شبهات حول السنةشبهات وردود

أساليب “الحداثيين” في الطعن في “السنة النبوية” (6)

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد: من أهم أساليب “الحداثيين” في الطعن في “السنة النبوية” ما يلي:

الأسلوب الثامن: إنشاء ضوابط “غَرِيبة وشاذَّة” في نقد السُّنة:

أنشأ الحداثيون العرب ضوابطَ غَرِيبةً وشاذَّة في نقد السُّنة، ورفضِ وقَبولِ الأحاديث، وادَّعوا أنهم يُعيدون نقد السُّنة بأدوات جديدة تعتمد في مُجملها على إفساح مجالٍ واسعٍ لشخص الناقد؛ ليمارس نَقْدَه للسُّنة وقراءته الشخصية للروايات والأشياء، ويعتمد على ضوابطَ فضفاضةٍ وغريبةٍ وشاذة، والهدف المعلن هو تنقية السنة مما علق بها من شوائب، وإزالة الموضوع عنها وإبقاء الصحيح الصالح للعصر فيها، ومن ذلك أنَّ (التناقض قد يكون في مضمون الحديث نفسِه، وفي معناه، أو تناقله، أو أسلوبه، أو في تناقض مدلوله ومفهومه مع الذِّكر الحكيم، أو مع معطيات العلم، أو المنطق الصوري، أو القوانين والأعراف الاجتماعية السائدة، أو الذوق العام، أو غير ذلك من الأمور)1.

وكلُّ واحدةٍ من هذه الأمور “الغريبة والشاذَّة” تُعدُّ “ضابطًا” و”مقياسًا” تُعرَض عليه الروايات الحديثية، فإذا تعَارَض الحديثُ مع أيِّ شيء منها رُدَّ.

وبناءً عليه؛ كان الأساس – من وجهة نظر الحداثيين – هو العلم الطبيعي، أو العقل، أو واقع الناس، أو مألوف عاداتهم، أو الذوق العام، أو غير ذلك، وربما يأتي لاحِقٌ يبتكر ضابطًا أو أصلًا جديدًا يَعرِضُ عليه الروايات في زمانه ووَفْقَ ظروفه، وهذه المعايير الضابطة للسُّنة – من وجهة نظرهم – قد تُصحِّح أحاديثَ رفضها أهلُ الحديث وردُّوها، وفي الوقت ذاته تُرفَض أحاديثُ صحَّحها أهل الحديث وقَبِلوها، وهذا هو الأعم الأغلب والهدف المُبتغى لحداثيي العرب، ومن هنا فلا تعجب أن يستند حداثيٌّ منهم إلى روايةٍ أو حديثٍ حَكَمَ عليه أهل الدِّراية من المحدِّثين بالوضع، أو الانتحال، أو عدم صلاحيته للاحتجاج2.

وسوف نتناول بعض هذه الضوابط التي استخدمها هؤلاء ونَعْرِضها كما يلي:

الضابط الأوَّل: نقد السُّنة بعرضها على (الذوق العام):

دعا الحداثيون العرب إلى نقد السُّنة النبوية بعرضها على الذوق العام ومعطيات الواقع المعاش وعلى الحياة الاجتماعية؛ فما كان منها موافقًا لهذه المعطيات كان مقبولًا، وما لم يوافقه كان مرفوضًا.

1- فمنهم مَنْ يدعو إلى ضرورة نقد السُّنة بمفاهيم عصرية، ويدَّعي بأنَّه (من الطبيعي – بل والضروري – أنْ يُعاد فهم النصوص وتأويلها بنفي المفاهيم التاريخية والاجتماعية الأصلية، وإحلال المفاهيم المعاصرة، والأكثر إنسانيةً وتقدُّمًا، مع ثبات مضمون النَّص)3؛ لأنَّ (الحديث نصٌّ متحرِّك قابل للتَّجدُّد عن طريق استمرار عملية الفرز قبولًا ورفضًا بناءً على معايير اجتهادية إنسانية، أي طبقًا لفكرٍ إنسانيٍّ مُتطوِّرٍ بطبيعته ومرتبطٍ بظروف الزمان والمكان والواقع الذي يُنشِئه.. فهو نصٌّ ما زال يتكَوَّن من خلال آليات العقل الإنساني منذ اللحظات الأُولى للنُّطق به، والمسافة التي تفصله عن المُقَدَّس مسافةٌ شاسعةٌ يكاد معها يكون نصًّا إنسانيًّا)4.

وهذا يعني تلقِّي النص تلقِّيًا نقديًّا حداثيًا بعيدًا عن صاحبه، وهذه النظرية لها مخاطِرُها، فهي ابتداءً تنفي العلاقة بين صاحب النص وبين النص نفسه، وبعد أنْ تنفي العلاقة الوطيدة بين النص وصاحبه، تُعطي الحقَّ للمتلقِّي أنْ يُفسِّره ويؤوِّله كما يشاء وِفق ثقافته ورؤيته ومشاعره، ثم تُطلق على هذا التلقِّي بهذه الصورة اسم: الإبداع المُوازي، وكأنَّ المُتلقِّي أبدعَ من النَّص الأوَّل الأصلي “إبداعًا جديدًا”.

وعلى هذا؛ فإنَّ هؤلاء الحداثيين يَفْصِلون بين النَّص الحدِيثي وبين قائله وهو الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في محاولةٍ لِعَزلِه عن قُدْسيَّته، ثم تفريغه عن مضمونه وتعطيل محتواه بدعوى مخالفته لواقع الناس وحياتهم ومعايشهم، وهذا يترتَّب عليه تأويلات عدَّة وتفسيرات ربَّما مُتضاربة أو مُتعارضة في النَّص الواحد، وهذا يُنتج لنا في النهاية ربما عدَّة أديان لا دِينًا واحدًا؛ يختلف باختلاف المكان والزمان والواقع والذَّوق العام وغير ذلك بما ابتدعوه من معايير ضالَّة.

2- ومنهم مَنْ يرفض قبول بعض الأحاديث؛ بدعوى مخالفتها للذوق العام، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا)5. فقد زعم الحداثيون العرب أنَّ هذا الحديث يُنافي الذوق السَّليم والذوق العام: (وهي ظاهرة تُنافي الذوق السليم وتُجانب الطِّب الوقائي.. وإذا كان بعض السادة العلماء الأفاضل يرى في ذلك الحديث مظهرَ شكرٍ وتقديرٍ لنعمة الله، فإنني أرى مع كثيرين غيري مظهرَ تخلُّفٍ وقرفٍ واشمئزازٍ فيه، وما أجمل الإنسان الذي يغسل يديه بعد الطعام بصابونٍ معطَّرٍ نقوم بعدها بحمد الله عز وجل على نعمه، على تطوُّر العلوم.. وتُرضِي أصحاب الذوق السليم.. والمُخالف للصحابة)6. فهو اتِّهام للصحابة رضي الله عنهم بأنَّ ذوقهم ليس سليمًا!

ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ؛ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالأُخْرَى شِفَاءً)7. فقد ادَّعى دعاة الحداثة بأن مثل هذه الأحاديث يرفضها الذوق العام وهي تُنافي الحضارة8.

وهنا يلحظ القارئ الكريم بأن هؤلاء الحداثيين لا يهتمون ابتداءً بثبوت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عدم ثبوته، وإنما ينصب اهتمامهم فقط على ملاءمة الأحاديث للواقع، والحياة الاجتماعية المعاصرة، وذوق الناقد، فهذه المقاييس أصل والنص تابع لها، والحقيقة أنهم يُنَصِّبون أهواءهم حَكَمًا على قبول الروايات أو ردِّها.

الضابط الثاني: نقد السنة بعرضها على (قيم المجتمع):

يبحث الحداثيون عن أي شيء يُسَوِّغ لهم إعمال العقل والهوى في النصوص قبولًا ورفضًا وتأويلًا بعيدًا عن الضوابط الشرعية، ومن هنا دعا بعض الحداثيين إلى إعادة نقد السُّنة وَفق معايير خاصة وضعوها باسم “القيمة العليا” للمجتمع ثم يُحاكِمون النصوص إلى هذه “القيم العليا” المزعومة، فإذا وافقت الأحاديث هذه “القيم العليا” قبلوها، وإذا خالفتها رفضوها.

ومن هذه القيم المزعومة “العدل” ويقصدون به العدل الذي يُوافق أهواءهم وتوجهاتهم، وليس “العدل” الذي دعت إليه الشريعة وأمرت به، فقد زعم بعضهم أنه لا بد من (إعادة النظر في كلِّ نصوص الشريعة الخاصة بالدنيويات في ضوء تحقيقها للعدل؛ لأنَّ التطورات قد تنفي العلة التي من أجلها سُنَّت بعض الأحكام.. وهو العدل)9.

ويُعتبر “العدل” عند الحداثيين “قيمةً عليا” وذلك للهجوم على حقوق الزوج وحقوق الأب والحقوق الأسرية؛ وذلك لسلب القوامة والولاية من الرجل، وسلب حق الطلاق ونحوها من الواجبات الشرعية التي كلَّف الله تعالى بها الرجال، وادَّعى بعض الحداثيين بأن تطبيق “العدل” على العلاقة بين الرجل والمرأة سيجعل (كل أبحاث الطلاق وأحكامه التي تتضمَّنها كتب الفقه تُعدُّ لاغيةً ولا قيمة لها .. فالزواج عقد إيجاب وقبول وعلانية وشهود، فإذا أُريد فسح هذا العقد فلا يجوز هذا إلاَّ بالشروط التي انعقد بها، بمعنى أنَّ كلَّ ما ينطق به الرجال من أيمان الطلاق لا يُعتد بها .. ولا خلاص إلاَّ باستلهام العدل وإقامة كل العلاقات والأحكام على أساسه)10.

ومنهم مَن اتَّخذ “الرحمة” قيمةً عليا لرفض كثيرٍ من النصوص الشرعية؛ فزعم بعضهم أنه (لابد من إعادة قراءة القرآن على نحوٍ يحتفظ فيه بالثقة في أنه رحمةٌ للعالمين.. وهذا من شأنه أن يتطلَّب وجود موقف نبوي متطابق معه، وقد قرئ الحديث هكذا ضمن ذلك المطلب).

ومنهم مَنْ رَفَضَ حديث “عُكْل”عندما أقام النبي صلى الله عليه وسلم الحدَّ عليهم؛ لقتلهم الراعي من المسلمين بعد أن شفوا من مرضهم بشربهم ألبان الإبل وأبوالها، زاعمًا بأن ذلك يُنافي “الرحمة” التي هي أساس الإسلام ومحوره، فقال: (جاء في “صحيح البخاري” أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكتف بتطبيق حدود الله على العباد من المسلمين، بل تعدَّاها زيادةً لا نقصانًا أو رحمةً)11.

مُتناسيًا هذا الحداثي بأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تعامل – ابتداءً – مع هؤلاء النفر من “عُكْل” بالرحمة والشفقة، فوصف لهم علاجًا لأسقامهم، فقابلوا الإحسانَ بالإساءة فكفروا بعد إسلامهم، ثم أظهروا للمسلمين العداءَ بقتلهم للراعي المسلم، فالذي صدر منهم خيانةً كبرى؛ فعاملهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمقتضى العدل والحكمة بإقامة الحد عليهم.

جاء ذلك في حديث أنسٍ رضي الله عنه قال: (إنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلاَمِ؛ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ. وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ12، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا نَاحِيَةَ الْحَرَّةِ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ)13.

إن هذه “القيم العليا” التي يريد الحداثيون لها أنْ تكون حاكمةً على النص الحديثي هي مراد الدِّين الإسلامي، فقيم العدل والرحمة والحق والخير، وغيرها إنما هي مقاصد الشريعة الإسلامية الغرَّاء.

ولكن أين هذا العدل من ذلك الذي ساوى بين الإيمان بالله تعالى؛ الذي خلَقَه ورزَقَه وربَّاه وآواه وكفاه وهداه إلى الإسلام، وبين الكفر به سبحانه فارتدَّ عن دينه؟!

وأين هذه الرحمة من هؤلاء الذين يُناصبون الدِّين وأهلَه العداء؛ فيحاربون أهله ويقتلون الأبرياء منهم، ثم إذا تمكَّن منهم المسلمون طالبوهم بالرحمة.

إنَّ هذه القيم هي قيم الإسلام الحنيف ولا مزايدة عليه فيها، فالرحمة خُلُقُه والعدل أساسه. إنَّ هؤلاء يُحاولون تفكيك الدِّين وهدمه، بدعوى تحقيق القيم العليا، أوليست قيم الحب والخير والجمال كانت هي الحاكمة للثورة الفرنسية؟! فانظروا ماذا فعلوا بعدها، احتلُّوا أراضٍ من الوطن العربي الإسلامي وقتلوا مَنْ قتلوا وشرَّدوا مَنْ شرَّدوا، فأين هذه القيم من تلك الممارسات.

إننا نقول لهؤلاء الحداثيين: إنَّ الدِّين الإسلامي إنما جاء ليحقِّق هذه القيم العليا والمُثُل السامية، ليس لأتباعه فحسب، وإنما للناس كافة؛ لذا لم يُحابِ المسلمَ لمجرَّد إسلامِه إذا أجرَمَ أو اعتدى على غير المسلمين.

الضابط الثالث: نقد السنة بعرضها على (العلم الطبيعي):

مع افتتان الحداثيين العرب بالحضارة الغربية، ولا سيما فيما أنتجته من تقنيةٍ وعلومٍ طبيعية، فقد دعا فريقٌ من حداثي العرب إلى إعادة نقد السنة النبوية بعرضها على العلوم الطبيعية؛ حيث إنها أكثر المراحل تطوُّرًا في تاريخ البشرية وَفق (نظرية كومت “قانون الحالات الثلاث” العقل الإنساني في تصويره الوجود مَرَّ بحالات ثلاث: الأُولى: الحال “الثيولوجية” أو “اللاهوتية”، والثانية: هي الحال “التجريدية”، والحال الثالثة: هي الحال “العلمية” التي تُبْحَثُ عن طريق الملاحظة والمقارنة والاستقراء عن سنن الكون وقوانينه الثابتة)14.

وقد رأى فريق من دعاة الحداثة أنَّ العلم الطبيعي معيارٌ ضابطٌ يجب عرض النصوص الشرعية عليه، فتُعرض السُّنة على العلم فتُقبل أو تُرفض، أمَّا نصوص القرآن فيتعامل معها من مُنطلق أنَّ (كلَّ التعابير القرآنية قابلة للتأويل بحقٍّ، وبدون أدنى تكلُّفٍ أو افتراضِ تَوَافُقٍ بين الدِّين والعلم. القرآنُ كمصحفٍ يُتَصَفَّح كمجموع حروفٍ وكلماتٍ وعباراتٍ وثيقةٍ مادية كباقي الوثائق، لا اعتراضَ على إخضاعها لجميع أنواع النقد المعاصر.. ولا مانع كذلك من أنْ نُخضِع للنقد نفسِه كلَّ ما تولَّد عن القرآن في التاريخ أعمالًا وأقوالًا وأحكامًا.. لا ننسى أنَّ الأمر بطاعة الله ورسوله هو أمرٌ باتِّباع العقل والعدل)15. وبذلك (يُصبِح العلم هو أساس الإثبات أو النفي وليس الرواية)16، ومقصود الحداثيين العرب من إعادة نقد السنة هو رفضها وردُّها لأدنى شبهةٍ أو هوىً في أنفسهم.

ومن أوضح الأمثلة على رفض دعاة الحداثة لبعض الأحاديث الثابتة – بدعوى عرضها على العلم الطبيعي – ومنها: حديث الذبابة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ؛ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالأُخْرَى شِفَاءً)17. وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (فِي أَحَدِ جَنَاحَيِ الذُّبَابِ سُمٌّ، وَفِي الآخَرِ شِفَاءٌ، فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ18 فِيهِ؛ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ، وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ)19.

فقد ادَّعى الحداثيون العرب بأنَّ حديث الذبابة يُعارض العلم، وترفضه الأذواق العامة، ويُنافي الحضارة، وزعموا أنَّ العلم الحديث أثبت أنَّ الذباب من أهم انتشار الأمراض والأوبئة بين الناس، فكيف يأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بغمسه في الشراب قبل إخراجه20؟!

وهذه المدرسة التشكيكية في الأحاديث النبوية قديمة قِدَمَ الحقِّ والباطل؛ فقد ذكر الخطابي رحمه الله أنه (قد تكلَّم في هذا الحديثِ بعضُ مَنْ لا خلاق له. وقال: كيف يكون هذا؟ وكيف يجتمع الداء والشفاء في جناحي الذباب؟ وكيف تعلم ذلك من نفسها حتى تُقدِّم جناح الداء، وتُؤخِّر جناح الشفاء، وما إرْبُها21 إلى ذلك؟

قلت: وهذا سؤالُ جاهلٍ، أو متجاهل، فإنَّ الذي يجد نفسَه ونفوسَ عامة الحيوان قد جُمِعَ فيها بين الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، وهي أشياء متضادة، إذا تلاقت تفاسدت، ثم يرى أنَّ الله سبحانه قد ألَّف بينها، وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قُوى الحيوان التي بها بقاؤها وصلاحها؛ لجدير أن لا يُنكر اجتماع الداء والشفاء في جزأين من حيوانٍ واحد، وأنَّ الذي ألهَمَ النَّحلةَ أنْ تتَّخِذ البيت العجيب الصِّنعة، وأنْ تُعَسِّلَ فيه، وألهم الذَّرةَ أنْ تكتسب قُوتَها، وتدَّخره لأوان حاجتها إليه، هو الذي خلق الذُّبابة، وجعل لها الهداية إلى أنْ تُقدِّمَ جناحًا، وتؤخِّر جناحًا، لِمَا أراد من الابتلاء الذي هو مدرجة التَّعبد والامتحان الذي هو مضمار التَّكليف، وفي كلِّ شيءٍ عبرةٌ وحِكمة. وما يذَّكَّر إلاَّ أولوا الألباب)22.

وقال ابن القيم رحمه الله أنه: (واعلم أنَّ في الذُّباب عندهم قُوَّةً سُمِّيَّةً يدلُّ عليها الورم، والحِكَّة العارِضة عن لسعِه، وهي بمنزلة السِّلاح، فإذا سقط فيما يؤذيه اتَّقاه بسلاحه، فأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُقابلَ تلك السُّمية بما أودعه الله سبحانه في جناحه الآخر من الشفاء، فيُغمسَ كُلُّه في الماء والطعام، فيقابل المادةَ السُّمية المادةُ النافعة، فيزول ضررُها. وهذا طِبٌّ لا يهتدي إليه كبار الأطباء وأئمتهم، بل هو خارجٌ من مِشكاة النُبوَّة، ومع هذا فالطبيب العالِم العارِف الموفَّق يخضع لهذا العلاج، ويُقِرُّ لِمَنْ جاء به بأنه أكملُ الخلق على الإطلاق، وأنه مُؤَيَّد بوحي إلهي خارج عن القُوَى البَشَرية)23.

التجارب العِلمية الحديثة تُكذِّب ادِّعاء الحداثيين:

أثبت العلم الحديث – من الناحيتين العلمية والتطبيقية – خلاف ما يدَّعيه الحداثيون، والواقع العملي أيضًا يُكذِّب ما يدَّعيه هؤلاء:

أ- فمن الناحية العلمية: ثبت أنَّ الذباب يحمل الجراثيم والبكتيريا والفيروسات وغيرها من أنواع الميكروبات؛ لأنه يتغذَّى على النُّفايات وما بها من مواد عضوية متعفِّنة مليئة ببلايين البكتيريا وأضدادها، والفيروسات وأضدادها، وغير ذلك من الجراثيم وأضدادها؛ فإنَّ اللهَ تعالى قد أعطى هذه الحشرة الضئيلة القُدرة على أنْ تحمل الجرثومة على جناح، وأضدادها على الجناح الآخَر، وإلاَّ لفنيت مجموعة حشرات الذباب فناءً تامًّا، وهي ممثلة اليوم بسبعةٍ وثمانين ألف نوعٍ (87000)، وفي بقائها بهذه الأنواع الممثَّلة ببلايين الأفراد خير دليلٍ على ذلك24.

ب- ومن الناحية التطبيقية: ذكر ابن حجر رحمه الله أنه – في شرحه للحديث – بأنَّ بعض العلماء تأمَّل الذُّباب فوجده يتَّقي بجناحه الأيسر، فعرف أنَّ الأيمن هو الذي فيه الشفاء25.

وقد (قامت مجموعاتٌ من الباحثين المسلمين في كلٍّ من مصر والمملكة العربية السعودية بإجراء عدد من التجارب على مجموعة من الآنية مكشوفة للذباب؛ كي يقع عليها، وفي بعضها غمس الذباب، وفي مثيلاتها لم يُغمس. وعند الفحص المجهري اتَّضح أنَّ الشراب الذي لم يُغمس فيه الذباب قد أصبح مليئًا بالجراثيم والميكروبات، والذي غُمس فيه الذباب خالٍ تقريبًا من ذلك.

وجاء في كتاب “الإصابة في صحة حديث الذبابة” لمؤلِّفه “د. خليل إبراهيم ملا خاطر” أنَّ مجموعةً من علماء الأحياء بجامعتي “الملك عبد العزيز والقاهرة” قد قاموا بدراسات مختبرية لتحقيق الفرق بين تأثير السقوط والغمس للذبابة المنزلية على تلوث الماء والحليب والأغذية بالميكروبات والجراثيم، وقد ثبت بالتجارب التي كُرِّرت لعشرات المرَّات أنَّ غمس الذباب في السوائل؛ من مثل الماء والحليب والعصائر وفي غيرها من المطعومات قد أدَّى إلى انخفاضٍ واضح في كَمِّ الميكروبات عنه في مثيلاتها التي تُرك الذباب يسقط عليها ثم يُغادرها، أو انتُزِع منها دون أنْ يُغمس فيها؛ مما يوحي بأنَّ غمس الذباب في السوائل المدروسة قد أدَّى إلى إبراز عوامل مضادَّة للميكروبات)26.

ج- ومن الناحية الواقعية والعملية: لم يأت الأمر بشرب الماء أو الشراب الذي وقع فيه الذباب، ولكن يُوجَّه المسلم الذي وقع الذباب في إنائه ورغب بشرب ما فيه، ولا سيما إذا كان ذلك في حالات الضرورة القصوى؛ كأنْ يكون في وسط الصحراء ولا يملك غير هذا الماء، وأوشك على الهلاك إذا فقده، فدرءًا للخطرين: خطر الهلاك من الجوع والعطش أو خطر الهلاك مِمَّا أدخل الذباب في شرابه من جراثيم وبكتيريا وفيروسات، فإنَّ الحديث يُشير إلى غمس الذبابة في الشراب حتى يُتَّقى بمقومات الشفاء في أحد جناحي الذبابة ما في جناحها الآخَر من داء، والذي لا تقبل نفسُه ذلك فلا يوجد ما يضطره إليه أو يُجبره عليه، ولا يجوز له أو لغيره أن ينطلق إلى التشكيك في صحة الحديث لمجرَّد أنَّ نفسَه عافت شرابًا غُمِسَ فيه الذباب، وهو معروف بقذارته وحمله للكثير من مسبِّبات الأمراض27.

• ومن الأمثلة على رفض دعاة الحداثة لبعض الأحاديث الثابتة – بدعوى عرضها على العلم الطبيعي – رفض بعضهم لقصة النَّفر الثلاثة الذين أَوَوْا إلى غار في جبل، فأغلق بابه بصخرة، ثم فُتح الباب بدعاء كلٍّ واحدٍ منهم بعمل صالح أخلص فيه لله تعالى، ففرَّج الله عنهم فخرجوا، بحجَّة أن الحديث يحتاج إلى إثباتٍ من علماء الآثار لقبوله. والشاهد منه: قوله صلى الله عليه وسلم: (انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ)28. وفي رواية: (انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا؛ لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا عَنْكُمْ)29.

فقد ادَّعى بعض الحداثيين، قائلًا: (أمَّا قصة فتح الباب في حَجَرٍ صلدٍ في جنب الغار فهي طويلة الصياغة، القصد منها الإيحاء بالتَّعجيز، فالحَجَر صلدًا وليس رخوًا، والباب المفتوح في جنب الغار وليس في واجهته.. أمَّا كون الباب موجودًا من قبل فهذا ما يحتاج إلى علماء الآثار، وليس إلى مُجرَّد رواية الراوي، والدليل العقلي المروي بأنه لو كان موجودًا يومئذٍ لما أمكن الاختفاء فيه؛ يكشف عن الرغبة في الإقناع العقلي مُتجاوزًا البحث الأثري)30.

إذًا؛ الرواية مرفوضة عند الحداثيين حتى يتم تحديد هذه المنطقة التي فيها هذا الغار، ثم يقوم علماء الآثار بتفحُّص الموقع وإجراء البحوث الأثرية عليه، حتى يتأكَّدوا من وجوده، ومن ثم يُقبل الحديث أو يُرفض بعد هذه النتيجة.

ودعاة الحداثة حينما ينتقدون هذه الأحاديث ويردونها ليس لكونها تُخالف الحقائق العلمية ابتداءً؛ وإنما لكونها تُخالِفُ منهجًا فكريًا تبنَّوه؛ يقتضي رفض الدُّعاء، ورفض التعلُّق بالغيبيات، وإنما العمل عندهم على الماديات المُتمثِّلة في أفعال البشر، وهؤلاء الحداثيون دائمًا ما يُوجِّهون الاتهامات الباطلة لأهل الحديث خاصة والمتمسِّكين بالمنهج الإسلامي عامة بأنهم سُذَّج، سريعو الاعتقاد بالحقائق، والإيمان بالمغيَّبات، ليسوا بعقلانيين ولا واقعيين، ويتَّهمون مَنهجَهم المُسْتَقَى من منهج السلف الصالح بأنه (يعتنق بشكلٍ عفوي أو بدون أيِّ تساؤلٍ العقائدَ الإيمانية الواردة في النصوص الدينية)31، منهج يقع خارج الواقع والتاريخ، ويقف على الماضي، لا يعيش الواقع، ولا يُقدِّم شيئًا؛ بل (تداعى واهترأ وأصبح عاجزًا عن تلبية ومواجهة المُتغَيَّرات المحلية والعالمية)32، و(ألقى مرساته في مستنقع التخلُّف بعد أنْ كان طرد خارج أسواره الفلسفةَ أولًا ثم عِلْمَ الكلام)33.

والخلاصة: أنَّ مقصود دعاة الحداثة من عرض الأحاديث النبوية على العلم الطبيعي هو تحكيم (العقول البشرية القاصرة) في (الوحي الرباني)؛ كي ينتفي عنها صفة القداسة من النفوس، ومن ثم يتم إقصاؤها عن حياة الناس وواقعهم، ولا ريب أنَّ الأحاديث الصحيحة الثابتة لا تتعارض البتة مع مُعطيات العلم الحديث، ثم إنَّ العلم الطبيعي الظني لا يرتقي أن يكون حَكَمًا على السنة النبوية، بل العكس هو الصحيح34. وهذه القضية مرتبطة بقضيةٍ أسمى وأعلى، وهي قضية الإيمان، فالإيمان هنا هو الأساس للتَّصديق.

فإذا كان النَّص ثابتًا بما لا مجال معه للشَّك في ثبوته، فقد وجب على المُسلِم قبولُه والإيمانُ به وإنْ خالف العقلَ أو الواقعَ ظاهريًّا، إذ أنه لا يُمكن على الإطلاق أن يُخالف نصٌّ حديثيٌّ العقلَ أو العلمَ أو الواقعَ، فما دام ثبت فلابد أنْ يُوافِق ويُطابِق.

وغاية ما هنالك: إمَّا أنَّ العلم لم يصل إلى هذا الاكتشاف وربما تُثبِت السُّنون صدقه بالعلم نفسِه الذي يُحاولون نفيَه به، وإمَّا أنَّ العقل لم يستوعب ما في الحديث ولم يُدرك معناه وحقيقته، وذلك كأحاديث الغيبيَّات كلِّها، فما ثبت منها لابد أن يُصدَّق؛ لأنَّ الذي نطق به وقاله هو الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وعدم استيعاب العقل لها ليس دليلًا على ردِّها.

فهل كان العقل من مائة عامٍ مضت أو يزيد يستوعب أنْ يطير الناس في السماء أو يصعدون في الفضاء أو يُشاهَدون عبر التلفاز في أيِّ مكان في العالم.

إنَّ العقل له حدوده ومجالاته، وعليه ألاَّ يدخل فيما لا مجال له فيه، وإلاَّ لَخَسِرَ العقلُ وخسر صاحبُه، حكمة الله الذي أتقن كلَّ شيءٍ صنعه.

يُتبع.

  1. جناية البخاري إنقاذ الدين من إمام المحدثين، (ص 135). ↩︎
  2. انظر: الحداثة وموقفها من السنة، (ص 274). ↩︎
  3. نقد الخطاب الديني، (ص 110). ↩︎
  4.  المصدر نفسه، (ص 102). ↩︎
  5. رواه البخاري، (3/ 1139)، (ح 5512)؛ ومسلم، (2/ 886)، (ح 5414). ↩︎
  6. جناية البخاري إنقاذ الدين من إمام المحدثين، (ص 147). ↩︎
  7.  رواه البخاري، (2/ 646)، (ح 3355). ↩︎
  8. انظر: فجر الإسلام، (ص 340)؛ التراث والتجديد من العقيدة إلى الثورة، (4/ 89). ↩︎
  9. تفنيد دعوى حد الردة ﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256]، (ص 129). ↩︎
  10. نحو فقه جديد، (ص 3/ 267). ↩︎
  11. جناية البخاري إنقاذ الدين من إمام المحدثين، (ص 78). ↩︎
  12. (اسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ): أي: استثقلوها ولم يوافق هواؤها أبدانَهم، من قولهم: أرضٌ وخيمةٌ إذا لم توافق ساكِنَها، فإنهم لَمَّا استوخموا طلبوا الخروج؛ لأنَّ المدينة لم تلائمهم، فأمرهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالخروج. انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، (26/ 38). ↩︎
  13.  رواه البخاري، (2/ 835)، (ح 4241). ↩︎
  14. الإيمان والمعرفة والفلسفة، د. محمد حسين هيكل (ص 23). ↩︎
  15.  السنة والإصلاح، (ص 125). ↩︎
  16. التراث والتجديد من العقيدة إلى الثورة، (4/ 148). ↩︎
  17. رواه البخاري، (2/ 646)، (ح 3355). ↩︎
  18. (فامْقُلُوهُ): أي: اغْمِسُوه؛ ليُخْرِجَ الدَّواءَ، كما أَخْرَجَ الداءَ. يقال: مَقَلْتُ الشيءَ أَمْقُلُه مَقْلًا إذا غَمَسْتَه في الماء ونحوِه. ويقال للرَّجلين: هما يَتمَاقلان؛ إذا تغاطَّا في الماء. انظر: غريب الحديث، لابن الجوزي (2/ 368)؛ النهاية في غريب الحديث والأثر، (4/ 768)؛ زاد المعاد، (4/ 112). ↩︎
  19. رواه ابن ماجه، (1/ 508)، (ح 3633). وصححه الألباني في (صحيح ابن ماجه)، (2/ 264)، (ح 2823). ↩︎
  20.  انظر: أضواء على السنة المحمدية، (ص 199). ↩︎
  21. أي: ما حاجتها لذلك. ↩︎
  22. معالم السنن مع مختصر سنن أبي داود للمنذري، وتهذيب ابن القيم (5/ 341). ↩︎
  23.  زاد المعاد، (4/ 112). ↩︎
  24. انظر: الإعجاز العلمي في السنة النبوية، أ. د. زغلول النجار (ص 412). ↩︎
  25.  انظر: فتح الباري، (10/ 251). ↩︎
  26.  الإعجاز العلمي في السنة النبوية، (ص 413-414). ↩︎
  27.  انظر: المصدر نفسه، (ص 411). ↩︎
  28. رواه البخاري، (1/ 420)، (ح 2316). ↩︎
  29. رواه البخاري، (1/ 435)، (ح 2375). ↩︎
  30. التراث والتجديد من العقيدة إلى الثورة، (4/ 159). ↩︎
  31. نزعة الأنسنة في الفكر العربي جيل مسكويه والتوحيدي، محمد أركون، ترجمة: هشام صالح (ص 349). ↩︎
  32. التراث وقضايا العصر، (ص 12). ↩︎
  33. مصائر الفلسفة بين المسحية والإسلام، جورج طرابيشي (ص 122). ↩︎
  34. انظر: الحداثة وموقفها من السنة، (ص 298). ↩︎

المصدر
شبكة الألوكة
زر الذهاب إلى الأعلى