العلمانية بنت الإلحاد
يخطئ من يعتقد أن العلمانية تعني مجرد الوقوف على الحياد من الأديان. فالعلمانية تعني هيمنة الإنسان على الدين وعلى الحياة بكل جوانبها، وأن يقوم الإنسان بدور الإله من تشريع وتحليل وتحريم، وإباحة وتجريم، وجزاء وعقاب. وهي كما يقول الفيلسوف الألماني “هيجل”: “تجسد الحلول الإلهي على الأرض.” أي إن العلمانية تريد فرض نفسها كبديل عن الله سبحانه وتعالى.
فالإسلام والعلمانية ضدان لا يجتمعان، ولا يسمح أحدهما بوجود الآخر، لأن العلمانية تريد أن تكون منهج حياة وأن تحكم الحياة، بدلا من الإسلام الذي جاء رسالة خاتمة شاملة مشرّعة حاكمة إلى البشرية.
والعلمانية تجرّم من يخالف إشارة المرور، لكنها لا تجرم من يهين الإسلام، وتجرّم الزواج الثاني، لكنها لا تجرم العلاقة الآثمة! وتقدس العلمانية الشخصيات العامة، وتسنّ قوانين تجريم إهانتهم، لكنها لا ترى بأسا بإهانة رسولنا وكتابنا، لأنها لا تقرّ المفاهيم الأساسية في الإسلام، مثل تقديس المقدسات، ووجوب تطبيق الشريعة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
ولأنّ العلمانية تعلم أنها لن تستطيع محو رسالة الإسلام، لأنّ الله تعالى حفظ كتابه ورسالته الخاتمة، فإنها تعمل على علمنة فهم المسلمين له. فتتجرأ العلمانية بكل وقاحة بالقول بجواز إهانة الإسلام، أو عدم وجوب تطبيق أحكامه، أو جواز انتقاد الرسل الكرام، فتوقع المسلمين في الكفر، وهم يعتقدون أنهم ما زالوا مسلمين!
فما أشبه العلمانية بشيطان الإلحاد، يريد كفران الإنسان، فإذا لم يستطع أن يظفر منه بالكفر، حاول الظفر منه بالكبائر. ولا زال الصراع بين الإسلام والعلمانية على أشده، حيث يشهد ذلك الصراع سقوط عدد كبير من المسلمين تحت تأثيرات العلمانية الطاغية المتباينة على مختلف جوانب الحياة، والتي تعمل على تشويه الإسلام في قلوب المسلمين وعقولهم!