شبهات فقهيةشبهات وردود

الرد على شبهة: السلفيون يعتمدون على أهل الحديث والأثر دون أهل الفقهاء

علمنا أن المنهج السلفي يثار الغبار عليه بين الحين والحين من ناحية خصومه ومخالفيه، ولعلنا وقفنا على بعض منها في المقالات السابقة، وما ذلك منهم إلا أنه تنفير للناس من متابعته، وإلا جهل بحقيقته ومنهجه.

ومن ذلك قول البعض ممن قل علمهم في الكلام في هؤلاء الأئمة: وأنهم أي أصحاب المنهج السلفي، لا يعتمدون على أقوال الفقهاء من أهل العلم، إنما اعتمادهم على أهل الحديث والأثر فحسب، وهذا كذلك نوع من سوء الفهم وإدراك العلم. لماذا؟ لأن الفقهاء بالفعل ليسوا هم إلا أهل الحديث وأتباع الأثر، وهل متابعة أهل الحديث سبة أو مذمة، وهل كان الإمام مالك إلا محدثاُ فقهيًا؟ وهل كان الشافعي إلا محدثًا فقهيًا؟ وهل كان أحمد إلا محدثًا فقيهًا؟

وهل كان الأوزاعي والثوري وابن المسيب وغيرهم إلا هؤلاء..؟، ولكن منهم من غلب عليه الفقه كما يقال، ومنهم من غلبت عليه علوم اللغة، ومنهم من غلبت عليه علوم الحديث والتأصيل والرواية والدراية، وهكذا. نعم هناك من لا يعرف له فقه كثير، ولا نقل عنهم لأنهم اكتفوا بالتحديث والرواية، لكن هذا لا يعني أن ننكر الجم الغفير من أهل العلم من المحدثين والفقهاء. كما أن هناك من عرف واشتهر بالتأصل والاستدلال والاستنباط فعرف عنه الفقه وأصوله، لكن كل هذا لا يخالف الأصل العام، ولا حياة هؤلاء الأئمة ولا اجتهادهم. وكفي بعلمهم وتاريخهم وتراجمهم على ذلك شاهدًا.

وإننا نؤكد بوضوح أن عدم تقليد الأئمة في كل ما جاء عنهم لا يعني ذلك أيضًا من وجهة آخر نبذ الأئمة وفقههم وعلمهم، كلا. كلا. إنما هم أئمتنا، ومصابيح الدجى لنا، وهم القوم وحسبك بهم وبعلمهم أن أئمة أهل السنة، وأنهم الثابتون على الحق عرفوا، وأنهم القائمون به ذكروا، وأنهم الناصرون للسنة والملة صمدوا، وهم دواوين السنة والفقه وأئمته، وهم أصحاب التأصيل الشرعي وسادته، ولكن الحق أحب إلينا من كل أحد، ما دام أنه ثبت بالدليل الصحيح، والفهم الصحيح أيضًا عن النبي – صلى الله عليه وسلم.

إن التقيّد بالدليل، والاتباع الشرعي يعني اتباع الكتاب والسنة فحسب، لا يعني الجمود على قول أحد من أهل العلم مهما كان، لأنهم علمونا ذلك، بل وشددوا النكير، كما قال ابن عباس – رضي الله عنه -: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله وتقولون: قال أبو بكر وعمر.

المصدر
شبكة الألوكة
زر الذهاب إلى الأعلى