من أساليب أتباع خرافة التطور: الخلط بين الحقائق والخرافة، حتى يمر عليك هذا الخلط، بالإبهار برجالات خرافة التطور.
عندما تسمع من بعض عَرَّابي الخرافة من بني جلدتنا مَن يمجد “العلماء” التطوريين فهذه كلها كثيرا ما تكون محاولات للطلب منك أن…تؤجر عقلك لهم!
أن يكون لدى هؤلاء علم كبير ومع ذلك يُحجبون عن أكبر الحقائق وأوضحها، يتكلمون بمهارة مبهرة عن الحقائق ثم لما يأتون للاستنتاج يخالفون بدهيات العقل.
عملنا في هذه الحلقة وباقي الحلقات هو أن نبسط المفاهيم العلمية التي تُذكر لدى الحديث عن التطور تبسيطا يجعلها في متناول عامة الناس، ونرد إلى العقل اعتباره ليحكم بعيداً عن التضليل.
رأينا في الحلقة الماضية أنَّ من أساليب أتباع خرافة التَّطوُّر: الخلط بين الحقائق والخرافة، حتَّى يمرَّ عليك هذا الخلط يحتاج بعض البهار مِن الإبهار؛ الإبهار برجالات خرافة التَّطوُّر؛ لذلك عندما تَسمع من بعض عرَّابي الخرافة من بني جلدتنا من يُمجِّد العلماء التَّطوُّريين: داروين “Darwin” كان وكان! فلانٌ عالمٌ عظيم! الآخر عالمٌ كبيرٌ جدًّا جدًّا! كَتبَ في هذه الظَّاهرة كتابًا من (600) صفحة! بحث في تلك الظَّاهرة (20) سنة! فلانٌ حاز على جائزة نوبل “Nobel”! والآخر على لقب سير “Sir” في العلوم! كذا بالمئة من علماء الطَّبيعة يؤمنون بنظريَّة التَّطوُّر… عندما تسمع مثل هذه العبارات، فهي كثيرًا ما تكون محاولاتٍ للطَّلب منك أن تؤجِّر عقلك لهم كأنَّه يقول لك: هم يعرفون أكثر منك، أذكياءٌ يفهمون أكثر منك، جهِّز نفسك، ستسمع كلامًا غريبًا، لكنْ عليك أن تقتنع به؛ لأنَّ القائل به هم هؤلاء العظماء! إذَا خالف كلامهم عقلك فلا تتَّهم صِدْقَهم أو صحَّة استنتاجاتهم، بل اتَّهم عقلك! لا تحاولْ أنْ تتأكَّد بالنَّظر في التَّجارب الَّتي منها وصلوا إلى استنتاجاتهم
هل تُريدني أنْ أُلغيَ عقلي وأتَّبِعَهم على عمى؟! تريدني أن أُقلِّدهم في استنتاجاتهم -مهما سَخُفت- لأجل عِلمهم وألقابهم؟! أتعلمون -إخواني-؟ تأجيرُ العقل هذا جريمةٌ ولو مارسْتَها مع مَن هو أعلم منك بالدِّين؛ مطلوبٌ منك اتَّباع العلماء؟ أي نعم، لكنْ ما تكلّموا بعلمٍ، ولا يَكتسبون يومًا قدسيَّةً تُصحِّح كلامهم دون هذا الشَّرط؛ ألم تر كيف ذمَّ الله -عزَّ وجلَّ- أهل الكتاب بقوله: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ﴾
هؤلاء الأحبار والرُّهبان كانوا أعلمَ بالدِّين -ولا شكّ- لكنَّهم لمَّا أحلَّوا الحرام وحرَّموا الحلال، وخالفوا المسلَّماتِ المعلومةَ بالضَّرورة الواضحة من نصوص الوحي لكلِّ عاقلٍ كان مِن الجريمة أن يؤجِّر لهم عامَّة النَّاس عقولهم، ويتَّبعوهم على باطلهم ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ الله وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَـٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾
الانتفاع بحقائق علوم الطبيعة فتوفيقٌ وهدايةٌ ويحتاج سلامة القلب، وحُسن القصد كالعلم الشَّرعيِّ تمامًا؛ مثلما هناك أناسٌ يحفظون القرآن والسُّنَّة وأقوالَ العلماء ولا ينتفعون بها بل ويوظِّفون علومهم في تضليل النَّاس فهناك علماءُ طبيعةٍ لا ينتفعون بعلومهم بل ويوظِّفونها في تضليل النَّاس. ما السَّبب؟ هل هو خوفٌ من التحزُّب الدَّارويني؟ هل لأنَّ البديل لديهم دِينٌ محرَّفٌ غير مُقنِع؟ هل لعُقَدٍ نفسيةٍ أصابتهم من تصرُّفات الكنيسة في القرون الوسطى؟ هل هو حرصٌ على المناصب الأكاديميَّة؟ هل هو تربُّحٌ واكتسابٌ وصُعودٌ على ظهر الخرافة؟ هل هم يتظاهرون -كذبًا- أنَّهم مقتنعون بالخرافة؟ أم أنَّهم اتَّّبعوا أهواءهم فعَمِيَت بصائرهم حتَّى اقتنعوا بالخرافة بالفعل؟ لماذا يُظهرون إيمانًا بخرافة التَّطوُّر؟! ليس هذا موضوعنا الحالي، وإن كنَّا سنتعرّض لاحقًا للأسباب -بإذن الله- لكنْ -مهما كان السَّبب- لا تطلب منِّي أنْ أؤجِّر عقليَ لهم. لذلك فعندما يقول لك عرّابو الخرافة: “داروين بقي يؤلِّف كتابه (أصل الأنواع) (20) سنة!” فبدل أن تنبهر قل: “اللّهمّ إنِّي أعوذ بك مِن علمٍ لا ينفع”، إذا لم يكن مِن اللهِ عونٌ للفتى فأوَّل ما يقضي عليه اجتهادهُ، ﴿حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾
لذلك -إخواني وأخواتي- عمَلُنا في هذه الحلقات ليس أن أحشِد لك أسماء العلماء الَّذين ينكرون خرافة التَّطوُّر، ومقولاتهم في ذلك، لن أقول لك: لا تؤجِّر عقلك لريتشارد دوكينز “Richard Dawkins” وتعال أجِّره لمايكل دانتون “Michael Denton” لأنَّه أعلم، أو أبحاثه أكثر، بل هم رجالٌ، ونحن رجالٌ.
والعجب ممَّن يستخدمون هذه العبارة مع أئمَّة الإسلام ولا يستخدمونها مع ريتشارد وسام وجون… بل يريدوننا أن نؤجِّر عقولنا لهم! العجب ممَّن يقلِّل من شأن الإجماعات في العقيدة والتَّفسير ويجوِّز أن يكون علماء الأمَّة لـ(14) قرنًا قد أخطؤوا الفهم الصَّحيح بحُجَّة أنَّهم رجالٌ ونحن رجالٌ، ثمَّ هو طفلٌ مستسلِمٌ عالةٌ على علماء الغرب مؤجِّرٌ عقله لهم، وداعٍ غيرَه لتأجير عقولهم معه لهم!