البابا فرانسيس يكتب للبطريرك القبطي: الأرثوذكسي بالإسكندرية
تحت هذا العنوان “الرسمي” والذي يحدد الدرجات الكهنوتية البروتوكولية بين الشخصيتين، نشر موقع الفاتيكان رسالة البابا فرانسيس للبطريرك تواضرس، يوم 10 مايو 2022، يعرب له فيها عن “صداقته الدائمة” (مكتوبة بين شولتين في المقال)، مشيرا إلي العيد العاشر للقائهما في الفاتيكان العام القادم.. ويعلم الله ما الذي سوف يتم تدبيره من تنازلات أو تواطؤا!
وذلك اليوم التاسع للصداقة بين الأقباط والكاثوليك يعطي الفرصة لفرانسيس ليعرب لتواضرس الثاني عن “عرفانه الصادق بالجميل للروابط الروحية التي تربط بين كرسي بطرس وكرسي مرقص”، وأن يؤكد له “الصداقة الدائمة في المسيح”. وحين يعرب شخصا في مثل ثقل البابا فرانسيس، عن عرفانه بالجميل لشخص ما، بغض الطرف هنا عن كونه البابا تواضرس الثاني أو زيد من الناس، فذلك يعني أنه قدم له خدمة لم يكن من المتوقع حدوثها..
وقد اقام البابا فرنسيس الاحتفال بذلك اليوم عقب لقائهما في الفاتيكان يوم 10 مايو 2013 كما هو واضح في الصورة بعاليه. ويمثل هذا التاريخ أول زيارة لبطريرك أهم كنيسة غير كاثوليكية في الشرق الأوسط منذ 1973. ففي عام 1973، في العاشر من مايو أيضا، ذهب البابا شنودة الثالث للقاء البابا بولس الثالث في الفاتيكان. وفي سنة 2000 قام البابا يوحنا بولس الثاني بزيارة القاهرة.
ويقول البابا فرانسيس في رسالته: “لنواصل حج الأخوة المسيحية، خاصة لنقيم العام القادم الاحتفال بالعيد العاشر لذكري لقاؤنا في روما والعيد الخمسيني لذكري اللقاء التاريخي بين البابا بولس السادس والبابا شنودة”.
ثم يؤكد البابا فرانسيس على أهمية الصداقة، قائلا: “فهي الوسيلة الأكيدة لتحقيق الوحدة بين المسيحيين، لأننا نري وجه المسيح شخصيا، الذي ينادينا لا بصفتنا خداما وإنما كأصدقاء (يوحنا 15:15)، وهو يصلي لكي نكون جميعا واحدا” (يوحنا 17: 21). والمفروض أن المسيح هو الرب، ومن الغريب أن يصلي الرب من أجل وحدة المسيحيين وفقا لكاثوليكية روما دون غيرهم! واللهم لا تعليق. فالبابا فرانسيس لم يكف عن تكرار رغبته ومحاولاته لتوحيد كافة الكنائس المنشقة عقائديا وعددها 350 كنيسة، تحت لواء كاثوليكية روما..
ومع اقتراب عيد العنصرة، يصلي البابا فرانسيس موضحا: “لكي يقوم الروح القدس بتوحيدنا ويمنحنا هبات الرعاية لعائلتنا الإنسانية التي تعاني خاصة في هذه الأيام من الجائحة والحرب”. ولم يوضح شيئا حول هذه الحرب الدينية الدائرة بين روسيا وأكرانيا.. أي بين دولتين مسيحيتين لأسباب سياسية..
وقد التقي البابا فرانسيس وبطريرك كرسي مرقص في القاهرة يوم 18 ابريل 2017، عند زيارته الرسولية لمصر. وكان ذلك العام يمثل العيد الخامس عشر للحوار بين الكنائس الشرقية والكنيسة الكاثوليكية. وقد وقّع كلا من فرانسيس وتواضرس الثاني علي بيان مشترك يؤكد رغبة الطرفان باحترام التعميد داخل كل عقيدة مسيحية. إذ قبل هذه الاتفاقية كان على أي قبطي يتزوج من كاثوليكية أن يعاد تعميدها وفقا للكنيسة القبطية. وتغيير هذا الإجراء يُعد تنازلا عقائديا لصالح الفاتيكان. وهي وثيقة تذكر بالبيان المشترك المتعلق بالمسيح الذي تم توقيعه قبل ذلك بأربع وأربعين عاما بين بولس السادس وشنودة الثالث.
وكالمعتاد، لا بد وأن ينتهي المقال أو البيان الصادر عن الفاتيكان بوخزة ضد الإسلام والمسلمين، إذ نطالع في آخر فقرة من الرسالة: “أن البطريرك القبطي الأرثوذكسي للإسكندرية تم انتخابه بالقرعة يوم 4 نوفمبر 2012، يوم عيد ميلاده، بكاتدرائية القديس مرقس بالقاهرة. وهو يترأس الأقلية القبطية في مصر، والتي يصل تعدادها من 6 إلى 10 % من التعداد، ولا تزال تواجه التهديد الإسلامي وتنجذب لطريق الهجرة”! أي ان الأقباط أو الكنيسة القبطية تعاني من التهديد الإسلامي وتتمني الوحدة والاندماج مع الكنيسة الكاثوليكية لكنهم يهاجرون هربا من الإسلام!
وهنا لا بد من وقفة لتوضيح نقطتين. أولا: تخمين التعداد أو المقارنة بين رقمين يكون عادة بالرقمين المتتاليين: 6 ـ 7 وليس بما يساوي الضعف تقريبا 6 ـ 10 لكيلا تقال الحقيقة. أما عن التهديد الإسلامي الذي يقول البابا فرانسيس أن الأقباط يعانون منه فيؤسفني أن أوضح لسيادته، أنه لا توجد “أقلية” في العالم أجمع تنعم وتتمتع بكل ما تنعم وتتمتع به الأقلية المسيحية في مصر، وفيما يلي وبلا ترتيب بعض نماذج مما يتمتعون به على سبيل المثال:
* الدولة تحدد الإنجاب بطفلين والكنيسة تصرّ على ثلاثة، بمعني أن طفلا يعوض الأب، والثاني يعوض الأم والثالث يزيد التعداد القبطي. وواقعة عالم الاثار أ. د. منير حنا مجلي، المتزوج من اميرة بلجيكية، اضطر مرضاة لزوجته أن يغادر مصر لأنهما رزقا ببنت وولد واكتفيا بذلك، والكنيسة أصرت على أن ينجبا الطفل الثالث. فتمسكت الزوجة بطفلين وقررت الرحيل..
* أغني أغنياء مصر بل وافريقيا وفقا لمجلة فوربس العالمية هم الأقباط.. ويا له من اضطهاد..
* مبني الكنيسة لا يمكن المساس به: فلو تصادف لشارع أن يشق وتعترضه كنيسة عليه أن يغيّر مساره، أما إن كان مسجدا فيُهدم بلا تردد.. وما أكثر الأمثلة.
* المبالغة في رفع الأعمدة المحيطة بقبة الكنيسة لتتساوي أو لتعلو عن مآذن المسجد.
*إنشاء “بيت العيلة” بزعم رأب أية خلافات، وأول ما قام به ذلك البيت هو حذف الآيات القرآنية من مناهج تعليم اللغة العربية..
وأكتفي بهذه الشذرات لأتناول البيان الصادر عن البابا فرانسيس وتواضرس الثاني لاحترام التعميد الخاص بكل عقيدة، وهو بيان يذكرنا بأهمية البيان المشترك الذي تم توقيعه منذ 44 عاما بين البابا بولس السادس والبابا شنودة الثالث.
ولا أشير إلا الي الفقرة العاشرة فيه، والتي تبدأ بعبارة: “باسم هذه الوثيقة، نرفض كل اشكال التبشير، بمعني تصرفات يبحث الأشخاص من خلالها إزعاج جماعات أخري بأن يتم التجنيد من بينهم أعضاء جدد أو بسبب موقف عقلياتهم، والتي تتعارض مع متطلبات الحب المسيحي أو ما يجب أن يميز العلاقة بين الكنيستين. لتتوقف هذه المحاولات أينما وُجدت. وعلي الكاثوليك والأرثوذكس أن يعملوا على تعميق المحبة وتنمية المشاورة والتأمل والتعاون في المجالات الاجتماعية والثقافية وأن يتواضعوا أمام الرب الذي بدأ هذا العمل فينا لكي يصله إلى الثمار المرجوة”. والثمار المرجوة في نظر البابا فرانسيس هي تنصير العالم وفقا لكاثوليكية روما.
ومن اللافت للنظر أن ينتهي هذا البيان المشترك، بيان البابا بولس السادس والبطريرك الأنبا شنودة الثالث، بذكر عذاب آلاف الفلسطينيين ويعترضان على أي سوء استخدام لأيّة أدلة دينية من أجل أغراض سياسية”. والمضحك المبكي أن ذلك البابا بولس السادس يمثل الفاتيكان بكل ما فيه من قارات وإصدارات، وأهمها قرارات المجمع الفاتيكاني الثاني الذي برأ اليهود من دم المسيح، بعد أن ظلت الكنيسة تلعنهم لمدة ألفا عام تقريبا على أنهم قتلة الرب. وبالتالي أدت هذه التبرئة الي ترسيخ وتثبيت احتلالهم واستيلائهم على ارض فلسطين من جهة، وعلى بداية النزيف الصامت للكنيسة حينما رأي الأتباع كيف يتم التلاعب بالعقيدة رسميا..
وهو ما أدي الي ما يُعرف بعبارة “النزيف الصامت ” للكنيسة.. الأمر الذي دفع البابا فرانسيس ليعلن رسميا في أحد بياناته: أن المسيحية اندثرت من الغرب ولا يبقي من وجود لها إلا في الشرق الأوسط.. لذلك قام بإنشاء مكتب “مسالة الشرق” برئاسة المونسنيور جولنيش، وقد سبق وتناولت هذا الموضوع بالتفصيل.. وهو نفس المسمى الذي تم استخدامه فيما مضي لمحاربة انتشار الإسلام وامتداده إلى أوروبا، فأتوا بأتاتورك الذي قبل خيانة الإسلام ونفذ لهم مآربهم.
ويتواصل تطبيق نفس المبدأ باستخدام من يقبل أن يبيع دينه وضميره من المسلمين، ليتم توظيفه بمبالغ طائلة نظير قيامه بعملية تجريح الإسلام.. والكنيسة براءة يا بيه !!