أديان وفرق ومذاهبالصوفية

الخرقة الصوفية

أولاً: تعريف الخرقة.

  •  لغة: القطعة من الثوب الممزق.
  •  اصطلاحًا: هي ما يلبسه المريد من شيخه الذي دخل في إرادته.

ويرى الصوفية أن في لبسِها معنى المبايعة، وأنها تمثل عتبة دخول المريد في صحبة الشيخ الذي يتولى تربيته وتهذيب أخلاقه وتقويم سلوكه1.

والخرقة التي تكون فوق جميع الملابس، والظاهر أنها كانت من صوف.

وتسمى كذلك: “لباس الفتوة”، و”المرقعة” و”الدلق”، ويكون من قطعة واحدة أو مرقعًا، ويسمَّى “بالدلق المرقع” في هذه الحال، وإذا كان من ألوان مختلفة يسمى “الدلق الملمع”.

والدلق: يسمى دائمًا: “الدلق الأزرق” مهما تغير لونه”2.

والمرقعة: تكون من قطعٍ عدَّة تخاط مع بعضها، وطائفة من الصوفية يأخذون عددًا من الأثواب الصالحة ثم يقطِّعونها، بعدها يخيطونها قطعًا قطعًا، فتسير مرقَّعة.

واشتهار الخرقة كان بين القرن الخامس إلى السابع؛ حيث يندُرُ أن يُذكَر عالم بدونها من أهل التصوف، بل تراجِم مَن لبسوها أكثر من أن تحصى؛ إذ صار التصوُّف ظاهرة اجتماعية أكثر منه علمية أو مسلك تديُّن، والقرن السابع هو ذروة التصوف في العالم الإسلامي.

“وفي الصوفية مَن يرقع المرقعة حتى تصير كثيفة خارجة عن الحد.

قال ابن خباب أبو الحسين صاحب ابن الكريني، قال: أوصى لي ابن الكريني بمرقعته، فوزنت فردة كمٍّ من أكمامها فإذا فيه أحد عشر رطلاً.

قال جعفر: وكانت المرقعات تسمى في ذلك الوقت: الكيل”3.

والخرقة عند أهل الطائفة المتأخرين زينة لأولياء الله -تعالى- يعز بها العوام، ويذل بها الخواص، فيحترمهم الخلق، ويعز عليهم إتيان المعاصي وهم بها.

فكان من المقاصد أهل الطريقة أن لباس المرقعة أعذر على دفع التكلُّف، وأذهب للكبر، وأقرب للحق، مع الاقتداء بعمر – رضي الله عنه – إذ لبسها مع وجود غيرها لصلاح قلبه، ألا تراه حين لبس غيرها قال: أنكرت نفسي”4.

قال الهجويري: “إن لبس المرقعة شعار المتصوف، ولبس المرقعات سنة، ومن هنا قال الرسول – عليه الصلاة والسلام -: ((عليكم بلباس الصوف، تجدون حلاوة الإيمان في قلوبكم))5،6.

وقال السهروردي: “لبس الخرقة ارتباط بين الشيخ وبين المريد، وتحكيم من المريد للشيخ في نفسه، والتحكيم سائغ في الشرع بمصالح دنيوية”.

فلماذا ينكر المنكِر لبس الخرقة على طالب صادق في طلبه؟ ويقصد شيخًا بحسن ظن وعقيدة، يحكِّمه في نفسه لمصالح دينية، وليرشده ويهذِّبه، ويعرفه طريق المواجيد، ويبصِّره بآفات النفس، وفساد الأعمال، ومداخل الله، ويسلم نفسه إليه، ويستسلم لرأيه، ويستوصي به في جميع تصاريفه، فيلبسه الخرقة إظهارًا للتصرف فيه.

فيكون لبس الخرقة علامةً للتفويض والتعليم، ودخوله كدخوله في حكم الله وحكم رسوله، وإحياء سنة المبايعة مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم”7.

ثانيًا: مراسم لبس الخرقة:

لبس الخرقة من المُرِيد يتم عبر مراسم بين الشيخ والمريد وجماعةٍ من الحضور من أتباع الطريق ومشايخه، ويتولى الشيخ القسط الأكبر منها؛ وهي:

التطهر والوضوء.

ثم يأمر المريد بذلك.

ثم توضع الخرقة بين أيديهما.

يقرأ الشيخ سورة الفاتحة.

ثم يقوم بإلباسها للمريد.

ثم يبين له سند وصولها إليه.

ثم يأخذ عليه عهد الوفاء لشرائطها.

ثم يعرفه حقوق الخدمة 8.

وعند طائفة من أهل الطريق الخرقة محل بركة، وفي إلباسها يسري من باطن الشيخ حال إلى باطن المريد، كسراج يقتبس من سراج.

وفي “التأويلات النجمية” فيه إشارة إلى أن قميصَ يوسف من ثياب الجنة، وهو كسوة كساه الله -تعالى- من أنوار جماله، إذا ألقى على وجهِ يعقوب الروح الأعمى يرتد بصيرًا.

ومن هذا السرِّ أرباب القلوب من المشايخ يُلبِسون المريدين خرقتَهم؛ لتعود بركة الخرقة إلى أرواح المريدين، فيذهب عنهم العمى الذي حصل على مَن أحب الدنيا والتصرف فيها.

يقول الفقير: هذا من سُنَّة المشايخ – قدس الله أسرارهم – فإنهم لبسوا الخرقة وألبسوها تبركًا وتيمنًا، وهم قد فعلوا ذلك بإلهام من الله -تعالى- وإشارة، فليس لأحد أن يدعي أنه من الزيادات والبدع القبيحة”9.

ثالثًا: أنواع الخرقة ودلالتها:

ويذكر السهروردي أن الخرقة خرقتان:

خرقة إرادة.

خرقة تبرك10.

الأولى للمريد؛ بيعة منه لشيخ الطريقة، وإعلانًا بالتبعية لأهلها، والثانية لغيرهم دون التزام بمراسم الطريق وتراتيبه.

والخرقة من مراسم الطريق وخصائصه اللازمة للداخل في أهله؛ فهي إعلان انتماء، ووصف يتحقق به المريد أول قبوله بين إخوانه، ومن أوصاف المريدين “المجاهدة”، وهو حمل النفس على المكارِهِ البدنية من الجوع والعطش والعُرْي.

ولا بد من مقاساة الموتات الأربع:

  • الموت الأبيض: وهو الجوع.
  • الموت الأحمر: وهو مخالفة الهوى.
  • الموت الأسود: وهو تحمُّل الأذى.
  • الموت الأخضر: وهو طرح الرقاء بعضها على بعض؛ أي: لبس الخرقة المرقعة هضمًا للنفس ما لم تكن لباس شهرة”11.

رابعًا: سند الخرقة.

يكاد يُجمِع أهل الطرق من مشايخ الطائفة على وراثة لبس “الخرقة” بالسند مسلسلاً إلى الإمام عليٍّ – رضي الله عنه.

فلا تثبت الخرقة إلا بالسند، ولا يُلبِسها إلا صاحبُ السند المحفوظ، وقد كَثُر في مشايخ الصوفية تدوين أسانيدهم وطرقها حينما تكثر، وكذلك مترجموهم من أهل الطبقات والسير والتراجم.

فالسند حافظ لأهلها، ومانع للدخلاء والمدَّعين، كما أنه يُعلِي من مقام الخرقة، ويُكسِبها الشرعية الوراثية عن عهد الصحابة وسلف الأمة، ومن مشايخ الطائفة مَن احتج لها بالسنَّة، فقد ذكر محمد بن طاهر في كتابه فقال: “باب السنة في لبس الخرقة من يد الشيخ”، فجعل هذا من السنة.

واحتج بحديث أم خالد أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أتى بثياب فيها خميصة سوداء، فقال: ((مَن ترون أكسو هذه؟))، فسكت القوم، فقال رسول الله: ((ائتوني بأم خالد))، قالت فأتي بي فألبَسَنيها بيده، وقال: ((أبلي وأخلقي))12.

ومن ذلك ما رواه ابن الملقن عن سلاسل الخرقة التي يلبسها، فقال: “وقد لبست الخرقة من جماعات بطرق متنوعات جليلات، منهم:…”13.

وفي ترجمة إبراهيم بن أبي بكر العلوي، قال المؤلف: “ولبس خرقة التصوف من جماعة من الكبار؛ كطاوس الحرمين الحسن بن عليِّ الواسطي، ومحمد بن أحمد الأسدي اليمني.

وله في لبس الخرقة طرق متنوِّعة، ذكرها الشهاب أحمد الرداد في “كتاب الخرقة”، كما أفرد شيوخ المترجم وأسانيده بمدون حفيده الفقيه أبي القاسم، وهو في قدر كراسة، وذكر منهم نحوًا من سبعين شيخًا، وذكر ما أخذ عنهم من الكتب”14.

فالسند في الخرقة يكون متصلاً بلمشايخ، وكلما علا، زاد مقام لابسِها، وهي بمثابة الإجازة العلمية من الشيخ للمريد، وعهد من المريد للشيخ بالسمع والطاعة، والتزام بآداب الطريق التي يُمليها عليه شيخه، وكان لبعض المشايخ أكثر من طريق متسلسل في لبسها، لينتهي الطريق في الإسناد دائمًا للإمام عليٍّ – رضي الله عنه.

وفي خرقة التصوف ثلاث طرق:

أحمدية، وقادرية، وسهروردية:

فأما الأحمدية، فإنه لبِسها من يد والدِه الشيخ محيي الدين إبراهيم المدكور، وهو لبسها من يد شيخه ومربِّيه الشيخ الصالح الإمام العالم سيد مشايخ زمانه سيدي أحمد بن الشيخ أبي الحسن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة المغربي المعروف بابن الرفاعي – رحمة الله تعالى عليه.

وأما القادرية، فإنه لبسها من يد شيخه الإمام شيخ العارفين وإمام السالكين شهاب الدين أبي حفص عمر بن محمد بن عبدالله المعروف بعمويه بن سعد بن الحسين البكري السهروردي، وهو لبسها من الشيخ الإمام العالم السيد الكبير صاحب المواهب والكرامات والعجائب الظاهرات أبي محمد عبدالقادر بن أبي صالح موسى بن حبكي دوست بن أبي عبدالله بن يحيى الكيلاني.

وأما السهروردية: فإن الشيخ شهاب الدين السهروردي – رحمة الله عليه – لبسها من يدِ شيخه وعمه الشيخ الإمام العارف الكبير ضياء الدين أبي النجيب عبدالقاهر بن عبدالله بن سعد بن الحسين بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – ولبسها هو من يد عمه وجيه الدين عمر بن سعد، وهو لبسها من يد والده سعد بن الحسين، ومن يد الشيخ أخي خرج الزنجاني بك، أحدهما مشاركة ليد الآخر.

فأما والده فلبسها من الشيخ أحمد الأسود الدِّينَوري، وهو لبسها من الدِّينَوري، وهو لبسها من أبي القاسم الجنيد سيد الطائفة.

وأما أخو خرج الزنجاني فلبسها من أبي العباس النهاوندي، وهو لبسها من الشيخ الكبير أبي عبدالله محمد بن حفيف، وهو لبسها من أبي محمد رويم، وهو لبسها من أبي القاسم الجنيد، وهو من خاله سري السقطي، وهو من معروف الكرخي، وهو من داود الطائي، وهو من حبيب العجمي، وهو من الحسن البصري، وهو من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه.

كذا وردت إلينا الخرقة من الحسن البصري عن علي بن أبي طالب بغير واسطة، وأهل الحديث لا يعرفون للحسن البصري سماعًا من علي، مع أنه عاصره بلا شك، فإنه وُلِد في خلافة عمر، وصحَّ أنه سمع خطبة عثمان – رضي الله عنهما.

وأجمع مشايخ التصوف على أن الحسن البصري صحِب علي بن أبي طالب ولبس منه، والله أعلم”15

خامسًا: دراسة سند الخرقة:

قال ابن الجوزي: “وقد قرَّروا أن هذه المرقعة لا تُلبَس إلا من يد شيخ، وجعلوا لها إسنادًا متصلاً كله كذب ومحال”16.

وقال الحافظ ابن حجر: “إنه ليس في شيء من طرقها ما يثبت، ولم يرِدْ في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحدٍ من أصحابه، ولا أمَر أحدًا من أصحابه بفعل ذلك، وكل ما روي في ذلك صريحًا فباطل…، ثم إن من الكذب المفترى قول مَن قال: إن عليًّا ألبس الخرقة”17.

وقال الحافظ الذهبي: “وما بعد معروف (الكرخي) فمنقطع، زعموا أنه أخذ عن داود الطائي وصحب حبيبًا العجمي، وصحب الحسن البصري، وصحب عليًّا – رضي الله عنه”18.

وقال السخاوي: “حديث لبس الخرقة الصوفية وكون الحسن البصري لبسها من علي، قال ابن دحية وابن الصلاح: إنه باطل”19.

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في تحقيق أصل سند الخرقة: “الخرق متعدِّدة، أشهرها خرقتان: خرقة إلى عمر.

وخرقة إلى علي.

فخرقة عمر لها إسنادان: إسناد إلى أويس القرني، وإسناد إلى أبي مسلم الخولاني.

وأما الخرقة المنسوبة إلى علي، فإسنادها إلى الحسن البصري.

والمتأخرون يَصِلُونها بمعروفٍ الكرخي، فإن الجنيد صحِب السري السقطي، والسري صحب معروفًا الكرخي بلا ريب.

وأما الإسناد من جهة معروف، فينقطع، فتارة يقولون: إن معروفًا صحب علي بن موسى الرضا، وهذا باطل قطعًا، لم يذكره المصنِّفون لأخبار معروف بالإسناد الثابت المتصل كأبي نعيم وأبي الفرج بن الجوزي في كتابه الذي صنَّفه في فضائل معروف، ومعروف كان منقطعًا في “الكرخ”.

وعلي بن موسى كان المأمون قد جعَله ولي العهد بعده، وجعل شعاره لباس الخضرة، ثم رجع عن ذلك، وأعاد شعار السواد.

ومعروف لم يكن ممَّن يجتمع بعلي بن موسى، ولا نقل عنه ثقةٌ أنه اجتمع به، أو أخذ عنه شيئًا، بل ولا يعرف أنه رآه، ولا كان معروف بوَّابه، ولا أسلم على يديه، وهذا كله كذب.

وأما الإسناد الآخر، فيقولون: إن معروفًا صحب داود الطائي، وهذا أيضًا لا أصل له، وليس في أخباره المعروفة ما يذكر فيها.

وفي إسناد الخرقة أيضًا: أن داود الطائي صحب حبيبًا العجمي، وهذا أيضًا لم يُعرَف له حقيقة، وفيها أن حبيبًا العجمي صحب الحسن البصري، وهذا صحيح؛ فإن الحسن كان له أصحاب كثيرون؛ مثل: أيوب السَّختياني، ويونس بن عبيد، وعبدالله بن عوف، ومثل: محمد بن واسع، ومالك بن دينار، وحبيب العجمي، وفَرقد السبخي، وغيرهم من عبَّاد البصرة، وفيها أن الحسن صحب عليًّا، وهذا باطل باتفاق أهل المعرفة؛ فإنهم متفقون على أن الحسن لم يجتمع بعَلِيٍّ، وإنما أخذ عن أصحاب علي، أخذ عن الأحنف بن قيس، وقيس بن عباد، وغيرهما عن علي، وهكذا رواه أهل الصحيح.

والحسن (21 – 110 هـ / 642 – 728 م) وُلِد لسنتين بقيتا من خلافة عمر20، وقتل عثمان (47 ق هـ – 35 هـ/ 577 – 656 م) وهو بالمدينة، كانت أمُّه أَمَةً لأم سلمة، فلما قُتل عثمان حمل إلى البصرة، وكان علي (23 ق هـ – 40 هـ / 600 – 661 م) بالكوفة، والحسن في وقته صبي من الصبيان21، لا يُعرَف ولا له ذكر، والأثر الذي يُروَى عن علي أنه دخل إلى جامع البصرة وأخرج القُصَّاص إلا الحسن كذبٌ باتفاق أهل المعرفة… وقد صنَّف ابن الجوزي مجلدًا في مناقب الحسن البصري، وصنف أبو عبدالله محمد بن عبدالواحد المقدسي جزءًا فيمَن لقيه من الصحابة، وأخبار الحسن مشهورة في مثل تاريخ البخاري، وقد كتبت أسانيد الخرقة؛ لأنه كان لنا فيها أسانيد فبيَّنتها ليعرف الحق من الباطل، ولهم إسناد آخر بالخرقة المنسوبة إلى جابر، وهو منقطع جدًّا.

وقد عُقل بالنقل المتواتر أن الصحابة لم يكونوا يُلبِسون مُرِيديهم خرقة، ولا يقصُّون شعورهم، ولا التابعون، ولكن هذا فعله بعض مشايخ المشرق من المتأخرين”22.

يقول الشيخ مبارك الميلي الجزائري: “وما زال الصوفية يتفنَّنون في وضع الإسناد؛ ليربطوا طرقهم بعظماء الزهاد، وإن اشتملت على ضروب من الضلال والفساد”.23

ونجد هنا أن أهل المعرفة بالأخبار وصنعة الحديث حتى من الصوفية يقرُّون بانقطاع السند؛ لأنهم يُدرِكون أن الحسن البصري لم يأخُذْ عن الإمام علي – رضي الله عنه – لا خرقة ولا حديثًا، ولا سمع منه شيئًا قط، إلا أن كثيرًا من مشايخ التصوف يُجمِعون على خلاف ذلك24.

من أجل ذلك، يجد الباحث في تراجم أهل التصوف من المحدِّثين أو المحقِّقين عدم التفاتهم للخرقة، خاصة من ناحية السند لآل البيت، ولا يعني وقوع بعض الأفاضل في خطأ رواية السند أنه صحيح، بل التواتر الحاصل من أهل الطائفة والثقة في ورع وتقوى المشايخ يُفقِد العالم أحيانًا التنبه للتحقيق، ويكسبه نوعًا من الثقة والطمأنينة، كما أن بعضهم راعى الجانب المعنوي والتربوي فيها ولم يحكِ عن سلاسلها، فرواية أسانيدها لم تكن أيام ظهورها، بل هي محاولة لإكساب الخرقة الناحية الشرعية بإثبات نسبتها لعهد الصحابة والخلفاء الراشدين بعد ظاهرة تقديسها والمغالاة فيها في أواخر القرن السادس وبدايات القرن السابع.

ويرى بعض الباحثين أن محاولة إسنادها كانت حادثة لظروف أثَّرت في الصوفية بعد مخالطتهم للباطنية الرافضة، وتسلل الإسماعلية للزوايا الصوفية طلبًا لتشييع القوم أيام الدولة العُبَيدية (الفاطمية)، وهربًا من ملاحقة القضاء أيام الدولة الأيُّوبية والمماليك.

يقول ابن خلدون في بيان ما أحدثه بعض المتصوفة من مخالفات ذات الأصول الرافضية الإسماعلية الباطنية، مما لم يكن عليه العهد من مشايخ التصوف المتقدمين:

“ثم حدث أيضًا عند المتأخرين من الصوفية:

الكلام في “الكشف” وفيما وراء الحس.

وظهر من كثيرٍ منهم القولُ على الإطلاق “بالحلول والوحدة”، فشاركوا فيها الإمامية والرافضة؛ لقولهم بألوهية الأئمة، وحلول الإله فيهم.

وظهر منهم أيضًا القول “بالقطب” و”الأبدال”، وكأنه يحاكي مذهب الرافضة في “الإمام” و”النقباء”.

وأُشرِبوا أقوال الشيعة، وتوغَّلوا في الديانة بمذاهبهم، حتى جعلوا مستند طريقهم في لبس الخرقة أن عليًّا – رضي الله عنه – ألبسها الحسن البصري، وأخذ عليه العهد بالتزام الطريقة، واتصل ذلك عنهم بالجُنَيد من شيوخهم.

ولا يُعلَم هذا عن عليٍّ من وجه صحيح، ولم تكن هذه الطريقة خاصة بعليٍّ – كرم الله وجهه – بل الصحابة كلهم أسوة في طريق الهُدَى، وفي تخصيص هذا بعلي دونهم رائحة من التشيع قوية، يفهم منها ومن غيرها من القوم دخولهم في التشيع، وانخراطهم في سلكه.

وظهر منهم أيضًا القول “بالقطب”، وامتلأت كتب الإسماعيلية من الرافضة وكتب المتأخرين من المتصوفة بمثل ذلك في “الفاطمي المنتظر”.

وكان بعضهم يمليه على بعض، ويلقِّنه بعضهم عن بعض، وكأنه مبني على أصول واهية من الفريقين”25.

وكلام ابن خلدون نفيس في فهم التسرُّبات العقدية التي حدثت أيام الدولة العُبَيدية للطوائف السُّنية؛ فقد علم من أخبارهم أن منهج الباطنية في الدعوة استعمال “التقيَّة” والتلبيس والتدليس، وأكثر الأحوال التي يخالطون الناس بها هي أحوال الصوفية بإبداء الزهد والورع والتقشف والتشبه بهم26، وكان من أيام آخر خلفائهم لما أحسوا ضعف الدولة أن انتظم كثير منهم في الزوايا وتغلغلوا وسط الصوفية لنشر المذهب الإسماعيلي، ثم كان أن سقطت الدولة، وطارَدهم صلاح الدين الأيوبي؛ فمنهم من فر، ومنهم من تخفَّى بين المريدين بالخانقاه والزوايا.

سادسًا: تحقيق مسألة لبس الخرقة:

قال السهروردي: “إنه قد كانت طبقة من السلف الصالحين لا يعرفون الخرق، ولا يُلبِسونها المريدين”27.

وإن كان متقدِّمو الصوفية من مشايخ الكتاب والسنة – قبل ظهور الطرق – يُنكِرون على أتباعهم لبس المرقَّع وكل ما يوحي بالفقر والحاجة، ويجعلونه من الرياء وطلب الشهرة، أو من علامات التسوُّل للناس بإظهار الفاقة، وآثارهم كثيرة في رسالة القشيري والطبقات، وليس من مظاهر الطائفة التزام لبس الصوف، ولا هم قالوا بوجوب لبسه، وذا فيه آثار كثيرة عن مشايخ التصوف، وإن كان بعضهم لبس الصوف فاشتقَّ منه الاسم؛ لأن الصوف من علامات الزهد، وهو أدنى مطلب للزاهد كيما يستر جسد، وأقل ما يُرجَى من الستر، غير أنهم لم يُلزموا به ولا التزموه كلهم كعلامة على الطائفة، بل كان في بعضهم، فعرفوا به، مثل طائفة البكَّائين الذين اشهروا بمجالس البكاء الجماعي، وطائفة الجوعية الذين اشتهروا بكثرة الصيام والتقلل من الزاد، ولقب الفقراء الذين اشتهروا بترك كل متاع الدنيا إلا الضروري، والنُّسَّاك لتفرغهم للعبادة واعتزالهم شؤون الدنيا، وغيرها من الألقاب التي تظهر كلما اشتهرت وتميزت طائفة من الصوفية بشيء عن غيرها، لكن جمعها لقب الصوفية؛ لأنه أول ما اشتهر وشاع وميَّزهم عن غيرهم، فقد كان أمثالهم قبله يسمون بالعباد والنساك والزهاد وغيرها، إلا أن منهجهم في الدعوة والمواعظ والمواجد استدعى تسمية تميزهم عن غيرهم، وتفرز من ليس منهم.

والتزام المرقَّع والخرق ظاهرة طارئة على التصوف أيام العُبَيديين لمخالطتهم للرافضة، وازداد التعلق بها كمظهر للصوفية أواخر عهد الأيوبيين وبداية المماليك، فقد ظهر فيهم العجب، وسمع منهم العجاب، وكثر بين الصوفية الدجَّالون، وتصدَّر المجذوبون مراتب الأولياء، وتهافت الناس على المجانين، وصار أهل الخرافة قدوة الأمِّيين، وكثر المشايخ الأميون الذين لا يدرون من الكتاب شيئًا.

فكان أوائل أهل التصوف أهل تعب، ثم ورثهم جيل الذهب، فكان أن خلفهم جيل الحطب، وكان الزهد لدى أهل التصوف من السلف حُرقة، وصار عند القوم خِرقة.

وكل ما يُروَى عن عمر بن الخطاب، أو علي بن أبي طالب، وجابر – رضي الله عنهم – أو غيرهم غيرُ ثابت ولا أصلَ له، ولم يكن عهد الصحابة ولا مَن اتَّبع هَدْيَهم التزام حلية تميزهم عن غيرهم، ففقيرهم فقير، وغنيُّهم يحدِّث بنعم الله عليه ظاهرًا، وذا ما كانت عليه سيرة أكابر مشايخ التصوف قديمًا، من مشايخ الكتاب والسنَّة، وكان عليه سيرة الإمام عبدالقادر الجيلاني، والإمام أبي مَدْين، والإمام أبي الحسن الشاذلي، وابن عطاء الله السكندري، وغيرهم كثير.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وأما لباس الخرقة التي يُلبِسُها بعضُ المشايخ المريدين، فهذه ليس لها أصل يدل عليها الدلالة المعتبرة من جهة الكتاب والسنَّة، ولا كان المشايخ المتقدِّمون وأكثر المتأخرين يُلبِسونها المريدين، ولكن طائفة من المتأخِّرين رأَوا ذلك واستحبُّوه، وقد استدل بعضهم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ألبس أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص ثوبًا وقال لها: سنا، والسنا بلسان الحبشة: الحسن، وكانت قد ولدت بأرض الحبشة؛ فلهذا خاطبها بذلك اللسان، واستدلوا أيضًا بحديث “البردة التي نسجتها امرأة للنبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله إياها بعض الصحابة، فأعطاه إياها، وقال: أردت أن تكون كفنًا لي”، وليس في هذين الحديثين دليل على الوجه الذي يفعلونه؛ فإن إعطاء الرجل لغيره ما يلبسه كإعطائه إياه ما ينفعه، وأخذ ثوب من النبي -صلى الله عليه وسلم- على وجه البركة كأخذ شعره على وجه البركة، وليس هذا كلباس ثوب أو قَلَنْسُوة على وجه المتابعة والاقتداء، ولكن يشبه من بعض الوجوه خِلَع الملوك التي يخلعونها على مَن يولونه، كأنها شعار وعلامة على الولاية والكرامة؛ ولهذا يسمونها تشريفًا.

وهذا ونحوه غايته أن يجعل من جنس المباحات، فإن اقترن به نية صالحة كان حسنًا من هذه الجهة، وأما جعل ذلك سنة وطريقًا إلى الله – سبحانه وتعالى – فليس الأمر كذلك”28.

قال ابن الجوزي: “فأما صوفية زماننا، فإنهم يعمدون إلى ثوبين أو ثلاثة كل واحد منها على لونٍ، فيجعلوها خرقًا ويلفقونها، فيجمع ذلك الثوب وصفين: الشهرة، والشهوة، فإن لبس مثل هذه المرقعات أشهى عند خلق كثير من الدِّيباج، وبها يشتهر صاحبها أنه من الزهاد، أفتراهم يصيرون – بصورة الرقاع – كالسلف؟

كذا قد ظنُّوا، وإن إبليس قد لبس عليهم، وقال: أنتم صوفية؛ لأن الصوفية كانوا يلبَسون المرقعات، وأنتم كذلك.

أتراهم ما علموا أن التصوف معنى لا صورة؟ وهؤلاء قد فاتهم التشبيه في الصورة والمعنى:

أما الصورة، فإن القدماء كانوا يرقعون ضرورة، ولا يقصدون التحسن بالمرقع، ولا يأخذون أثوابًا جددًا مختلفة الألوان، فيقطعون من كل ثوب قطعة، ويلفقونها على أحسن الترقيع، ويخيطونها ويسمونها مرقعة”29.

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن لباس خرقة الفتوة، وما ينسب لها وما يجري من مراسم حال اللبس، فأجاب: “أما ما ذكر من إلباس لباس الفتوة السراويل أو غيره، وإسقاء الملح والماء، فهذا باطل لا أصل له، ولم يفعل هذا رسولُ الله – صلى الله تعالى عليه وسلم – ولا أحد من أصحابه، ولا علي بن أبي طالب، ولا غيره، ولا من التابعين لهم بإحسان، والإسناد الذي يذكرونه من طريق الخليفة الناصر إلى عبدالجبار إلى ثمامة، هو إسناد لا تقوم به حجة، وفيه مَن لا يُعرَف، ولا يجوز لمسلم أن ينسُبَ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثل هذا الإسناد المجهولِ الرجالِ أمرًا من الأمور التي لا تُعرَف عنه، فكيف إذا نسب إليه ما يُعلَم أنه كذب وافتراء عليه، فإن العالِمين بسنته وأحواله متفقون على أن هذا من الكذب المختلَق عليه، وعلى علي بن أبي طالب – رضي الله تعالى عنه – وما ذكروه من نزول هذا اللباس في صندوقٍ هو من أظهر الكذب باتفاق العارفين بسنته، واللباس الذي يواري السَّوْءَة هو كل ما ستر العورة من جميع أصناف اللباس المباح، أنزل الله -تعالى- هذه الآية لمَّا كان المشركون يطوفون بالبيت عراةً ويقولون: ثياب عصينا الله فيها لا نطوف فيها، فأنزل الله -تعالى- هذه الآية، وأنزل قولَه: ﴿ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31].

والكذب في هذا أظهر من الكذب فيما ذُكِر من لباس الخرقة، وأن النبي – صلى الله تعالى عليه وسلم – تواجَد حتى سقطت البردة عن ردائه، وأنه فرَّق الخرق على أصحابه، وأن جبريل أتاه وقال له: إن ربَّك يطلب نصيبه من زيق الفقر، وأنه علَّق ذلك بالعرش، فهذا أيضًا كذب باتفاق أهل المعرفة، فإن النبي – صلى الله تعالى عليه وسلم – لم يجتمع هو وأصحابه على سماع كف ولا سماع دفوف وشبابات ولا رقص، ولا سقط عنه ثوب من ثيابه في ذلك، ولا قسمه على أصحابه، وكل ما يروى من ذلك، فهو كذب مختلق باتفاق أهل المعرفة بسنته”30.

سابعًا: مصنفات عن الخرقة:

وقد ألَّف أهل الطرق الكثير من الرسائل والكتب في لبس الخرقة وأسانيدها لدى شيوخهم؛ ومنها:

“الفتوحات القدسية في الخرقة العيدروسية”؛ لعبدالقادر بن الشيخ العيدروس (ت1038هـ).

“البرقة المشيقة في ذكر الخرقة الأنيقة وشيوخ الطريقة”، لعلي بن أبي بكر السقاف العلوي، (ت895 هـ).

“لبس الخرقة”؛ لمحي الدين بن عربي (ت638هـ).

“رسالة في لبس الخرقة”؛ لأبي الشامات الدمشقي الحنفي (ت1341هـ).

“ريحانة القلوب في التوصل إلى المحبوب”؛ ليوسف بن عبدالله الكردي الكواراني (ت768هـ).

“إتحاف الأصفياء برفع سلاسل الأولياء”؛ لأبي الفيض الزبيدي.

“إتحاف الفرقة الفقرية الوفية بأسانيد الخرقة القادرية”؛ للكتاني.

“البرقة المدهشة في لبس الخرقة الصوفية”؛ لأبي المحاسن القاوقجي الطرابلسي الشامي.

“السفينة العراقية في لباس الخرقة الصوفية”؛ لمحمد بن عراق الدمشقي (ت933هـ).

“قاعدة في لباس الخرقة”؛ لابن تيمية.

  1. مفاهيم إسلامية: عبدالحميد مدكور، ص 134.
    عوارف المعارف: لأبي حفص عمر السهروردي، مؤسسة الحلبى وشركائه، القاهرة، 1968، ج 5، ص (110 – 114).
    لطائف الإعلام في إشارات أهل الإلهام: عبدالرازق القاشانى؛ تح: سعيد عبدالفتاح، دار الكتب المصرية، القاهرة، ط1، 1996، ص (442 – 243). ↩︎
  2. التصوُّف.. المنشأ والمصادر: إحسان إلهي ظهير الباكستاني، إدارة ترجمان السنة، لاهور، ط1، 1986، ص83. ↩︎
  3. تلبيس إبليس: عبدالرحمن بن علي بن محمد، أبو الفرج؛ تح: السيد الجميلي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1985، ص 236. ↩︎
  4.  قواعد التصوف: ابن مرزوق، ص88. ↩︎
  5. حديث: ((عليكم بلباس الصوف تعرفون به في الآخرة))؛ رواه الخطيب عن أبي أمامة مرفوعًا، وفي إسناده محمد بن يونس الكديمي، وهو وضاع، وروى ابن عدي عن أبي هريرة مرفوعًا: ((مَن سرَّه أن يجد حلاوة الإيمان، فليلبس الصوف))؛ وهو موضوع، وله طرق وألفاظ لا تصح؛ الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة: محمد بن علي بن محمد الشوكاني؛ تح: عبدالرحمن بن يحيى المعلمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1407، ص191، الموضوعات: لأبي الفرج عبدالرحمن بن علي بن الجوزي؛ تح: عبدالرحمن محمد عثمان، دار ابن الجوزي، بيروت، ط1، 1966، ج3، ص48، اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة: جلال الدين السيوطي، دار الكتب العليمة، بيروت، د.ت، ج2، ص223، السلسلة الضعيفة: محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف: الرياض، د.ت، ج1، ص296، رقم 90، قال الألباني: موضوع. ↩︎
  6. كشف المحجوب: الهجويري، ص252. ↩︎
  7.  عوارف المعارف: السهروردي، ص75. ↩︎
  8. لطائف الإعلام في إشارات أهل الإلهام: عبدالرازق القاشانى؛ تح: سعيد عبدالفتاح، دار الكتب المصرية، القاهرة، ط1، 1996، ص (442 – 243). ↩︎
  9. تفسير حقي: حقي، ج6، ص184.
    من المنهج المعرفي لطائفة من بعض أهل الطرق الصوفية تقديم مسالك الاستدلال الحدسية على جميع المسالك، وإلهام الشيخ أعلى درجات اليقين، وهو حجة قائمة بذاتها، لا تستند لغيرها نقلاً أو عقلاً، وما عارضها يؤول بها أو يرد، وعلى هذا المنهج اعتماد كبار أهل الطريق في التفسير، والأخذ عن النبي، وتصحيح الروايات، فما يصح عند أهل الطائفة من الأحاديث والآثار صحيح بالإلهام الرباني والتلقي من الحضرة، ولا يعتد بغيرهم في ذلك؛ لأن مسلك الإلهام أعلى من مسالك الرجال، والقاعدة هنا مبنية على مفهوم “العلم اللدني”؛ فمقام الإلهام من مقام الوحي؛ أي: إنه تعليم رباني، ناتج عن التقوى، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]، فجاز نسخ حكم الوحي بإلهام الولي؛ نصًّا أو مفهومًا، أو دلالة لزومٍ أو توجيهًا. ↩︎
  10. عوارف المعارف: لأبي حفص عمر السهروردي، ج 5، ص (110 – 114). ↩︎
  11.  تفسير الحقي: الحقي، ج13، ص424. ↩︎
  12. تلبيس إبليس: ابن الجوزي. ص 236. ↩︎
  13. طبقات الأولياء: ابن الملقن، سراج الدين أبو حفص عمر بن محمد الأنصاري؛ تح: نور الدين شديبة، مكتبة الخانجي: القاهرة، ط2، 1994، ص79. ↩︎
  14. فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات؛ عبدالحي بن عبدالكبير الكتاني؛ تح: إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط2، 1982، ج1، ص127. ↩︎
  15. مناقب الأسد الغالب مُمزق الكتائب ومُظهر العجائب ليث بن غالب أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه؛ ابن الجزري شمس الدين محمد بن محمد؛ تح: طارق الطنطاوي، مكتبة القرآن، القاهرة، ص (71-72). ↩︎
  16.  تلبيس إبليس: ابن الجوزي. ص 236. ↩︎
  17. تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث؛ عبدالرحمن بن علي بن الدبيع الزبيدي الشافعي، ص243. ↩︎
  18.  السير: الذهبي، ج16، ص 264. ↩︎
  19. المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة؛ السخاوي، ص 331. ↩︎
  20. انتهت خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – سنة 23هـ. ↩︎
  21. عمره 14 سنة. ↩︎
  22. منهاج السنة النبوية: ابن تيمية، ج 8، ص ( 34- 38). ↩︎
  23. رسالة الشرك ومظاهره: مبارك بن محمد الميلي الجزائري؛ تح: أبي عبدالرحمن محمود، دار الراية، الجزائر، ط1، 2001. ↩︎
  24. وهذا منهج جماعة من طوائف الصوفية في إثبات الكثير من الشرائع والعبادات والسنن والطقوس مما لا يصح إجماعًا، بل منهجهم حتى في تصحيح الروايات الضعيفة والموضوعة وما لا أصل له، فما اعتمد أصلاً في الاستدلال عن أهل الطائفة وشاع في مصادر الطائفة هو حجةٌ بأهلها لا بذاته؛ لكونه صار أصلاً بُنيت عليه مسائل وعقائد ومقامات، فإن أسقط انهار بناءٌ تعهَّده أهله لقرون.
    ومثله في تفسير القرآن بما لا يوافق لا السياق القرآني ولا دلالة السنة ولا معاني العربية، ولا تفاسير أهله؛ لذا قال السيوطي في كتابه الإتقان: “وأما كلام الصوفية في القرآن، فليس بتفسير”؛ الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، ج2، ص485، بل “من كمال الصوفية المتأخرين الرغبة عن العلم”!.. فالصوفية يتبرَّمون ممن يشتغل بالعلم والحديث، يقولون: يشوِّشون علينا أوقاتنا”؛ رسالة في مظاهر الشرك؛ مبارك الميلي، ص43. ↩︎
  25.  المقدمة؛ ابن خلدون، ص178. ↩︎
  26. الب دعاة الرافضة الذين نجحوا نهجوا التصوف ظاهرًا لهم في الدعوة؛ ففي دعوة ابن حوشب الرافضي في اليمن اعتمد في الطور الأول لحركته على التوجه السلمي الدعوي؛ “لأنه الأقرب إلى العامة في ذلك الوقت.. فأظهر الزهد والتقشف والصلاح ابتغاءَ الوصول إلى غايته”؛ ابن حوشب والحركة الفاطمية في اليمن؛ سيف الدين القصير، ص59.
    ومن “بين الذين اختارهم ابن حوشب في اليمن: أبو عبدالله الشيعي حسن بن أحمد بن محمد بن زكريا الشيعي من أهل صنعاء.. وفيما بين 288هـ إلى 289هـ وصل أبو عبدالله الشيعي الرجل الداهية المراوغ الماكر صاحب الحيل العجيبة إلى مكة، وبحث عن وفود المغاربة التي جاءت للحج، واستطاع أن يتعرف على حجيج كتامة، وتقرب إليهم بما أظهره لهم من زهد وفقه وعلم”؛ الدولة الفاطمية: علي محمد محمد الصَّلابي: مؤسسة اقرأ: القاهرة، ط1، 2006، ص37. ↩︎
  27. عوارف المعارف: أبو حفص عمر السهروردى، نشر مؤسسة الحلبي، القاهرة، 1968، ج 5، ص (110 -114). ↩︎
  28. مجموع الفتاوى؛ تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبدالحليم بن تيمية الحراني؛ تح: أنور الباز، عامر الجزار، دار الوفاء، بيروت، ط3، 2005، ج11، ص 511. ↩︎
  29. تلبيس إبليس: ابن الجوزي، ص231. ↩︎
  30. مجموع الفتاوى؛ ابن تيمية الحراني، 5، ج11، ص85 ↩︎

المصدر
شبكة الألوكة
زر الذهاب إلى الأعلى