التشابه الجينومي بنسبة ٩٩٪ مع الشامبنزي حسب خرافة نظرية التطور
إذا وقف أستاذ أو دكتور أمام طلابه يوما وقال لهم: من أدلة التطور أن المادة الوراثية للإنسان تتشابه مع الشمبانزي Chimpanzee بنسبة 99%..
أن يضحك الطلاب (غصبن عنهم) لا شعورياً..
فيستغرب الدكتور ويضطر يراجع معلوماته لئلا يقف في مثل هذا الموقف المحرج مرة أخرى! ولعل الله يهديه مع ذلك ليحترم علمه ولا يكرر ما يقوله غيره دون تحقق!
بذلنا جهداً كبيراً في هذا برنامج الغوص في الأبحاث العلمية وتبسيطها، وتبسيط مبادئ المادة الوراثية لتكون في متناول الجميع.
فكما تعهدنا لكم في حلقة (أجِّرني عقلك !)، لن نكون مقلدين لأحد، بل نبسط الحقيقة ونقدمها لكم لتحكموا بفِطَركم وعقولكم بعيداً عن
تزوير وانبهار المؤجرين عقولهم لأسيادهم الغربيين.
اللهم تقبل منا وانفع بهذه الحلقة نفعاً عظيماً، واجعلها سبباً في انجلاء الشبهات عن المضلَّلين.
وصلَ أتباعُ الخرافةِ إلى أنَّ نِسبةَ التَّطابقِ بينَ المادَّةِ الوِراثيَّةِ لدى الإنسانِ والشَّمبانْزِي هيَ 98.8%، في واحدةٍ من أكثَرِ نِكاتِهم فُكاهَةً وانتشارًا.
كيفَ وصلوا إلى هذهِ النِّسبةِ: 98.8%؟
بما أنَّ الإنسانَ والشَّمبانْزِي تطوَّرَا عن أصلٍ مُشتركٍ، فبإمكانِنا مقارنةُ مادَّتِهما الوراثيَّةِ بطُرُقٍ تَفترِضُ أنَّهما من أصلٍ مُشترَكٍ. ومعَ إضافةِ بعضِ الفبركاتِ أيضًا، نَصِلُ إلى أنَّ نسبةَ التَّشابُهِ بينَهما 98.8%، وبما أنَّ النِّسبةَ عاليةٌ بهذا الشَّكلِ، فلا بُدَّ أنَّهما تطوَّرا عن أصلٍ مُشترَكٍ.
ما تقولُه الأبحاثُ إذنْ: جينومُ الإنسانِ والشَّمبانْزِي مُتشابهانِ إذا اعتبرناهُما تطوَّرا منْ أصلٍ مُشتركٍ. لكن الدّعاية الإعلاميّة للخُرافةِ حرَّفتْ نتيجةَ الأبحاثِ لتُصبحَ: جينومُ الإنسانِ والشَّمبانزي مُتشابهانِ، وبالتَّالي فقدْ تطوَّرا من أصلٍ مُشترَكٍ.
بواحدةٍ من أشهرِ دراساتِهم، وهيَ المنشورة عامَ 2002 في المجلَّةِ الأميركيَّةِ لعلمِ الجيناتِ البشريِّ. ما الَّذي جرى في هذهِ الدِّراسةِ؟ أُخذت عيِّنةٍ جُزئيَّةٍ من جينومِ الشمبانزي: 3 ملايينَ زوجًا منَ القَواعدِ النّيتروجينيَّةِ وللتَّبسيطِ، سنُعبِّرُ عن كلِّ زوجٍ بحرفِ. إذن، أخذوا 3 ملايينَ حرفٍ، من أصلِ حوالي 3 ملياراتِ حرفٍ “3Giga Base Pairs” -وهو عددُ حروفِ جينومِ الشمبانزي كاملًا، وعليهِ فالعيِّنةُ الَّتي أخذوها هيَ حَوالي 0.001 من جينومِ الشَّمبانْزِي، قارَنوا هذهِ العيِّنةَ بجينومِ الإنسانِ:
- الخُطوةُ الأولى: حذفُ جُزءٍ من هذهِ العيِّنةِ لعدمِ وُجودِ تشابهٍ أصلًا، لاحظَ الباحثونَ أنَّ ثُلُثَيْ هذهِ العيِّنةِ فيها شبهٌ من جينومِ الإنسانِ، بينمَا 28% منَ العيِّنةِ تمَّ استِثناؤُها؛ مُستَثناةٌ منَ الدِّراسةِ، لم يُقارِنوهَا بالإنسانِ لأسبابٍ تُصعِّبُ مُقارنتها. واستثنَوا أيضًا 7%، لماذا؟ (no region with similarity could be detected) لا توجد مناطقُ تشابهٍ بين الجينومَينِ، أي أنّهم شطبوا مَا مجموعُهُ 35% من عيِّنةِ الشَّمبانْزِي الـ0.001 الَّتي اختارُوها.
تصوَّروا -إخواني!- %35 مختلفةٌ، ومشطوبةٌ سلفًا، ثمَّ يتكلَّم لكَ أتباعُ الُخرافةِ عن 99% تشابُه. - الخُطوةُ الثَّانيةُ هيَ مُقارنةُ ما تبقَّى من عيِّنةِ الشَّمبانْزِي بالإنسانِ. كيفَ قارَنوها؟ باستخدامِ برمجيَّاتٍ تَفترضُ أصلًا صحَّةَ التَّطوُّرِ وأنَّ الإنسانَ والشَّمبانْزِي منْ أصلٍ مُشترَكٍ.
- تَخرجُ النَّتائِجُ من هذهِ البرمجيَّاتِ فَتأْتي الخُطوةُ الثَّالثةُ: ألَا وهيَ تفسيرُ النَّتائِج على أساسِ افتراضِ صِحَّةِ التَّطوُّرِ. أي أنّ أجزاءَ جينومِ الشَّمبانزي تَظهرُ مختلفةً عن الإنسانِ، ومعَ ذلكَ، يفسِّرونَ الاختلافَ على أساسٍ تطوُّريٍّ.
- الخُطوَةِ الرَّابِعةِ، ألا وهيَ: اِختيارُ نَوعٍ واحدٍ منَ الفُروقاتِ والتَّغافُلُ عنِ الفُروقاتِ الأُخرى؛ فتُتغافَلُ الأرقامُ الكَبيرةُ، ولا تذْكُرُ إلَّا الأرقامَ القَزَمَةَ.
- ثم تَأتي الخُطوةُ الخامِسةُ في صِناعةِ الخُرافةِ، وهيَ فنُّ التَّغافُلِ الَّذي تُتقِنُهُ دِعايةُ الخُرافةِ لتُحافَظَ على الرَّقمِ المُثيرِ 99%:
الأبحاثُ العلميَّةُ لم يكُنْ موضوعُها إثباتَ التَّطوُّرِ من خلالِ نسبةِ التَّشابهِ، بل هُم يَنطلقونَ من افتراضِ صِحَّةِ التَّطوُّرِ، وَهُمْ يَعُونَ ذلكَ، ويَعُونَ أنَّهم يَستخدمونَ برمجيَّاتٍ تفترضُ ذلكَ. أبحاثُهم كانتْ عن أنواعِ الطَّفراتِ الَّتي يدَّعونَ حُصولها، والَّتي فرَّقتِ الإنسانَ -بزعمهِم- عنِ الشَّمبانزي، فسؤالهُمُ البحثيُّ لم يكنْ: هلْ حصلَ التَّطوُّرُ أم لا؟ وإنَّما: كيفَ حصلَ التَّطوُّرُ؟ أي كيفَ تطوَّرَ الإنسانُ والشَّمبانزي عن أصلٍ مُشترَكٍ؟ مشكلتُنا مع هذهِ الأبحاثِ هيَ مع هذا الافتراضِ الباطلِ الَّذي انطلَقُوا منهُ: افتراضِ صِحَّةِ التَّطوُّرِ، والَّذي بيَّنَّا ونُبيِّنُ بطلانهُ علميًّا.