أديان وفرق ومذاهبأديان وفرق ومذاهبالأبحاثالأديان والفرق والمذاهبالمسيحيةالمقالاتمكتبة الموقع

مخطوطات قمران تشهد على تحريف الكتاب المقدس (سفر صموئيل)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
أكثر من ستين عاماً مضت على اكتشاف أول مخطوطات قمران، ولا تزال المكتبة العربية خالية من دراسة علمية مفصلة تتناول هذه المخطوطات، ذلك مع أن أكثرها مكتشف في أرض عربية بأيدي عرب، في حين أن المكتبة الغربية مملوءة بالأبحاث التي تتناول كل ما يخص المخطوطات من أكثر من جهة؛ من جهة تاريخ مكان الاكتشاف، تاريخ المخطوطات، أصحاب المخطوطات؛ من حيث الجنس، الزواج، الشعائر، الطعام، قضاء الحاجة، العمر، وتناولوا كذلك لون الحبر المستخدم في كتابة المخطوطات، ونوعه، كتبة المخطوطات، جغرافية المكان، طرق تصوير المخطوطات، نتائج تطبيق تحليل الحمض الوراثي DNA على الجلد، علاقة أصحاب المخطوطات بالطوائف اليهودية والنصرانية المعاصرة لهم، السمات اللغوية لنصوص المخطوطات، علاقة نصوص المخطوطات بالنصوص المعروفة من قبل، كيف تكون هذا النص؟، لماذا وضعت المخطوطات في جرار ملفوفة بالكتان؟، مراحل نشر المخطوطات، كيف تعامل الإعلام مع المخطوطات؟؛ وتناولت الأبحاث في ذلك الإعلام الإنجليزي، والفرنسي، والأمريكي، وغيره، بخلاف هذه الأبحاث فإنهم اخترعوا أجهزة خصيصاً لفك المخطوطات، والتعامل معها، وبنوا متاحف خصيصاً لتضم المخطوطات، وأنشئوا المواقع الإلكترونية للحديث عن بعض المخطوطات، وأنشئت لأجلها جامعات، ومجلات، وهيئات!
كل هذا لا نصيب لنا فيه البتة، لا أريد أن أكون قاسياً، لكن هذه الحقيقة شئنا أم أبينا، وقد أعتذر لهم ولي بقلة المواد المتاحة لدينا لتقديم مثل هذه الدراسات، من ذلك الارتفاع الباهظ للسلسلة التي تضم نصوص المخطوطات، وقصر يد أغلب طلبة العلم، مع بخل ذوي الأموال!

مقارنة بين قصاصتين لسفر صموئيل من قمران مع النص العبري الماسوري

يكاد كل كتاب يدافع عن عصمة العهد القديم أن لا يخلو من الحديث عن مخطوطات قمران كشاهد ودليل على صحة العهد القديم، وكعادة النصارى في إلقاء الدعاوى لا نجد أحدهم دلل على شهادتها للعهد القديم بدليل، ولم يكلف أحد هؤلاء الكتاب أو المناظرين نفسه بعمل مقارنة ولو قصيرة بين إحدى مخطوطات قمران، وما يقابلها من النص الماسوري، وكأن كلمة مخطوطة وحدها كفيلة بإثبات صحة العهد القديم، ويا للروعة لو كانت مخطوطة باللغة العبرية، حينها تتعالى الأصوات هاتفة بعصمة كل حرف من حروف الكتاب!، ولعلمي بمدى علم القوم، وكذلك مدى تكاسلهم، وسوء ما حصلوا، أردت أن أكفيهم تعب وعناء العمل، ليظلوا في الراحة والسكون، أو قل الكسل وتغميض الجفون!
فعقدت مقارنة بين قصاصتين من قصاصات سفر صموئيل المكتشفة في قمران وبين ما يقابلها من النص الماسوري المعروف من قبل، لأثبت أن مخطوطات قمران لم تكن إلا صفعة جديدة على وجوه المنصرين والدفاعيين، لكنها بحق كانت صفعة مؤلمة جداً، لم يُحَوِّل المنصرون والمدافعون العرب بعد هذه الصفعة الخد الآخر، بل أخفوا آثارها، وكأن شيئاً لم يكن، وأتباعهم كانوا مجرد أتباع، أو إن شئت قل: أتباع مجردون!، لكن الحال في الغرب كان مختلفاً تمام الاختلاف حيث أسسوا الجامعات لدراسة المخطوطات، وأصدروا المجلات، وبنيت المتاحف خصيصاً لأجل المخطوطات، واعترف العلماء بالاختلافات الموجودة بين نصوص قمران والنص الماسوري، وقدموا دراسات عديدة للمقارنة بينهما، وأصبح الأمر حقيقة واقعة، وواقع حقيقي، أما الأتباع فلا شأن لهم بالدين، أو إن شئت قل: الدين لا شأن له بهم!

معلومات عن القاصتين:
أُكتشفت القصاصتان في الكهف الرابع من كهوف قمران، وأخذت الأولى رقم 164، أما الثانية فأخذت رقم 165.(1)
تؤرخ القصاصتان بين 50 – 25 ق.م.(2)
تحتوي القصاصة الأولى على بعض الكلمات من 2صموئيل24: 16-20، أما الثانية فتحتوي على بعض الأحرف من 2صموئيل24: 21-22.

صورة النص في مخطوطة حلب “تمثل النص الماسوري”:

1 7

صورة القصاصة الأولى رقم 164:


2 5

صورة القصاصة الثانية رقم 165:

3 6

نص القصاصتين كما ذكره فرانك كروس (1):


000 Hkg4508922 1

ملاحظات هامة:
– ظللتُ الكلمات والأحرف الموجودة في القصاصتين باللون الأصفر تسهيلاً على القارئ، أما الكلمات الأخرى المحاطة بالمعكوفين (وكذلك هي غير مظللة) فهي غير موجودة في القصاصتين ومسترجعة بناءً على النص الماسوري.
– الأحرف الموضوع فوقها نقطة إما مطموسة أو مقطوع جزء منها في القصاصتين.
– أسقط فرانك كروس سهواً منه حرف العطف الواو וفي السطر الثاني قبل בין השמים”بينالسماء“، بينما الحرف واضح في المخطوطة!

907 1

وفرانك كروس نفسه ذكر النص بصورة صحيحة في تعليقه على السطر الثاني في ص79، لذلك لا شك أن الحرف سقط منه خطأً.
2صموئيل24: 16-22 في النص الماسوري كالآتي:
16 וַיִּשְׁלַח יָדוֹ הַמַּלְאָךְ יְרוּשָׁלִַם לְשַׁחֲתָהּ וַיִּנָּחֶם יְהוָה אֶל־הָרָעָה וַיֹּאמֶר לַמַּלְאָךְ הַמַּשְׁחִית בָּעָם רַב עַתָּה הֶרֶף יָדֶךָ וּמַלְאַךְ יְהוָה הָיָה עִם־גֹּרֶן הָאֲרַוְנָהKהַיְבֻסִי׃ ס
17 וַיֹּאמֶר דָּוִד אֶל־יְהוָה בִּרְאֹתוֹ אֶת־הַמַּלְאָךְ הַמַּכֶּה בָעָם וַיֹּאמֶר הִנֵּה אָנֹכִי חָטָאתִי וְאָנֹכִי הֶעֱוֵיתִי וְאֵלֶּה הַצֹּאן מֶה עָשׂוּ תְּהִי נָא יָדְךָ בִּי וּבְבֵית אָבִי׃ פ‍
18 וַיָּבֹא־גָד אֶל־דָּוִד בַּיּוֹם הַהוּא וַיֹּאמֶר לוֹ עֲלֵה הָקֵם לַיהוָה מִזְבֵּחַ בְּגֹרֶן אֲרַוְנָהKהַיְבֻסִי׃
19 וַיַּעַל דָּוִד כִּ‍דְבַר־גָּד כַּ‍אֲשֶׁר צִוָּה יְהוָה׃
20 וַיַּשְׁקֵף אֲרַוְנָה וַיַּרְא אֶת־הַמֶּלֶךְ וְאֶת־עֲבָדָיו עֹבְרִים עָלָיו וַיֵּצֵא אֲרַוְנָה וַיִּשְׁתַּחוּ לַמֶּלֶךְ אַפָּיו אָרְצָה׃
21 וַיֹּאמֶר אֲרַוְנָה מַדּוּעַ בָּא אֲדֹנִי־הַמֶּלֶךְ אֶל־עַבְדּוֹ וַיֹּאמֶר דָּוִד לִקְנוֹת מֵ‍עִמְּךָ אֶת־הַגֹּרֶן לִבְנוֹת מִזְבֵּחַ לַיהוָה וְתֵעָצַר הַמַּגֵּפָה מֵ‍עַל הָעָם׃
22 וַיֹּאמֶר אֲרַוְנָה אֶל־דָּוִד יִקַּח וְיַעַל אֲדֹנִי הַמֶּלֶךְ הַטּוֹב בְּעֵינָיוKרְאֵה הַבָּקָר לָעֹלָה וְהַמֹּרִגִּים וּכְלֵי הַבָּקָר לָעֵצִים׃ (2)

المقارنة:
24: 16 (سطر1):
– עומד”واقف” غير موجودة في صموئيل الماسوري وموجودة في مخطوطة قمران.
– הָיָה”كان” موجودة في النص الماسوري وغير موجودة في مخطوطة قمران.
فيكون المعنى في قمران كالآتي:
… وملاك يهوه واقف عند بيدر (جرن) …
بينما في النص الماسوري:
… وملاك يهوه كان عند بيدر (جرن) …
24: 16 (تابع سطر1:سطر3):
– וישא [דו]יד [אתעיניו וירא אתמלאך יהוה עומד בין] הארץ ובין ה[ש]מ[י]םוחר[ב]ו שלופה בידו נטוא[ה][עלירושלים ויפלו הזקנים ע]ל[פנ]יהםמתכ[סים ב]שקים
ورفع [داو]ود [عينيه فرأى ملاك يهوه واقفاً بين] الأرض وبين الـ[ـسـ]ـمـ[ـا]ء وسيـ[ـفـ]ـه مسلول بيده ممدود [على أورشليم فسقط الشيوخ عـ]ـلى [وجـ]ـوههم مكتـ[ـسين بالـ]ـمسوح” هذه العبارة كلها غير موجودة في النص الماسوري لسفر صموئيل، وموجودة في مخطوطة قمران بعد نص العدد20، وما بين المعكوفين مسترجع من 1أخبار21: 16، حيث إنه نص إزائي مشابه لنص صموئيل محل الدراسة.
24: 17 (سطر4):
– הרעה “الراعي، الشر” موجودة في مخطوطة قمران، وغير موجودة في النص الماسوري لصموئيل.
– הרעתי “أسأتُ” موجودة في قمران، لكنها في النص الماسوري موجودة הֶעֱוֵיתִי “غويتُ“.
فيكون المعنى في قمران كالآتي:
… وأنا الراعي، أسأتُ …
أو ربما يمكن أن يكون: … وأنا الشرَ ارتكبتُ …
بينما في النص الماسوري:
… وأنا غويتُ …
24: 18 (سطر5):
– לוֹ “له” موجودة في النص الماسوري، وغير موجودة في قمران.
– הָקֵם “أقم” في النص الماسوري، بينما في أتت في قمران مسبوقة بحرف العطف الواو ו.
فيكون المعنى في قمران كالآتي:
وقال اصعد وأقم …
بينما في النص الماسوري:
وقال له اصعد أقم …
24: 20 (سطر7):
– וארנן דש חטים”وأرنان يدرس حنطة” موجودة في النص الماسوري وغير موجودة في قمران.
24: 20 (سطر8):
– [מתכ]סים בשקיםבא[ים] “[مكتـ]ـسين بالمسوح متقدمـ[ـين]” موجودة في قمران، وغير موجودة في النص الماسوري.
24: 21 (سطر9):
– [אל]ה[מ]ל[ך] “[إلى] الـ[ـمـ]ـلـ[ـك]” موجودة في قمران وغير موجودة في النص الماسوري.
الخاتمة:
هذه المقارنة القصيرة توضح لنا وبجلاء أن مخطوطات قمران ليست إلا دليلاً جديداً على تحريف العهد القديم، فهل هناك من يجرؤ على النقاش في هذه المقارنة؟!


(1) Frank Moore Cross, A New Reconstruction Of 4QSamuela 14:16-22 IN Studies in The Hebrew Bible, Qumran, and The Septuagint Presented to Eugene Ulrich P. 77. Brill 2.

(2)  Scanlin, Harold P. The Dead Sea Scrolls and Modern Translations of the Old Testament. (Electronic edit.) Wheaton, Ill. : Tyndale House Publishers 1993.

 (1) Frank Moore Cross, A New Reconstruction Of 4QSamuela 14:16-22 IN Studies in The Hebrew Bible, Qumran, and The Septuagint Presented to Eugene Ulrich P. 78.

(2) Biblia Hebraica Stuttgartensia. Stuttgart: German Bible Society; Westminster Seminary, 1996, c1925, S. 2Sa 24:16-22.

زر الذهاب إلى الأعلى