أدعياء التنويرالشبهات والردودالمقالاتشبهات أخرىشبهات عقائديةشبهات وردود

الدِّين علاقة تعاقُدِيَّة بين العَبْد وربّه، فإذا أراد أن يترك الدِّين فله ذلك، وأنَّ الإسلام هو الذي قال ذلك!

(34) زعم البحيري: أنَّ الدِّين علاقة تعاقُدِيَّة بين العَبْد وربّه، فإذا أراد أن يترك الدِّين فله ذلك، وأنَّ الإسلام هو الذي قال ذلك.

– الرَّدّ: هذا الكلام إفكٌ وباطلٌ مِن وُجُوه كالتَّالي:

أولًا: هذا الكلام يُبيح للنَّاس الخُرُوج مِن الإسلام علنًا إلى الكُفْر باسم الإسلام عياذًا بالله.

ثانيًا: كيف هذا الكلام والله – عزَّ وجلَّ – يقول: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 39].

ويقول تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: 121].

ويقول تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257].

ويقول تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران: 4].

ويقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [آل عمران: 91].

ويقول تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 5].

ويقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 150، 151].

ويقول تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [الأنعام: 70].

ويقول تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يونس: 4].

….، وغير ذلك الكثير والكثير من آيات الله ممَّا يَطُول ذِكْره. وكيف يكون دين الإسلام يُبيح للعَبْد أنْ يترك الدِّين وقد حَكَمَ اللهُ على المُرتَدّ بالقتل على لِسَانِ رَسولِهِ ﷺ؟!

قال النبي ﷺ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ»1.

وقد عمل الصَّحابة بهذا الحُكم الإلهي النَّبوي وطبَّقُوه بحذافيره:

روى الإمام «أحمد» في مُسنده عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: [قَدِمَ عَلَى أَبِي مُوسَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، بِالْيَمَنِ، فَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ، قَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالَ: «رَجُلٌ كَانَ يَهُودِيًّا، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ تَهَوَّدَ، وَنَحْنُ نُرِيدُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ مُنْذُ»، قَالَ: «أَحْسَبُهُ، شَهْرَيْنِ». فَقَالَ: «وَاللهِ لَا أَقْعُدُ حَتَّى تَضْرِبُوا عُنُقَهُ». فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، فَقَالَ: «قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ: أَنَّ مَنْ رَجَعَ عَنْ دَيْنِهِ فَاقْتُلُوهُ» أَوْ قَالَ: «مَنْ بَدَّلَ دَيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ»]2.

وروى «البُخاريّ» في صحيحه: [عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَمَعِي رَجُلَانِ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ … فَقَالَ لِي الرَّسُولُ ﷺ: «اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ إِلَى الْيَمَنِ» ثُمَّ اتَّبَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَلْقَى لَهُ وِسَادَةً قَالَ: «انْزِلْ»، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قَالَ: «مَا هَذَا»، قَالَ: «كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ»، قَالَ: «اجْلِسْ»، قَالَ: «لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ»، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ …]3.

فماذا سيفعل البحيري في هذه الرِّوايات التي اتَّفقت الأُمَّة الإسلامية على صحتها؟! وماذا سيفعل البحيري وقد أجمعت الأُمَّة الإسلامية على هذا الحُكم الشَّرعي؟!

قال الإمامُ «ابنُ قُدَامَةَ» رحمه الله: «وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْـمُرْتَدِّ، وَرُوِيَ ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلى ومعاذ وأبي موسى وابن عباس وخالد وغيرهم، وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ فَكَانَ إِجْمَاعًا»4.


([1]) صحيح مُسلم، برقم 26 – (1676).

([2]) مُسند أحمد، ط الرِّسالة (36/ 343).

([3]) صحيح البُخاري، حديث رقم 6923.

([4]) «المُغني» لابن قدامة، ج12 ص264، ط دار عالم الكُتُب ببيروت.

زر الذهاب إلى الأعلى