أديان وفرق ومذاهبالإلحاد

إعادة تدوير نظرية التطور

رحلة اليقين الحلقة 37

كل الطرق تؤدي إلى الخرافة

هذه الحلقة هي بداية حزمة حلقات لها أهمية خاصة في تنظيم التفكير وتوسيع آفاقه بإذن الله.. لا زال الحديث فيها متصلا عن أساليب التضليل..مع خرافة التطور مثالا سنحاصر حصون الخرافة الخمسة ونتعامل معها حصنا حصنا…وسنرى في ذلك مفاجآت كثيرة.. في الحلقة أيضا لفتات للذين يحاولون التوفيق بين “التطور” والإسلام، وكذلك للذين يقولون: (أي إسلام تريدوننا أن نتبع؟ الحل في ترك الدين جملةً واتباع “العلم”) تابعوها وتابعوا حزمة الحلقات هذه إخواني ففيها بإذن الله فائدة كبيرة.

كتاب الله تعالى -أصل العلوم النّافعة- أعلن نبوءاتٍ وخفايا جاء الزّمان بتصْديقها، وأعلن معارِضاتٍ، إن ثبتت فهو ليس من عند اللّه، وتحدّى النّاس أن يثبتوا هذه المعارِضات: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [القرآن 2:23] ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [القرآن 4:82]

فأثبِتوا وجود تعارضٍ في القرآن أو ائتوا بسورةٍ من مثله، اختبارٌ يمكن لأحدٍ -أيّ أحدٍ- أن يجرّبه، وغيره الكثير من الاختبارات الّتي وضعها القرآن. أمّا في عالم الخُرافاتِ، فالتّنبّؤات تسقط أولًا بأول، كما رأينا في حلقة (خنفشار داروين) عن تنبّؤِه بكائناتٍ لا حصر لها، وكما رأينا في تنبّؤ أتباعه عن وجود طفراتٍ نافعةٍ، وعن إمكانية صنع الحياة مخبريًا من الجمادات، مما جعل أتباعه يفترون التنبّؤات إلى أطرافِ الكون، بل وخارجِه، كما رأينا، حتّى لا يمكن اختبارها.

بقيَ السؤالُ الثّاني… هل هناك معارِضاتٌ إذا اكتشفناها، فسيعترف أتباع النّظريّة بأنّها باطلة؟ لأنَّ المعارِضاتِ لا تُبطل جزئياتٍ من الّنظريّة فحسب، بل تَهْدم أركانها، وتُفْرغها من محتواها.

خيالات داروين الّتي تحولت إلى نظريّةٍ: كائنٌ بدائيّ تطوّر عبر تغيّراتٍ عشوائيّةٍ، وانتخابٍ طبيعيٍّ أعمى، بشكلٍ تدريجيٍ، بطيء، مرورًا بكائناتٍ وسيطةٍ لا حصر لها، لينتج عندنا ما نرى من كائناتٍ حيّةٍ. احفظوا هذه الرّكائزَ الخمسة -إخواني- وهي نفسها ركائز الداروينية الحديثة، أو النّظريّة التّركيبيّة الحديثة في شكلها الأوّل.

تعالوا نبدأْ بالحصن الخامس، إلى أن نصل إلى عُقر دار النّظريّة: كائناتٌ وسيطةٌ لا حَصر لها.

دعونا من القصصِ البائسةِ لتزوير وسوء تفسير الحفريات.

أتباع داروين يتّفقون معنا في المحصلة على أنّهم لم يجدوا كائناتٍ انتقاليّةٍ لا حصر لها في طبقات الأرض. حتّى أن التّطوريّ ستيفن جولد “Stephen Gould” -من كبار علماء النّظريّة- نصّ في كتابه (ذا بانداز ثامب) The Panda’s Thumb-بعد مرور 120 عامًا من النّظريّة- على أنّ تاريخ معظم الحفريّات يتميّز بخاصيّتين، ثانيهما هي الظّهور المفاجئ، بحيث أنَّه في المنطقة الواحدة، فإن النّوع من الكائنات لا يظهر بشكل تدريجيٍّ بالتحول عن كائناتٍ سابقةٍ له، بل يظهر فجأةً، مكتملَ التّكوين.

وحاول غولد تقديم حلولٍ كما سنرى. وشهاداتٌ مثلها للتّطوريّ بروفيسور التّاريخ الطّبيعي كيث تومسون “Keith Thompson” وروبرت كارول “Robert Carroll”، وغيرهما… كثيرٌ من الاعترافات التّي لا يذكرها مروّجو الخرافة شَعْبَوِيًّا بين الناس.

إذن، سقط الحصن الخامس، حصنُ كائناتٍ وسيطةٍ لا حصر لها. هل اقتنعتم ببطلان النّظريّة إذن؟

إذن، سقط الحصن الخامس، حصنُ كائناتٍ وسيطةٍ لا حصر لها.

هل اقتنعتم ببطلان النّظريّة إذن؟ قالوا: بل سنجري تعديلًا على النّظريّة لتستوعبَ حقيقةَ سقوطِ نبوءةِ كائنات وسيطة لا حصر لها، هذا التّعديل يقول أنَّ التّطور يحصل بسرعةٍ كبيرةٍ أحيانًا ريثما ينتج أنواعًا جديدةً من الكائنات، ثمّ هذه الأنواع تبقى دون تطوّر لملايين السّنين، ولذلك فالسّجل الأحفوري لم يلحق أن يحتفظ بعيّناتٍ من الكائنات الانتقاليّة التّي نتجت خلال التّطوّر السّريع، وقد سمّينا هذه النّظريّة المعدّلة على مستوى عوائل الكائنات بالتّطوّر الكمّي Quantum Evolution، وعلى مستوى أنواعِ الكائنات لدينا تعديلٌ آخر، سميناه التّوازن المتّقطّعPunctuated Equilibrium، ويُسمّى أيضا التّطوّر المتقطّعPunctuated Evolution، فبالعكس تمامًا، ظهورِ أنواعِ الكائناتِ فجأةً دون كائناتٍ انتقاليّة هو أحدُ أركانِ نظريّتنا المعدّلة! أرأيتَ أنّك لا تفهم نظرّيتنا وتريد أن تناقشها يا جاهل؟! لكن لحظة، تطوّرٌ سريع؟! إذاً أنتم بأنفسكم هدمتم حصنكم الرّابع، حصن البطء، الذّي صدّعتم رؤوسنا به.

كلما قلنا لكم: لماذا لم يحصل تطوّرٌ للكائنات في تاريخ البشر المعروف؟ تقولون: التّطوّر بطيء جدًا… يأخذ مئات آلاف، ملايين السنين… ففهِّمُونا، في المحصّلة تطورُكم هذا سريعٌ جدًا أم بطيءٌ جدًا؟ قالوا: أحيانًا يكون سريعًا، ونسمّيه التطور السريع “Tachytelic”، وأحيانًا بطيئًا ونسمّيه التطور البطيء “Bradytelic”.

نحن لا نسألكم عن الأسماء التي اخترعتموها، ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا﴾ نحن نسألكم عن الحقائق.

هل في عالم التّطوّر أيضًا واسِطات؟ لدينا أحافير لكائناتٍ تُقدّرون أنتم أعمارها بملايين، ومئات ملايين السنين، ومع ذلك، فهي هي، كما هي، إلى يومنا هذا، لماذا لم تتطوّر؟


زر الذهاب إلى الأعلى