في البداية الأخلاق نوعان؛ أخلاق مصلحية منفعية أنانية مادية، وهي تسمى أخلاق المجتمع – أُعاملك بأدب كي تعاملني بأدب – وهذه تسمى أخلاق النفاق وهذه ليست الأخلاق الأصيلة التي يؤسس لها الأخلاقيون – أنبياء ومصلحين -، عبر كل العصور والأزمان .
وهناك النوع الثاني من الأخلاق وهذه تسمى الأخلاق الأصيلة، وهي الأصل والأساس وهي تأتي ضد المصلحة الشخصية .. أخلاق غير مربحة عمليًا … ضد المادة .. ضد العقل .. لم يتم الرهنة عليها عمليًا أو عقليًا إلى يومنا هذا، مثل أخلاق الزهد والتبتل والتضحية، والعمل الأخلاقي غير المقترن بفائدة مادية أو رياء أو منفعة شخصية .
هذا النوع الثاني من الأخلاق لا وجود له في العالم الإلحادي، بل إن وجوده أو الاعتراف بوجوده هو أكبر ضربة يمكن توجيهها للفكر الإلحادي على الإطلاق، يقول [نيشه] في كتابه هكذا تكلم زرادشت :- ” اقهر الضعفـاء ، اصعد فوق جثثهم .. هكذا تكون ابن الطبيعة “، فالإنسـان من منظور مادي أرضي هو كائن عضوي ذو ثلاثة أبعاد، حدود الطبيعة هي حدوده، يسري عليه ما يسري على الظواهر الطبيعية، فهو شيء بين الأشياء يمكن دراسته في إطار دوافعه الاقتصادية والمادية فحسب، وبالتالي فإن أي حديث عن الأخلاق من النوع الثاني هو ضرب من القول بالميتافيزيقيا، وإدخال عناصر غير مادية على النموذج الإلحادي المادي المُجرد.