الرَّدُّ علَى الغِرِّ (إسلامِ البحيري) وأمثالِه مِمَّن يقولون: أنَّ آياتِ الوعيدِ بالنَّارِ في القُرآن كلِّه لم يُذكَرْ شيءٌ منها في المُسلمين.
(1) زعم الغِرُّ البحيري: أنَّ آياتِ الوعيد بالنَّار في القُرآن كلّه لم يُذكر شيءٌ منها في المُسلمين، إنَّما كلّ ذلك كان لكُفَّار قُريش فَحَسْب، لأنَّ القُرآن نزل في وقتهم.
– الرَّدّ: هذا كلامٌ باطلٌ، والرَّدّ عليه من وجهين،
أحدهما: نقلي من القُرآن على عكسِ زعمه وافتراءه.
والثَّاني: عقلي.
أمَّا النقلي: فمثل قول الله: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: 39].
والخطاب هنا موجه من الله – عز وجل – للنبي ﷺ ولأمته تبعًا.
وقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].
وقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140].
وقوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 112، 113].
وقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217]
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 15، 16].
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: 29، 30].
وقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: 6 – 11]
…. وغير ذلك الكثير من الآيات التي تناساها وتجاهلها الغِرُّ إسلام البحيري، ونُطالبه بالرَّدِّ عليها إن استطاع، ولكنْ كالعادة لا يستطيع الرَّد.
وأمَّا الرُّدُود العقلية فمنها – مثلًا -:
1- طالما أنَّ آيات الوعيد بالنَّار التي في القرآن خُوطِبَ بها كُفَّارُ قريشٍ فقط، فَعَلَى القياسِ، آياتُ التَّرغيب بالجنَّة وغيرها لم تُذكر إلَّا للمُؤمنين من الصَّحابة – رضي الله عنهم – فقط، وبناءً على هذا، فنحن المُتأخِّرين لسنا من أهل الجنَّة ولا من أهل النَّار، فإذا اتَّضَح هذا عَلِمْنَا فَسَادَ كلامِ ذلك البحيري.
2- على القياس أيضًا، كلّ الواجبات والمَنْهِيَّات الموجودة في القُرآن الكريم إنَّما تخُصّ الصَّحابة فقط، لأنَّهم الذين شهدوا التَّنزيل، وَنَزَلَ فيهم ولهم القُرآن، وهذا باطل يُوضِّح فساد قول البحيري.
3- على زعم البحيري: يكون الكفار الحاليون من أهل الكتابين ومن غيرهم من المُلحدين وأمثالهم ليسوا من أهل النَّار؛ لأنَّهم لم يكونوا موجودين عندما نزل القُرآن، وعليه فكلّهم من أهل الجنَّة بغير عذاب، والله المُستعان.