أدعياء التنويرالشبهات والردودالمقالاتشبهات حول السنةشبهات وردود

الدِّينُ كلَُه في «مُوطَّأ مالِك»!

(45) زعم البحيري: أنَّ الدِّينَ كلَّه في «مُوطَّأ مالِك».

– الرَّدّ: هذا الكلامُ غَلَطٌ بيِّنٌ وجَهْلٌ فاضِحٌ للتَّالي:

أولًا: هُناك أشياء في الدِّين لم تَرِد في «المُوطَّأ»، وإيراد الأمثلة في هذا يطول، فمَن أراد أن يقف على ذلك فليُقارن «المُوطَّأ» بكُتُب الصِّحَاح والسُّنَن والمَسَانِيد وغيرها، وسيعلم يقينًا ما ذكرناه.

ثانيًا: الإمام «مالِك» ذاته لم يرضَ أن يكون كتابه هو الأصل للدِّين في البلاد والأمصار، فقد أورد «الذَّهبيّ» في كتابه «سير أعلام النبلاء» (8/78-79) عن «مالِك» أنَّه قال: [لما حجّ المنصور، دعاني، فدخلتُ عليه، فحادثته، وسألني، فأجبته، فقال: «عزمتُ أنْ آَمُرَ بكتبك هذه – يعني: (المُوطَّأ) – فَتُنْسَخ نُسَخُا، ثمَّ أبعث إلى كلِّ مصرٍ مِن أمصار المُسلمين بنُسخة، وآمرهم أن يعملوا بما فيها، ويَدَعُوا ما سِوَى ذلك من العِلْم المحدث، فإنِّي رأيتُ أصل العِلْم رواية أهل المدينة وعلمهم». قلت: «يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإنَّ النَّاس قد سيقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورَوُوا روايات، وأخذ كلّ قومٍ بما سيق إليهم، وعملوا به، ودانوا به، من اختلاف أصحاب رسول الله ﷺ وغيرهم، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد، فَدَعِ النَّاسَ وما هُمْ عَلَيهِ، وما اختار أهلُ كُلِّ بَلَدٍ لأنفسهم». فقال: «لعمري، لو طاوعتني لأمرتُ بذلك».] اهـ

ثالثًا: لو سلَّمنا جَدَلًا لك يا بحيري أنَّ الدِّينَ كُلَّه في «المُوطَّأ»، فإنَّك لا تُقِرّ بكُلّ ما فيه، بل وترفض كثيرًا ممَّا فيه، كأبواب الجهاد، وتزويج الصَّغِيرات وما أشبه ذلك، وبهذا تكون قد أَدَنْتَ نفسك وفضحتها أنَّها ترفض كثيرًا من دين الله.

زر الذهاب إلى الأعلى