أنفسهم لاصطحابه إلى القاهرة يوم 7 فبراير. وفي عصر يوم 4 فبراير كان يتمشّى في الخارج مع أمين الدِّير، ولمّا رجعا إلى الدِّير مع غروب الشمس دعاه أمين الدِّير لتناول شيء من المشروبات داخل قلّايته، فدخل معه، وأكملا حديثهما، فقال أمين الدِّير: «وأنا أيضاً أقرأ الترجمة السبعينية»، ولوقته قام فأحضر مُجلَّداً ملفوفاً بقماش أحمر. وما أن فتح اللُّفافة حتى تأكَّد تشندورف أنَّه وجد ضالته المنشودة. فتمالك مشاعره لكي يُخفي فرحته عنه. وطلب في شيء من عدم الاهتمام الإذن بأخذ المُجلَّد إلى غرفته ليتصفَّحه. وهُناك عرف أن بين يديه أثمن كنز كتابي في الوجود. وبعد تأخيرات استمرَّت لعدَّة شهور استطاع تشندورف أن يحصل منهم على الإذن بأخذ المُجلَّد معه إلى روسيا لتجهيز نُسخة منه هُناك. وفي النِّهاية تمّ إهداء المخطوط إلى قيصر روسيا، وبقي في بطرسبرج (ليننجراد) إلى أن قامت الحركة الشيوعية وبيعت مخطوطات دينية كثيرة، فاشترته مكتبة المتحف البريطاني من حكومة السوفييت في سنة 1933م بمبلغ مائة ألف جنيه إسترليني. ويُمثِّل العهد الجديد في المُجلَّد السينائي (وفي المُجلَّد الفاتيكاني) النَّص المعروف باسم «النَّص المُتعادل» أو «النَّص الإسكندري» الذي يشتهر بدقَّته البالغة.]
فهيم عزيز: المدخل إلى العهد الجديد، دار الثقافة – صـ121، 122. [السينائية Sinaiticus א (01): تُعتبر هذه المخطوطة أهمّ هذا النّوع من المخطوطات، وقد اكتسبت شُهرة واسعة، ليس فقط بما تحوي، ولكن للقصة الطويلة التي وراءها. فقد اعتقد تشندورف الذي اكتشفها أنَّها إحدى خمسين مخطوطة فاخرة أمر الإمبراطور قسطنطين بكتابتها لتُوزَّع على الكنائس، أمّا المخطوطة الثانية الباقية من هذه المجموعة بحسب هذا الرأي فهي الفاتيكانية، أمّا قصة اكتشافها فهي قصة طويلة، تبدأ سنة 1844م عندما جاء قسطنطين تشندورف العالم الألماني إلى الشرق الأوسط للبحث عن مخطوطات قديمة، فوجد 43 ورقة مُلقاة في سلَّة المُهملات في دير سانت كاترين في صحراء سيناء، وعندما فحصها عرف أنَّها جزء من الترجمة السبعينية كُتِبَت بخط كبير مُنفصل، وكانت تحوي أجزاء من 1 أخبار الأيام، إرميا، نحميا، وأستير. فرجع إلى أوروبا ونشر هذه الأوراق سنة 1846م. في سنة 1853م رجع إلى الدير ولكن الرهبان لم يسمحوا له بشيء، ولكن في سنة 1859م في زيارة ثالثة للدير، وجد ما كان يحلم به، إذ وجد مع أحد الرهبان بقية المخطوطة في حالة جيدة، وخاصة في العهد الجديد، وبعد مُفاوضات طويلة تمكَّن من أخذها وتقديمها كهدية لقيصر روسيا ثمّ نشرها في سنة 1862م. ثمّ نُشِرَت بعد ذلك مرتين، الأولى ما بين 1911 – 1922م، والثانية 1938م بعد أن اشتراها المتحف البريطاني من النِّظام الروسي الجديد بمبلغ مائة ألف جنيه إسترليني. (يعود تاريخها إلى النِّصف الثاني من القرن الرابع) وتحتوي هذه المخطوطة على مُعظم العهد القديم وكل العهد الجديد تقريباً، ورسالة برنابا، وجزء كبير من كتاب راعي هرمس. أمّا نصَّها فهو ينتمي إلى النَّص الإسكندري. وقد راجعها بعض الكتبة وعملوا لها بعض التَّصحيحات. وفي المُدَّة بين القرنين السادس والسابع غيَّر بعض الكتبة في قيصرية كثيراً في كلا العهدين الجديد والقديم، مُحاولين بذلك أن يُوفِّقوا بين هذه المخطوطة ومخطوطة بامفيلوس القيصري.]
القصة أيضاً مذكورة في كتاب الدكتور إيميل ماهر إسحاق صـ40 , 41 بشكل مختصر
أهمية المخطوطة السينائية
المخطوطة السينائية من أهم شواهد الترجمة السبعينية اليونانية للعهد القديم وأيضاً العهد الجديد , لا توجد أي مخطوطة مسيحية أخرى تم تصحيحها بهذا الكم الهائل من التصحيحات من قبل . إذا ما ألقينا نظرة على المخطوطة سنكتشف الكم الكبير من التصحيحات , بالأخص العهد القديم الترجمة السبعينية . زمن التصحيحات تتراوح ما بين زمن النساخ الأصليين من القرن الرابع إلى الذين قاموا بالتصحيح في القرن الثاني عشر , وتتراوح هذه التصحيحات بين تغيير كلمات إلى إضافة نصوص كاملة .
إنتاج المخطوطة السينائية
المخطوطة السينائية تم كتابتها بواسطة أكثر من ناسخ , كونستانتين تشيندروف (مكتشف المخطوطة) في القرن التاسع عشر قام بتحديد أربعة منهم , بعد أبحاث أخرى تم التقرير على أنهم ثلاثة فقط , ولكن ما زال هناك إحتمالية وجود ناسخ رابع قد ساعد في كتابة المخطوطة . كل من النساخ الثلاثة الذين ليس حولهم شك له أسلوب كتابة مميز يمكنك التعرف عليه مع التدريب , أيضاً كل من النساخ الثلاثة له طريقة مميزة في تهجئة الكلمات , وبالأخص الحروف اللينة التي كان يكتبها الناسخ عن طريق السماع . من المرجح أن أحد هؤلاء النساخ الثلاثة كان ناسخاً محترفاً .
(يجب الإشارة إلى أن المخطوطة السينائية كتبت بواسطة الإملاء وليست عن طريق النسخ من مخطوطة أخرى أقدم منها)
من أجل عمل المخطوطة كان يجب على النساخ تقرير بعض الأشياء :
● تحديد شكل معين للمخطوطة (أربعة عواميد في كل صفحة للعهد الجديد) .
● تقسيم العمل بين النساخ .
● تجهيز الورق بالإضافة تحديدها بإطار وتجهيز الأعمدة .
● الحصول على الأقلام والحبر .
● كتابة النص .
● التحقق من النص مع التصحيح .
● تجميع المخطوطة كاملاً في كتاب مع ترتيب الأسفار .
الإصحاح الأول من إنجيل يوحنا في المخطوطة السينائية