أديان وفرق ومذاهبالإلحاد

أحرجتك

رحلة اليقين الحلقة 29

تعييب أدعياء خرافة نظرية التطور خلق الله سبحانه و كيف نجيبهم

أتباعِ الخُرافةِ، يتكلَّمونَ عن ما يسمُّونَهُ: أخطاءَ في تصميمِ الإنسانِ! كشَبَكِيَّةِ العينِ، وقناةِ السَّائلِ المَنَوِيِّ، أو عمَّا يَعتَبِرونهُ أعضاءَ زائدةً: كالزَّائِدةِ الدُّوديةِ، وعِظامِ العُصْعُصِ، وغيرها.. كُلُّها أدلَّةٌ بديعةٌ على خلقِ اللهِ المُحكَمِ، يُحوِّلُها هؤلاءِ -بجهلٍ حينًا وبتجاهلٍ أحيانًا إلى أدلَّةٍ على الصُّدَفِيَّةِ والعشوائيَّةِ.

هل سنُبَيِّنُ أنَّ هذهِ كلُّها أمثلةُ خَلْقٍ حكيمٍ بالفعلِ؟ نعم.

لكنْ قبلَ ذلكَ، ماذا -أخِي وأختِي- لو لمْ تَحضُر هذهِ الحلقةَ؟ وماذا لو لمْ تعرفِ الجوابَ عنِ الأمثلةِ الَّتي يَذْكرونَها؟ هل يكونُ أتباعُ الخرافةِ قدْ أحرجوكَ إلى أن تأتيَ بالجوابِ؟ هل أنتَ المُطالَبُ بالإجابةِ عن هذهِ الأمثلةِ؟ أم مُؤيِّدُ الخرافةِ هوَ المُطالَبُ بأن يفسِّرَ الإتْقانَ والإحْكامَ في الكونِ وكائناتِهِ تفسيرًا مُقنِعًا؟

طريقةُ أتباعِ الخرافةِ هذهِ تُسمَّى في علمِ المُغالطاتِ المنطقيَّةِ: (تحويلَ عبءِ الإثبات)؛ الخصمُ يقولُ كلامًا سخيفًا يَضعُهُ في وضعٍ مُحرِجٍ لأنَّهُ يُناقضُ الحقائقَ الواضحةَ لكلِّ أحدٍ، فإذا بهِ يثيرُ معركةً جانبيَّةً بمطالبتِكَ بالإجابةِ عن أمرٍ فرعيٍّ، فيُحَوِّلُ الأضواءَ عنهُ وتتوجَّهُ الأنظارُ إليكَ بانتظارِ أن تَرُدَّ على سؤالِهِ!

معَ أنَّ حقيقةَ الأمرِ أنَّكَ إنْ رددْتَ أمْ لمْ ترُدَّ، فإنَّ ذلكَ لا يغيِّرُ شيئًا من حقيقةِ أنَّ كلامَهُ سخيفٌ، وعدمُ امتلاكِكَ لجوابٍ عن سؤالِهِ لا يُعطي كلامَهُ هو أيَّةَ قيمةٍ. لذلكَ أخي، فليسَ صحيحًا عندما يُواجِهُكَ أتباعُ الخرافةِ بمثلِ هذهِ الأسئلةِ على سبيلِ التَّحدِّي أن تبحثَ حثيثًا عن وظيفةٍ لهذهِ الأعضاءِ كأنَّكَ مُلزَمٌ بالجوابِ وإلَّا أفحمَكَ!

بلْ قُلْ لهم: اشْرَحوا لي بِدايةً عملَ الجهازِ الَّذي تتحدَّثونَ عن هذهِ الجزئيَّةِ فيهِ، مثلًا: حينَ يقولُ لكَ عرَّابُو الخرافةِ: “ترتيبُ خلايا شبكيَّةِ العينِ خطأٌ، الخلايا الحسَّاسةُ للضَّوءِ هيَ المخروطيَّةُ والعَصَوِيَّةُ، فكانَ يجبُ أن تكونَ إلى الأمامِ ليقعَ الضَّوءُ عليها مباشرةً، لكنَّها في الواقعِ إلى الخلفِ، وعلى الضَّوءِ أن يمُرَّ بخلايا لا علاقةَ لها باستقبالهِ، وهذا يدلُّ على أنَّ العينَ جاءتْ بالعشوائيَّةِ والصُّدَفِ”.. مُكرِّرينَ بذلكَ كالببَّغاواتِ ما قالَهُ ريتشارد دوكنز “Richard Dawkins” في كِتابهِ (صانعُ السَّاعاتِ الأعمى – طبعةُ عامِ 2015)، والَّذي اسْتهزأَ فيهِ بهذا التَّركيبِ للشَّبكيَّةِ وقالَ: “إنَّ أيَّ مهندسٍ سيضحكُ، ويشعرُ بالاستفزازِ من هكذا تركيبٍ معكوسٍ”.

حينَ تسمعُ هذا الكلامَ أخي فقبلَ أنْ تضيعَ الصُّورةُ الكلِّيَّةُ في التَّفاصيلِ، وقبلَ أن تكلِّفَ نفسكَ بالبحثِ عن جوابٍ، قُلْ لهم: اشْرحوا لي بدايةً عملَ الجهازِ الإبصاريِّ الَّذي تعْترِضونَ على جزئيَّةٍ فيه (ترتيبِ شبكيَّتِهِ)، فلا شكَّ أنَّكم لم تعْترِضوا إلَّا وأنتم تعلمونَ بتفاصيلِ هذا الجهازِ الإبصاريِّ، ولذلكَ اعْتَبرتُم أنَّ هذهِ الجزئيَّةَ فيهِ زائدةٌ أو فيها خللٌ، وأنَّ الصَّحيحَ أن تكونَ على نحوٍ آخرَ معيَّنٍ..

دعهم يشرحونَ إنْ كانوا يعلمونَ! دعهم يحدِّثونكَ عنِ العينِ، عضلاتِها الَّتي تتحكَّمُ بِعَدَسَتِها بما يناسِبُ المرئيَّاتِ القريبةِ والبعيدةِ، والتَّغذيةِ العصبيَّةِ لهذهِ العضلاتِ، نوْعَي السَّائلِ اللَّازمَيْن فيها، خلايا الشبكيَّةِ المتنوِّعةِ (العُصَيَّات والمخاريط) الَّتي يوجدُ منها في كلِّ عينٍ أكثرُ من 100 مليونِ خليَّةٍ، والَّتي عَلِقَ في ذاكِرتي من أيَّامِ دراسةِ الدُّكتوراة بحثٌ يقولُ: “إنَّ تركيبَ أحدِها أعقدُ مِن أعقدِ مصنعٍ شيَّدهُ الإنسانُ!” دعهم يفسِّرونَ لكَ كيفَ يمكنُ للعشوائيَّةِ أن تُجمِّعَ ذرَّاتِ مركَّبِ (11-سيس ريتينال) “11-cis-retinal” بالشَّكلِ المناسبِ، بحيثُ يتغيَّرُ شكلُ هذا المركَّبِ عندَ اصطدامِ فوتوناتِ الضَّوءِ بهِ؟ ثمَّ كيفَ وضَعَتِ العشوائيَّةُ هذا المُركَّبَ بالنِّسَبِ المناسبةِ في الرودوبسين “Rhodopsin” -الصِّبغةِ الحسَّاسةِ للضَّوءِ في العينِ-؟ دَعْهُم يحدِّثونكَ عن تهيئةِ العينِ لِتلتقِطَ المجالَ المرئيَّ تحديدًا منَ الطَّيفِ الكهرومغناطيسيِّ بما مَكَّنَها من رؤيةِ الكائناتِ.

دَعْهُم يُحدِّثونكَ عنِ: الُحزَمِ العصبيَّةِ المنبعثةِ منَ الشَّبكيَّةِ، النَّقلِ العصبيِّ، مراكزِ تفسيرِ الصُّورةِ في الدِّماغِ، تخزينُ الصُّورةِ في الذَّاكرةِ، أداءِ الجهازِ الإبصاريِّ لوظيفتهِ الَّتي يحتاجُها الإنسانُ على أكملِ وجهٍ حتَّى بلغتِ العينُ منَ الحساسيةِ أنَّها تستطيعُ الاستجابةَ لفوتونٍ واحدٍ -كما تذكرُ مجلَّةُ نيتشر “Nature”-.

دعْهم يَشرحونَ إنْ كانوا يعلمونَ.. وانظر كيفَ يردُّونَ على أنفسِهم بأنفسِهم! فإنِ انتبهوا لجهلهم وإلَّا فذَرهُم في طُغيانهم يعمَهونَ، ففي أدلَّةِ التَّصميمِ من نفسِ الأجهزةِ الَّتي ادَّعَوا فيها خللًا كفايةٌ لِمَن أرادَ الهِداية.

زر الذهاب إلى الأعلى