فَهمٌ عقيمٌ في فَهمِ حديثِ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ»!
(55) زعم البحيري: أنَّ قول النَّبيّ ﷺ «فهو رَدٌّ» في الحديث: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ»1: أي مُرتَدّ، ارْتَدّ عن دين الإسلام، ونسب فهمه العقيم هذا إلى «ابن كثير» – رحمه الله -.
– الرَّدّ: هذا الكلام مِن أعظم ما يدُلّ على جَهْلِ البحيري وَعَدِمِ فَهْمِهِ لِكَلَامِ الله ورسوله ﷺ؛ إذ معنى الحديث ببساطة هو: مَن ابتدع في ديننا وسبيلنا شيئًا ليس منه، فعمله هذا مردود عليه، أي غير مقبول عند الله – عز وجل -. كما أنَّه لم يقل أحدٌ مِن أهل العِلْم مِن أهل السُّنة المُعتبرين بمثل ما قاله به البحيري، وإلى الله المُشتكى.
أمَّا «ابن كثير» – رحمه الله – فيكفينا أن نُورِدَ فَهْمَه للحديثِ حيثُ قال2: [وقوله: {فَلْيَحْذَر الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي عن أمر رسول الله ﷺ، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزَنُ الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان، كما ثبت في الصَّحيحين وغيرهما أنَّ رسول الله ﷺ قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيهِ أَمْرُنَا فَهُو رَدٌّ».] اهـ
إذن، يتَّضِح ممَّا ذكرناه أنَّ «ابن كثير» – رحمه الله – لم يقلْ أنَّ قوله «فَهُو رَدٌّ» أي مُرتَدّ، ارتَدّ عن دين الإسلام، وإنَّما هذا تدليسٌ من البحيري على الأئمَّة والعُلماء.
([1]) صحيح: رواه البخاري في «صحيحه» (2697) /ومسلم في «صحيحه» رقم (1718).
([2]) انظر: «تفسير القرآن العظيم = ابن كثير» (6/82)، ط/ دار الكتب العلمية – بيروت.